ضحى عبد الرحمن
مباحث في اللغة والادب/ ٩٥ من تأريخ التمور في العراق
مقدمة
قال خالد بن صفوان: تبقى النخلة بالبصرة مائة وعشرين سنة وتبقى كأنها قدح وما تطول نخلة بالبصرة إلا أعوجت".(محاضرات الأدباء2/621).
عرف العراق بزراعة النخيل وكان اول دولة في العالم في عدد أشجار النخيل وتنوع تمورها من حيث الشكل واللون والحجم والحلاة، وقدر عدد أنواع التمور بما يزيد عن (400) صنف. ومن المؤسف انه هذا المعادلة أختلت بعد الغزو الأمريكي للعراق، حيث تم تجريف مزارع النخيل وتحويلها الى أراضي سكنية، علاوة على حرق النخيل في المحافظات ذات الأكثرية من السنة لإلحاق الضرر الاقتصادي بها، فقد امتدت اذرع الطائفية الى النخيل العراقي، فحولوا النخلة من عمة الى ضرة، ويا ويلهم من عذاب الله وسخط العمة.
منع إخراج الحبوب والتمر
قدم مجلس بلدية بغداد عريضة بتاريخ 18 كانون الثاني من هذه السنة إلى مجلس الولاية طالبة جعل التمر من عداد ما يمنع إخراجه من بغداد حفظاً لحياة الفقير فالمع المجلس الأخير بهذه الرغبة إلى نظارة الداخلية فلبت طلب المجلسين بل ورفعت المكس عما يجلب إلى الولاية من الحبوب إلى الحاصلات الجديدة. (مجلة لغة العرب2/472)
غراسة النخل في كليفرنية (في أميركة) (باللغة الإنكليزية ) من قلم بولس ب. بوينوي في التادنا (كليفرنية) نبذة بالإنكليزية مع تصاوير شتى الإفرنج في سعي حثيث لا يعرف الملل والكلل في كل ما يرقى بلادهم علماً وأدباً ومادة. فهذا النخل الذي هو من أشجار الشرق خاصة بدأ ينمو في بلاد كليفرنية من ديار أميركة حتى أنه في قليل من الزمن فاق نخيل هذه البلاد مع أن تاله أخذ منها. إلا أن الإفرنج شرعوا يغرسونه بموجب أصول الفن ولهذا تراه قد أقبل عندهم إقبالاً ليس وراءه إقبال. وممن نبغ في تحسين غرسه ومداراته صديقنا الأديب بولس ب. بوينوي فأن نبذته التي ألفها في هذا الموضوع تدل على ما للعناية بالانبتة والأشجار من حسن التأثير على الأتاء. فنحث أبناء الشق أن يعنوا بأشجارهم عناية علمية فنية وإلا فأنهم يكونون في ذنابى الأقوام في جميع الأمور بدون شاذ. أبعد الله هذه الأحلام! (مجلة لغة العرب2/594)
ذكر ياقوت الحموي" قال الأصمعي: سمعت الرشيد يقول: نظرنا فإذا كلّ ذهب وفضة على وجه الأرض لا يبلغ ثمن نخل البصرة. وقال أبو حاتم: ومن العجائب، وهو مما أكرم الله به الإسلام، أنّ النخل لا يوجد إلّا في بلاد الإسلام البتة مع أن بلاد الهند والحبش والنوبة بلاد حارة خليقة بوجود النخل فيها". (معجم البلدان1/439).
ذكر ياقوت الحموي" قال الجاحظ عن أعاجيب البصرة: ذاك أن لو التمست في جميع بيادرها وربطها المعوّذة وغيرها على نخلها في جميع معاصر دبسها أن تصيب ذبابة واحدة لما وجدتها إلا في الفرط، ولو أن معصرة دون الغيط أو تمرة منبوذة دون المسنّاة لما استبقيتها من كثرة الذّبّان، والأعجوبة الثالثة أن الغربان القواطع في الخريف يجيء منها ما يسوّد جميع نخل البصرة وأشجارها حتى لا يرى غصن واحد إلا وقد تأطّر بكثرة ما عليه منها ولا كربة غليظة إلا وقد كادت أن تندقّ لكثرة ما ركبها منها، ثم لم يوجد في جميع الدهر غراب واحد ساقط إلا على نخلة مصرومة ولم يبق منها عذق واحد، ومناقير الغربان معاول وتمر الأعذاق في ذلك الإبّان غير متماسكة، فلو خلاها الله تعالى ولم يمسكها بلطفه لاكتفى كل عذق منها بنقرة واحدة حتى لم يبق عليها إلا اليسير، ثم هي في ذلك تنتظر أن تصرم فإذا أتى الصرام على آخرها عذقا رأيتها سوداء ثم تخللت أصول الكرب فلا تدع حشفة إلا استخرجتها، فسبحان من قدّر لهم ذلك وأراهم هذه الأعجوبة". (معجم البلدان1/440).
ـ قال ابن حوقل" كان على ركن الأبلّة فى دجلة بين يدى نهرها خور عظيم الخطر جسيم الضرر دائم الغرر وكانت أكثر السفن تسلم من سائر الأماكن فى البحر حتّى ترده فيبتلعها وتغرق فيه بعد أن تدور على وجه الماء أيّاما وكان يعرف بكرداب الأبلّة وخورها فاحتالت له بعض نساء بنى العبّاس بمراكب اشترتها فأكثرت منها وأوسقتها بالحجارة العظام وبلّعتها ذلك المكان فابتلعها وقد توافت على مقدار فانسدّ المكان وزال الضرر فى وقتنا هذا عمّا كان عليه". (صورة الأرض1/237). واضاف " للبصرة كتاب يعرف بكتاب البصرة ألّفه عمر بن شبّة قبل كتاب الكوفة ومكّة يغنى عن ذكر شىء من أوصافها وهذه الكتب موجودة فى جميع الأماكن". (صورة الأرض1/238).
ـ قال الحميري" حارة الهواء كثيرة النخل والأنهار، ومنها إلى شهرزور أربعة فراسخ، وليس بالعراق بعد الكوفة والبصرة وواسط أعمر منها ولا أكبر ولا أخصب، وجل ثمارها شجر التين.
وبها نخلتان يضرب بهما المثل، يقال: أطول صحبة من نخلتي حلوان ، وفيهما يقول الشاعر:
أسعداني يا نخلتي حلوان ... وابكيا لي من صرف هذا الزمان
أسعداني وأيقنا أن نحساً ... سوف يلقاكما فتفترقـــان ( الروض المعطار1/195).
ـ قال عبد اللطيف البغدلدي" النخل في مصر كثير، لكن إذا قيست ثمرته بثمرة نخل العراق وجدت كأنها قد طبخت طبخة، خرج بها معظم حلاوتها وبقيت ناقصة القوة، وممّا يسمّيه أهل العراق القسب يسمّيه أهل مصر التمر، وأما التمر بالعراق فيسمونه العجوة وقلّما تجد عندهم ما يشابه تمر العراق إلّا نادرا ويكون ذلك نخيلا معدودة تهدى تحفة". ( الإفادة والإعتبار/15).
ـ قال الحميري" بين دجلة والفرات من جميع النواحي تتدفق على بغداد المياه حتى غرسوا النخل الذي حمل من البصرة وغيرها فصار ببغداد أكثر منه بالبصرة والكوفة والسواد". (الروض المعطار1/112).
ـ قال ناصر خسرو" يُقَال انه كَانَ من المتعذر فِي وَقت مَا أَن تمر سفينة من فَم نهر الأبلة لعظم عمق مَائه فَأمرت امراة من أثرياء الْبَصْرَة بتجهيز أَرْبَعمِائَة مركب وملأتها كلهَا بنوى التَّمْر وأغرقتها هُنَاكَ بعد أَحْكَام سدادها فارتفع القاع وتيسر عبور السفن". (السفرنامة/150). كان ذلك في سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة (20 فبراير 1052).
ـ قيل " في البصرة من أجناس التمور تسعة وأربعون الضبيّ الضبيّ والحرثى الخيشوم الصحرى السكر الشكر الطبرزد الأحمر الأصفر الخستوانى المعقلي الازاذ الهلياث الكرامي القثرية القريطى الهيروم البدالى الريفى العروسى الباذنجانى الابرهيمى والزنبورى اليعضوض البرناج المحدر البيروني الشويقى الجيشوان (الخيشوان) العمرى القرشي اليمامي البرني الهريز (السهرير) والخزكان الحادمران الأصفر المحكرم القصب الجناني المدحرج الغرانى الشرقي". (هامش أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/130).
ـ قال الاصطخري عن البصرة" اكثر ابنيتها بالآجرّ وهى من بين سائر العراق مدينة عشريّة ولها نخيل متّصلة من عبدسى الى عبّادان نيف وخمسين فرسخا متّصلا لا يكون الانسان منه فى مكان الّا بحيث نهر ونخيل". (المسالك والممالك للأصطخري/80).
ـ قال الهمداني" قد خصت البصرة من بين البلدان بكثرة النخيل وأنواع الأرطاب والتمور. وذكر بعضهم أن جماعة من أهل المعرفة بالنخل أحصوا أصناف نخل البصرة دون نخل المدينة ودون نخل اليمامة والبحرين وعمان وفارس وكرمان والكوفة وسوادها وخيبر وذواتها والأهواز وأعمالها، فإذا هي ثلاثمائة وثمانون ضربا من مغلّ معروف وخارجي موصوف وبديع غريب ومثمن شهير". (كتاب البلدان للهمداني/515).
ـ قال اليعقوبي عن بغداد عند تأسيسها " بين دجلة والفرات من جميع النواحي تدفق عليهم المياه حتى غرسوا النخل الذي حمل من البصرة فصار ببغداد أكثر منه بالبصرة، والكوفة، والسواد قال اليعقوبي". (البلدان/44).
ـ قال ابن الجصاص يوماً: إني أتمنى أن أخسر، فقيل له: اشتر التمر بالكوفة، وبعه بالبصرة، فاتفق أن نخل البصرة لم تحمل في تلك السنة، فربح ربحاً عظيماً". (حدائق الأزهار/74)
ـ كان بالبصرة مجنون يأكل التمر بنواه، فقيل له: بنواه تأكل التمر؟ فقال: كذا وزنوه علي". (حدائق الأزهار/6)
ـ دخل أعرابي الكوفة، فقصد تماراً، فقال له:
رأيتك في النوم أعطيتني ... قواصر من تمرك البارحة
فقلت لصبياننا: أبشروا ... برؤيا رأيت لكم صالحه
فأم العيال وصبيانها ... قلوبهم نحوها طامحه
فقل لي: "نعم"؛ إنها حلوة ... ودع عنك: "لا"؛ إنها مالحه
فدفع إليه قوصرة، وقال له: لا تعد ترى مثل هذه الرؤيا مرة أخرى".(حدائق الأزهار/38)
ضحى عبد الرحمن
تشرن اول 2024
ملاحظة
انتهى مبحث التخيل والتمور وسننتقل الى مبحث آخر بإذن الله تعالى.
1231 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع