ضرغام الدباغ / برلين
يناير ــ كانون 2 / 2025
هل قررت موسكو تصفية الأسد ؟
في السياسة لا تستخدم كلمة "خطية " ولا كلمة " عيب "، هناك أسلوب واحد فقط ، بموجبه تعتمد كافة الحسابات، وقد تقرر قيادة ما / إدارة، تصفية شخصية ما، إذا توصلت بعد حسابات دقيقة أن الشخصية (س) يمثل عائقا بوجه خططنا، أو برامجنا، وحساباتنا تشير أن في إزاحته مصلحة مؤكدة، حينئذ يصدر القرار بتصفية تلك الشخصية، وقد تعمد إلى إقامة تشييع رسمي محترم، ومنحه الأوسمة، والألقاب. وربما تكريم حقيقي وليس دعائي، بما في ذلك اعتباره شهيداً.
وقد يحدث هذا في أنظمة مختلفة، محسوبة على اليسار أو اليمين، فالمسألة لا ينظر إليها كذلك، بل بموجب اعتبارات الأمن القومي ولا شيئ غير ذلك, وهناك أمثلة لا تعد ولا تحصى، ولكن العبرة في نشر وطريقة وتوقيت نشر الخبر. فهناك أحداث لقى قادة ومسؤولون حكوميون مصارعهم، ودون التحقيق أو إعلان تفصيلي لواقعة الموت، وهي من الموضوعات النشر فيها غير محبذ. في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، والاتحاد السوفيتي، ودول أخرى كثيرة.
وقد تجري تصفية شخصية معينة بالاتفاق معه، حين تكون الشخصية لها وزن وطني، يصبح إعدامه قضية تخسر الدولة من رصيدها الشعبي، ويسيئ لسمعتها، فتعرض على تلك الشخصية الانتحار المريح، مقابل تشييع فخم، ويدفن كقائد، وتنال عائلته كافة الامتيازات، وخيار آخر أن يعدم كخائن ويحرم من كافة المزايا.
صدر كتاب في آب / أغسطس / 2019 لمؤلفين أمريكيين وأوربيين باسم " في شبكة عنكبوت الأجهزة السرية " والمثير أن هذا الكتاب كان ينفذ بطريقة تثير الدهشة بعد وقت قصير جداً من عرضه للبيع من مكتبات بيع الكتب (ساعات، وربما بضعة أيام) مما يحمل على الاعتقاد أن السلطات ليس بوسعها مع نشر الكتاب، ولكنها تشتريه حال عرضه في السوق، أو لنقل تشتري معظمه. وفي هذا الكتاب تقرأ معلومات مذهلة، مفادها أن ما يصل للقراء ما هو إلا الجزء المسموح بوصوله، وأن معظم ما نسمعه ونشاهده من أحداث، قد جرى في الواقع التخطيط لها قبل سنوات كثيرة، ترى هل الأخبار تسربت، أم أن هناك تسريب متعمد لجزء من الأخبار، المهم هناك حساب دقيق جداً لما يجب أن ينشر يسمى هنا " نصف الحقيقة/ halbe wahrheit/ half truth " أو أقل من نصف الحقيقة. هناك دائماً جزء من الحقيقة يجهله الناس مهما كانت الصحافة حرة.
هل من الضروري أن يختفي بشار الأسد ..؟ ابتداء أن الرجل لا يحضى بأي قدر من الاحترام، فالأمر معروف تماماً أنه كان يقيم نظام أسري / طائفي، ديكتاتوري، لا علاقة له بالديمقراطية لا من بعيد ولا من قريب. نهب من بلاده (ليست ثرية) مليارات كثيرة، واشترى بالمال المسروق قصور وسيارات فخمة، رئيس كانت وظيفته الاتجار بالمخدرات، ويكسب منها ما لا يقل عن 6 ــ 9 مليار دولار، وسمعته لا تستحق حبة عرق واحدة من مواطن روسي، أو قطرة دمع حزناً، وهو عاش ما يكفي قتلا وترويعاً ونهباً، وإذا رحل ببضعة سنوات قبل موعده الإلهي، فأين الضرر ..؟ بل سيجنبنا أضرار محتملة ونتحمل أعباء سمعته الرديئة ..!
في مناقشة موضوعية هذا عنوانها، تشير النتائج المؤكدة أن رحيلة أفضل من بقاؤه بنسبة لا تقل عن 98%، والطائرة الآذرية التي سقطت في كازخستان، بفعل الدفاعات الجوية، نتيجة خطأ، أسوء اقتصاديا وسياسياً وإنسانيا بعشرات المرات.
لا أدعو لشيئ محدد، ولكني أشير إلى قضية سياسية شائعة في العالم.
567 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع