احمد الحاج
نعم لتبييض السجون يا مسوخ صهيون !
أكتب هذه السطور في اليوم الـ247 للعدوان الصهيوني على قطاع غزة وقد بلغت حصيلة الشهداء والجرحى أكثر من 121 ألفا،بينهم 274 شهيدا و698 جريحا سقطوا في مجزرة"مخيم النصيرات"وحدها، هذه المجزرة البشعة التي ارتكبها الاحتلال الغاشم بكل أنواع الأسلحة الامريكية بهدف تحقيق نصر معنوي متمثلا باطلاق سراح أربعة من رهائنه المحتجزين في القطاع منذ السابع من اكتوبر / 2023 ما يفسر حجم الاحتفالات التي عمت قيادة الكيان وحكومته اليمينية المتطرفة بعد العملية،والتي أعقبت خسائر عسكرية وسياسية ومعنوية جسيمة ومتلاحقة داخليا وخارجيا على الجبهات كافة .
الحقيقة وقبل سنين خلت ساورتني بعض الشكوك وأخذت مني كل مأخذ وأنا اقرأ عن ظاهرة شرب أسلاف الصهاينة لدماء البشر التي استعرضها المؤرخ اليهودي (يوسيفوس) في كتابه"صراخ البريء" ما ألقى في روعي بأن مبالغة أو تزويرا للتأريخ قائم على قدم وساق ربما لأهداف جيو - سياسية بعيدة المدى قد تكون غير معلنة، ليتكرر الشعور ذاته حين قرأت عن جريمة استنزاف أسلاف الصهاينة لدماء طفل يوناني في استانبول سنة 1789، وعن ذبيحة بور سعيد سنة1881، وذبيحة دمشق سنة 1840، وغيرها من الحوادث المشابهة وذلك احتفالا بعيد الفصح وهي عادة اقتبسها اسلافهم من الوثنيين حيث كانوا يقدمون قرابين بشرية للأطفال بدلا عن القرابين الحيوانية بعد استنزاف دمائها،لقد ظننت لوهلة بأنها محض مبالغة ، ومجرد تهويل أو تضليل هدفه تعبئة الرأي العام ضدهم وحَملهم على الهجرة الى ما يسمونها بـ أرض الميعاد أو أنها مجرد ردود أفعال غاضبة على انغلاق اليهود داخل أحيائهم الخاصة في كل زمان ومكان وبما يعرف بـ"الحي اليهودي" زيادة على استعلائهم واحتقارهم للأمم الأخرى وتلوثهم بكل أنواع الموبقات والرذائل والفواحش والآثام والعمل على اشاعتها عمدا بين البشرية حيثما حلوا وارتحلوا علاوة على تاريخهم الأسود المتمثل بقتلهم الأنبياء والصالحين والتعرض لهم بكل ما يسيء ويشين ويجرح من دون حياء ولا خجل ،ولكن وبمتابعة خاطفة لما يجري في فلسطين عامة وغزة خاصة سرعان ما تستدرك الأمر لتتبدد كل الشكوك،فمنذ أن وطأت أقدام أحفاد القردة والخنازير أرض الإسراء والمعراج وهم يرتكبون المجازر تلو الأخرى بحق الأبرياء، فبعد أن ارتكبوا 17 مذبحة أثناء الانتداب البريطاني ودمروا في ذلك الوقت عشرات البلدات والقرى وهجروا 630 الف من السكان العرب،واصلوا مسلسل مجازرهم الوحشية حتى كتابة السطور، بدءاً بمجزرة دير ياسين ، وكفر قاسم ، وبحر البقر، واللد، وخان يونس، وصبرا وشاتيلا،وقانا،وجنين،ونابلس وغيرها وليس انتهاء بما يجري في غزة والضفة الغربية حاليا، ومعظم ضحاياهم من النساء والأطفال والمدنيين الأبرياء العزل وهذا هو ديدنهم على الدوام،ليس هذا فحسب فقبل بضع سنين كشف البروفيسور اتشيلاب جودين ، اضافة الى أستاذة الانتربولوجي نانسي شيبا، عن جريمة تهريب 25 ألف طفل أوكراني من كييف الى(إسرائيل)واستخدامهم كقطع غيار بشرية الأمر الذي دفع "صحيفة هاآرتس"الصهيونية أنذاك الى وصف تصريحاتهم بأنها معاداة للـ شامية - عفوا - السامية وهي التهمة التي يوصم بها كل من يفضح إجرامهم وفسادهم الذي طبق الأفاق وزكمت من رائحته النتنة الأنوف ، وبرغم محاولة الصحفي السويدي رونالد بوش، التخفيف من وقع الفضيحة وحرف بوصلتها إلا أنه لم يتمكن من انكار عبث الصهاينة بجثث الأسرى والشهداء الفلسطينيين وبيع أعضائهم للمستشفيات المتخصصة بزراعة الأعضاء البشرية وأشهرها موجود في دولة الكيان المسخ !
بعد سويعات من مجزرة "النصيرات " نشر الناشط اليهودي الأمريكي،ماكس بلومنثال،على منصة إكس( تويتر سابقا) صورة لرهينة اسرائيلية تدعى نوعا ارغماني، تمكنت قوات الاحتلال من الافراج عنها وهي بكامل صحتها، لينشر الى جانبها صورة لمحتجزين فلسطينيين كان قد أفرج عنهم سابقاً من معسكر الاعتقال "سدي تيمان "وهم في حالة يرثى لها وبكل ما تعني الكلمة من معنى ما يعكس مدى البون الشاسع بين انتهاكات حقوق الاسرى والسجناء داخل معتقلات وسجون الاحتلال الغاصب،مقابل حسن معاملة الرهائن والأسرى لدى المقاومة الفلسطينية الباسلة ،وبما وثقته عشرات الصور والمقاطع الفيديوية التي بثت للرهائن ممن سبق الافراج عنهم في عملية تبادل الاسرى أثناء الهدنة المؤقتة الماضية وهذا عين ما جرى مع الرهائن الاربعة الذين اطلق سراحهم مؤخرا وهم كل من نوعا أرغماني (25 سنة)،وألموع مئير (21 سنة)، وأندري كوزلوف (27 سنة )، وشلومي زيف (40 سنة) وفقا لفرانس برس، وكلهم كانوا بصحة جيدة باعتراف المتحدث الرسمي باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، عبر تغريدة له على منصة "إكس" على النقيض تماما مما يحدث داخل سجون الاحتلال حيث بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين حتى 1/2/2024 ما يقرب من 8926 أسيراً،بينهم 2084 أسيراً محكوماً،و2752 أسيراً موقوفاً، و3484 أسيراً إدارياً يتعرض معظمهم الى الإهمال الطبي المتعمد والتعذيب الممنهج وفقا لـ مؤسسة الدراسات الفلسطينية، اضافة الى شح المياه ، وتقليص مرات الاستحمام ،ومنع تغيير الملابس، والاكتظاظ الهائل داخل الزنزانات، والحرمان من الحركة،وانعدام النظافة الشّخصية، وكلها عوامل أسفرت عن انتشار الامراض والأوبئة بين السجناء ، وفقا لنادي الاسير الفلسطيني، أما عن حملات الاعتقال والمداهمة المستمرة فعادة ما ترافقها عمليات تنكيل وضرب مبرح واهانة واذلال تشمل الجميع بمن فيهم الأطفال، وكبار السن، والنساء، اضافة الى مئات الأسرى السابقين المحررين الذين أمضوا سنوات في سجون الاحتلال قبل أن يعاد اعتقالهم مجددا بحسب روسيا اليوم،فيما كثفت السلطات الإسرائيلية وعلى نحوٍ واسع استخدام الاعتقال الإداري ضد الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة"بحسب منظمة العفو الدولية ، ولعل من مظاهر التعذيب الجسدي والنفسي داخل سجون الاحتلال هو التفتيش اليومي القاسي المصحوب بالضرب بالهراوات، والرش بالغازات، وتعصيب الأعين، وارغام الاسرى على ارتداء الحفاضات بدلا من دخول الحمامات، وتعرية بعضهم شتاء ، كل ذلك وسط صمت شبه مطبق لأجهزة إعلام الأنظمة العربية وعدم التطرق لأوضاع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال إلا لماما ومرد ذلك ولاشك هو الآف مؤلفة من القابعين ظلما وعدوانا داخل سجون الانظمة العربية إما بفعل الدعاوى الكيدية أو بتهمة المعارضة السياسية أو بفعل المخبر السري أو لأسباب طائفية وقومية وسياسية وفي ظروف لاتقل سوءا عن نظيراتها الصهيونية ولأن حديث وسائل الاعلام العربية عن معاناة الاسرى الفلسطينيين تعني بأن افيخاي ادرعي،وايدي كوهين، سيفضحون ملف السجون العربية وينشرون غسيلها القذر على الملأ حيث يقبع عشرات الالوف من الابرياء داخلها ومنذ سنين طويلة .
ولا غرو أن مصادرة الأراضي،وعنف المستوطنين ،وهدم المنازل،والنقل القسري للسكان،والاستخدام المفرط للقوة والتعذيب ، والقيود المفروضة على الإعلام ،واستهداف النشطاء والصحفيين واحتجاز الأطفال ، يقابله تعرض المدافعين لحقوق الإنسان ممن يلفتون الانتباه الى كل هذه الانتهاكات الى الافتراء والتجريم وفقا للامم المتحدة ، أما عن أبرز السجون الصهيونية فهي سجن غزة المركزي وقد اغلق عام 1994،اضافة الى سجن تلموند، وسجن نفحة،وسجن الدامون، كذلك سجن بئر السبع المركزي، وسجن عسقلان،وسجن الرملة ، وسجن النقب،وسجن كفار يونا،ومعتقل المسكوبية،وسجن عوفر وجلبوع حيث يتعرض السجناء والمعتقلون داخلها الى أبشع أنواع التعذيب والتجويع وسوء الرعاية الصحية فيما تحتجز السلطات الإسرائيلية جثامين الأسرى الذين قضوا في السجون لاستخدامها بمفاوضات إخلاء جنودها الأسرى أو لغرض الاتجار بالاعضاء البشرية بحسب مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان .
بعض الاسرى الفلسطينيين محكوم عليهم بالمؤبد = 99 عاما وفقا للقانون العسكري الإسرائيلي وقد حكم على بعض الاسرى بمؤبد واحد أو بعدة مرات يتقدمهم عبد الله البرغوثي، المحكوم بـ 67 مؤبدا ولعل من اخطر انواع الاعتقال داخل الكيان ما يعرف بالاعتقال الإداري وهو اعتقال بدون تهمة أو محاكمة بناء على دعاوى كيدية ولا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها ويمكن تجديد أمر الاعتقال مرات عدة وقد اصدر الاحتلال الاف الاوامر الادارية ولاسيما خلال الانتفاضات والتظاهرات والاحتجاجات الشعبية لترهيب الفلسطينين ، ولاشك أن "معركة الأمعاء الخاوية" تعد المعركة الأشرس التي يخوضها الاسرى في سجون الاحتلال وتتمثل بامتناع المعتقل عن تناول الطعام والشراب باستثناء الماء والقليل من الملح وفقا لوكالة الانباء الفلسطينية،وشعارهم في ذلك هو (نجوع ولكن لن نركع..فمن الجوع نصنع صمودا) وأول إضراب عن الطعام في سجون الاحتلال احتجاجاً على سوء المعاملة كان في سجن نابلس عام 1968أما أول شهيد بإضراب الطعام فهو عبد القادر أبو الفحم، في سجن عسقلان في تشرين الثاني / 1970 ، ويعد اضراب نيسان / 2012 في ذكرى"يوم الأسير الفلسطيني" أشهر اضراب قام به 1500 أسير في سجن عسقلان، يليه اضراب نيسان 2014 احتجاجاً على الاعتقال الإداري بمشاركة 220 أسيراً.
ولاشك أن المقاومة الفلسطينية الباسلة تسعى من خلال احتجاز الرهائن الى "تبييض السجون الإسرائيلية"،أسوة بعمليات تبادل أسرى سابقة كان من أشهرها ما يعرف بـ" عملية الجليل" في أيار 1985، والتي أفرج الاحتلال بموجبها عن1150 أسيراً فلسطينيا كان من أبرزهم الشيخ أحمد ياسين،مقابل إطلاق سراح ثلاثة من جنوده بحسب تي ار تي،اضافة الى صفقة "وفاء الأحرار"،التي أطلق بموجبها عن الأسير جلعاد شاليط ، مقابل تحرير 450 فلسطينيا يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد، وتحرير جميع الاسيرات الفلسطينيات وكبار السن والمرضى في سجون الاحتلال .
وختاما" لا للظلم والاستبداد والطغيان، ونعم لتبييض السجون من الأبرياء والمظلومين يا مسوخ صهيون". اودعناكم اغاتي
2228 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع