يقال أن الإنسان ولدَّ بطبيعتهِ ميال إلى الخطيئة والرغبة في ارتكاب الخطيئة سواء كان بحق نفسهِ أو بحق الآخرين، وفي الوقت ذاتهُ طبعًا يعرف الصواب مرادفهُ، هنا نسأل إذا كان يعرف الصواب والخطأ معًا ويعرف أن الواحد ضد الآخر! لمْا إذن يميل إلى الخطأ وفعل الخطيئة أكثر؟!
الخطأ هو النقيض أو الضد والمُخالف لكل ما يجب أن يكون صوابًا. والصواب ضد الخطيئة وهو إصابة الحق في عمل أو قول. وأكيد وهذا ما نؤكد عليه دائمًا لا يوجد إنسان كامل، لكن يوجد إنسان قادر على التفريق والتمييز بين الأمرين ومعرفة أي منهما يحقق وجودهُ وإنسانيتهِ، وبالتأكيد أيضًا مع احترام حقوق الآخرين التي هي مُتصلة بحقوقهِ بنسبة وبجانب معين.
لكن هنالك من البشر من يخلط بين الخطأ والخطيئة، بين الخطيئة والصواب، بين الأسود والأبيض، بين الحق والباطل، بين حقهِ وحقوق الآخرين! مُتناسين أن الإنسان والحياة بأكملها بينهما، مُتخطين الخطوط الحمراء بينهما في سبيل مصالح وغايات شخصية وأنانية وعلى حساب حياة آخرين أحيانًا، مُعتقدين من وجهة نظرهم الانفرادية بأنهم على حق ومن حقهم، أو ربما مرات تكون فقط لمُجرد أوهام وخيالات تنتابُ أفكارهم المريضة! مثل:
التعدي على الحقوق بحجة الحق، وفرض بعض العادات والتقاليد البالية في هذا الزمان ومع هذا الجيل والتي تتعارض معهُ ومع فكرهِ وتكوينهِ والتي تأتي بنتائج عكسية لاحقًا، كذلك فرض الرأي على الآخر والذي يُحتمل أن يحملَ الخطأ والصواب معًا وفي قرارة نفسهِ يعلم بهذا، ولكن مع ذلك يفرضهُ ويطبقهُ، خالطًا الحابل بالنابل مثلما يقولون في سبيل جعل رأيهِ هو القائم!
أيضا من يتعود على ارتكاب بعض الأفعال السيئة مثل السرقة والكذب والخيانة وإشاعة الشائعّات وتبادل الاتهامات ، وأيضا من يتلاعب بمشاعر الآخرين تحت مُسمى الحبّ، باحثًا عن متعتهِ وواجدًا مُتعة في ذلك هنا يرتكب الخطأ والخطيئة معًا .... و الخ من الأفعال، والتي في النهاية جميعها خطايا تُرتكب بحق الربّ وبحق الإنسان نفسهُ وإنسانيتهِ، وبحق الآخر وإنسانيتهِ وبحق الحياة بأكملها!
فلا يجوز فرض الحقيقة بحجة الحق، وفرض الرأي بحجة الرأي الآخر، لابدّ من أعطاء مساحة وحرية لازمة لكي نعرف أن هذا هو الصواب وذاك هو الخطأ، وعدم تخطي الحدود بينهما، لكي لا يتولد طرفًا ثالثًا بينهما مُتمثلا بالخطيئة.
والإنسان حينما يكون طفلاً وفي السنوات الأولى من عمره يبدأ بإدراك الصواب من الخطأ من خلال ما يلقنهُ والديهِ لهُ من أمور وأشياء، وعندها يبدأ في إدراك أن هذا الفعل أو العمل خطيئة، ولا يجوز فعلهُ أو تكرارهُ، لذلك التربية تساهم بشكل كبير في أن يتغلب الإنسان على ميلهِ للخطيئة ويعرف كيف يقاومها والسقوط فيها منذ بداياتهِ الأولى، حتى وأن كان للوراثة دور في تكوينهِ.
والبشر بطبيعتهم مُعرضين للوقوع في الخطأ والخطيئة أما بإرادتهم وأما الآخرين من يكونوا السبب في ذلك، أو أحيانًا أخرى ظروفهِ وظروف البيئة المُحيطة هي من تحكم! ولكون الإنسان يحمل الخير والشر في الطينة التي جُبل منها، مثل الأرض التي تُخرج في ذات الوقت كل جيد ورديء. ولكن تبقى عليهِ وهو وحدهُ وبإرادتهِ قادر على الفصل بين الخطيئة والصواب، عندما يُدرك ويستجمع قابليتهِ في توظيف الخطأ بطريقة تنفع النفس والآخرين ويتعلم منهُ ولا يكررهُ.
لكن أن فعل العكس وكررهُ مرة بعد أخرى إنما يُغالط إنسانهِ المُوجود داخلهُ وينتقم من ذاتهِ وإنسانهِ والحياة، مُبينًا كم هو إنسان ضعيف وسريع العطب! جاعلاً من أخطائهِ وبإرادتهِ تتراكم مع الأيام إلى أن تطرق باب الخطيئة وتدخلهُ إلى مهالكها، باعدًا عن الصواب والحق وعن فضائل الإنسانية والأخلاق!
والحياة هي هبةٍ ونعمةٍ وهبها الربّ للإنسان، ولابدّ أن يعيش واقع الحياة بما يُرضيهِ ويُرضي خليقة الربّ، وألا لمْا ميزهُ بالعقل؟ ليعرف ويفرق ويُميز به! وإن كان قد وقع ببعض الأخطاء في حياتهِ، فلابد من أن يجعلها عبرة ودروس يتعلم منها أن لا يسير بطريق الخطيئة. وأيضا لو كل واحدًا اعتبر الآخر ذاتهُ وتصرف معها وفق هذا المنطق لقل الشر الموجود بين بني البشر وقرب الكثير من المسافات وسادَّ السلام والاستقرار حياة البشر. لذا لابدّ من معرفة أن بين الخطيئة والصواب خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها وخرقها مهما كانت الظروف!
791 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع