ضرغام الدباغ
العدد : 364
التاريخ : آذار / 2024
معلومة متأخرة ..... ولكنها مفيدة ...!
( صورة الغلاف: كانت الطائرة السوفيتية MiG-15 قادرة على التحليق على ارتفاع أعلى بمقدار 4000 متر من الطائرة B-29 وحماياتها من المقاتلات، مما كان يضعها في موقع هجوم مثالي ).
الحرب الكورية : " الحميس الأسود "، كيف أنهى الطيارون السوفيت الهيمنة الجوية وأسقطوها من الأجواء الكورية.
تقرير من كتابة : غيرنوت غرامبر / Gernot Kramper
ترجمة : ضرغام الدباغ
الناشر: مجلة شتيرن اون لاين (STERN onlain)
كانت طائرات السلاح الجوي الأمريكي، تفرض هيمنتها في الجو، إلى أن زج الاتحاد السوفيتي بطائراته الحديثة (ميك 15 Mig) في الحرب الكورية، والحقوا الهزائم المذلة بالأمريكيين.
ويطيب للحلفاء الغربيين أن يفترضوا في الحديث عن سيطرة جوية، وتفوق في الجو على الطائرات والطيارين الروس. ولكن في الواقع، لم تحدث مواجهات / قتال منذ سنوات طويلة، ففي الحرب العالمية الثانية، كان الطيارون الألمان قد سجلوا تفوقاً واضحاً على الحلفاء سواء كانوا غربيين أم روس. وكان الطيار الألماني أيرش هارتمان قد سجل 352 انتصاراً جوياً، أو الطيار الألماني غيرهارد باركهورن الذي سجل 301 انتصاراً جوياً، أو الطيار الالماني غونتر رال 301 انتصاراً جوياً،
ومقابل هذه المنجزات في القتال الجوي، لم يسجل طيارو الغربيين من الحلفاء، منجزات تستحق الذكر فيما كان سجل الطيارون السوفيت أفضل إذ سجل الطيار السوفيتي ديمتري غولايف 60 انتصاراً جوياً، والطيار السوفيتي الكسندر بوكرشكين 59 انتصاراً جوياً، بينما لم يسجل أفضل طيار غربي، الطيار الأمريكي ريتشارد بونغ، سوى 40 انتصاراً جوياً.
كان الطيارون الأمريكان والسوفيت قد قاتلوا خلال الحرب العالمية الثانية جنباً إلى جنب كحلفاء، ولكنهم تواجهوا في كوريا كأعداء والنزالات الجوية انتهت بصدمة للولايات المتحدة، ولا سيما تلك المواجهة المؤلمة للأمريكيين بما سمي ب " الخميس الأسود " 12/ نيسان / 1951.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية ومن أجل تجنب الخسائر الكبيرة في القوات الأرضية، قد عمدت إلى استخدام كثيف للقوات الجوية، وعلى القصف الجوي، وقد أقلعت بهذا الهدف 3 أسراب من قاذفات القنابل (B-29 Superfortress) التي كانت الطائرة الأحدث في الحرب العالمية الثانية، وبهذا النوع من القاصفات، ألقت الولايات المتحدة قنابلها النووية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في اليابان عام 1945،
في ذلك الوقت، لم تكن الأسلحة، الطائرات والمدافع المضادة للطائرات، قادرة على مواجهة الطائرة بسبب ارتفاعها، وفيما يتعلق بالحرب في كوريا، كانت القوات الجوية أكثر حذراً إذ وفرت لأسراب القاذفات، مجموعة من الطائرات المقاتلة كحماية لها في أداء مهامها، وقدرت قوة المقاتلات بنحو 100 طائرة مقاتلة من طرازات : F-80 Shooting Star و F-84.
كانت وقائع الحرب تتجه لتسجيل أول معركة جوية / بطائرات نفاثة في التاريخ، ففي 1 / تشرين الثاني / نوفمبر / 2/ 1950، تقابلت 10 طائرات أمريكية من طراز F-80، بثلاث طائرات سوفيتية من طراز ميغ 15، طائرة أمريكية واحدة اضطرت للعودة إلى قاعدتها بسبب نقص الوقود، وخلال المواجهة تمكن الطيارون السوفيت من التفوق على الطائرات الأمريكية، فقد هاجم الملازم الطيارسميون خوميتش، بمفرده سرباً من الطائرات الأمريكية وتمكن من إسقاط طائرة F-80 قتل قائدها الملازم فرانك سيكل، كما الحق الضرر بطائرتين أمريكيتين أخرى، ولكن السوفيت لم يتمكنوا من مواصلة المعركة بسبب نفاذ الوقود في طائراتهم . وانتهت أول معركة جوية في التاريخ بهزيمة واضحة للأمريكيين.
بعد ذلك تعرض سرب القاذفات الامريكية وصار أسمه "سرب الخميس الأسود " إلى هجوم مؤلف من 3 أسراب طائرات سوفيتية ميغ 15، وتمكن طيار سوفيتي سيرغي كرامارينكو وهو من طياري الحرب العالمية الثانية، قدم متطوعا للحرب الكورية، من إسقاط طائرة أمريكية F-84 Thunderjet
ومثله عدد من الطيارين الروس جاؤا متطوعين للحرب الكورية. وكانت الطائرات السوفيتية تحمل علامات ومؤشرات كورية، وربما حاولوا استخدام شفرة كورية للمكالمات بينهم، إلا أن ذلك لم ينجح في المعارك، وأدرك الأمريكيون أن من يواجههم هم الطيارون السوفيت.
كانت المقاتلات الأمريكية من طراز (F-80 Shooting Star وF-84 Thunderjet) أدنى بكثير من الطائرات السوفيتية من طراز (MiG-15)، ولكن الوضع تغير مع الطائرة الأمريكية الأحدث سابر (F-86 Sabre)، التي كانت أكثر قدرة على المناورة، ولكن بقدرة تسليحية اضعف من طائرة الميغ 15 السوفيتية التي كانت تتمتع بقدرة نارية أكبر.
وخلال الحرب العالمية الثانية، أحالت أسراب القاذفات الأمريكية المدن الألمانية إلى ركام ورماد، وقد تدرب السوفيت على التصدي لهذه القاذفات، ، للقضاء على أسراب القاذفات الأمريكية، وفي إنتاج طائرة اعتراضية قوية لذلك صمموا الطائرة النفاثة ميغ 15، التي بوسعها التسلق أسرع وأكثر ارتفاعاً، من الطائرات الأمريكية، وتبلغ ارتفاعاً قدرة 4000 متر أعلى من الطائرة الأمريكية F-84 Thunderjet.
وبالطائرة ميغ 15، هاجم السوفيت، أسراب القاذفات الأمريكية من طراز B-29 من الأعلى، في هجمات جماعية بأعداد كبيرة من الطائرات، وبلغوا سرعات لم تتمكن المقاتلات الأمريكية أن تجاريها.
وقال الطيار السوفيتي كراماربنكو، أن القاذفات الأمريكية كانت هدفاً سهلة لمقاتلاتنا، ولكن بداية القتال علينا تشتيت طائرات الحماية، ومن ثم الانقضاض على القاذفات. وفي يوم " الخميس الأسود " استطعت التعرف على طائرة قائد السرب الأمريكي في سرب Thunderjet، وفتحت النار عليها، ومرت طلقاتي بالقرب من ذيل الطائرة، إلا أن الطقات الثانية أصابت الهدف بالضبط، وبدأ الدخان يتصاعد من الطائرة الأمريكية F-84 وبدأ بالسقوط، وأشرت بأصابعي لملاحقة الطائرة، إذا كان المقاتلون الأمريكان، يحاولون فك التماس، والخروج من القتال، كما لم يعد بوسع الطيارين الأمريكان أن يفكروا بحماية الطيارين القافزين بالمظلات. ".
ويواصل الطبار السوفيتي حديثه " لقد حلقنا فوق القاذفات B-29، وفتحت طائراتنا الميغ 15 النار على ما كانوا يطلقون عليها " القلاع الخارقة "،وفقدت إحدى قاذفاتهم جناحها، وتحطمت الطائرة إلى قطع متناثرة في الجو، كما اشتعلت النيران في ثلاث طائرات أمريكية أخرى، مما أضطر طياروها مغادرة الطائرات والقفز بالمظلة. وهكذا كنت تشاهد عشرات المظلات معلقة في السماء، كان القتال حام الوطيس، إذ سقطت أربع قاذفات أخرى " شيئ واحد كان ينقذ الطائرات الأمريكية وهو بدنها المصفح، فقد كانت الطائرة B-29 تصمد امام رصاص رشاشاتنا من الميغ 15، وقد وجد في بدن إحدى قاذفاتهم 100 ثقب، ولكن الطائرة لم تصب بأضرار جسيمة. ما لم تصب مقدمة قمرة الطائرة ".
ادعى السوفيت أنهم أسقطوا 12 قاذفة قنابل أمريكية وخمسة مقاتلات أمريكية، والولايات المتحدة أعلنت من جانبها، أنها فقدت3 طائرات، و7طائرات لحقت بها أضرار جسيمة.
ثم دارت معارك متواصلة على طول منطقة عمليات الطائرات السوفيتية ميغ 15 فوق نهر يالو. وفي يوم 23 / تسرين الأول ــ أكتوبر / 1951، تواجه الطيارون من كلا الجانبين، في اشتباك جوي هو الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، وكان السوفيات قد شرعوا في بناء مطارات في الجنوب، مما كان سيؤدي إلى توسيع نطاق عملياتهم الجوية، لذلك تقرر أن تقلع 9 طائرات قاذفة من طراز B-29 بحماية مكثفة من الطائرات المقاتلة، ولكن طائرات الميغ 15 تدخلت، وجرت اشتباكات، سقطت فيها 3 قاذفات أمريكية وعادت 6 طائرات إلى قاعدتها في جزيرة اوكيناوا اليابانية. وهذه النسبة في الخسائر تحدث للمرة الأولى في تاريخ القوات الجوية الأمريكية في مهمة واحدة.
لم يتغير الموقف، إلا حين أمر ستالين بسحب الطيارين السوفيت من سماء كوريا، وتولى طيارون أقل تدريباً من الصين وكوريا قيادة الطائرات.
2242 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع