المحامي المستشار محي الدين محمد يونس
قصة حزينة
كعادتي أحاول أن أكتب فيما لم يكتب أو يتطرق إليه أحد قبلي وحكايتي هذه المرة تخص رجلاً أرمز الـى اسـمه بـالحرفين (م. ل) وتقول حكايته من أنه في أحد الأيام من خريف عام (1973) وكانت الساعة تشير الى التاسعة ليلاً، كنت في تلك الليلة مكلف بواجب الخفارة لمديرية شرطة محافظة أربيل، تفاجأت بدخول فتاة مسرعة الى غرفتي وهي تبكي وتولول وتطلب عوني ومساعدتي لها، استرني الله يسترك ويحفظك ويرعاك... أنا بعرضك أنا امرأة شريفة ومن عائلة محترمة ومن مدينة الموصل ومتورطة بمشكلة احميني أنا دخيلة عندك، تتحدث وهي مستمرة بالبكاء وبمرارة، كانت شابة جميلة حنطاوية اللون كستنائية الشعر ممشوقة القِوام، طلبت منها أن تهدأ من روعها ومخاوفها بعد أن أصبحت في حمايتي وعهدتي ووعدتها بأن أساعدها بكل طاقتي وإمكانياتي وأن تكف عن البكاء لكي أتمكن من فهم مشكلتها وأساعدها بشكل صحيح وأن تمسح دموعها وتسيطر على مشاعرها القلقة والمنهارة وتحكي لي تفاصيل مشكلتها، وبدأت بالحديث بعد أن أرسلت في طلب استكان من الشاي وقدح من الماء لها.
أفضل أن أترككم معها لتحدثكم بنفسها عن ما أصابها وأصاب عائلتها من مأساة، بدأت الكلام وهي تحاول السيطرة على نفسها ومنعها من البكاء فقالت ((كما قلت عائلتي من الموصل ووالدي موظف بسيط في بلديتها ونحن من عائلة مستورة ومحافظة وانا خريجة الدراسة الإعدادية وعمري عشرون عاماً، لي شقيق يكبرني سناً وقبل ثلاثة أشهر من الآن وبسبب اختلاطه بأصدقاء السوء أعتقل من قِبل مديرية أمن محافظة الموصل وبالرغم من البحث عنه والتوسط لإطلاق سراحه إلا إننا فشلنا ولم نستطيع في جميع محاولاتنا أن نصل الى نتيجة أو نقف على أسباب اعتقاله، بعد فترة تقدر بشهرين من تاريخ اعتقاله اتصل بنا شخص مجهول هاتفياً رافضاً الإفصاح عـن اسمه وعنوانه وهو يبلغنا (ابنكم البارحة ودوه لبغداد) واقفل الخط، في اليوم الثاني من هذا الاتصال وبعد أن قرر والدي نتيجة إلحاح من والدتي التي أصبحت في وضع مزري ومؤلم على ما حَل بولدها الوحيد وهي تضغط وتصر على والدي لكي نسافر الى بغداد ومحاولة إيجاد حل لتخليص شقيقي مما هو فيه، بالرغم من أن والدي كان يخاطبها ويقول لها ”يا بنت الأوادم آني بالموصل مدينتي ما گدرت اسوي شي ببغداد شراح اگدر اسوي‟ على كل حال وصلنا الى محافظة بغداد ونزلنا في أحدىٰ فنادقها في شارع الرشيد وكان فندقاً قديماً إلا أنه كان راقياً بحالة جيدة ونظيفاً، كان نزلاء الفندق من مختلف أطياف الشعب العراقي إلا أن الذي أثار انتباهنا نزيل بالزي الكردي الجميل ومن أرقىٰ الأنواع وشيك المظهر وكان طويل القامة وبدين بعض الشيء ميسور الحال وذو جاه من خلال تأثيره على مالكي الفندق وكثرة زواره وفي اليوم الثالث من وجودنا في الفندق جلب انتباهه حالنا ووضعنا وخاصة والدتي التي كانت تبكي باستمرار عندما تكون في صالة الاستقبال وكان يركز في الكثير من الأحيان نظراته نحوي وفي أحدىٰ المرات اقترب مني مستفسراً هل هذه والدتك ولماذا تبكي باستمرار فأخبرته عن سبب بكائها وبأن دائرة الأمن في الموصل قد اعتقلت شقيقي ونقلته الى محافظة بغداد فجاء وجلس بالقرب من والديَّ وأبدىٰ استعداده لمساعدتنا عارضا خدماته في هذا المجال قائلاً لوالدتي سوف أطلق سراح ولدك فما كان من والدتي إلا أن تنهض من مكانها وتمسك يده وتقبلها لعدة مرات... شيخ هذا فضلك ما ننساه طول العمر... أروحلك فدوة... يصيبك أجر...هل ولد عندي...
- أجابها أطلعه بس مو بدون مقابل
- أجابت أمي وهي تشير الى والدي...شيخ إحنا ناس فقره ما عدنا شيء وأنت مبين عليك الجاه والغنىٰ وما محتاج سويها الشغلة لوجه الله.
- أجابها فعلاً آني ما محتاج وما رايد فلوس.
- لعد شرايد من عدنا
- آني رايد اطلب ايد بنتكم هاي "وهو يشير لي" لإبني وهو بعمرها وحلو مثلها.
- أجابت أمي شيخ هو وين نلگي أحسن من ابنك ننطيه بنتنا ما شاء الله عز وهيبة وجاه.
أما أنا فلم أعلق على كلامهما لا بالرفض ولا بالقبول انتظاراً لما ستؤول إليه جهود هذا الشخص في إطلاق سراح شقيقي من الاعتقال وعدم استباق الأمور، في صباح اليوم التالي وكنا جالسين في صالة الطعام نتناول الفطور الصباحي، جاء (م.ل) وجلس معنا وشــاركنا الفطور وبعد الانتهاء نهض وهو يقول ” آني رايح لدائرة الأمن وما أرجع اذا ما أجيب ابنكم ويايا ‟ ووالدتي تردد إن شاء الله روح الله وياك بقيت مع والديَّ في الانتظار ونحن قلقين وأنظارنا مشخصة صوب باب الفندق ونحن على هذي الحالة لغاية الساعة الرابعة عصراً ولم نتناول طعام الغداء ووالدتي بين الحين والحين ترفع يدها الى السماء بالدعاء وكانت المفاجئة عندما دخل (م.ل) من باب الفندق وحيداً فنهضنا نحن الثلاثة في استقباله ونحن في حالة إحباط وهو يقول دائرة الأمن أنكرت وجوده عندهم. أصبحنا بحالة من اليأس والقهر ووالدتي تضرب خدها وهي تبكي وتفاجئنا بخروج المذكور من باب الفندق وعودته ضاحكاً خلال ثواني وبصحبته شقيقي الذي أسرع الى أحضان والدتي وهي تقبله بشوق وتذرف دموع الفرح ولا تنسي في نفس الوقت من الإمساك بيد الرجل وتقبيلها والدعاء له بطول العمر والصحة والسلامة على هذا العمل الذي أعاد الحياة والفرحة لعائلتنا، (م.ل) موجها كلامه لنا ها ” تغديتوا أجبناه لا والله ما متغدين جنا ننتظركم أجاب يلا گوموا نروح فد مطعم زين ‟ وفعلاً اصطحبنا الى مطعم راقٍ في منطقة الكرادة تناولنا فيه أجود الطعام وتحدثنا معه وشكرناه على جهوده الجبارة وهو يردد... ” يلا آني طلعت ابنكم من السجن ولو ما آني جان ماگدر أي شخص يطلعه ووفيتُ بوعدي هسه خلي نحجي على زواج بنتكم من ابني ‟ وكان المذكور قد أخبر شقيقي عند اطلاق سراحه بموضوع زواجي من ابنه جزاء جهوده في تخليصه من دائرة الأمن وإجراءاتها القاسية والنتائج التي لا تحمد عقباها وقد بارك شقيقي هذه الخطوة وأبدىٰ موافقته عليها بكل حماس ودون تردد، جدد والديَّ موافقتهما على زواجي من ابنه وفضلت أنا البقاء في حالة السكوت فالحياء كان يمنعني من التصريح بالموافقة كما وأعجابي بالرجل كونه صاحب فضل علينا كان يمنعني من التصريح بالرفض، بعد الانتهاء من تناول طعام الغداء وخروجنا من المطعم استصحبنا الرجل الى بعض محلات الألبسة والعطور في المنطقة وكان على صلة ومعرفة وصداقة بأصحابها فبادر الى شراء وإهدائنا مجموعة من الحاجات من مختلف الأنواع لنا نحن الأربعة وكان لساننا يلهج له بالشكر ودوام الصحة والعافية، على كل حال تبدلت أحوالنا من حال الى حال من حالة البؤس والقهر الى حالة الفرح والسعادة وهي من تداعيات علاقتنا بهذا الرجل الشهم والغيور، وعدنا الى الفندق بينما خرج هو لقضاء بعض أعماله على أمل السفر في صباح اليوم التالي الى الموصل بسيارته الفارهة الحمراء والتي كانت محط أنظار مشاهديها، لم استطيع النوم في تلك الليلة مبكراً لانصراف ذهني وتفكيري لمستجدات وضعنا الجديد عائليا وخروج شقيقي من براثن دائرة الأمن أما على الصعيد الشخصي بالنسبة لي فقد كنت أفكر في مسألة زواجي من هذا الشاب الذي دخل حياتي بطريق الصدفة والذي لم يكن لا في البال ولا في الخيال وكانت مشاعري تنصرف في أتجاهين متضاربين فمن جهة كنت فرحانة وسعيدة من مشروع زواجي من ابن هذا الرجل الذي بدىٰ لي ولعائلتي بمواصفات جيدة ومقبولة والولد على سر أبيه كما يقول المثل وأخمن في عقلي من أنني سوف أكون سعيدة معه ومن جهة أخرىٰ كنت أتسائل مع نفسي وأنا البنت المتعلمة والمثقفة كيف لي الزواج من شخص لم أراه وليس لي دراية عن شكله وأخلاقه ومواصفاته وكنت أخشىٰ في أن لا يكون مناسبا لي واقع في خطأ الاختيار والفشل، بصريح العبارة كانت تتجاذبني مشاعر الفرح والخوف من لقاء الغد مع هذا الشاب الذي كان والده قد اتصل به هاتفياً وابلغه بتفاصيل القصة ومشروع زواجه المرتقب وطلبه منه أن يحضر الى مدينة الموصل ظهر اليوم التالي مستصحبا العائلة على ضوء العنوان الذي زوده به ”عندما كانت الفتاة تبدي فرحها وتخوفها من لقاء خطيبها في اليوم التالي كان فكري يسرح الى كلمات أغنية سيدة الغناء العربي (أم كلثوم) (أغــدا ألقاك) والمقطع (آه كم أخشى غدي هذا وأرجوه اقترابا) ‟ نعود لتكمل الفتاة حكايتها فتقول... نهضنا في صباح اليوم التالي متوجهين الى مدينة الموصل فوصلناها ظهرا ووجدنا خطيبي مع أفراد عائلته حاضرين مع جمع من أقاربي بعد سماعهم نبأ خروج شقيقي من التوقيف وإعلان خطبتي، سارع والد خطيبي للتوجه الى السوق وبادر الى شراء مختلف أنواع حاجات هذه المناسبة من أطعمة ومستلزمات بالإضافة الى ثلاثة خرفان ذبحت للضيوف، في الليل تكفل والدي بإحضار أحد رجال الدين والذي قام بعقد زواجنا في احتفال جميل تميز بالبذخ، وكان مظهر خطيبي مقبولاً وتقبلته على ظاهر الحال وتم زفافي إليه في نفس الليلة في أحد الفنادق الراقية في مدينة الموصل والذي بقينا فيه لمدة ثلاثة أيام حيث عادت عائلته في نفس الليلة الى أربيل، العيوب الظاهرة التي اكتشفتها في زوجي خلال الأيام الثلاثة من انه عديم الشخصية وجاهل وفاشل في الدراسة أما العيوب غير الظاهرة له ولوالده وعائلته لم أتمكن من اكتشافها إلا بعد حين وتباعاً، وهي الطامة الكبرىٰ ” أما أنا وبحكم معرفتي بالسلوك والسمعة السيئة لهذه العائلة كنت أخمن وانتظر وصولها الى نهاية القصة والطامة الكبرىٰ التي واجهتها خلال شهر مكوثها مع هذه العائلة وزوجها بالذات من خلال محاولة تحييدها عن الطريق الصحيح والسلوك السوي وإجبارها على ممارسة الرذيلة والمتاجرة بجسدها ‟ اكتشفت تدني المستوىٰ الأخلاقي لهذه العائلة والسمعة السيئة لهم بين أغلب الناس في المنطقة، كنت بالضد من طلبات زوجي وأهله وأقاوم بشدة رغباته الدنيئة وغير الإنسانية واستمرت محاولته في إقناعي بمختلف الوسائل بالكلام والتوسل وإيراد مبررات غير منطقية لهذا السلوك المنحرف وفي مساء هذا اليوم وعندما أيقن من فشله في إقناعي بالطرق السلمية والكلام هجم عليَّ بشراسة وهو ينهال بالضرب المبرح على كافة أنحاء جسمي مستعملا كلتا يديه ورجليه مع السب والشتم لعائلتي ويعيرني بهم من كونهم عائلة فقيرة وبشقيقي وبأنه لو لا جهود والده في اطلاق سراحه لكان في عداد الأموات لكونه كان مقبوضاً عليه بتهمة لها علاقة بتعاطي المخدرات وتمكنت بصعوبة بالغة تخليص نفسي منه ومن أهله الأشرار ووصلت إليك بمعاونة بعض الجيران). كانت تشكو من آثار الاعتداء عليها بالضرب وتكشف لي عن بعض الأجزاء من جسمها وآثار الضرب بادية عليه وعندما استفسرت منها عن رغبتها في تسجيل شكوىٰ ضدهم أجابت بحزم وإصرار لا أريد الشكوىٰ بس أريد أخلص منهم وارجع الى أهلي وأتقي شرهم وفسادهم وما أريد الفضيحة أريد الستر لأهلي. ((المادة (3) الفقرة (2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 لم تجوز تحريك الدعوىٰ الجزائية إلا بناء على شكوىٰ من المجنىٰ عليه في مثل هذه الحالات)) ونحن في نهاية الكلام والنقاش مع الفتاة المنكوبة بهذه العائلة وإذا بــ (م.ل) وابنه يدخلان غرفتي وكأن شيئا لم يحصل حيث بادراني بالسلام وهما بالجلوس إلا أنني نهرتهما ولم اسمح لهما بالجلوس والفتاة تضرب نفسها وهي تبكي وتنوح عند مشاهدتها لهما ووالد الزوج یأخذ بخاطرها ويطلب منها... ياالله بنتي گومي رجعي لبيتج ما صار شي ولا تكبرين الشغلة وهسه اصالحكم وشتريدين آني حاضر... يالله گومي ويانا، ثم التلفت نحوي قائلاً... السيد الضابط هكذا مشاكل تحصل بين جميع العوائل، الفتاة تصرخ لا... لا... مستحيل ما أروح وياهم، عندها طلبت من الأب وأبنه أن يتركا الفتاة لحالها حيث سيأتي والدها ليأخذها وطلبت منهما الخروج وترك الدائرة إلا أن إلحاحهما في أخذ المرأة معهم أجبرني على المناداة على بعض أفراد الشرطة وطلبت منهم إخراجهما من الدائرة عنوة، جاء والدها وأقبلت عليه مسرعة وهي تبكي بمرارة توكلت عن ابنته لأشرح له تفاصيل القصة واختلاطهم بهذه العائلة السيئة السمعة والذي كان لايزال يحمل عنهم وجهة نظر إيجابية حيث لم تخبرهم ابنته ما حصل لها مع هذه العائلة خوفاً من الفضيحة وتحملها تبعات الوضع وما حصل لوحدها وعدم تحميل أهلها تبعات هذه المشكلة، تفاجأ بهذه المعلومات وتغيرت سحنته ومزاجه وأخذ يهدد بالحكومة والعشيرة فقلت له أخي اخذ نصيحتي بعد أن دفع الله ما كان أعظم أخذ بنتك ورجعها الى بيتك واشكرها على موقفها وصلابة إرادتها وعدم انصياعها للرغبات الشريرة لزوجها وأهله ومحافظتها على سمعتها وسمعتكم وحاول إنهاء المشكلة بالستر والتكتم لأنك كلما غصت في هذه المشكلة أكثر بانت رائحتها العفنة أكثر كما يقول المثل الكوردي، شكرني على نصيحتي وموقفي وابنته تلهج بالدعاء لي وتشكرني وتصفني بمختلف الصفات الإيجابية طبعاً وودعتهما في أمان الله ورعايته.
الخلاصـة
• كانت أصول وفصول عائلة (م.ل) مثار خلاف فالبعض يرجعه الى أصول قـفـقـاسية جاءت عائلته الىٰ أربيل بعد أحداث الحرب العالمية الأولىٰ ومنهم من يعتبرهم بالمصطلح الكردي (دوم) أو (قرج) وهما كلمتين مرادفتين لكلمة (الغجر) في اللغة العربية.
• كانــت له علاقات واســعة بمختلف الأجهــزة الأمنية (الأمن، الاستخبارات، المخابرات) ويتعاون معها ويلبي مطالبها وبالمقابل تقوم هذه الأجهزة بدعمه وتنفيذ مطالبه واحتياجاته المختلفة وكان نشاطه هذا يرتكز بشكل أساسي على مناطق المحافظات الثلاثة (أربيل، السليمانية، دهوك) وخارج هذه المناطق في القضايا التي لها علاقة بالنشاط السياسي الكردي المناوئ للسلطة في العراق. علاقات هذا الشخص لم تكن مع العناصر الدنيا أو البسيطة في هذه الأجهزة وإنما كانت مع المستويات الرفيعة فيها والدولة ففي أحد المرات ورد كتـــاب مــن مكتب وزير الداخليـــة العراقـــي (سعدون غيدان) موجه الى مدير شـــرطة محافظة أربيل العقيد (الشيخ رضا الكولاني) مدرجاً فيه ما نصه ” (م.ل) معروف من قِبل السيد وزير الداخلية شخصياً لذا يرجىٰ مراعاته والتعامل معه وفق هذا المنظور‟ فما كان من مدير شرطة المحافظة وهو العليم بمواصفات هذا الرجل السيئة وسمعته الرديئة إلا أن يمزق الكتاب ويرميه في سلة النفايات وهو يردد للحاضرين عنده... شوفوا بالله عليكم وزير الداخلية ما يستحي يعتبر (م.ل) من أصدقائه المقربين ويوصينا بمراعاته وتسهيل أموره.
سعدون غيدان وزير الداخلية
• لم تكن الخدمات التي يقدمها (م.ل) تقتصر علىٰ الخدمات الأمنية والاستخباراتية، بل تتعداه الىٰ الخدمات الترفيهية في مجال توفير المتعة الجنسية لبعض مسؤولي الأجهزة الأمنية والحكومية حيث كان له باع طويل في هذا المجال وذو خبرة ودراية في أصولها وفنونها بشكل لا يمكن مضاهاته من قبل ممارسي هذا النوع من النشاط.
• كان مولعاً باقتناء السيارات الراقية من ماركة (شوفرليت) الأمريكية الكبيرة والحمراء اللون وخاصة من نوع (تنته) حسب التعبير المحلي.
• اغتيل في الربع الأول من عام (1974) أمام داره في ظروف غامضة لكثرة مناوئيه والحاقدين عليه لسوء سمعته وتعامله المقترن بالغش والحيلة مع الناس وكثرة مشاكله معهم وفي رواية ترجح سبب اغتياله الىٰ قيامه بعقد صفقة تجارية بمبلغ كبير مع أحد الأشخاص وعدم وفائه لالتزاماته معه فيها وكان اغتياله من قِبل هذا الشخص كرد فعل لما أصابه من ضرر وخسارة مادية ومعنوية، وهناك روايات أخرى تتهم أحد الدوائر الأمنية باغتياله.
• تعود معرفتي بهذا الشخص الى بداية صيف عام (1973) عندما كنت في محل صديقي (عبد الله قادر) لغرض تصليح سيارتي من عطل أصابها وكانت من نوع (فوكسهول – إنگليزية – موديل 1961) وهي أول سيارة اشتريتها في حياتي وبسعر (800) ثمانمائة دينار وبالأقساط،
كاتب المقال على يمين الصورة وسيارته من نوع همبر انگليزية موديل 58 والمشتراة بمبلغ 170 دينار ويقف على يمينه صديق العمر الاسطه عبد الله قادر (عبدوك) بالقرب من ناحية حرير في 5 كانون الثاني 1974في سفرة سياحية
وكان في المحل المجاور لمحل صديقي رجل بملابس كردية (كشخة) وسيارته من نوع (شوفرليت) حمراء جاء أيضا لتصليحها ولدىٰ مشاهدته لي وأنا بالملابس العسكرية وبرتبة ملازم تقرب مني وبعد السلام استفسر مني عن محل عملي وسبب عدم مشاهدته لي سابقاً بالرغم من كونه على معرفة وعلاقة بجميع ضباط الشرطة في المحافظة، لاحظت الاسطة (عبدالله) يلوح بكلتا يديه ويطلب مني التوجه صوبه وبإصرار وحِدَّة، بعد أن أخبرت الرجل من إنني منقول حديثا من محافظة بغداد الى هذه المحافظة أبدىٰ استعداده لمعاونتي ومساعدتي لكونه على علاقة وطيدة مع كبار ضباط الشرطة في بغداد وأربيل، انتهزت فرصة انشغاله مع الميكانيكي القائم بتصليح سيارته فتوجهت صوب الاسطة (عبدالله) والذي بادرني غاضباً قائلا... لماذا تقف مع هذا الرجل وتتحدث معه أتعرفه؟ أجبته كلا لا أعرفه.. قال هذا (م.ل) كيف تخالطه أمام الناس وأنت بالزي العسكري، استفسرت منه ومن يكون (م.ل) هذا وما هو سبب تحذيري من الاختلاط به، حدثني عن شخصيته وصفاته السيئة وسمعته المقرفة وخطورة التقرب منه والاختلاط به وعندها أصبحت على علم ودراية بهذا الشخص.
• لسوء سلوكه وكثـــرة مشاكله فقد أمـــر محــافظ أربيــل (عبد الوهاب الأتروشي) في عام (1971) أجهزة الشرطة بالقبض عليه ووضعه داخل سيارة مكشوفة بعد سكب اللبن على رأسه وهي عادة متبعة عندنا للاستهزاء بالشخص والتقليل من قيمته وتحقيره والدوران به وهو بهذا الشكل داخل المدينة وشوارعها وأزقتها ليصبح فرجة للعالم كما يقول غوار الطوشي.
عبد الوهاب الأتروشي محافظ أربيل 1970-1974
ها هنا نكون قد وصلنا الى نهاية الحديث عن هذه القصة وبطلها سيئ الصيت والمليئة بالعبرة والمعاني التي تلزم الأنسان في التأني وعدم التسرع في اتخاذ القرار في المسائل الحيوية والمهمة في الحياة ودراسة الأمور بعناية وتمعن قبل الوقوع في هاوية الخطأ وتداعياته، أملي كبير في نيل حكايتي هذه رضا القراء الأعزاء من حيث أسلوبي في كتابتها ومحتواها والدعاء من العلي القدير في أن يبعدنا جميعاً من غدر كل ظالم ولئيم وصاحب عقل سقيم.
861 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع