بسام شكري
تاجر البندقية ترامب
ترامب الموسم الثاني كما يطلق عليه شعبيا في أمريكا باعتبار انه برنامج تلفزيوني انتهى موسمه الأول والان الموسم الثاني عندما عاد ترامب للرئاسة، هذا الترامب ذكرني بمسرحية شكسبير " تاجر البندقية " التي كانت ضمن مناهجنا الدراسية وكيف ان أنطونيو الراغب بالزواج استدان من التاجر اليهودي شايلوك مبلغا من المال ليتمكن من الزواج من حبيبته وكيف انه عندما لم يتمكن من سداد الدين الذي عليه وفي المحكمة التي وقف فيها التاجر اليهودي شايلوك يريد ان يقطع رطل لحم من جسم أنطونيو سدادا لدينه, ترامب يريد ابتزاز العرب وأوكرانيا وايسلندا وكندا وبنما وهو جبان يتقن لغة التهديد والعنتريات ويقيس ردود الأفعال وعلى ضوء تلك الردود يتصرف فلو انهارت أوكرانيا سيقوم بنهب معادنها ولو خافت كندا فانه سيحتلها بدون قتال ولو استفتى سكان ايسلندا ورفض الايسلنديين الانضمام الى أمريكا ادعى ان الاستفتاء مزيف واذا لم تقف أوروبا في وجهه فانه سيحتل ايسلندا تمهيدا لاحتلال أوروبا ولو ان العرب سكتوا على نكتة ترحيل سكان غزة من اجل إعادة اعمارها ( بدون ان يوضح من سيكون سكان غزة الجدد طبعا) فانه سيطلب من نتنياهو الهجوم على المدنيين في غزة وطردهم خارج الحدود ولو قام العرب بمواجهته فانه سيحاول ابتزاز ما يمكن ابتزازه منهم , وفي جميع الأحوال فانه لا يخجل وسيظهر بابتسامته الغبية على العالم ويقول انه صانع سلام.
كلنا شاهدنا على أجهزة التلفاز يوم امس الأردن البلد الصغير بحجمه الجغرافي الكبير بقيادته الهاشمية ناطح أمريكا التي تهدد العالم وأول زعيم عربي وقف في وجه ترامب هو الملك عبد الله الثاني وكان صريحا جدا معه: لا ترحيل لسكان غزة والحل الوحيد إعادة الاعمار والسكان باقين في ارضهم والحل الوحيد هو حل الدولتين والفيديو الذي شاهده العالم يوم امس عند استقبال ترامب الملك عبد الله الثاني مثير للسخرية وكان يريد ان يظهر بمظهر قائد العالم الذي يضع الجميع تحت ابطه وكان مثيرا للاشمئزاز وقد ظهر ترامب في الفيديو وهو جالس على كرسي منحني الظهر ويعبر بيديه اكثر مما يعبر بلسانه مع الملك عبد الله الذي كان جالسا في منتهى الادب والتمسك بالإتيكيت الدبلوماسي وهو ملك من سلالة ملكية عريقة وترامب جالس على حافة كرسيه بطريقة السمسار الذي يتفاوض على بضاعة لا يملكها لكنه يريد الحصول على عمولة باي طريقة.
تاجر البندقية هذا دوخ العالم منذ فوزه في الانتخابات وهو يواجه العالم اجمع ويريد ان يثبت ان الامبريالية قد رجعت الى العالم بقوة واخذ اتباعه في كافة دول العالم بإعادة نشر مفاهيم اليمين واليسار من اجل تقسيم العالم الى معسكرين ونشر الفوضى , اعتقد ان وصول ترامب الى السلطة في أمريكا كان ضروريا للبشرية لكي يعطيها مناعة القطيع ضد أي دولة قد تهدد البشرية مستقبلا, فأوروبا التي كانت أمريكا تسيطر سياسيا عليها , مع وصول ترامب للرئاسة أصبحت مستقله وحلف شمال الأطلسي كذلك والدول العربية حذت حذو أوروبا بعدم اطاعة ترامب في تصريحاته فقد كان العالم بحاجة لترامب لكي تتصرف كل دولة باستقلالية والخروج من التأثير الأمريكي.
هناك مثل ينطبق على ترامب يتداوله تجار الشورجة (وهي سوق الجملة في بغداد) ان التاجر الجبان يشتغل بفلوس غيره وهذا يعني ان ترامب لا يملك شيئا ولأنه جبان يخاف من وضع أمواله في السوق فنه يتاجر بأموال الاخرين أي يسمسر على قضاياهم ومشكلاتهم.
يكفينا فخرا ان الأردن الصغير الحجم جغرافيا بملكها الكبير جلالة الملك عبد الله الثاني قد ناطحت أمريكا بقوتها وعظمتها وحجمها الجغرافي، وقد ردت الأردن على ترامب الصاع صاعين في اول جولة، فماذا سيفعل ترامب في الجولات القادمة مع السياسيين المصريين المحنكين؟ وماذا سيفعل مع السعودية بقيادتها الحكيمة الشابة وبثقلها الاقتصادي والعربي؟
اننا امام مسرحية مشابهة لمسرحية شكسبير تحوي فصولها الكثير من المشاهد المضحكة وعلينا التمتع بالفصول التالية من المسرحية ليس من باب الفخر فقط وذلك لان كل العالم اليوم يسخر معنا من ترامب ومن تصريحاته, ان الأكثر اثارة في المسرحية هي ان ترامب الوحيد في العالم ما يزال لا يعلم انه أصبح مسخرة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1070 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع