لنحمل العلم بقلوبنا قبل أيادينا .. كلمة بمناسبة يوم العلم الكوردستاني

هلات لاز

لنحمل العلم بقلوبنا قبل أيادينا .. كلمة بمناسبة يوم العلم الكوردستاني

عندما يرفرف علم وطنك في الأفق، يحمل معه قصصًا تُروى عبر الزمن، ويجسد هوية أمة وأحلام شعب. دعونا نأخذك في رحلة عبر تاريخ العلم ومعانيه العميقة، لنكتشف سويًا ماذا يعني أن يكون للوطن علم يرمز إليه.
يُعتقد أن استخدام الأعلام بدأ مع الحضارات القديمة مثل بابل ومصر والصين.
كانت الأعلام الأولى عبارة عن رموز منحوتة أو مصنوعة من المعدن والخشب تُثبت على أعمدة. وفي العصور الوسطى، تطورت الأعلام وأصبحت تُصنع من القماش، حيث استُخدمت في المعارك لتمييز الجيوش وتحديد هويتها. لاحقًا، تطورت الأعلام لتشمل تصاميم وألوانًا تعبر عن النبلاء والجماعات الدينية والسياسية. أما في العصر الحديث، فقد أصبحت الأعلام كما نعرفها اليوم رموزًا للدول والكيانات والأحزاب والمكونات الأخرى.
العلم ليس مجرد قطعة قماش ترفرف في الهواء، بل هو رمز يحمل في طياته تاريخًا حافلًا لأمة تشكلت عبر الزمن. يعبر عن الهوية الوطنية والسيادة، ويجمع أفراد الشعب مهما اختلفت خلفياتهم وأفكارهم، سواء من حيث العرق أو الدين أو الثقافة. عندما يُرفع العلم في المناسبات الرسمية وغير الرسمية، يشعر الجميع بأنهم جزء من كيان واحد متماسك، ويفتخرون به كرمز لوحدة المصير تحت هذه الراية، حيث الجميع متساوون.. يحمل العلم رمزية تاريخية تُذكّر الشعب بنضالاتهم المشتركة، سواء في الحروب، أو التحرر، أو الإنجازات الوطنية. كما يروي قصة الماضي المشترك، ما يعزز التلاحم بين الأفراد ويُلهم الأجيال لبناء مستقبل مشترك. بعدما تحدثنا عن أهمية العلم بشكل مختصر، حان الوقت للحديث عن علم إقليم كوردستان وعلم العراق.
العلم العراقي هو الرمز الوطني الذي يمثل جمهورية العراق وسيادتها واستقلالها. إنه يمثل دولة ذات سيادة معترف بها دوليًا منذ تأسيسها كدولة مستقلة، ويمنحه هذا الاعتراف مكانة دولية تجعله علمًا معتمدًا في المحافل الرسمية.
أما العلم الكوردستان، بألوانه الزاهية، فلكل لون رمزية خاصة: الأحمر يرمز إلى الثورات ودماء الشهداء، الأبيض إلى السلام والأمان، والأخضر إلى طبيعة كوردستان والحياة. وفي وسطه، شمس ذهبية مشرقة تحمل 21 شعاعًا ترمز إلى يوم 21 آذار (عيد نوروز). يرمز إلى الحياة والأمل والقيم العريقة لدى شعب كوردستان.. وبرغم تاريخه العريق الذي يعكس نضال أمة وشعب يمتد عبر القرون، فإن هذا العلم لم يحصل على الاعتراف الدولي كرمز لدولة مستقلة حتى الآن، حيث يُعتبر إقليم كوردستان جزءًا من جمهورية العراق وفقًا للدستور العراقي المعترف به.
يرجع تاريخ تأسيس العلم الكوردستاني إلى عام ٧٠٠ ق.م، حيث استخدم في فترات وأماكن مختلفة عبر التاريخ. كان أول استخدام حديث للعلم في فترة حكم شيخ محمود الحفيد بين عامي ١٩٢٢ و١٩٢٤. لاحقًا، اعتمد كعلم لجمهورية آرارات بين عامي ١٩٢٧ و١٩٣٠، ثم لجمهورية مهاباد، التي صُمم علمها وخُيطت رايته على يد المناضلة فاطمة حوسني.
بتاريخ ١٧ كانون الاول ١٩٤٦، سقطت جمهورية كوردستان في مهاباد، حيث سلم العلم من قبل قاضي محمد بأمانة (رمز الامة) ملا مصطفى البارزاني وعلى أساسه بقي العلم رمزًا للنضال والهوية. يحتفل الشعب الكوردستاني بيوم العلم في السابع عشر من كانون الاول سنويًا، وهو اليوم الذي اعتمده برلمان إقليم كوردستان رسميًا في عام ٢٠٠٩، ليصبح ذكرى ثابتة ومصدر فخر في تاريخ الإقليم.
أما العلم المعتمد اليوم، فيُعدّ من أهم الإنجازات التي حققها الشعب الكوردستاني. وقد كان للرئيس نيجيرفان بارزاني دورٌ بارزٌ في تحقيق ذلك، حيث كان يشغل آنذاك منصب رئيس وزراء إقليم كوردستان. بناءً على جهوده، أصدر البرلمان الكوردستاني القرار رقم ٢٨ ضمن القانون رقم ١٤ لعام ١٩٩٩. يُعتبر هذا القرار علامة فارقة في تعزيز الهوية الوطنية وترسيخ رمزية العلم كرمز موحد للشعب الكوردستاني. كما يعكس رؤية الرئيس نيجيرفان بارزاني في بناء أسس قوية للوحدة الوطنية والاعتزاز بهذا التراث. وقال في إحدى خطاباته بمناسبة يوم العلم:" ليكن الفخر الذي نشعر به اليوم حافزا لنا لتحقيق أهداف أسمى، ومكاسب أعظم، ومن أجل روحية التشارك والتعاطف المشترك، وللمحبة المشتركة للوطن ولكل من يعيش في كوردستان. في ظل هذه الخيمة الجامعة التي هي رمز شراكتنا، لنمض جميعنا معا، بقوة أعظم وبعزم وإصرار لنسطر عظمة أمتنا في صفحات التاريخ." عندما يرفرف علم وطنك في الأفق حينها، لا يكون مجرد قطعة قماش، بل هو نبض التاريخ وروح الهوية، يحكي قصص النضال والأمل، ويجمع بين قلوب الشعوب مهما تنوعت خلفياتهم. إنه أكثر من مجرد ألوان تزين السماء؛ إنه وعدٌ بالمستقبل، رسالة تحمل في طياتها قوة الانتماء ووحدة المصير.. وفي مناسبة يوم العلم الكوردستاني، لنستذكر نضالات أمتنا وتاريخها العريق، ونجدد الفخر برمز يجمعنا تحت رايته. دعونا نحمل العلم بقلوبنا قبل أيدينا، ونرفعه بكل فخر واعتزاز، لأنه عندما يرفرف في الأفق، يعكس أحلامنا، ويُعلن عن هويتنا، ويظلّلنا بحب الوطن. إنه رمزٌ يُضيء طريقنا نحو غدٍ مشرق، مليء بالسلام والوحدة والأمل.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1048 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع