“القوى الشيعية في العراق: تحديات الواقع واستراتيجيات المستقبل لبناء مشروع وطني جامع يشمل الجميع”

د. أنور أبوبكر كريم الجاف

“القوى الشيعية في العراق: تحديات الواقع واستراتيجيات المستقبل لبناء مشروع وطني جامع يشمل الجميع”

العراق كبلد متعدد الطوائف والقوميات يعاني من تحديات كبيرة في بناء مشروع وطني جامع، على الرغم من السيطرة الشيعية على منابع السلطة والنفط لم تتمكن القوى الشيعية من الاستفادة من موقعها الاستراتيجي والديمغرافي لتحقيق استقرار شامل ، في الوقت نفسه يشكل الشعب الكوردي شريكاً مهماً في هذه المعادلة حيث يلعب دوراً رئيسياً في الاستقرار السياسي والاقتصادي بيد أن غياب التكامل بين القوى الشيعية والكردية ساهم في تعميق الانقسام الداخلي،

وفي هذا المقال نحلل أسباب الإخفاق ونستعرض النتائج المحتملة مع اقتراح حلول عملية تتجاوز حدود الطائفية والقومية ، وهذه الأسباب والنتائج والحلول المقترحة كالآتي :

أسباب الإشكالية كثيرة أهمها :-
١- ضعف الثقة بالنفس وبالجمهور
القوى الشيعية غالباً ما تفتقر إلى الثقة بقدرتها على قيادة مشروع شامل. تاريخ الاضطهاد الطويل جعلها تركز على حماية الذات بدل الانفتاح على الآخر. هذا الضعف أدى إلى تهميش دورها الوطني.

٢- التردد في بناء مشروع وطني جامع
الخوف من تقويض التوازنات الداخلية بين الأطراف الشيعية والخشية من مواجهة القوى السنية والكردية جعل القوى الشيعية تتردد في إطلاق مبادرات وطنية تخدم جميع العراقيين.

٣- هيمنة السياسي على الديني والثقافي
القوى السياسية الشيعية في العراق تستخدم الدين والثقافة كأدوات لتحقيق مكاسب سياسية، مما يُضعف من استقلالية المرجعيات والمؤسسات الثقافية ويحولها إلى أدوات خاضعة للمصالح السياسية.

٤- فشل في استثمار “القوة الناعمة”
على الرغم من السيطرة الشيعية على الموارد النفطية والسلطة، إلا أنها لم تستغل هذه الإمكانات لتطوير مشروع وطني جامع.

الأسباب الفرعية:
أ- التوافقية السياسية: الاعتماد على تحالفات هشة مع القوى الأخرى مما أدى إلى التضحية بالمبادئ لصالح المصالح المؤقتة.
ب- غياب رؤية استراتيجية: القوى الشيعية لم تطور رؤية بعيدة المدى لاستثمار الموارد الطبيعية والبشرية لبناء نموذج حضاري شامل.

٥- التوازنات الطائفية والقومية
التقسيمات الطائفية والقومية كانت عاملاً معيقاً لبناء مشروع وطني جامع. الشعب الكوردي، رغم كونه شريكاً أساسياً، يعاني من عدم الاعتراف الكامل بحقوقه القومية، مما يعمق الفجوة بين القوى السياسية في العراق.

٦- غياب المشاريع الوطنية الجامعة
النزعة العقائدية والمناطقية أعاقت خروج مشاريع وطنية تتجاوز حدود الطائفة والقومية، مما أدى إلى تفكك داخلي وغياب التعاون الفعّال بين القوى الشيعية والكردية.

دور الشعب الكوردي في المشهد العراقي

الشعب الكوردي يلعب دوراً محورياً في استقرار العراق، حيث يتمتع بإدارة سياسية واقتصادية مستقلة نسبياً في إقليم كوردستان. التعاون بين القوى الشيعية والكردية يمكن أن يكون نموذجاً للوحدة الوطنية إذا تم تعزيز الثقة والاعتراف المتبادل. ومع ذلك، التوترات المستمرة حول النفط والمناطق المتنازع عليها تعيق هذا التعاون، مما يُضعف فرص بناء مشروع وطني جامع.

الآثار المترتبة على استمرار الوضع الراهن

أ- استمرار التراجع الداخلي
استمرار التردد والفشل في بناء مشروع وطني سيؤدي إلى انكماش القوى الشيعية وتحولها إلى مؤسسات محاصرة داخلياً وخارجياً.

ب- تعميق الانقسام بين الشيعة والكرد
غياب التعاون الفعّال مع الكرد سيؤدي إلى تعميق الانقسام، مما يزيد من ضعف العراق على المستويين الداخلي والخارجي.

ج- فقدان ثقة الجمهور
التردد والعجز عن تقديم حلول ملموسة سيؤدي إلى فقدان القوى الشيعية ثقة جمهورها، وكذلك تقليل فرص تحقيق شراكة حقيقية مع الكرد.

البدائل والحلول المقترحة:

١- إعادة بناء الثقة
تعزيز الثقة بالنفس وبالجمهور من خلال مشاريع وطنية تُبرز القيم المشتركة بين كافة مكونات الشعب العراقي، بما يشمل العرب والكرد.

٢- تعزيز الشراكة مع الكرد
إنشاء آليات حوار مستدامة مع القيادة الكردية لحل القضايا العالقة مثل المناطق المتنازع عليها والنفط، لضمان تحقيق شراكة عادلة ومستدامة.

٣- استثمار القوة الناعمة
أ- استغلال الموارد الاقتصادية لبناء مشاريع تعليمية وثقافية تخدم جميع العراقيين.
ب- دعم التراث الكردي والعربي كوسيلة لتوحيد الشعب بدلاً من تعميق الانقسام.

٤- صياغة مشروع وطني جامع
تبني رؤية شاملة تتجاوز الحدود الطائفية والقومية، وتركز على قضايا التعليم، الصحة، والبنية التحتية.

٥- تعزيز التوازن الداخلي
التخلص من التوافقية المشوهة وبناء تحالفات سياسية تستند إلى المبادئ وليس المحاصصة، بما يعزز التعاون بين القوى الشيعية والكردية.

الخلاصة : إنََ القوى الشيعية والشعب الكوردي يمتلكان إمكانيات هائلة لبناء عراق قوي وموحد والعمل على تعزيز التعاون بينهما واعتماد رؤية وطنية شاملة سيؤدي إلى استقرار العراق وازدهاره، فالعراق اليوم بحاجة إلى قيادة شجاعة تمتلك رؤية جامعة تقوم على العدالة والتنمية والسلام لتوحيد جميع مكوناته.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

514 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع