نزار جاف
الاهم من الرد الايراني على مقتل زاهدي
هناك ثمة توجه واضح لأغلب المراقبين السياسيين مبني على أساس إن الرد الايراني على الضربة الاسرائيلية الاخيرة للقنصلية الايرانية في دمشق، لن يکون مستعجلا وقد يتطلب سقفا زمنيا أطول من المعتاد.
کما يتم وصف صبر البدوي بالطويل وحتى ضرب به المثل بأن سألوا بدويا بعد 40 عاما على مقتل والده، متى سيثأر لولاده، فأجاب بأنه لازال يفکر، فإن الصبر الايراني أيضا طويل وملفت للنظر وحتى إن المثل الفارسي المعروف"يذبح البعير بقطنة ويفتح نفقا في الجبل بأبرة"، يشير الى هکذا معنى، ولاغرو فإن الايرانيين عامة ليسوا إنفعاليين وسريعوا الغضب کالعراقيين بشکل خاص والعرب بشکل عام، بل هم يتأنون کثيرا ولايتخذوا قرارا مستعجلا قد يندمون عليه.
إسرائيل لأکثر من مرة قد إستفزت النظام الايراني المعروف بشعاراته ومواقفه المتشددة من الدولة العبرية والتي وصلت الى حد ضرب القنصلية الايرانية في دمشق والتي قتل فيها محمد رضا زاهدي، قائد فيلق القدس في سوريا ولبنان، الذي وصفه خبر نقلته وکالة ميزان الناطقة بإسم السلطة القضائية الايرانية، عن" مجلس ائتلاف قوى الثورة الإسلامية"المحسوب على التيارات المتشددة، يوم الاربعاء الماضي، بأنه کان المخطط لطوفان الاقصى، لکن الملفت للنظر إن ردود الفعل الايرانية العملية وليست النظرية، بطيئة جدا الى حد الملل.
الردود البطيئة والمملة والصبر الطويل في الرد على العمليات والهجمات الاسرائيلية الاستفزازية، والذي تصفه وسائل الاعلام الايرانية نقلا عن القادة الايرانيين بالصبر الاستراتيجي، لم تعد تقنع المراقبين والمحللين السياسيين ولاسيما بعد ماحدث وجرى مع الرد على مقتل قاسم سليماني والضجة السياسية ولاعلامية غير العادية في طهران التي أعقبت ذلك، والذي جاء باهتا ولم يتمکن أبدا أن يکون مجسدا وفي مستوى کل تلك الضجة.
لو وضعنا جانبا القدرات المتواضعة نسبيا للنظام الايراني مقارنة بتلك التي تمتلکها إسرائيل وصعوب مواجهة طهران لتل أبيب، فإنه لايمکن التصور أبدا بأن القيمة والوزن الاعتباري لمحمد رضا زاهدي، ستکون أکبر من وجهة نظر النظام الايراني أکبر من تلك التي لقاسم سليماني، ولذلك من غير المعقول توقع ردا کبيرا غير عاديا بمستوى تفجير الاوضاع وفتح الجبهات کلها بوجه اسرائيل، لکن وفي نفس الوقت ولأن الکثير من الآراء ووجهات النظر والتحليلات في وسائل الاعلام الاقليمية والعالمية وعلى مستوى وسائل التواصل الاجتماعي ومن ضمنها إيرانية، سخرت ضمنيا من الردود الايرانية على الهجمات والنشاطات الاسرائيلية ضد النظام، فإن الاخير قد يسعى لرد أشد وطأة من تلك التي قام بها ثأرا لقاسم سليماني، مع الاخذ بنظر الاعتبار إحتمال تضخيم سياسي وإعلامي غير عادي له.
الملاحظة التي يجب على النظام الايراني الانتباه لها وأخذها بنظر الاعتبار والاهمية القصوى، والتي يمکن إعتبارها حتى أهم من التصورات المختلفة للرد على إسرائيل، هي إن ضرب القنصلية الايرانية في دمشق بقدر ماکان مٶلما للنظام ولاسيما لخامنئي ذاته، فإنه کان مفرحا لقطاع عريض من الشارع العربي، وهو أمر لانختلقه بل لمسناه بکل وضوح وهي تعتبر تجسيدا لواقع النظرة العربية الشرئبة بالسخط والغضب من الدور غير المريح لطهران في عموم المنطقة، ومن إن الهدف الاساسي لطهران لم يکن لحد الان سوى الدول العربية وليس اسرائيل خصوصا وإن الشارع العربي ممتعض أشد الامتعاض من إستخدام طهران المفرط للاذرع العربية للإنتقام والثأر لعناصر ورموز تابعة لها.
الحقيقة الاهم التي على النظام الايراني معرفتها هي إن الشارع العربي ليس يتشفى بإيران حبا بإسرائيل أو ماشابه لها ولکن لأنها صارت ترى وتلمس واقع وحقيقة الکذب الذي يمارسه هذا النظام منذ 45 عاما بزعم إنه يريد محو إسرائيل من الوجود، في حين تقف مبهوتة حتى أشبه بما تکون عاجزة وتضرب أخماسا بأسداس وهي تفکر في الرد الذي طال وسيطول إنتظاره، في وقت تسارع فيه لإمطار أربيل بصواريخها بزعم تواجد مقرات إسرائيلية فيها!
1291 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع