عائشة سلطان
كيف تغيرت ذائقة الناس؟
ما الذي يجعل الناس تحب عملاً فنياً أو أدبياً بعينه دون غيره من الأعمال، خاصة وأن ما تضخه المطابع وتنتجه شركات الإنتاج الدرامي والسينمائي كثير جداً وبما لا يقاس؟
إن الجمهور في نهاية الأمر لا يُقبل على كل شيء، إنما يتعلق بكتب معينة، وتستهويه روايات محددة، ويعجب بأفلام ذات مواصفات قيمة وممثلين معينين، ودعوني استدرك هنا فيما يتعلق بنوعية الجمهور، فأنا لا أعني الأطفال والمراهقين، لأن هؤلاء فئة لها تصنيفها الخاص، الذي لا يدخل في حسابات التقييم الجماهيرية لاعتبارات معروفة!
أظن أن الجمهور في كل زمان ومكان لديه تفضيلاته وكل شركات الإنتاج تغازل تلك التفضيلات أو الاحتياجات عبر الأعمال التي تعزف على أوتار محددة، كان ذلك منذ اخترع التلفزيون واخترع ما عرف بمسلسلات الصباح التلفزيونية الأمريكية التي قدمت منذ أكثر من 70 عاماً لجمهور النساء وربات المنازل لشغل أوقاتهن وحتى اليوم، إلا أن الفرق يكمن في تطور وعي واحتياجات هذا الجمهور، فما كانت تفضله المرأة التي لم تكن تعمل وتقضي وقتها في الثرثرة والتسوق واحتساء القهوة مع صديقاتها، يختلف عما أصبحت تفضله المرأة التي تعلمت وقرأت وتطور كل شيء حولها وخرجت للعمل والحياة.. ومثل المرأة الرجل والطفل والشاب والمراهق.
إن تطور الوعي الفردي والجمعي في المجتمعات كلها، يفرض على مقدمي الخدمات ورسائل الفن والإعلام كما فرض على مقدمي البضائع والسلع، أن يراعوا ذوق وذائقة واحتياجات وثقافة الجمهور، وأن لا يتعاملوا معه باعتباره ذلك الجمهور الساذج أو قليل المعرفة أو عديم التجارب! خاصة وقد تغير كل ما يحيط بنا في الحياة، وامتلك الإنسان القدرة والحق في فحص المعروض أمامه، وإبداء رأيه فيه وبصوت عالٍ عبر صفحات وقنوات التواصل الاجتماعي، كما له الحق في أن يقبل الكتاب والرواية والمسلسل والفيلم والمحاضرة والندوة والمشروع الثقافي وغير الثقافي، أو أن يرفض كل هذا لأنه لا يلبي احتياجاته أو لا يتفق مع مستوى عقله وثقافته، كل هذا يجب أن يوضع في الحسبان لدى صانع ومنتج الثقافة والفن والإعلام الجماهيري قبل أن يقدمه للناس.
1129 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع