غريب دوحي الناصر
أخطاء الاطباء وعقوباتهم عبر التاريخ
" انه مات بسبب اختلاف الاطباء "،هذه العبارة وجدت مكتوبة على شاهدة قبر في روما أيام عصرالامبراطورية الرومانية نظراً لما يقوم به الطبيب من دور هام في حياة الأفراد والجماعات لكون الناس يعدون الاهتمام بالصحة من الأمور التي تحقق لهم الاستمرار بالحياة فقد اولت السلطات منذ القدم في بابل ومصر واليونان وروما اهتماماً بالطب ووضعت القوانين والتشريعات التي تنظم العلاقة بين الطبيب والمريض .
ففي مصر الفرعونية وضعت السلطات تعاليم طبية في كتاب اسمه(السفر المقدس) واذا خالف الطبيب تعاليم هذا الكتاب فإن عقوبته الاعدام .
وفي بابل نصت المادة (218)من قانون حمورابي: "اذا طبيب اجرى عملية خطرة لسيد بحربة برونزية وتسبب في وفاة السيد فعليهم ان يقطعوا يده ..." .اما في اليونان فقد وضع (ابو قراط ) قسمه المشهور الذي سمي بقسم (ابوقراط)والذي لا يزال الاطباء يقسمون به حتى اليوم ومنهم اطباء العراق ويذكر التاريخ ان الاسكندر المقدوني امر باعدام طبيبه الخاص لأنه تسبب
في وفاة احد قادته العسكريين .وكان للفيلسوف اليوناني (افلاطون )مقولة
جاء فيها : " اان الاطباء يأخذون اجورهم سواء شفوا المريض او قتلوه" .
ووضع الرومان قانوناً اسمه(القانون العام على الاطباء )يقضي بأنه اذا
مات مريض بسبب عدم عناية الطبيب فان الطبيب هذا يسلم الى عائلة
المتوفي ويترك لهم الخيار بين قتله او اتخاذه عبداً.
اما في ايام الدولة العباسية فقد امر الخليفة الرشيد ومن بعده المقتدر على
امتحان أطباء امتحاناً عملياً ونظرياً ومن يفشل في هذا الامتحان تسحب
اجازته ويمنع من ممارسة مهنة الطب باعتباره مشعوذاً وليس طبيباً.
الطب في العصر الحديث
الطب في العراق: ( وهنا تسكب العبرات )على حد قول المعممين وقد
سكبنا من العبرات ما يكفي لتكوين محيطات ,ولكن دون جدوى .
يعاني الطب في العراق من مشاكل مزمنة تقف وزارة الصحة أمامها
موقف العاجز عن ايجاد حلول ملائمة مثل: رداءة المستشفيات وقلة
الادوية وانعدام او قلة الاجهزة الطبية ومسألة الكادر الطبي بالاضافة الى
المشاكل الناجمة عن الانفلات الامني الذي يعرض بعض الاطباء الى
الاعتداء عليهم من قبل ذوي المرضى لهذا يضطر المواطن العراقي الى
مراجعة المستشفيات الاهلية او الذهاب الى ايران او الهند او اربيل رغم
التكاليف الباهظة و رغم لذلك تعتبر البيئة الصحية في العراق بيئة طاردة
,ومن المؤسف ان الكثير من اطباء العراق يتعاملون مع المواطن على انه
مجرد رقم يكسب منه المال ,وليس هناك منهم مراعاة لخط الفقر الذي
يعاني منه المجتمع العراقي الذي يبلغ نسبة كبيرة .
في خمسينيات القرن الماضي كان في العشار عدد من الاطباء يعالجون
الناس مجاناً كل يوم أحد ومنهم: يعقوب بني ..مسيحي-الدكتور جاك عبود.. يهودي - الدكتور كشيشان ..مسيحي ـ الدكتور شمس الدين النقيب ..مسلم .، الدكتور كامل عباس الدوركي ـ مسلم .انهم ليسوا اطباء فقط بل كانوا رسل الإنسانية بحق !
فهل ترى اليوم طبيباً عراقياً في البصرة او غيرها يعالج الناس مجاناً
باستثناء طبيب واحد وقد علق وقد علق على مدخل عيادته لافته مكتوب
عليها ((..العلاج مجاناً للفقراء ..)) وهو دكتور (دريد احمد التميمي ) ,
وعرفت طبيباً امتاز بكفاءته العلمية وتعامله الانساني وهو الدكتور (احمد
دواي الحجاج).
السياسة الحكومية في العراق
في الخمسينيات وستينيات القرن الماضي كانت سمعة وشهرة الطبيب
العراقي تملأ الآفاق ففي الستينيات سمعنا ان وزير الصحة البريطاني كان
طبياً عراقياً وقد عرفنا ذلك من خلال تداول اسمه في وسائل الاعلام
المختلفة .
لقد تأسست كلية في بغداد عام 1927 وكان اول عميد لها هوالدكتور(سندرسن باشا ) الطبيب الخاص للملك فيصل الاول وكانت
تخرج أعدادا من الاطباء العراقيين المعروفين بالكفاءة العلمية والأخلاق
العالية . الا ان التدهور بدأ منذ انقلاب شباط وحتى اليوم .وإذا اخذنا سياسة الحكومة العراقية بنظر الاعتبار تجاه القضايا الاقتصادية والطبية فسياستها مبهمة فلا هي رأسمالية لكي تقوم بما يسمى بـ ( التأمين الصحي) ولا هو بالنظام الاشتراكي لكي تبادر الى تأميم الصحة وتقوم بإلغاء العيادات الخاصة للاطباء بحيث يكون العلاج في المستشفيات الحكومية فقط وهذا من صالح الطبقات الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود.
1021 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع