الدكتور مليح صالح شكر/ نيويورك
وادي حوران والدواعش وخبراء في التلفزيون
شاهدت على شاشة قناة العربية يوم الاثنين ،الثاني من أيلول 2024 الحالي حلقة من برنامج ( ساعة حوار) الذي تقدمه ريم بو قمرة.
كل ما أود مناقشته في هذا التعليق هو ما سمعته من ملاحظات ظافر العاني وإحسان الشمري خلال البرنامج عن داعش وتجمعاتها في صحراء الأنبار ، وكانا بين الحين والاخر يذكران وادي حوران.
ومعذرة إن قلت أن كلاهما العاني والشمري لم يراجعا الجغرافية والبيئة لوادي حوران وقد تحدثا بشكل عمومي دون تقديم أدلة وملاحظات جدية عن الوادي.
فمن أسمه ، يبدأ الوادي من منطقة حوران السورية قرب درعا ويقطع الصحراء وينتهي بنهر الفرات في الأراضي العراقية بين بلدتي الحقلانية والبغدادي بمحافظة الأنبار كما سأوضح لاحقاً.
وتتضمن تضاريس الوادي حافات حادة ومغارات تنضج بعضها بالماء الصافي ، بعضه يحجزه الرعاة بسدات من الأحجار.
وفي وقت الشتاء وهطول الأمطار الغزيرة تتدفق السيول الهائلة على إمتداده من الأراضي السورية ومن الوديان الفرعية في التلول والمرتفعات الى نهر الفرات في الأراضي العراقية ، بعضها لا تسمع صوت تدفقه وفجأة يداهم من هم في الوادي عبوراً أو رعاية مواشي فيذهبون ضحايا السيول وهي تجرف معها كميات كبيرة جدا من الحجر والطين والاشجار البرية والإبل والمواشي النافقة .
ولتفادي خطورة الوادي وسيوله قامت وزارة الأشغال والإسكان منتصف الثمانينيات بتشييد جسر على هذا الوادي في الطريق العام لتعبر المركبات بأمان،
وحوالي عام 1988 جرفت السيول العارمة هذا الجسر حتى أعادت الدولة تشييده مرة اخرى.
وقد شيد المهندسون العراقيين هذا الجسر دون الاستعانة بشركات أجنبية كما يحصل هذه الأيام.
وكان ركاب السيارات قبل بناء الجسر يضطرون لمغادرة السيارات لكي يتكمن سواقها من النزول على طريق خطر الى الوادي والعودة للصعود من الجانب الاخر ثم يعود المسافرين الى سياراتهم.
وأتذكر أننا كنا نسافر صيفاً من عنه لزيارة الأهل في بغداد، وكنا ننزل من السيارة لكي تعبر الوادي فارغة من ركابها خوفاً من انزلاقها الى الوادي وكان السائق يقود سيارته ببطىء شديد وبدراية.
كنا في قضاء عنه بمحافظة الأنبار في سنوات الخمسينات ننتظر كل سنة سيارة باص صغيرة من السفارة الامريكية ببغداد لتعرض على شاشة تثبت على الجدار أمام سراي الحكومة أفلاما وتوزع علينا مجلات دعاية عن الحياة في أمريكا.
وفي إحدى السنوات لم تصل سيارة الدعاية الامريكية في موعدها ، وفهمنا أن السيول جرفتها عندما كان سائقها يعبر الوادي وداهمته السيول دون أن يدري أنها تحمل مياهاً هائلة فغرقوا ، وقد انتشلت جثثهم من نهر الفرات فيما بعد.
لقطة من برنامج ساعة حوار
وأستبعد ان إرهابي داعش يتخذون من وادي حوران أو ( أنفاقه) ملاذاً لهم لأن سيوله الهائلة ستجرفهم جميعاً .
ونتيجة لموجة الحديث عن أنفاق قطاع غزة يحلوا لبعض المحللين أن يخترعوا انفاقاً لداعش في وادي حوران وهو أمر مستحيل تقريباً لوعورة الأرض الصخرية والوقوع في فخ سيول الوادي القاتلة!
وبما أنني لست مختصاً بداعش وارهابه فلا يمكن أن أخمن كيف يقضي الداعشيون حياتهم في الصحراء! بل أن أحد المتحدثين قال أن الدواعش في الصحراء مجهزون حتى بالطاقة الكهربائية!
ولا أستطيع أن أعرف كيف عرف هذا المحلل وهو يعيش خارج العراق منذ عدة سنوات ، أن ( أنفاق) داعش ومضافاته في صحراء الأنبار فيها طاقة كهربائية ، أم هو يخمن ذلك فقط ، أو ربما إستعار فرضية أستخدام الطاقة الكهربائية في (أنفاق) داعش من ما يشاع عن تجهيز أنفاق غزة بالكهرباء؟
ويمكن للمتابع من مشاهدة فيديو هذا البرنامج في موقع العربية نت وعلى شبكة يوتيوب.
وتحيط الشكوك بما نشر على شبكة غوغل من أن وادي حوران يبدأ في الأراضي السعودية وهنالك أخطاء كثيرة في غوغل في هذه الحالة وفي حالات سياسية وجغرافية وتاريخية أخرى.
لكن المؤكد أن بدايات وادي حوران تقع في سفوح هضبة الجولان السورية ويستمر مروراً بمنطقة حوران ودرعا وبعض فروعه تمر عبر الأراضي الأردنية ،ويدخل الأراضي العراقية قرب مدينة الرطبة التي بنى الأهالي سدوداً حجرية لحجز المياه لموسم الصيف يسموه سد الرطبة!
وكانت آراضي الوادي خصبة بالمزروعات البرية التي يعتمد عليها الرعاة لمواشيهم.
وقطعاً كانت جوانب الوادي ومغاراته في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي على الأقل ملاجىء للمهربين والذين كانوا ينشطون صيفاً ويخفون بضائعهم في مغارات الوادي.
وتكثر في بعض مغارات الوادي الحيوانات البرية والطيور والزواحف وكان للمهربين معرفة بأماكن وجودها ويتحاشونها..
1259 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع