حدوثات من التراث العراقي
توليف
الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر
أستاذ جامعات بغداد وطرابلس وصفاقس / سابقا
صورة غلاف مسودة كتاب قصص وطرائف من التراث العراقي,يبحث
عن دار نشـر, حيث قيل أكرام الميت دفنه, و أكرام الكاتب نشر كتبه!
الجزء / الثاني
7-مولانه,... هذي مو آيه !!
تقام في معظم مدن العراق احتفالات دينية يبدأها المرشد والذي يسمى القارئ والذي يتمتع بدرجة عالية في الفقه وعلوم الدين. ويصادف قبل حضور القارئ ان يصعد المنبر شخص يتلوا المدائح النبوية و لأهل بيت رسول الله, لمدة دقائق ثم يجمع الحضور له بعض المال. وفي احد الأيام تصادف وجود شخص متخلف عقليا, واراد بعض الشباب مداعبته وطلبوا منه صعود المنبر وقرائة آية قرآنية حتى يجمعوا له بعض المال ! تردد هذا الشخص في بادئ الأمر ثم وافق وصعد المنبر وقال:
بسم الله الرحمان الرحيم / قال الله في كتابه الكريم ( بلادي وان جارت علي عزيزة واهلي وان شحوا علي كرام !), وهنا ضج رفاقه الذين ورطوه وقالوا له:مولانه هذه موآيه , فقال فورا: اذن حديث نبوي ! فقالوا له ولا حديث نبوي, فقال لهم اذن من اقوال امير المؤمنين علي بن ابي طالب, كرم الله وجهه , فقالوا له ايضا لم يقل الأمام علي مثل هذا الكلام , و هنا زهق بهم وقال: اذن أللي كاله فد ابن قح----.مثلكم.
8/ المنحوس!
يستخدم هذا المصطلح كل من له حظ نحس, فاذا فشل باي عمل يقول: حظ امحيسن!(اي ان حظه تعيس مثل حظ امحيسن) وامحيسن, شخصبة وهمية نسبت لهاالعديد من قصص الفشل, واليك واحدة منها حدثت لمحيسن عندما سافر بالقطار من لندن الى يورك في انكلترا.
كان امحيسن يستخدم القطار في تنقلاته وفي احد المرات لم يقطع امحيسن تذكرة لسبب او آخر.ولما جاء المفتش طلب منه التذكرة و ادعى امحيسن عدم توفر الوقت للشراء, وطلب منه المفتش اعادة الشراء, الا ان امحيسن طلب من المفتش ان يجيبه عن السؤال الآتي, فاذا عرفه فسوف يعطيه ضعف قيمة التذكرة, واذا لم يجاوب يعفيه من قيمة التذكرة !
وافق المفتش على الرهن, وقال امحيسن للمفتش:
هل تعرف كم خصية عندي وعند الرجل الجالس بجنبي؟
وفورا اجاب المفتش : اربعة !
فقال امحيسن له لقد ربحت انا ! واخرج امحيسن شهادة طبية تثبت رفع خصية منه ! ولم تدم فرحة امحيسن, حيث اخرج الرجل الذي بجانبه شهادة تدل على ان جسمه يحتوي ثلاثة خصاوي!!
9/ دفع الله ما كان اعظم !
نادى المنادي في شوارع بغداد في العهد العباسي ليعلن ان الخليفة يرغب بسماع صوت رجل يغني وسوف يجزل عليه الهدايا النفيسة اذا اطربه, اما اذا ازعجه فسوف يعاقبه بعقاب يعلن عنه في حينه!
توسلت امرأة رجل يشتغل في احد حمامات بغداد بزوجها ليذهب الى قصر الخليفة ويشترك في المسابقة! فلم يوافق وقال لها ان صوتي جميل فقط بالحمام!
فقالت له زوجته: اذن خذ معك الحب او الزير( وهو الوعاء المستعمل لخزن الماء وتبريده في ذلك العهد وما زالت الطريقة تستعمل في الكثير من مدن العراق الجنوبية), وضع رأسك به وغني
لم يوافق الرجل حيث سيعتبر ذلك غش! ويعاقب عليه, وهنا قالت له الزوجة: اذن خذ معك الشربه (القلة) وضعها تحت عباءتك! وسوف لن يراها احد!
وافق الرجل وجهز نفسه وفق خطة زوجته. ولما حان دوره وراح يغني انزعج الخليفة و امر الجلاد ان يملئ الشربة بالماء ويغطس عود الخيزران فيها ويضرب ذلك الرجل الى ان نشـف الماء منها, وفي كل مرة يقول الرجل : دفع الله ما كان اعظم !!
استغرب الجلاد وقال للرجل: لماذا تقول: دفع الله ما كان اعظم؟ فقال الرجل: احمد الله لم استعمل الزير في الغناء!!
10 / أجازه موظف حكومي!
طلب احد الموظفين اجازة لمدة ثلاثة ايام للقيام بمراسم الدفن وحضور مأتم والده المتوفي هذا اليوم, وكتب طلبا/عريضة/ الى مديره, وفورا وافق المدير على الطلب وقدم التعزية للموظف.
خرج الموظف مسرورا لموقف مديره, وبعد مرور اكثر من شهر احتاج ذلك الموظف الى التفرغ لعمل خاص ولا بد من اخذ اجازة, و استخدم نفس الطريقة السابقة, معتقدا نسيان المدير اجازته السابقة, ونفذ فكرته وتقبل المدير الطلب ووافق عليه كما حدث في المرة السابقة.
خرج الموظف فرحا ومستهزأ بسذاجة المدير, وانطلاء الحيلة عليه. ومرت الأيام وبرزت في حياته اعمالا تحتاج للتفرغ من عمله الرسمي, ولم يجد وازعا خلقيا يمنعه من تكرار الأسلوب السابق لأيمانه بسذاجة مديره!! وادى الدور السابق وتم كل شيئ ببساطة ,فوجد الموظف فرصة ثمينة بالحصول على اجازة من دون قطع اي مبلغ من راتبه, وفكر في اعادة المشهد, الا انه تردد ثم قاده تفكيره السقيم بأدعاء وفاة والدته ليموه الكذبة على مديره وتم له الأمر بكل بساطة وراح يكيل المديح لعبقريته التي فاقت ذكاء مديره
لا اريد ان اسبب الضجر للقارء, فقد وجد ذلك الموظف متعة مثمرة وهكذا اراد ذلك الموظف الأستمرار في غيه وكتب مرة ثانية عريضة لمديره طالبا اجازة لمدة ثلاثة ايام بمناسبة وفاة أمه !!
وما ان قرأ المدير العريضة حتى كتب عليها / غير موافق / وسلم العرضة للموظف وعلت الدهشة وجه ذلك الموظف وقال للمدير, لماذا يا أستاذ؟... ابتسم المدير وقال للموظف: كنت اعلم ان لك عدة آباء والكل يعرف انك بن عا..., ومن الصعب ان تعرف من هو ابوك الحقيقي, ولكن من المحال ان تكون لك غير أم واحدة!!!
11/ الشهيد العائد للوطن!
عندما نشبت الحرب بين العراق وايران, تساقط الشهداء واعلنت السلطة العراقية اكرام عائلة الشهيد مبلغا من المال (10 آلاف دينار) مع تحمل مصاريف الدفن والعزاء.
وفي احد المرات وصلت الى احدى قرى الجنوب سيارة تكسي تحمل نعشا ملفوفا بالعلم العراقي لشهيد من احد ابناء تلك القرية.
استلمت تلك الأسرة الجنازة وقاموا بمراسيم الدفن والعزاء وبعد مرور ثلاثة شهور على الوفاة, اراد الوالد ان يزوج زوجة الشهيد الى اخو الشهيد الأصغر منه وفق التقاليد المعمول بها في تلك المنطقة لحفظ البنت من الأنزلاق او الزواج من غريب وخاصة عندما يكون لدى المتوفي ذرية, وقد كان للشهيد طفل عمره سنه.
تم كل شيئ من دون مراسم الأفراح المتعارف عليها احتراما لدم الشهيد. ....ومرت الأيام وتبين ان الشهيد كان مفقودا ولم يرغب بالألتحاق بوحدته العسكرية, ولتشابه الأسماء وصلت جنازة غريبة لتلك العائلة لتدفع ثمنا لا يعوض بأموال الدنيا كلها!! حيث طلب الجندي المرافق عدم فتح النعش لفداحة الأصابة وامتثل الأب للأمر في حينه.
ويعد خمسة أشهر, وصل ذلك الشاب الشهيد بالخطأ الى قريته ليلا ولم برغب ان يوقظ والديه وأراد ان يعملها مفاجئة لهما في اليوم التالي ! واتجه الى كوخ زوجته ولما اقترب من السرير وجد بجنب زوجته رجلا ومن دون وعي, استل غدارته وصوبها نحوهما وارداهما قتيلين !!.....سمع الأب والأم صوت الطلقات وافاقا مذعورين وتوجها نحو كوخ ابنهما والتقت الوجوه وراحت الأم تزغرد لمشاهدة ابنها الذي اعتبر شهيدا, والأب يلطم على رأسه ويصرخ بأعلى صوته!
12 / الحمار وابنه الجحش!
كان يا مكان في أحد الاسطبلات العربية معشر من الحمير, وفي يوم من الأيام أضرب حمارعن الطعام مدة من الزمن , فضعف جسده وتهدلت اذناه,..وكاد جسده يقع على الأرض من الوهن ,.. فأدرك ابو الحماروضع ابنه في تدهور مستمر!
واراد ان يفهم منه سبب ذلك؟
فأتاه على انفراد ليستطلع حالته الصحية التي ازدادت تدهوراً.
فقال له : ما بك يابني؟؟.. لقد احضرت لك افضل انواع الشعير,..وانت
الشعير ,..وانت لا تأكل ؟وما زلت رافضاالأكل!!..
اخبرني ما بك؟؟؟..ولماذا تفعل ذلك بنفسك؟؟
هل أزعجك أحد
رفع الحمار الأبن رأسه وخاطب والده قائلا:
نعم ياوالدي!! أبي .. انهم البشر..!!!
دُهش والد الحمار وقال لابنه الصغير:
وما بهم البشر؟؟؟ يا بني؟
فقال له: انهم يسخرون منّا نحن معشر الحمير..
فقال الأب وكيف ذلك ؟؟
قال الأبن: ألم تسـمع كلما قام احدهم بفعل مشين يقولون له يا حمار..أنحن حقا كذلك لا نفهم؟؟
وكلما قام أحد ابنائهم برذيلة يقولون له يا حمار..ويصفون
بأغبيائهم بالحمير,ونحن لسنا كذلك يا أبي..لأننا نعمل دون كلل
ولنا مشاعر..وندرك الصح من الخطأ !!
عندها ارتبك ابو الحمار ولم يعرف كيف يردّ على تساؤلات صغيره في هذه الحالة السيئة.
ولكن سُرعان ما حرّك أذنيه يُمنة ويٍسرة ثم بدأ يحاور ابنه
محاولا اقناعه حسب منطق الحمير..
انظر يا بني انهم معشر خلقهم الله وفضّلهم على سائر المخلوقات,...
لكنّهم أساؤوا لأنفسهم كثيرا قبل أن يتوجهوا لنا نحن معشرالحمير بالاساءة..
فانظر مثلا..
هل رأيت حمارا في عمرك يسرق مال اخيه؟؟
هل رأيت حمار ينهب طعام أخيه الحمار؟
هل رأيت حمار يشتكي على أحد من أبناء جنسه؟
هل رأيت حمار يشتم أخاه الحمار أو أحد ابنائه؟
هل رأيت حمار يضرب زوجته وأولاده؟
هل رأيت زوجات الحمير وبناتهم
يتسكعون في الشوارع والمقاهي؟
طبعا لم تسمع بهذه الجرائم الأنسانية !
اذن أطلب منك أن تحّكم عقلك وأطلب منك أن ترفع رأسي عاليا
وتبقى كعهدي بك حمار ابن حمار!!
واتركهم يقولوا ما يشاؤون..فيكفينا فخرا أننا الحمير لانقتل ولا نسرق لا نغتاب ولا نسّب...
أعجبت كلمات الحمار الاب فقام الأبن وراح يلتهم الشعير وقد يقول:
وقال : نعم سأبقى كما عهدتني ياأبي ...
سأبقى حمار ابن حمار..!!
16/ اليمامة العمياء
لم يرغب صابر أن يسبب ألما لأي شخص قد يلمس صدقا في سرد ما عاناه من متاعب عندما سار خلف تلك اليمامة التي حسبها الهناء المنتظر، ولم يشك في حينها أن ما رآه هو السراب بعينه ، فقد كان أعمى البصيرة ، ولذا دفع سنينا من عمره ثمنا باهظا لصيد تلك اليمامة او قل" الوهم" الموشح بالهناء.. يوم سار وراء عواطفه المطمورة من سيئ إلى أسوء ، متصورا أنه سيكسبها إذا ما بذخ عليها المال والهدايا بسخاء و على نار هادئة ،... فخسر المال والوقت لأنها امرأة ذات خبرة معمقة وليس كما تصور بأ نها ساذجة وعديمة الخبرة كما تقول المطربة نجاة الصغيرة:
...." لسه في الحب بتتعلم جديد !!..".
اي انها عذراء وترفض أي علاقة جنسيه غير شرعية, ولم تسمح لأي مخلوق أن يمسها قبل موافقتها على الزواج منه. ..وهكذا كبرت تلك اليمامة في عينه وراح بين مصدق ومكذب لما يسمع منها وترك برهان ذلك للزمن ،... وخسر الرهان وكسب الذكريات ليدونها كعظة لمن يتعض بأخطاء الآخرين قبل فوات الأوان، طالبا من كل فاشل في الحياة أن يتعامل مع الواقع مهما كانت قسوته. فالأخطاء الجسيمة في حياة كل منا قد تكلفه سعادته أو قل حياته..... فالمرأة في مجتمعنا الشرقي ،.... ومهما بلغت درجة ثقافتها أو تعلمها غير صريحة وترغب با لهيمنة على الرجل إن شعرت بحبه لها ، وتبدأ الللعب بعواطفه والتلذذ بشوائها،... وكلما زاد سعيرها، ازدادت نشوة لترضي غرائزها!! وإن لم تجد من يحميك ويخلصك من شكوكها فسوف تســتمرإلى ما شاء الله,... أو لحين استلامها ورقة الطلاق , بالرغم من قساوة الحل ،... حيث أبغض الحلال عند الله الطلاق.
الكثير منا لا يعير أي اهتمام لأي نوع من الأمراض الاِجتماعية لجهله بخطورتها أو الضعف في قدراته لمواجهتها، ويدفع الثمن غاليا ويندم في وقت لا ينفع فيه الندم ... ونتيجة لتدهور العادات الحميدة، صار من الضروري الاِستشارة والتروي في أخذ القرار، لحين القناعة بنجاعة الحل ومن دون أي تردد، فأ ثر التردد مدمر وقد تكون عواقبه أسوأ بكثير من الفشل في تنفيذ غاية ما من دون استشارة ، فالخوف من الفشل اشد وطأة من الفشل ذاته!!
لم يتردد صابر في قراراته ، وقد أطلق أحد الزملاء عليه لقب "أبو سريع" ، أي الذي يتخذ قرارته بأقصى سرعة أو قل,... صار متهورا في رد الفعل، ... فبعد اليأ س من وجود انسانة تقدره لشخصه لا لمركزه العلمي أو الاِجتماعي ، وعلى اية حال, وضع القدر أمامه تلك (اليمامة) وأعجب بها وتبعها (كالمسعور) ، وطوقها بكل جرأة، وألقى عليها التحية، ونظرت نحوي بتعجب ولم ترد التحية، إلا أنها ابتسمت له وسألته "شكون انت ؟" أي من أين أهو؟... لأنها ميزت لهجته الغريبة والمختلفة عن لهجة بلدها ،... فأجا بها "عراقي" فسرت وعلا وجهها ابتسامة مكللة بالأستغراب المشبع بالرضا، فارتعش لتلك النتيجة وهو غير مصدق على قدرته أو قل, علي ترويضه لتلك"اليمامة المتوحشة ",... التي بانت له للوهلة الأولى كأنها " لبوة " أو امرأة حديدية "متمردة " ... فهدأ قليلا وسار بجانبها كالأطرش في الزفة !! ... فقادتهالى أقرب مقهى لكي يكملا حديثهما،... وبدأ الحوار بينهما بكل أدب وحشمة ، وأسمعها عبارات عاطفية مكتومة في صدره ، ...فشكرته, وقالت: "يعيشك !!"
راحت تطرح عليه وابلا من الأسئلة وبدأ يجيبها من عقله الباطني ،.. حيث فقد في تلك اللحظة كل سيطرة ذهنية ،.... وعاد صبيا في مقتبل العمر. ....وتم التعارف المبدئي , وأخذ عنوانها ، ولم توافق أن تعلمه أي شييء عن حياتها ، سوى أنها موظفة في شركة، وأنها خرجت لأنجاز بعض المهام الخاصة بالشركة التي تعمل فيها.
ها هو يجلس قبالتها غير مصدق إن كان في علم أم في حلم ,..ثم أهداها بعض مقالاته الأدبية وتصفحها بدقة, عندئذ عرفته بعض الشيء عن سيرتها ،... وقالت إنها ليسانس آداب, فسرلمستواها الأدبي ، وأمطرها بعبارات الإطراء ،... وبالمثل ثمنت مكانته العلمية العالية ومركزه الاِجتماعي ... ثم ناقشته ببعض ما ورد في تلك المقالات من أفكار، وتطور الحديث حول سيرة حياته... ، ولم يخفي عنها أي شيء ،.... وأخبرها بأطناب عن عائلته وعمله وأسباب هجرته، أما هي ، فقد أعلمته بأنها مازالت عزباء, ولم يمسسها أي بشر, وأنها فشلت في أول خطوبة لها وهي في سن الثامنة عشر من عمرها, ثم أعيدت خطبتها بعد عدة سنوات من زميل دراستها في الكلية ،... إلا أن تلك الخطوبة لم يكتب لها النجاح،حيث كبست الخطيب متلبسا بالخيانة العظمى !!
أكدت أنها تمقت مثل هذا السلوك وممارسة الجنس قبل الزواج ... كما أنها تَمقت الخديعة ولهذا السبب لم تعثر على الشخص المناسب ليكون بعلاً لها ،... وإن فشلها مع شخصين جعلها تفقد الثقة في أي رجل مهما كان مستوى ثقافته.
على كل حال, ...فقد لمست من أسلوب حديثها أنها تخطط لصيد زوج مغفل يعوضها ما فاتها من سنين عمرها، فهي الآن في منتصف العقد الثالث ،... إلا أنه وبشكل غير مباشر، أفهمها استحالة زواجه منها لأن عمره كان ضعف عمرها في حينه!!
شعر صابر برغبتها بتكوين علاقة ما معه ، طالما أنه غريب وليس له خبرة بالسلوك الاِجتماعي لبلدها، أو قل بعلائقها الخاصة ، حيث ليس من المعقول أن امرأة في عنفوان شبابها وخريجة جامعة وفاشلة في زواجها أو قل حتى خطبتها مرتان ، أن تكون من دون علائق حميمة !!
استمرت علاقته بهذه المرأة,... بهناء تشو به الشكوك فهي تأتي الى داره وقتما تشاء وتطلب أنواعاً من الأكلات العراقية وفق مزاجها ، وتأخذ حريتها، وكثيرا ما كانت تستحموتنام بيته, بمفردها, عندما يكون في العمل لعدة ساعات, (وقت القيلولة).
كانت تصرفاتها ملفته للنظر, ... فهي لا تثبت بمكان معين ، تلوج بالشقة و تعبث بكتبه وأوراقه,... وهو فرح بها على أمل ترويضها وتكون له "عشيقة",... يعوض بها ما فاته من سنين الكفاح والتي نسى فيها أنه "رجل" فقد كانت تأتي أياما متتالية ثم تختفي أسابيع ، وفي كل مرة يكتشف فيها شيئا جديدًا ، بالرغم من الغموض الذي يكتنفها ، .....فقد بدت العلائق تتعدى اللمس والهمس إلى ما هو أعمق ، إلا أنها كانت تمهد لذلك ثم تمتنع فيزداد ثورة ثم تلاطفه وتعده بيوم آخر ، وكان يصدقها ، .... فأغدق عليها المال من دون حساب وكلما رغبت بمقدار معين يضيف لها مقدارا آخراً, وهو غير مهتم لذلك, وطالما كان يبادر بدفع المال لمجرد أن تلمح له بحاجتة لذلك !!
ظل صابرعاشقاً لها, و لم يشك بها في تلك الفترة, لأنه ما زال موشحا بالغباء !!
حمد صابر الله كثيرا على هبته له هذه اليمامة !!
وجد صابر بكنفها متعة مفعمة بمرارة لم يحس بمثلها منذ أيام الشباب وبتكرار اللقاء كان يكتشف في كل مرة شيئا جديدا فيها بالرغم من الغموض الذي يكتنفها ، .... وتمكنت بذكائها وحدسها الذي ليس له نظير ،.... أن تهيمن على عواطفه ، وتدفعه لكي يتعلق بها بشكل جنوني أو قل يهيم بها عشقا ،.... وكان يحمد ربه على هذه الحالة ، حتى يخفف من وطأة الغربة والحنان لعائلته فقد وجد نفسه مغمورًا بسراب الهناء, بعد أن طمرت عواطفه! كانت تنقطع بدون سبب ، وتغيب لأسابيع ، ويفقد الأمل بعودتها,... لانه لا يعرف عنوان سكنها أو عملها ، ... وهكذا عملتها معه مرات عديدة بالرغم من تنبيهها بعدم التكرار وتعد بذلك, إلا أنها لا تنفذ ،... إنها انسانة غريبة الأطوار بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.... إنها "طلسم" أتعبته كثيرا ولكن ليس له القدرة على طردها أو هجرها ولا يمكن التكهن في مدى إخلاصها !
ومرت الأيام وهو يزداد ثقة بفشله مع تلك الصبية الغريبة الأطوار، حيث لم يجد شبيها لها ، فهي غامضة في كل تصرفاتها، ولذا شعر بملل من هذه العلاقة الزائفة أو قل "حب" من طرف واحد ، حيث لم يلمس منها أية مشاعر عاطفية حتى بحدود المجاملة كأصدقاء ، ... وسارت الأمور من سيئ إلى أسوء !!
من المعلوم ان الشك هو اول بذرة يغرسها العاشقان في حقل حبهما, فأ ذا نمت هذه الحبة وصارت شجرة, فسوف تدمرالهيكل على من فيه , طال الزمن أم قصر!!
1480 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع