إنتصارات ضائعة

المحارب قحطان حسن التميمي
2 / 9 / 2024

إنتصارات ضائعة

الحقائق
1. عندما ألفت كتابي (حرب الصقيع) في منتصف عام 2022 استندت على الحقائق الآتية بأن النصر سيكون حليف روسيا لأن دخول اوكرانيا حلف الناتو سيهدد وجود روسيا فيجب ان تنتصر.
‌أ. ان طرفي النزاع احدهم ثاني قطب في العالم بعد امريكا وهي روسيا والطرف الثاني هي اوكرانيا التي استقلت عن روسيا عام 1991 وان نسبة التفوق لروسيا 50 /1 لأوكرانيا.
‌ب. ان التهديد الجيو السياسي الذي نشأ عن طموح اوكرانيا للدخول الى حلف الناتو يتطلب من روسيا ان تعمل على ان تمزق هذا الطموح وتدفنه في الارض.
‌ج. ان نجاح اوكرانيا لأمتلاك العضوية في حلف الناتو سيشجع الدول الصغيرة المحاددة لروسيا ودول البلطيق بالانضمام الى ذلك الحلف.
‌د. اذا لم تتحرك روسيا بكل ثقلها لهزيمة اوكرانيا فأن رئيس حلف الناتو سينام لاحقاً في غرفة نوم بوتين.
2. على هذا الاساس فأنني بنيت توقعاتي ان لابد ان تنتصر روسيا في هذه الحرب.

التخطيط الروسي للحرب
3. من خلال مراقبتي لسير المعارك شعرت ان التخطيط الروسي للحرب اصابه الارتباك عند التنفيذ فأما الخطط غير رصينة او الخلل في التنفيذ. حيث ان القوات الروسية لم تنجز مهماتها على مستوى العمليات والتعبية على ضوء المهمة الموكلة لها. وان السياق الصحيح لواجبات الاركان في كل جيوش العالم ان يتقن القائد وضباط الركن سياق التخطيط للحرب في مستويات فن الحرب حيث ان المهمة تأتي الى القادة في مستويات السوق والعمليات على شكل توجيه عام وعلى القادة فهم المهمة من خلال هذا التوجيه. فتتم صياغة المهمة وترسل الى القيادة الاعلى للموافقة عليها او تعديلها. اما على مستوى التعبية فأن المهمة تأتي مكتوبة. وفي كلا الحالتين فأن القيادات تقوم بأجراء تقادير الموقف ويعتبر هذا اول توجيه تخطيط . ويستنبط القادة المكلفون بالمهمة مسالك العمل ويتم عرضها على القائد الاعلى لتعديلها او الموافقة عليها بعد ان يختار احد المسالك للعمل فيجري تقدير موقف جديد وهذا يسمى ثاني توجيه تخطيط الذي تنبثق منه فكرة العمليات ومنها تصدر خطة المناورة. هذا السياق اعتقد لم يعمل به من قبل القادة الروس لأنه لاحظنا تبدلات متعددة للخطط مما اربك المنفذين حيث كانت القوات الروسية عندما كانت في صفحة الهجوم تتحول راساً للدفاع او الانسحاب الى الخلف او تتبدل المواقع والقطعات. ووصلت الحالة الى ان القادة في الدرجات الوسطى اساءت الى فن العمليات بحيث انها قامت بانفتاح قطعات وتشكيلات في اماكن ليس من اختصاصها المهني وهذا اهم واجب لهيئة ركن العمليات وهو كيفية اختيار القطعات للواجب المطلوب والارض المناسبة لعمل القوات كما ان القيادة الروسية لم تعد قواتها المكلفة بمهمة احتلال اوكرانيا كمهمة سوقية. انما نقلت قوات من مناطق بعيدة لم تدرس الارض الاوكرانية ولم تتدرب على هكذا معارك وعليه:

ماذا حدث
4. ان الخطط الروسية اصابها التردد وعدم ادامة زخم الهجوم منذ الايام الاولى من الحرب . حيث وصلت القوات الروسية للعاصمة (كييف) ثم توقفت ثم انسحبت الى الخلف وكذلك في مدن اخرى مثل (ليفيف / زبروجيا / خيرسون). وكما يعلم القادة العسكريون وخاصة قادة العراق الافذاذ ان القاعدة الرئيسية عندما يقل زخم الهجوم ويتوقف فهناك امام القائد احدى الحالتين. الاولى ان قواته قد اصابها التعب والارهاق وابتعدت عن مناطق اسنادها وعليه يتطلب اعادة التنظيم واعادة التجحفل في المكان الذي وصلت اليه واذا كان المكان غير ملائم فيأمر القائد بالرجوع الى الخلف قليلاً ويعزز ذلك يواصل التقدم ويستمر بالهجوم حتى تحقيق هدفه الذي كلف به. والحالة الثانية ان القيادة العليا تجد نفسها انها لا تريد الابتعاد كثيراً فتتخذ موضع دفاعي رصين تختاره الى الخلف لمجابهة رد فعل العدو وهذا يتخذ اذا كانت المعركة تجري على اكثر من صفحة واحدة. الا ان القوات الروسية لا هي واصلت التقدم والهجوم لأحتلال العاصمة الاوكرانية ولا هي اتخذت موضع دفاعي متوسط وانما قامت بأمر غريب ومحير انها عادت الى الخلف وقامت بصفحة الهجوم من جديد. اذاً لماذا اذاً الانسحاب الى الخلف؟

اهداف روسيا
5. ان لروسيا من وجهة نظري هدفان اذ لم ينجح الاول يتم التركيز على الهدف الثاني.
6. الهدف الاول
‌أ. احتلال وضم اوكرانيا لروسيا. ان اتجاهات الحرب بين الطرفين لا يستبان منها ان روسيا ستنجح في تحقيق هذا الهدف للأسباب الآتية:
اولاً. ان تحقيق هذا الهدف يتطلب وقت طويل وهذا ليس لصالح روسيا.
ثانياً. ان التخطيط والاستعداد القتال لروسيا لتحقيق هذا الهدف ليس بالمستوى المطلوب.
ثالثاً. تدني مستوى القوات المنفذة وخاصة على المستوى التعبوي.
رابعاً. ان روح الاقدام للقوات الروسية ضعيفة جداً قياساً لروح الاقدام للروس في الحرب العالمية الثانية.
خامساً. اساليب القتال قديمة ولا ترقى لمستويات الجيل الرابع والخامس.
سادساً. الموقف الدولي وخاصة حلف الناتو لا يقبل ان تحتل دولة ذات سيادة وخاصة انها مقبلة على الانضمام الى حلف الناتو.
سابعاً. ان الهجمات الروسية بعد الوصول الاول الى كييف والانسحاب منها الى الخلف اصبحت هجمات دباخية على المستوى التعبوي وخبباً على المستوى العملياتي ومن يستخدم هذا الاسلوب يعتبر خائف ومتردد وبالتالي لم تحقق هدفها.

‌ب. مساوئ ومحاسن هذا الهدف
اولاً. المساويء
- ان روسيا ستكون في حالة حرب مع حلف الناتو الى سنين طويلة تؤدي الى انخفاض قدرتها السياسية والاقتصادية والعسكرية.
- ستشجع المتحفزين للانفصال من الاتحاد الروسي الى معاودة نشاطهم الاستقلالي وبتشجيع واسناد من الغرب.
- سيضعف مركز الرئيس الروسي داخلياً وخارجياً.
ثانياً. المحاسن
- ستتخلص روسيا من التهديد القريب من قبل حلف الناتو.
- سيردع دول تنوي الدخول الى حلف الناتو.
- سيمنع دول غربية بأن تزيد نشاطها في معاداة روسيا.
7. الهدف الثاني
أ‌. ان افضل شخص يعرف قوة وفعالية الموقف الدولي وموقف حلف الناتو الخفي تجاه روسيا هو بوتين وعليه يتطلب منه تحقيق الهدف الثاني وهو الاكتفاء بهذه المكاسب واتخاذ موضع دفاعي رصين على غرار الموضع الدفاعي في ستاليغراد. يمتد من خاركيف وبصورة مائلة الى الغرب وينتهي في ميناء سيفاستوبول (Sevastopol) في شبه جزيرة القرم وتكتفي روسيا بهذه المكاسب في الوقت الحاضر.
ب‌. المساوئ والمحاسن
اولاً. المساويء
- ستهتز مكانة روسيا وخاصة الرئيس بوتين داخلياً وخارجياً.
- لن يحقق هدف روسيا بعدم انضمام اوكرانيا لحلف الناتو.
- ستبقى روسيا متحفزة لفترة طويلة.
ثانياً. المحاسن
- تتخلص روسيا من فخ الاستنزاف الذي وضعته امريكا لها.
- انها حققت هدفها القومي بأن استعادت الاراضي التي تقطنها اغلبية روسية.

وسائل تحقيق الاهداف
8. الهدف الاول: بما ان روسيا جربت الاسلحة والفعاليات التقليدية على مستوى العمليات والتعبية ولم تحقق هذا الهدف لذا عليها استخدام احد الخيارين الآتيين:
أ‌. الخيار النووي التعبوي. لكن على بوتين ان يعرف ان هذه سابقة صعبة التطبيق داخلياً وخارجياً. واذا شعرت القيادة الروسية ان هذا الاسلوب صعب التطبيق عليها ان تذهب الى الخيار الثاني.
ب‌. الخيار التكنولوجي: على الرئيس بوتين استخدام بعض اسلحته السرية او اسلحته التقليدية ذات الدمار غير التقليدي والتهديد بالاسلحة غير التقليدية وكما نعلم ان كلا القطبين عندهم وسائل دمار (اسلحة تكنولوجية) تقترب نتائجها من الخيال ومن هذه الاسلحة:
اولاً. اسلحة الطاقة الموجهة (Directed Energy Weapons).
ثانياً. الاسلحة الموجهة بالطاقة الحركية (Kankite Energy Weapons) وهو انتاج كهرومغناطيسية مكثفة على الهدف تتصف بقدرة تدميرية شبه نووية.
ثالثاً. الاسلحة الليزرية
رابعاً. القنبلة الفراغية.
خامساً. السلاح القارص الذي يجمد الوقود في المركبة.
9. المتابعة مستمرة لاحقاً.

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1268 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع