هذا ما جناه على أبي

ضرغام الدباغ / برلين

هذا ما جناه على أبي

" هذا ما جناه على أبي وما جنيت على أحد " مقولة مشهورة للشاعر الكبير أبو العلاء المعري، تنطوي على فلسفة عميقة،، فأبو العلاء الذي عاش ومات في مدينة المعرة، شمال سوريا، كان شاعرا كبيراً وفيلسوفاً، إلا أنه حرم من نعمة البصر منذ ولادته، وهو ما دفعه لقول بيت الشعر الخالد في تاريخ الأدب العربي.
تعرفت على في ألمانيا على دكتور ((طبيب) سوري، أستاذ في كليثة الطب / جامعة دمشق، وحين سألته عن بشار الأسد، وإن كان يكن الود لأساتذته ولكليته التي تخرج منها، وتخصص بطب العيون، فأبتسم الاستاذ بألم، وقال لي " أتعتقد أن أستاذاً بوسعه تدريس أبن رئيس، وأن يرسبه إن أستطاع ..؟ من صنف حافظ الأسد. كنا نتشاءم من حضوره القليل في الكلية، ونتمنى لو لا يحضر نهائياً.
ثم أني تعرفت صدفة على ضابط طبيب سوري يعمل في مستشفى حرستا العسكري، وكان يمزح بقول أن تخصص الدكتور بشار هو العلوم الأمنية، إذ كان يتصرف كضابط مخابرات، لا كضابط طبيب. ثم أن عبد الحليم خدام أجرى مقابلة تلفازية مع إحدى القنوات، وعلى ذكر الدكتور بشار الأسد، واقامته في لندن لدراسة تخصص طب العيون، قال خدام حرفياً، " بشار لم يأت إلى لندن للدراسة، بل لم يسجل حتى شكلياً في دراسة طبية " وحين سألته مديرة البرنامج، " إذن ماذا كان يفعل في لندن، فأجابها " لا أعرف ... أسأليه ماذا كان يفعل ".، والسيد خدام بوصفه دبلوماسي قديم، لم يشأ أن يكشف أمرا لا تريد الدولة كشفه.، وهو موقف يحترم عليه.
الشعب السوري، بطيبة خاطر وسلامة نية، أراد أن يفرح بأن رئيسه الجديد، أبن الرئيس المتوفي، طبيب، وقد درس في بريطانيا، وعاش الحياة الأوربية وزوجته بريطانية ولدت في لندن،، مختصة بالكومبيوتر، ولهذه الأسباب فالأمل كبير في أن تتغير أحوال البلاد نحو الأفضل. ولكن خاب ظنهم وأملهم، فالرئيس الأب لم يكن ديمقراطياً، ولكنه لم يكن سوى وحشياً وهمجياً وفتلاً محترفاً بدرجة أبنه ، وهذا الشعب النبيل الطيب عزم على فتح صفحة جديدة، مع آل الأسد، على أساس أن الولد غير الوالد، وآل الأسد كارثة طبيعية يصعب التخلص منها، فلنتقبل هذا المصير حتي يقضي الله أمرا كان مفعولاً.
قضاء الله وقدرته، قضت أن يتعذب هذا الشعب، وأن يعاني ما لم يعانيه شعب لا في الشرق ولا في الغرب، فلم يحدث من قبل حاكم يقصف شعبه بالصواريخ البالستية الاستراتيجية، وبالبراميل المتفجرة، وبسجون خرافية، يدور فيها تعذيب المواطنين بدرجة لا تقبلها جمعيات رعاية الحيوان. بل أن مسؤولاً حكومياً قال لي بهدوء وبلهجة هادئة صافية " يلعن أبو الشعب السوري "، وحقا فإن هذا النظام أراد بعقل أو بدونه، أن يبيد الشعب السوري، فإذا فكرنا بأن 16 مليون سوري هاجر خارج الوطن، (وربما أكثر)، وهناك 6 مليون نازح في داخل الوطن (هجروا من مدنهم) ومليون ونصف شهيد، ومسحت معظم المدن السورية من وجه الأرض، النظام كان يريد استبدال الشعب، بسكان يختارهم بنفسه، ويسكنهم بدل السكان الأصليين، هكذا ببذاءة صريحة، فحتى حين تخلط حيوانات غريبة عن بعضها، عليك تحسب حسابات كثيرة، لم يكلف السيد الرئيس نفسه بالتفكير ولو للحظة واحدة .
التقيت مرة في دولة أوربية بمسؤول سوري كبير، كنت على صلة طيبة به منذ سنوات اقامتي في دمشق، فقلت له، أن الرئيس بشار سوف لن يقبل الرضوخ لإرادة الإيرانيين، فضحك وفاجئني بالرد " بشار يرتعد حين يقابل موظفاً، مجرد موظف في السفارة الإيرانية في دمشق ...! " والحقيقة أن هذا الرد أذهلني رغم معرفتي بالكثير من حقائق الحياة السورية.
لأني كنت وثيق الصلة بشخصيات كثيرة في سوريا، وتسنى لي معرفة الكثير، وأنا هنا لا أريد الإساءة لأحد، لا لبشار ولا لوالده، ولكن الشعب السوري عاني الكثير، الكثير جداً من الآلام، وسوف لن تكون إزالة الشوك والجراح والألغام مهمة سهلة، والآن هو ينعم بالراحة. فليرتاح، ولكن دعوا الشعب يعيد بناء ذاته، ويخرج من الفرن وينهي عذابه بنفسه .... من ليس بوسعه أن يفعل خيراً، فلا يتسبب بألام جديدة، الشعب السوري شعب اسطوري، له خبرة تجربة عمرها ألاف السنين، ودعونا ننتهي بعبرة أساسية ...... لا تصارعوا الشعب السوري، لا يتورطن أحد في مأزق مع هذا الشعب العملاق، فهذا شعب أصيل وعريق وشجاع ... يعض على أهدافه وعلى جراحه ويصارع بلا نهاية حتى النصر
من يؤمن بالحياة، ومن يكون سنه قد بلغ الثمانين وأكثر، يفهم مغزى كلماتي وما أقول
مجداً عاليا لسورية البطلة، غد مشرق عزيز ... إلى العلى أيها الشعب العظيم، أنت أسطورة الزمان القديم والحديث ....

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

3060 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع