د. وَائِلْ اَلْقَيْسِي
ايها المتوكلون على ترامب .. توكلوا على الله
ان الله يجعل لكل شيء سببا، والانسان مأمور ان يأخذ بالاسباب حتى يصل إلى غايته ويحقق أهدافه.
ولكن الأخذ بالأسباب مشروط بحسن التوكل على الله حتى لا يصبح الأمر شرك.
فلا يكفي الإنسان الركون لاحداها دون الأخرى، فإن اكتفى بالتوكل على الله كان متواكلا ، وان لزم وتمسك بالوسائل والأدوات وحدها كان تاركا ومبتعدا عن الإيمان بالله.
ان المودة والرحمة والعمل والتآزر ولمّ الشمل والابتكار والتصنيع والزراعة والدراسة والتفكير كلها اسباب توصل الساعي لمراده الذي يروم الوصول اليه، حالها حال المركوب والسيارة والطائرة والبندقية والفأس والقلم التي تعين الإنسان في حياته لتحقيق مايصبو إليه .
لكن جميع هذه الأسباب تكون عاجزة وليست ذات فائدة مالم يتوكل على الله حق التوكل.
وهناك آيات وأحاديث كثيرة جدا تدعونا للتوكل على الله ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
????قال تعالى ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ۚ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا﴾
[ الفرقان: 58]
????قال تعالى ﴿ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾
[ الأحزاب: 48]
????قال تعالى ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾
[ آل عمران: 173]
وحديث اعقل وتوكل يجمع بين الاثنتين ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ناقته فقال: "أعقلها وأتوكل، أم أتركها وأتوكل؟"، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اعقلها وتوكل".
ها هي الإنتخابات الأميركية قد انتهت، وفاز دونالد ترامب ، ومن المؤكد انه سيعمل لصالح بلده وشعبه ، وكما هو مقرر ومعتاد سيستمر في دعمه لإسرائيل على حساب العرب ، ولو استدعينا ماضيه القريب، عندما كان رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية قبل سنوات ، ستكون صورة " كورش" الملك الفارسي الأول حاضرة بقوة على" العملة التذكارية" التي صدرت آنذاك ، حينما اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل في 6 ديسمبر عام 2017 .
إن حلف اليهود والفرس يمتد إلى آلاف السنين .
ويعد "يوم كورش" الحدث التاريخي لدخول جيش الإمبراطورية الأخمينية الفارسية تحت حكم الملك كورش الكبير لمدينة بابل في عام 539 (قبل الميلاد)، بعد انتصار الفرس على البابليين في معركة أوبيس وقيامه بتحرير اليهود الذين اسرهم الملك البابلي نبوخذ نصر ، ومنذ ذلك التأريخ صار اليهود مدينون للفرس بهذا الموقف حتى اليوم ، وليس من السهل تفكيك هذا الحلف لا على يد الرئيس الأمريكي ولا على يد غيره ، ربما ستكون هناك تغييرات على مستوى التكتيك ولكن ليس على مستوى الاستراتيج، بمعنى الحفاظ على المصالح ومراعاتها ، واذا ما استخدمنا العقل وغلبناه على العاطفة سنجد ان العلاقات الأميركية وحليفتها إسرائيل والغرب المتصهين (الصهيونية العالمية) مع الفرس (إيران حاليا) قائمة على ضوابط متوازنة، قد تشد اميركا الحبل احيانا مع إيران لكن لا تقطعه ، ولنا في شواهد التأريخ أمثلة كثيرة، من بينها أزمة الرهائن فى عام 1979 على عهد الرئيس رونالد ريغن ، وفضيحة إيران كونترا وغيرها في ثمانينات القرن العشرين ابان الحرب بين العراق وايران .
ونحن العرب مجرد وقود مادي وبشري لاميركا او لإيران لا أكثر ، ومن يعتقد ان اميركا حريصة علينا وعلى مصالحنا فهو واهم كثيرا ، وشاهدنا على هذا الرأي هو ترامب نفسه عندما كان رئيسا قبل سنوات مضت ، فقد شاهدناه كيف حضر بمعية اسرته ومستشاريه إلى السعودية وحلب العرب في عقر دارهم ، ولم يقدم لهم شيء يذكر ، حتى ان شركة آرامكو عندما تم قصفها من قبل الميليشيات التابعة لإيران في العراق واليمن لم تقم منظوماته الدفاعية بحمايتها، ونفس الشي حصل عندما تم استهداف الإمارات العربية المتحدة من قبل ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران ، بإستثناء موقف واحد يحمد عليه ترامب وهو قتله للإرهابي المجرم قاسم سليماني ، مع العرض انه قتله ليس لأجل عيوننا إنما لأجل مصالح اميركا .
خلاصة القول، هناك قاعدة اساسية لابد للعرب من إدراكها والعمل بها ، وهي انه متى ما وجد ترامب وغيره من قادة العالم اننا موحدون ومخلصون لأمتنا ولقضايانا ونجيد استعمال مصادر قوتنا من ثروات بشرية ومادية واننا ندافع بإيمان وثبات عن عقيدتنا الفكرية والوطنية والدينية ومصالحنا العليا، مثلما هم يدافعون عن عقيدتهم ومصالحهم ، سيكون عند ذاك لزاما عليهم التعامل معنا بعدل وإنصاف واحترام متبادل وليس تعامل التابع والمتبوع.
703 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع