بقلم أحمد فخري
رواية الطائرة المنكوبة /الجزء الاول
اقلعت طائرة ركاب تابعة لشركة مصر للطيران من نوع ايرباص 320 من مطار اثينا الدولي مع الساعة السابعة صباحاً من يوم السبت المصادف العاشر من حزيران 2023 وعلى متنها 272 راكباً متجهة الى مطار القاهرة الدولي. دامت الرحلة ساعتان الا خمس دقائق. اتصل قبطان الطائرة محمود الدسوقي ببرج السيطرة الجوية لدى مطار القاهرة طالباً منهم الاذن بالهبوط فمنحه مراقب الحركة الجوية الاذن لينزل على المدرج رقم 32 يساراً. انزل القبطان عجلات طائرته وحط بها بسلام وبالشكل المألوف ثم تتبع ارشادات السيطرة الارضية ليقودها الى مستقرها في موقع الوصول. فتح القبطان حزام الامان وانحنى بجذعه كي يحاول ايقاظ مساعد الطيار سامي فودة لكن المساعد كان بلا حراك. وضع اصبعين على رقبته فلم يستشعر بنبض القلب. ترك مقعده وفتح باب قمرة القيادة كي يستدعي المضيفين والمضيفات حتى يساعدوه في انعاش مساعد الطيار لكنه اصيب بالصدمة عندما رأى جميع طاقم الطائرة مستلقين على الارض بلا حراك. رفع رأسه لينظر الى ركاب الدرجة الاولى فوجدهم جميعاً ملقين رؤوسهم على اكتافهم. سار بالممشى ووضع اصبعه على رقاب عينة منهم ذات اليمين وذات الشمال ليجد انهم جميعاً اموات وبلا نبظ. مشي ببطئ شديد نحو قمرة الدرجة السياحية ليشاهد جميع من فيها مستلقين على كراسيهم مسدلين رؤوسهم على اكتافهم. اصيب القبطان بالدهشة لكنه علم ان اول شيئ عليه فعله هو رفع تقرير بذلك الى سلطة المطار. رجع الى قمرة القيادة وامسك بمكرفون اللاسلكي وقال،
"انتباه عاجل، انتباه عاجل، انتباه عاجل، لدينا حالة طوارئ من الدرجة القصوى، اطلب من السيطرة الارضية احضار طاقم طبي الى الطائرة على وجه السرعة فجميع ركاب الطائرة قد فارقوا الحياة وانا الناجي الوحيد".
<<<<<<<<<<
بنفس اليوم ومع الساعة الحادية عشر والنصف صباحاً بحي المهندسين في القاهرة. انهمكت غادة باعداد حقائب السفر بينما راحت ابنتها ميادة تحضر لعبها وتسلمها لامها كي تضعها بداخل الحقائب استعداداً للرحلة التي ستنطلق بعد قليل. اما رب الاسرة عبد الناصر فكان بمراب السيارة يتفحص زيت المحرك وزيت مكابح العجلات كي تصبح الرحلة آمنة دون منغصات. وبعد ما يقرب من 45 دقيقة اكملت غادة مهمتها واغلقت جميع الحقائب الثلاثة بصعوبة بالغة لانها امتلأت بالملابس واللوازم التي سيحتاجونها في اجازتهم المرتقبة الى مدينة الاسكندرية الساحلية. نزلت الى المطبخ لتعد بعض الشطائر التي سيأكلونها اثناء الرحلة. هنا اقترحت عليها ابنتها ان تأخذ معها اكياساً من البطاطا المقرمشة وبعض قطع الشوكولاطا كي تستمتع بها اثناء الرحلة. وبينما باشرت غادة بوضع الشطائر في اكياس بلاستيكية شفافة دخل عليهم عبد الناصر وقال،
عبد الناصر : لقد فرغت من فحص السيارة وهي الآن على احسن حال. سوف نملأها بالوقود من 6 اكتوبر قبل ان نسلك الطريق الخارجي.
غادة : الحقائب كلها جاهزة والشطائر وضعتها بالاكياس واضفت اليها 6 علب كولا باردة من الثلاجة كي نشربها في الطريق.
عبد الناصر : زيديهم اثنان لان الجو ساخن اليوم وسنعطش بالطريق. لا تنسي المناديل المبللة.
غادة : عفاك حبيبي، كنت سانساها. ساضيفها الآن.
عبد الناصر : هل وضعت سروال السباحة الازرق الذي اشتريته مؤخراً؟
غادة : اجل وضعته ولكن اياك ان تجعل عينيك تزوغ يمين شمال بين الحسناوات على البلاج.
عبد الناصر : ايعقل ذلك، وانا املك ملكة جمال تجلس الى جانبي؟
غادة : كم انت مراوغ.
ميادة : دعونا نبدأ الرحلة يا ابي ويا امي فانا لم اعد احتمل حديث الغيرة الممل كعادتكما كل يوم.
عبد الناصر : سنذهب الآن يا ميمي. هل اخذت كل لعبك المفضلة؟
ميادة : اخذت نونو ودعبس وتومي.
عبد الناصر : هذا جيد، اعتقد ان ثلاثة لعب تكفي. هيا الى السيارة إذاً. وانتِ يا غادة، لا تنسي غلق قنينة الغاز ومفتاح الكهرباء الرئيسي.
غادة : لقد فعلت ذلك مسبقاً. دعنا نتحرك. سأُحكمُ قفل الباب ورائي.
جلس الجميع في السيارة وادار رب الاسرة المفتاح ليسمعوا صوت المحرك يزمجر كالاسد. اعلن عبد الناصر للجميع بصيغة المزاح قائلاً،
عبد الناصر : انا القبطان عبد الناصر بسيوني لشركة عائلة بسيوني للرحلات السياحية يرحب بركابه الكرام في الرحلة المتجهة الى الاسكندرية على الطريق الصحراوي. الرجاء من ركابنا الكرام ربط احزمة المقاعد والامتناع عن النق والكلام الماسخ، وبدلاً من ذلك اللجوء الى الغناء والطرب والقاء النكت الجديدة حتى نصل الى الشاليه على شاطئ الاسكندرية.
غادة : انا ربطت حزامي.
ميادة : وانا كذلك يا بابا. هيا تحرك هيا ولا تضيع المزيد من الوقت.
عبد الناصر : على بركة الله، سنذهب الى محطة البانزين بالقرب من جسر 6 اكتوبر كي نملأ الخزان ثم نتجه شمالاً قاصدين مدينة الاسكندرية ان شاء الله.
بدأت الرحلة الجميلة التي طالما انتظرها الجميع لكن انشغال رب الاسرة حال دون اخذها فأُجِلَتْ لاكثر من سنتين حتى تحصل عبد الناصر على تأكيد من رئيسه العميد ابراهيم حين وعده بان في عام 2023 سيمنحه اسبوعين كاملين من الاجازة دون اي تأجيل.
وصلت السيارة محطة البنزين فامتلأ خزانها بالوقود الى رمته ليتوجهوا بعدها شمالاً. ولما اخذوا الطريق الخارجي سُمِعَ هاتف عبد الناصر الجوال يرن فقالت زوجته،
غادة : يا ساتر يا ربي. ارجو ان لا يكون خبر سوء.
عبد الناصر : لا تقلقي حبيبتي فنحن ذاهبون في اجازة ولن ندع اي شيء يعكر مزاجنا. هذا هو سيادة العميد يتصل بي. ربما يريد ان يسألني عن بعض الامور الادارية وحسب. لا تقلقي ساتحدث معه.
ضغط عبد الناصر على زر فتح المكالمات من على مقود سيارته عبر نظام الـ (بلوتوث) فسمع صوت العميد يقول،
العميد ابراهيم : اين انت يا يوزباشي؟
عبد الناصر : انطلقنا قبل حوالي نصف ساعة وملأنا السيارة بالوقود والآن نحن في طريقنا للاسكندرية.
العميد ابراهيم : استدر فوراً وارجع يا ناصر. هناك قضية مهمة جداً اريدك ان تتولاها انت بنفسك.
عبد الناصر : سيدي، لكنني انتظرت هذه الاجازة منذ سنتين. غادة وميمي يسمعونك عبر سماعة البلوتوث. هم ايضاً يتوقون للذهاب الى الاسكندرية مهما كلف الامر.
هنا تدخلت زوجة عبد الناصر وقالت للعميد،
غادة : هذا امر غير معقول يا بابا. كيف تدمر اجازتنا بهذه الطريقة؟ لقد اعددنا حقائبنا وحجزنا شاليه على البحر.
وتدخلت ميادة من الكرسي الخلفي لتناشد جدها قائلة،
ميادة : جدو حبيبي، انا اريد ان اعوم بالبحر. لقد وعدتنا باجازة طويلة. الم تقل لي بانني حفيدتك المفضلة؟
العميد ابراهيم : اعرف ذلك حبيبتي غادة اعرف ذلك حياتي ميمي فانت حفيدتي الوحيدة لكنني محتاج لناصر كثيراً انها قضية لا يحلها سوى ابوكِ اليوزباشي.
غادة : الا تستطيع ان تكلف بها محقق آخر غيره يا بابا؟
العميد ابراهيم : كلا حبيبتي. القضية كبيرة جداً وقد يحصل من ورائها على ترقية غير مسبوقة.
غادة : لكننا سنخسر ما دفعناه للشاليه في الاسكندرية، فقد بعثت لهم بـ 3000 جنيه عبر الانترنيت.
ميادة : انا لا تهمني القضايا، انا فقط اريد الاجازة فانا ارتدي بدلة السباحة من الآن. ايرضيك ان نعود الى القاهرة دون ان اعوم بالبحر يا جدو؟
العميد ابراهيم : اسمعوا مني جيداً. بعد ان تحل تلك القضية اعدكم بشرفي انني سابعثكم الى جزر الكناري لشهر كامل وعلى حسابي الخاص. ما رأيكم؟
غادة : إن كان الامر كذلك فدعنا نعود للبيت يا عبدو.
عبد الناصر : ساوصلهم سيدي الى البيت ثم سالقاك بمكتبك فوراً.
العميد ابراهيم : لا، لا تذهب الى المكتب. اريدك ان تأتي الى مطار القاهرة الدولي. فالقضية لها علاقة مباشرة بالمطار.
عبد الناصر : حسناً سيدي، مسافة الطريق.
اغلق عبد الناصر الخط مع مديره وقال لركابه.
عبد الناصر : يبدو ان هناك مشكلة بالمطار. ربما هجوم ارهابي او ما شابه.
غادة : اريدك ان تحتاط كثيراً حبيبي. فانا بالكاد بلغت الـ 30 ولا اريد ان اكون ارملة.
عبد الناصر : اي 30 يا ماما؟ انت الآن 35 يا ست الستات.
غادة : اغلق فمك وواصل القيادة يا لئيم.
اوصل ناصر عائلته الى المنزل ثم انطلق ثانية ليلقى رئيسه. ولما وصل اطراف مطار القاهرة شاهد حشداً كبيراً من الناس تجمهروا خارج المطار يبكون ويصرخون وويولولون. علم عبد الناصر ان هناك امر جلل لكنه اوعزه لان يكون حادث سقوط طائرة ركاب. أدخل سيارته بداخل مجمع المطار واوقفها امام المبنى الامني ليجد العميد ابراهيم واقفاً بالخارج يترقب وصوله. صافحه وقال،
العميد ابراهيم : حمداً لله لانك جئت على عجل فالداخلية كلها قد انقلبت رأس على عقب لخبر الطائرة المنكوبة.
عبد الناصر : اي طائرة سيدي؟
العميد ابراهيم : اليوم اقلعت طائرة مصر للطيران في تمام الساعة 7 صباحاً من مطار اثينا الدولي وعلى متنها 272 راكباً متجهة الى مطار القاهرة في رحلة دامت ساعة وخمسة وخمسون دقيقة. قام قبطان الطائرة بانزالها بنفسه في مطار القاهرة بسلام لكنه لاحظ ان مساعده قد غط بالنوم او على الاقل هذا ما كان يعتقده. وبعد ان توقفت الطائرة تماماً في مكانها المخصص لها حاول ان يوقظ مساعده من نومه دون جدوى. ولما وضع اصبعه على رقبته لاحظ ان قلبه قد توقف عن النبظ. اصيب بالارتباك وقرر ان يحضر بعض المضيفات كي يساعدوه على انعاش مساعد الطيار. لكنه فور خروجه من قمرة القيادة ودخوله قمرة الدرجة الاولى فوجئ بان جميع افراد الطاقم من مضيفات ومضيفين مستلقين على الارض. رفع رأسه لينظر الى الركاب فوجدهم جميعاً باماكنهم لا يتحركون وكأنهم نيام. تفحص نبض البعض منهم ليجدهم اموات. علم وقتها ان الجميع قد فارق الحياة. اصيب القبطان بالذهول ورجع الى قمرة القيادة فتحدث باللاسلكي ليخبر السيطرة الارضية بما حصل وانه الناجي الوحيد على متن تلك الرحلة. هرعت سيارات الاسعاف والشرطة وامن المطار ليدخلوا من باب الطائرة التي فتحها لهم القبطان ليدخلوا. في بادئ الامر شكّوا ان الجميع اصيب بفيروس كورونا لكن الدلائل الاولية لم تكن تشير الى ذلك. لذا اخرجوا القبطان معهم خارج الطائرة ليأخذوه الى مبنى امن المطار بينما راح فريق البحث الجنائي الذي وصل بعد اربعين دقيقة ليتولى التحقيق والبحث بداخل الطائرة علهم يجدون تفسيراً لتلك الحادثة الغريبة. الفحص الاولي للطبيب الشرعي لكل الركاب المتوفين يؤكد ان الجميع اصيب بالسكتة القلبية الطبيعية. لكن السكتة القلبية لا تصيب الناس بشكل جماعي، لذا استدعيتك انت يا ناصر لانك افضل المحققين عندي.
عبد الناصر : انه امر محير وعجيب حقاً سيدي. لم اكن اتوقع ذلك ابداً عندما كلمتني بالهاتف.
العميد ابراهيم : ارجو ان لا تكون غادة وميمي قد اصيبا بخيبة امل كبيرة.
عبد الناصر : لا، لا تبالي سيدي. سوف نعوضهم بالرحلة التي وعدتهم بها بعد ان نحل القضية.
العميد ابراهيم : هل لديك اي تفسيرات منطقية اولية؟
عبد الناصر : ابداً سيدي. يجب ان ندرس الحالة من جميع جوانبها ثم نتخذ استنتاجاتنا فيما بعد.
العميد ابراهيم : دعنا نذهب لمعاينة الطائرة اولاً ثم نقوم بمقابلة قبطان الطائرة والتحدث اليه.
نزل العميد ابراهيم والنقيب عبد الناصر على السلم الكهربائي واستداروا الى خلف البناية كي يتجنبوا الاصطدام باهالي الضحايا الذين اغلقوا المدخل الرئيسي للمطار. توجها الى خارج البناية فوقفت امامهم مركبة نقل مكشوفة لتقلهم الى سلم الطائرة التي قُطِرَتْ الى مكان بعيداً عن باقي الطائرات. فور صعودهم السلم امام باب الطائرة وجدوا ثنان من منتسبي البحث الجنائي يحملون جثة احد الركاب فسألهما،
العميد ابراهيم : هل هناك المزيد من جثث الركاب يا سعيد؟
سعيد : كلا سيدي، هذه آخر جثة سننقلها الى المشرحة ليتم فحصها من قبل الطبيب الشرعي.
العميد ابراهيم : طيب سعيد، واصلا عملكما. وانت يا ناصر تعال معي لندخل الطائرة.
دخل الاثنان فرأوا منظراً غريباً للغاية. الطائرة خالية من الركاب وطاقم الطائرة لكن امتعة المسافرين وبعض حقائبهم لاتزال متناثرة تحت الكراسي وفوقها. هناك بعض البطانيات والمخاديد وبعض لعب الاطفال قد تركت على المقاعد وتناثرت على الارض وهناك الكثير من الحواسيب المحمولة بقيت بداخل سلات الكراسي امام الركاب.
العميد ابراهيم : هيا يا يوزباشي، لقد جاء دورك.
عبد الناصر : اولاً يجب ان يزيلوا كل تلك الامتعة ومقتنيات الركاب الشخصية والامور الاخرى من الكراسي. اريد ربطها بالمسافرين. الذين اخذت من اماكنهم.
اجابه عنصر من افراد فريق البحث الجنائي المرافق لهما قال،
عنصر : لقد سجلنا على كل جثة رقم الكرسي الذي كانت تشغلها.
عبد الناصر : هذا بالضبط ما اريده. والآن بامكانك ان تغادر سيدي وتعود الى مكتبك بالدقي كي اقوم انا بعملية تمحيص دقيقة لكل مليمتر من الطائرة.
العميد ابراهيم : حسناً عبدو. كان الله في عونك. اتصل بي إن احتجت الى أي شيء.
تشاهد عبد الناصر الشهادتين وقرأ بعض الآيات استفتح بها عمله الشاق الذي ينتظره. ذهب الى مؤخرة الطائرة وراح يلتقط الصور مستخدماً هاتفه النقال لكل ما يج امامه كي يراجعها فيما بعد. دخل الحمامات بمؤخرة الطائرة فلم يرى اي شيء خارجاً عن المألوف. بعدها بدأ بقمرة الدرجة السياحية وصار يمشط خطوط الكراسي الواحد تلو الآخر ويتجنب لمس اي شيء كي يدع فريق البحث الجنائي رفع البصمات تحسباً لاي امر طارئ فيما بعد. وكلما انهى صفاً من الكراسي انتقل الى الامام للصف الموالي له. بقي على هذه المنوال لاكثر من ساعتين حتى انتهى من آخر صف في قمرة الدرجة الاولى. اكمل جميع ملاحظاته وتصويره ثم خرج من الطائرة وتوجه مباشرة الى مديرية البحث الجنائي. هناك قابل رئيس المديرية، العميد حنفي فحياه وسأله،
عبد الناصر : ما هي الخطوة التالية التي ستتخذونها سيدي؟
العميد حنفي : قامت شركة مصر للطيران المالكة للطائرة بامهالنا ثلاث ايام لنخلي سبيل الطائرة المنكوبة كي يعودوا ويباشروا استعمالها في رحلاتهم. لكننا طلبنا منهم وبامر من السيد المدعي العام تمديد تلك الفترة لاسبوع على الاقل، حتى نستطيع تقليد شكل الطائرة بمكان منعزل في حضيرة خاصة ووضع مقاعد مشابهة فيها كي نتمكن من رسم مخطط كامل للطائرة.
عبد الناصر : وهل وافقوا؟
العميد حنفي : لم يوافقوا بالبداية. وبعد الكثير من الاخذ والرد منحونا حضيرة (هنگار رقم 20) بعيدة عن باقي حركة الطائرات بداخل محيط المطار، فقمنا بنشر رجالنا خارجها كي يمنعوا اي متطفل يحاول الدخول اليها. والآن اخبرني يا عبدو، هل لديك طلبات معينة؟
عبد الناصر : اجل سيدي، اريد خطاً مفتوحاً بيني وبين المسؤول عن قضية الطائرة المنكوبة.
العميد حنفي : لقد كلفنا احد افضل عناصرنا واكثرهم خبرة وهو النقيب خالد شوقي وانت تعرفه جيداً. وهذا رقم هاتفه.
عبد الناصر : اجل انا اعرفه عز المعرفة فقد تخرجنا سوية من كلية الشرطة قبل 14 سنة. والآن ساعود الى القيادة العليا كي اسوي بعض الامور هناك.
العميد حنفي : طيب نقيب عبد الناصر، كان الله بعونك.
ركب عبد الناصر سيارته وعاد بها الى القيادة العليا وفي الطريق رن هاتفه فاجاب على نظام البلوتوث ليسمع تقرير الطبيب الشرعي مؤكداً السكتة القلبية لجميع الركاب. طرق الباب على مكتب رئيسه فسمعه يقول،
العميد ابراهيم : ادخــــــــــــــــل.
دخل عبد الناصر وادى التحية الرسمية لرئيسه ثم قال،
عبد الناصر : سيدي العميد، لكي اقوم بعملي بحرفية كاملة لدي بعض الطلبات لو سمحت.
العميد ابراهيم : كل طلباتك مجابة قبل ان تفتح فمك. والآن قل لي، ماذا تريد؟
عبد الناصر : اولاً اريد بطاقة طائرة مفتوحة (القاهرة–اثينا– القاهرة) طوال فترة التحقيق. ثانياً اريد التواصل مع الشرطة المركزية باثينا كي يقدموا لنا الدعم الذي سنحتاجه. ثالثاً اريد غرفة بفندق باثينا محجوزة لي ومثلها غرفة بفندق بالقاهرة طوال الفترة. رابعاً اريد ان تخصص لنا شرطة اثينا احد ضباطها الكفوئين كي يعمل كشريك لي بشكل مباشر على ان يتكلم اللغة الانكليزية. خصوصاً وكما تعلم فانا خريج الجامعة الامريكية بالقاهرة ولغتي الانكليزية ممتازة.
العميد ابراهيم : كل ذلك امر هين سامنحك بطاقة مفتوحة على لدرجة السياحية. وقد حجزت لك جناح بفندق كليوباترا. ولكن يجب ان تبدأ باسرع وقت ممكن.
عبد الناصر : سابدأ بعد ان اتواصل مع شريكي اليوناني وليس قبل ذلك.
هنا انتقل العميد حنفي من الكلام بالعربية الى اللغة الانجليزية حين قال،
العميد ابراهيم : شريكك اليوناني قد وصل الى القاهرة قبل قليل. انها النقيب ماريا بِسينو من شرطة اثينا / فرع الابحاث الجنائية.
عبد الناصر : تشرفت بمعرفتكِ نقيب ماريا.
نقيب ماريا بِسينو : وانا تشرفت بمعرفتك نقيب عبد الناصر. بامكانك ان تناديني ماريا فقط.
عبد الناصر : وانت بامكانك ان تناديني ناصر فقط.
ماريا : كيف تريد ان نبدأ يا ناصر؟
ناصر : اريد ان اعرف إن كان لديكم مقاطع فديو من كامرات المراقبة بداخل مطار اثينا بفترة صعود الركاب الى الطائرة المنكوبة.
ماريا : لقد بدأ الفريق التقني لشرطة الابحاث الجنائية في اثينا بتجميع تلك المقاطع فعلاً وسوف يعلموني متى ما تكون تلك المقاطع جاهزة.
ناصر : كذلك اريد قائمة بالوظائف والحالة الاجتماعية لجميع الركاب اليونانيين وغير اليونانيين المتوفين على الطائرة وحبذا لو عرفنا نبذة عن حياتهم المهنية.
ماريا : ساطلب تلك القائمة لتكون جاهزة بغضون 24 ساعة.
ناصر : اريد ان اتفقد مطار اثينا.
ماريا : سنسافر مساء اليوم انا وانت على شركة خطوط اولمݒيك.
ناصر : لقد منحوني تذكرة على شركة مصر للطيران فقط.
ماريا : كلا، لقد تحدثنا مع الشركتين (اولمݒيك ومصر للطيران) فوافقا كي يمنحانا تذكرة مفتوحة لنقوم بعملنا على كلتيهما.
ناصر : وماذا عن الفندق؟
ماريا : لقد حجزت لنا دائرة امن اثينا جناحاً في فندق بوسط البلد اسمه هوتيل اليوت. موقع الفندق قريب من ساحة امونيا والامن المركزي. ولا يبعد كثيراً عن مطار اثينا الدولي.
ناصر : كم غرفة بداخل الجناح؟
ماريا : غرفتي نوم وغرفة استقبال. سيوفرون لنا كل متطلباتنا كي نجعل منه مركزاً لابحاثنا.
ناصر : حسناً هذ امر جيد. في البداية اريد معاينة مطار اثينا.
ماريا : الم يسبق لك ان زرته من قبل؟
ناصر : كلا.
ماريا : إذاً لدينا رحلة مع الساعة الثامنة مساءاً كما اخبرتك ستتمكن من معاينته.
ناصر : جيد جداً، دعنا نغادر.
خرج المحققان من مكتب العميد ابراهيم وركبا سيارة عبد الناصر الشخصية ليتوجها بها الى فندق كليوباترا. وبعد ان وضعت ماريا حقيبة سفرها هناك، دخلت الحمام لتأخذ حماماً ساخناً وتستعد لرحلة اثينا ليلاً. بينما اتصل عبد الناصر بزوجته غادة ليخبرها بكل الاحداث التي مرت عليه بذلك اليوم. ابدت غادة الكثير من التحفظات بخصوص بقاء زوجها مع امرأة يونانية بنفس الجناح بالفندق لكنه اكد لها ان ذلك سيكون لمصلحة القضية التي يحققون بها، وان النقيب ماريا هي مجرد رجل شرطة بالنسبة له.
في مساء ذلك اليوم ركب ثنائي التحقيق ناصر وماريا الطائرة من مطار القاهرة الدولي متوجهين الى اثينا. وفي الطريق عرض ناصر على شريكته ماريا من خلال هاتفه النقال الصور التي التقطها من داخل الطائرة حينما بدأ ابحاثه. وبعد ساعتين وربع هبطت الطائرة بمطار اثينا فسأل عبد الناصر،
ناصر : هل سنبدأ ابحاثنا الآن؟
ماريا : بصراحة انا متعبة جداً واريد ان انال قسطاً من الراحة. ما رأيك ان نبدأ غداً صباحاً؟
ناصر : حسنا فكرة طيبة فانا ايضاً اشعر بالارهاق. دعينا نتوجه الى الفندق.
ركب الثنائي سيارة اجرة من خارج مطار اثينا وتوجها بها الى فندق اليوت. دخلا حجرة واسعة بداخل الجناح الذي تقدمت به شرطة اليونان فاثارت اعجاب ناصر قال،
ناصر : يبدو ان شرطة اليونان جادة بالعثور على الجناة بقضيتنا. فجناحنا جميل جداً وباهظ الثمن.
ماريا : انه مطل على ساحة امونيا كذلك.
توجه كل واحد منهما الى غرفة نومه وناما مباشرةً. وفي اليوم التالي خرجا وهبطا الى الطابق الارضي لتناول وجبة الافطار.
جلست ماريا على طاولة بداخل مطعم الفندق وجلس ناصر امامها فسألته،
ماريا : أتفضل القهوة ام الشاي؟
ناصر : احب الاثنان ولكن بفطور الصباح افضل الشاي.
ماريا : وانا كذلك.
بعد قليل عاد النادل بما طلبا من افطار ولاحظ ناصر انها لم تطلب شرائح لحم الخنزير فسألها،
ناصر : الا تحبين شرائح لحم الخنزير (البايكون)؟
ماريا : اجل، احبها كثيراً ولكن احتراماً لوجودك معي امتنعت عنها.
ناصر : اشكر لك على هذه المبادرة.
بعد ان اكملا تناول وجبة الافطار خرجا من الفندق ليستقلا سيارة اجرة ويتوجها بها الى عنوان اعطته ماريا للسائق فسألها،
ناصر : ما هذا المكان الذي نحن ذاهبون اليه؟
ماريا : سنذهب الى بيتي اولاً كي اخذ سيارتي من هناك حتى تكون تنقلاتنا أسهل.
وفور وصولهما بيت ماريا خرجا من سيارة الاجرة وركبا سيارتها الرياضية الجاثمة امام البيت من نوع BMW-Z4. قادت ماريا السيارة حتى وصلا مبنى مديرية الشرطة العامة. التَفّتْ حول المبنى الخلفي وابرزت هويتها لحارس البوابة ففتح لها البوابة لتدخل وتصفّها بالمراب القريب من المبنى. دخلا الباب الرئيسي فالتقيا برجل شرطة يحمل رتبة لواء قالت،
ماريا : يا ناصر دعني اعرفك الى آمري اللواء نيكوس پاپادوپيلوس.
ناصر : تشرفت بمعرفتك سيادة اللواء وانا النقيب عبد الناصر بسيوني.
اللواء نيكوس : انا اعرفك جيداً لاني تحدثت الى آمرك العميد ابراهيم عدة مرات وقد مدح بك كثيراً.
ماريا : سيدي، لقد جئنا لنأخذ نظرة دقيقة على مبنى المطار وكذلك نواصل أبحاثنا بعدها هنا في مديرية الشرطة العامة.
اللواء نيكوس : لقد ابلغت العميد ابراهيم بانني امرت بتسخير كل السبل لكما كي تتمكنا من حل ذلك اللغز العجيب. ولكن يجب ان تتحركا بسرعة فائقة لان الضغوط تنهال علينا من كل حدب وصوب. خصوصاً وان اهالي الركاب صاروا يهاجمونا في وسائل التواصل الاجتماعية والانكى من ذلك ان الشعب اليوناني تعاطف معهم كثيراً وصاروا يوجهون اللوم على الشرطة المركزية ويصفونها بالفساد والتقاعس.
ناصر : اعدك باننا سنعمل باقصى سرعة ممكنة سيدي.
ماريا : والآن دعنا نستأذنك حضرة اللواء. يجب ان يطلع ناصر على ردهات المطار.
وبينما هما خارجان من مكتب اللواء نيكوس، جائها احد العناصر وسلمها قائمة كبيرة من ثمانية صفحات ثم رحل. نظرت الى ناصر وقالت،
ماريا : لقد وصلتنا قائمة تفصيلية عن الركاب كما طلبت. سوف نتدارسها بالفندق هذه الليلة.
رجعا الى سيارة المحققة ماريا وتوجها بها الى مطار اثينا الدولي. مشي الثنائي بداخل ممرات وصالات وردهات المطار ابتداءاً من موقع تفتيش المسافرين والسوق الحرة والدكاكين التي تبيع المواد الرئيسية والمقاهي والمطاعم وصولاً بصالة المغادرة. وبآخر تلك الجولة سأل عبد الناصر،
ناصر : وماذا عن كامرات المراقبة؟
ماريا : وعدوني انها ستكون بين ايدينا هذه الليلة. لذا سوف نتفحصها سوية بالفندق مساءاً مع قائمة الاسماء التي معي هذه. ولكن قل لي، هل تشعر بالجوع؟
ناصر : انا جائع جداً.
ماريا : وهل تحب الطعام البحري؟
ناصر : انا اعشق الطعام البحري.
ماريا : إذاً، سأخذك الى مكان رائع، انه ليس بعيداً عن هنا. اسمه ميكروليمانو Mikrolimano.
ناصر : اسم طويل وصعب اللفض.
ماريا : (ميكرو) تعني صغير و(ليمانو) تعني المرفأ. أنه مرفأٌ صغيرٌ لصيادي الاسماك. ومقابل المرفأ تجد مطاعم يملكها الصيادين انفسهم. يقوم الزبائن باختيار الاسماك التي يريدونها فيطهونها لهم كما يحبون، ثم يقدموها على الطاولات المصفوفة على شاطئ البحر.
ناصر : كم هو امر جميل.
ماريا : انا متاكدة انه سيعجبك.
خرج ثنائي التحقيق من مبنى المطار وركبا سيارة ماريا ليذهبا بها لتناول وجبة الغداء. ركنت ماريا سيارتها في الشارع وصار المحققين يمشيان امام المطاعم المتعددة المصفوفة جنباً الى جنب ليحاول اصحابها استدراجهما كي يتناولا الطعام لديهم. بقيا يمشيان كثيراً حتى وقع اختيارهما على رجل مسن وقف امام مطعمه دون ان يحاول استقطابهما. دخلا مطعمه فقرر عبد الناصر ان يترك الخيار لماريا فطلبت منه الانتظار بالخارج قليلاً حتى تفاجئه بما اختارت. ولما خرجت، جلسا على طاولة امام المرفأ ليبدأ تقديم شوربة الاسماك البحرية. بعد ان اخذوا الصحون الفارغة تباحثا بالقضية التي بين أيديهما ولم يشعرا بالوقت. وخلال حديثهما رن هاتف عبد الناصر فاستأذن منها واجاب على المكالمة ليجد زوجته تقول،
غادة : كيف حالك حبيبي؟
ناصر : انا بخير شكراً وانت حبيبتي، كيف حالك وكيف هي ميادة؟
غادة : بخير. انا وميمي مشتاقين اليك كثيراً. اين انت الآن؟
ناصر : انا بالمطعم اتناول وجبة الغداء.
غادة : هل انت بمفردك؟
ناصر : كلا انا مع المحققة ماريا.
غادة : انتبه جيداً لانهم احيانا يدسون لك لحم الخنزير حقداً منهم.
ناصر : ما هذا الهراء يا غادة؟ تصوري اليوم في الصباح رفضت المحققة ان تطلب شرائح لحم الخنزير المقلية لنفسها فقط احتراماً لوجودي معها على نفس الطاولة.
غادة : يا سلام يا ناصر. افطار وغداء معاً يا سلام.
ناصر : وعشاء كذلك. نحن نعمل هنا سوية حتى نحل القضية. كفاك غيرة يا غادة.
غادة : طيب، طيب حبيبي انا آسفة. اعتني بنفسك.
ناصر : سافعل، وانت كذلك حبيبتي، قبلاتي لميمي.
اقفل الخط معها فسمع المحققة تقول،
ماريا : بينما كنت تتحدث بالهاتف، اخبروني برسالة نصية ان مقاطع الفديو اصبحت جاهزة وقد خزنوها على اصابع الفلاش درايڨ، سنذهب ونستلمها فيما بعد.
ناصر : بعد ان نفرغ من طعامنا سنستلم الاصابع ونتوجه بها الى الفندق كي نراجعها ونراجع قائمة المسافرين بتروي وهدوء.
ماريا : فكرة طيبة.
حضر الطعام فاعجب عبد الناصر بطريقة تقديم سمك القرش إذ وُضِعَ اللحم على سيخ طوله يبلغ المتر تقريباً صفت قطع اللحم ثم قطع من الطماطم ثم الفلفل الاخضر ثم البصل. كذلك قدمت لهم القواقع النيئة التي يعصر فوقها الليمون الطازج ثم تؤكل دون طهي، كذلك السلطعون المسلوق الطازج كان مميزاً. وبعد ان فرغا من وجبة الغداء اراد المحقق ان يدفع ثمن الفاتورة لكن ماريا اقنعته بان جميع مصاريفهم باليونان ستدفع من قبل شرطة اليونان لذلك قامت هي بالدفع مشهرةً بطاقتها الائتمانية. ركب المحققان سيارة ماريا وذهبا بها الى مركز الابحاث الجنائي حيث استلمت اصابع الفلاش ليعودا الى الفندق. فور وصولهما الجناح دخلت ماريا الحمام لتغتسل ثم خرجت مرتدية قميص تيشرت خفيف وسروالاً قصيراً قالت،
ماريا : جاء دورك لدخول الى الحمام.
بعد ان دخل عبد الناصر الحمام وخرج مرتدياً بيجامته المخططة. جلس على الطاولة المستديرة بوسط غرفة الاستقبال فجلست امامه ماريا. اخرجت قائمة المسافرين وقسمتها الى قسمين. اعطت نصفها الى عبد الناصر وراحت تتفحص النصف الثاني بنفسها. وبعد مرور اكثر من ساعتين قالت بانها اكملت دراسة قائمتها بينما طلب منها عبد الناصر عمل قهوة حتى يكمل قائمته. وبعد ان اكمل القائمة قال،
ناصر : انا جاهز، دعنا نتداول بيانات الركاب بالتفصيل.
ماريا : طيب، اولاً ساتلو عليك المحصلة الاجمالية للركاب، انظر الى القائمة لو سمحت.
قائمة ركاب الطائرة
مجموع عدد الركاب الاجمالي من الجنسية اليونانيية هو 101 يونانياً،57 منهم ذكور وهذا يشمل البالغين والاطفال. بين الذكور اربعة اطباء من اليونانيين. اما المصريين فعددهم الاجمالي 149. الناجي هو شخصٌ واحد فقط وهذا كما تعلم هو قبطان الطائرة. هناك عائلة من 6 افراد من الجنسية النيجيرية. اما الفرنسيين فتشمل استاذ تاريخ واحد ومعه 10 طلاب ذهبوا ليشاهدوا الاهرامات في مصر. اما البريطانيين فهم عائلة مكونة من اب وام واطفالهما الثلاثة مجموعهم 5. وهذا يعمل المجموع النهائي 272 راكب يشمل هذا العدد طاقم الطائرة المتكون من 8 اشخاص بين ذكور واناث كلهم من المصريين.
ناصر : هل لديك تفاصيل عن اعمالهم؟
ماريا : اجل، كل المسافرين المصريين الـ 141 على متن الطائرة هم من الاشخاص العاملين باليونان. عادوا لزيارة ذويهم في الاجازة السنوية. اما الجنسيات الاخرى فغالبيتهم سواح.
ناصر : هل لديك تفاصيل اليونانيين؟
ماريا : اجل هناك اربعة اطباء و 5 طلاب مدارس ومرشح واحد للانتخابات الرئاسية و 3 محامين والباقي عوائل ذهبت لغرض السياحة.
ناصر : هل قلتِ مرشح للانتخابات الرئاسية؟ ما اسمه؟
ماريا : اسمه ديميتريوس پاپاس عضو في حزب مناهض لاوروبا يدعى پازوك PASOK والذي اتحد مع حزب آخر يدعى ديمار DIMAR.
ناصر : إذاً قد يكون هناك دافع سياسي للتخلص من هذا المرشح.
ماريا : لا اعتقد ذلك لانني تباحثت بذلك الامر مع احد زملائي عبر الهاتف بشرطة اثينا واسمه كوستا دراكوس وهو المسؤول عن قسم الابحاث السياسية ليؤكد لي ان هذا المرشح واقصد ديميتريوس پاپاس لا يرقى لان يكون نداً لاي حزب من الاحزاب ولن يشكل اي خطراً على اي طرف من الاطراف السياسية لدرجة انهم يضطرون لاغتياله ولأن الانتخابات السابقة لم يحصل سوى على 6 مقاعد بالبرلمان.
ناصر : إذاً ليس هناك داعي لكي نحتاط ونسلط الضوء عليه في تحرياتنا وليس هناك ما ينذر بشيء غير اعتيادي.
ماريا : وهذا ما توصلت اليه انا ايضاً.
ناصر : طيب، وماذا عن الاطباء؟
ماريا : انهم تابعون لمنظمة اطباء بلا حدود ذهبوا الى مصر كمحطة اولية ثم يستبدلون الطائرة باخرى ليتوجهوا من هناك الى نايجيريا.
ناصر : حسناً وماذا عن مقاطع تسجيلات الكامرات الامنية بالمطار؟
ماريا : لقد احضرت معي اصبعي فلاش نُسِخَتْ عليها جميع مقاطع الفيديو لـ 38 كامرة مثبتة بعدة اروقة وصالات المطار. قمت باستنساخها لك ايضاً. اي اصبع لي واصبع لك.
ناصر : سيتطلب منا الكثير من الوقت لمراجعتها برمتها. لذلك ساخذ التسعة عشر الاولى وانت ستأخذين التسعة عشر الثانية لنبدأ بمتابعة المقاطع بتروي.
ماريا : ساعمل لنفسي كأساً كبيراً من القهوة. هل تريد واحداً؟
ناصر : اجل لو سمحت.
جلس المحققان كل على حدة ليبدأوا متابعة ساعات طويلة من مقاطع الفيديو التي تزامنت احداثها ما بين الساعة الخامسة وحتى الساعة السابعة والنصف من صباح يوم السبت العاشر من حزيران يوم اقلاع الطائرة. كان الامر هادءاً جداً ما عدى اصوات الكبسات على المفاتيح في الغرفة بينما راح المحققان يبحلقان باجهزتهما الحاسوبية المحمولة. وكلما مرت فترة من الزمن تطوع احدهما كي يتوقف عن العمل ويجلب المزيد من القهوة لنفسه ولشريكه الآخر. كذلك كانوا يذهبون كثيراً الى الحمام كي يفرغوا ما في مثانتهم من سوائل ثم يعودوا لمتابعة التبحر بمقاطع الفيديو. وفي تمام الساعة الثالثة من فجر اليوم التالي نظرت ماريا الى ساعتها وقالت،
ماريا : هل تصدق يا ناصر؟ الساعة الآن هي الثالثة بعد منتصف الليل. انا اشعر بالنعاس ساتوجه لسريري واكمل معاينة باقي المقاطع في الغد.
ناصر : انا سابقى اكثر قليلا لاني اريد ان اكمل هذا المقطع قبل ان انام. فانا وصلت الى المقطع رقم 14.
ماريا : حسناً اراك غداً.
ناصر : تصبحين على خير.
ماريا : كالينيكتا.
ناصر : عفواً؟ ماذا قلتِ؟
ماريا : قلت لك تصبح على خير باليونانية.
ناصر : كرريها ثانية كي احفظها؟
ماريا : كالينيكتا.
ناصر : كالينيكتا عزيزتي.
ذهبت المحققة ماريا الى غرفتها واغلقت الباب ورائها بينما بقي عبد الناصر يتابع مقطع الفيدو الذي بدأه قبل قليل. لكنه بعد ان تثائب كثيراً بدأ يحس انه لم يعد يشعر بالنعاس لذلك قرر الاستمرار في تتبع المقاطع الواحد تلو الآخر حتى انهى جميع مقاطعه التسعة عشر. وقتها قرر مع نفسه ان يحاول النوم قليلاً. نظر الى ساعته فوجدها تشير الى السابعة صباحاً. اغلق حاسوبه وتوجه الى غرفته فنام نوماً عميقاً. استيقظت المحققة ماريا مع الساعة العاشرة صباحاً ووقفت على باب غرفة عبد الناصر فسمعت شخيره مرتفعاً للغاية فتركته وذهبت للحمام مباشرة كي تغتسل. وبعد ان انهت جميع استعداداتها توجهت الى الطاولة التي كانوا سهرانين حولها ونظرت الى حاسوب عبد الناصر فوجدته مغلقاً. لكن الدفتر الذي تركه مفتوحاً الى جانب حاسوبه كان يحتوي على الكثير من الملاحظات التي كتبها بلغته العربية التي تجهلها. علمت انه لم يتمكن من النوم قبل ان ينهي جميع مقاطعه التسعة عشر لذلك اتصلت بخدمات الغرفة وطلبت وجبة افطار خفيفة. انتظرت قليلاً حتى اوصلوا لها الوجبة فتناولتها على عجالة وجلست امام حاسوبها لتكمل ما تبقى لها من مقاطع في الليلة الماضية. وفي تمام الساعة الواحدة ظهراً سمعت باب غرفة عبد الناصر ينفتح ويخرج منه وهو يترنح وكأنه سكران، سألته،
ماريا : هل انت بخير؟
ناصر : لا، انا لست بخير. فالبارحة، او بالاحرى هذا الصباح بقيت اتابع المقاطع حتى اكملتها كلها ثم ذهبت للسرير مع الساعة السابعة صباحاً.
ماريا : وهل وجدت ما يثير الاهتمام؟
ناصر : لقد سجلت الكثير الكثير من الملاحظات التي اثارت انتباهي. سوف نتباحث بها سوية بعد ان اخذ حماماً ثم اتناول شيئاً قبل ان نبدأ بتبادل الاراء بخصوص المقاطع التي شاهدناها.
ماريا : هذا جيد لان مازال امامي آخر اثنان من المقاطع. وبحلول الوقت الذي تنتهي فيه من الاستحمام وتناول وجبة الإفطار، سأكون مستعدةً لاتشارك معك بالمعلومات.
وفي الساعة الثانية بعد الظهر اعلنت ماريا بانها انتهت من آخر مقطع فيديو فقال لها زميلها،
ناصر : دعينا نخرج لتناول وجبة الغداء اولاً بشكل رائق ثم نعود للتباحث بامر مقاطع الفديو.
ماريا : كنت امل ان تقول ذلك فانا اشعر بجوع فتاك.
خرج الاثنان من الفندق وركبا سيارة المحققة ماريا ليتوجها بها الى احدى المطاعم المتخصصة بتقديم الوجبات التي تقدم لحم الغنم المشوي على الفحم. جلسا امام بعضهما البعض وصارا يتحدثان عن القضية. واثناء ذلك رن هاتف عبد الناصر ليسمع زوجته تقول،
غادة : صباح الخير حبيبي.
ناصر : ربما قصدك مساء الخير. هنا باليونان هي الساعة الثانية والنصف بعد الظهر.
غادة : اسفة حبيبي. اين انت الآن؟
ناصر : انا في المطعم اتناول وجبة الغداء.
غادة : هل انت بمفردك؟
ناصر : كلا انا مع المحققة ماريا.
غادة : ربما تقصد ضرتي ماريا.
ناصر : تعقلي يا غادة، انها مجرد زميلة، نحن نعمل سوية من اجل القضية.
غادة : اتريد ان تقول لي بانك عندما كنت معها بليلة الامس لم تقم بـ...
قاطعها بشدة وبصوت عال قال،
ناصر : كفــــــــاك هذا الهراء. انا في مهمة رسمية وانت تلاحقيني بتلك الشكوك السخيفة. يجب علي ان اركز على عملي كي احاول حل القضية.
غادة : اجل، اجل انا اراك تحلها بالمطاعم والفنادق والتنزه في اثينا.
ناصر : ساغلق الخط الآن لاني اريد ان اكمل طعامي ثم اواصل عملي بعدها.
اغلق الخط بوجه زوجته فسألته،
ماريا : هل تشعر زوجتك بالغيرة مني؟
ناصر : بعض الشيء. لا تأبهي لذلك.
ماريا : هذا امر طبيعي. فانا لو كنت مكانها لعملت اكثر من ذلك. إشكر الرب ان لديك زوجة تحبك وتتفقدك كل يوم.
ناصر : لماذا تقولين ذلك؟
ماريا : لانني كنت متزوجة من رجل لم يكن يحبني ولم يأبه لو انني ذهبت مع اي رجل آخر.
ناصر : لماذا؟
ماريا : لانه كان مشغولاً بمغامراته العاطفية مع النساء الاخريات. وحجته كانت دائماً هو انني كنت اصرف الكثير من الوقت على عملي. طبعاً، ماذا اعمل؟ فانا شرطية وعملي يتطلب مني ان اصرف الكثير من الوقت على عملي. لذلك طلقته وارتحت منه.
ناصر : افهم ما تقولين جيداً. على العموم الطعام هنا رائع والطريقة التي طهوا فيها لحم الغنم هو امر مثير للدهشة.
ماريا : هذا المطعم مشهور جداً لدى اليونانيين. فهم يقصدونه من اماكن بعيدة. تخيل يا ناصر، صاحب المحل رجل تركي اسمه عصمان اوغلو وهو يذبح خرافه بيده لذلك فإن لحمه طازج وحلال.
ناصر : شيء مدهش.
ماريا : هل تريد ان تتناول الباكلاڤا؟
ناصر : اجل احبها كثيراً، نحن نسميها بقلاوة.
طلبت ماريا من النادل ان يحضر صحني بقلاوة مع قهوة تركية قالت،
ماريا : لقد طلبت بقلاوة مع قهوة يونانية. نحن لا نسميها قهوة تركية بل نسميها قهوة يونانية لاسباب يعرفها الجميع هاهاها.
ناصر : اجل اعرف مشاكلكم مع الاتراك.
حضر النادل ووضع صحنين صغيرين يحتويان على ثلاثة قطع من البقلاوة لكل واحد منهما وفنجاني قهوة. تناولها ناصر وقال،
ناصر : البقلاوة حقاً لذيذة.
لكنه بقرارة نفسه لم تروق له كثيراً لانها كانت تحتوي على حلاوة مبالغ فيها ولا تشبه البقلاوة ببلده. وبعد ان انتهوا من وجبة الطعام خرجا من المطعم ورجعا الى الفندق ليجلسا امام بعضهما البعض ويكملا مهمتهما في التباحث بخصوص مقاطع الفيديو قالت،
ماريا : انا لم ارى اي شيء خارجٌ عن نطاق العادة بكل المقاطع التسعة عشر التي تفحصتها. وانت، ماذا وجدت يا ناصر؟
فتح ناصر حاسوبه وفتح دفتر ملاحضاته ثم قال،
ناصر : لاحظت في المقطع رقم 11 امراً خارجاً عن العادة. رأيت رجلاً يبدو عليه الاهمية ربما كان مرشح للانتخابات الرئاسية ديميتريوس پاپاس لانه جاء للمطار بصحبة خمسة رجال حضروا ليودعونه. كانوا يرتدون بدلات رسمية وكأنهم يودعون رئيس الجمهورية. لكن حرس المطار اصروا ان يفتشوا حقيبته اليدوية لذلك اجبروه كي يضعها بداخل الكاشف الاشعاعي الامني.
ماريا : ملاحظة جيدة. سنتحقق من الحقيبة في القاهرة فيما بعد. وهل لديك ملاحظات اخرى؟
ناصر : اجل، بالمقطع رقم 16 لاحظت مع الساعة 6:02:44 ان سيدة وعلى ما يبدو انها احدى ركاب الطائرة المنكوبة كانت تسير بصحبة ابنها الصغير.
فتح ناصر حاسوبه وعرض المقطع ثم اوصله الى الوقت المطلوب فعرضه على ماريا. تفحصته ماريا وقالت،
ماريا : لماذا اثار فضولك؟ يبدو لي وكأنه منظر اعتيادي جداً.
ناصر : لاحظي يا ماريا ان الطفل توقف امام متجر لالعاب الاطفال بداخل المطار وتمسك بلعبة الكترونية طلب من والدته شرائها. لكن امه رفضت ان تشتريها ربما لانها كانت باهضة الثمن.
ماريا : وما الغريب في ذلك؟
ناصر : انظري الى ما سيحدث بعد ذلك... فبعد ان عمل ضجة كبيرة لانه كان يريد اللعبة، قامت العاملة الشابة بذلك المتجر باهداء لعبة اخرى مختلفة للطفل لاسكاته.
ماريا : وما العجيب في ذلك؟ لا زلت لا ارى في ذلك غرابة.
ناصر : يا ماريا، هذا المحل يبيع لعب الاطفال فقط ولا يبيع اي شيء غير اللعب. اي ان جميع مواردهم تأتي من بيع اللعب. فكيف تقوم موظفة باهداء لعبة مجانية لطفل غريب؟
ماريا : ربما رق قلب الفتاة وشعرت بالحنان نحو الطفل؟
ناصر : لا، لا اعتقد ذلك. حدسي يخبرني بان هناك امر غير اعتيادي.
ماريا : ارجوك اعرض علي المقطع من جديد اريد ان اشاهده ثانية.
عرض عليها المقطع من جديد ثم اعاده للكثير من المرات. نظرت اليه وقالت،
ماريا : اللعبة التي اهدته اياها تبدو انها لعبة خشبية على هيئة سيارة اسعاف على ما اظن.
ناصر : لقد قمت بالتقريب عليها من خلال الفيديو، الصورة غير واضحة لانها مأخوذة من مقطع فيديو ولكن اعتقد انها لعبة خشبية على هيئة قاطرة قطار.
ماريا : وماذا في ذلك؟ الطفل اراد لعبة ثمينة فلم تشتريها له امه. لذلك عطفت عليه الموظفة فاهدته لعبة رخيصة الثمن لارضائه.
ناصر : لو كانوا يفعلون ذلك لكل الاطفال لوزعوا جميع بضاعتهم مجاناً.
ماريا : كلامك فيه الكثير من المنطق.
ناصر : لحظة واحدة لو سمحتِ. ساتصل بمصر واتحدث مع احد رجال البحث الجنائي بالمطار.
اخرج ناصر هاتفه النقال وعبر تطبيق واتساب اتصل بفريق البحث الجنائي بالمطار فاجابه النقيب خالد شوقي قال،
خالد شوقي : اجل ناصر. كيف استطيع مساعدتك؟
ناصر : اريدك ان تبحث بامتعة الكرسي رقم 14 A&B. للراكبة صوفيا نيكولاوس وابنها فاسيليو.
خالد شوقي : اجل وجدتها ونفس الاسماء موجودة على الكرسي.
ناصر : هل هناك لعبة اطفال؟
خالد شوقي : اجل هناك لعبة خشبية على هيئة قاطرة قطار.
ناصر : التقط لها صورة بهاتفك وابعثها لي فوراً على تطبيق واتساب.
بعد دقائق وصلت الرسالة الى هاتف ناصر فتحها ليجد صورة القطار الخشبي الذي رأوه في مقطع الفديو.
ناصر : طيب عزيزي. سوف اتي الى القاهرة غداً لاتفحصها بنفسي.
اغلق الخط مع النقيب خالد شوقي ونظر الى ماريا قال،
ناصر : انها نفس اللعبة يا ماريا. انظري اليها. يجب ان نتفحصها بامعان غداً.
ماريا : سأتي معك الى القاهرة في الغد. والآن دعنا نراجع باقي قائمة الاسماء ومقاطع الفيديو من جديد علنا نستطيع ان نجد المزيد من الامور الخارقة للعادة.
بقي ثنائي التحقيق يتفحصان قوائم الركاب واجهزتهم الحاسوبية حتى جاء وقت النوم قالت له،
ماريا : علينا ان ننام مبكراً اليوم كي نذهب الى المطار غداً ونأخذ رحلة الساعة السابعة صباحاً.
باليوم التالي استيقظ المحققان ناصر وماريا مع الساعة الرابعة فجراً وتناولا بعض المعجنات مع القهوة وخرجا ليستقلا سيارة ماريا متوجهين بها الى مطار اثينا. ركبا الطائرة فانطلقت بهاما الى القاهرة. وبعد ساعتان و10 دقائق هبطت الطائرة بمطار القاهرة، ترجلا منها وتوجها الى حضيرة الطائرة المنكوبة في الهنگار رقم 20. كان النقيب خالد واقفاً هناك فسأله عبد ناصر
ناصر : كيف حالك يا نقيب خالد؟
خالد شوقي : بخير والحمد لله، وانت؟
ناصر : انا بخير، اولاً اريد ان ارى حقيبة دوبلماسية عند الكرسي رقم 34D.
اخذهما خالد شوقي الى موقع الكرسي واعطاهما الحقيبة ففتحوها ولم يجدوا اي شيء فيها سوى تذكرة سفر وجواز وبعض الاوراق الرسمية وجريدة يومية. نظر الى ماريا وقال،
ناصر : لا شيء بداخل الحقيبة.
بعدها نظر الى خالد شوقي وقال،
ناصر : رجاءاً خذني الى موقع اللعبة التي بعثت لي صورتها بالامس.
سار ناصر وماريا والنقيب خالد شوقي بالممر ما بين خطوط الكراسي حتى وصلا الى الكرسي رقم 14 A و 14 B فالتقط ناصر اللعبة وصار يتفحصها جيداً ثم قال،
ناصر : ليس هناك امراً مريباً فيها.
ماريا : دعني القي نظرة عليها لو سمحت.
امسكت ماريا باللعبة وصارت تقلبها ثم هزتها بقوة فسمعت اصوات خشخشة تشبه الاصوات التي تصدر من ثمرة الخروب فأمسكت بالعجلات وراحت تهزها ثانية لتسمع نفس الاصوات الغريبة قالت،
ماريا : امراً عجيباً يا ناصر، اسمع اصوات خرخشة داخل هذه اللعبة مع انها لعبة خشبية غبية. لا اعتقد ان الصوت صادر من العجلات لانني حبستها ولا زلت اسمع الاصوات.
هزت اللعبة بالقرب من اذن ناصر قال،
ناصر : اجل لديك الحق يبدو ان هناك شيئاً ما بداخلها ولكن جميع اللعب الخشبية من هذا القبيل لا تحتوي على اي شيء بداخلها. لا بطاريات لا اسلاك ولا حتى ضياء.
ماريا : انظر يا ناصر هناك بالجانب الايمن اثر واضع لصمغ وكأنه للصق اللعبة بعد فتحها.
هنا تدخل خالد شوقي قائلاً،
خالد شوقي : لماذا لا تأخذا هذه اللعبة الى مختبرنا الواقع بشارع النزهة. فهم سيتمكنوا من معرفة ما بداخلها.
ناصر : شكراً لك يا خالد على اقتراحك؟ سنأخذها الآن.
ماريا : ماذا قال لك زميلك بالعربية؟
ناصر : قال اننا من الافضل اخذ اللعبة الى المختبر الجنائي كي يفحصوها هناك.
ماريا : هيا إذاً، دعنا نذهب للمختبر.
ركب الثنائي سيارة ناصر وتوجها بها الى شارع النزهة بمنطقة مصر الجديدة. وبعد حوالي 45 دقيقة وصلا المختبر فدخلاه وبيد ناصر كيساً بلاستيكياً يحتوي على اللعبة الخشبية. استقبلهما احد العناصر وقال،
عنصر : انا الملازم شفيق حربي. كيف استطيع خدمتكما؟
ناصر : نريدك ان تفحص هذه اللعبة التي وجدناها في المطار بداخل حضيرة الطائرة المنكوبة.
اخذها الملازم شفيق وصار يتفحصها من الخارج، ثم هزها ليسمع الاصوات التي سمعوها. فاخذها الى جهاز كاشف بالموجات فوق الصوتية وراح يعرض المحتوى على شاشته قال،
الملازم شفيق : يبدو ان هناك دارة الكترونية وبعض الامور الغير واضحة بالداخل. يجب علينا فتح اللعبة وتفحص ما بداخلها.
ناصر : قم بفتحها يا شفيق.
بدأ الملازم شفيق بقص اللعبة من اليسار بمنشار كهربائي صغير حتى انفلقت الى نصفين فوجدوا بداخلها دارة الكترونية مرتبطة بجهاز كابس وابرة حقن.
الملازم شفيق : انظر الى هذه الدارة الالكترونية، يبدو انها اداة تحكم مبرمجة واداة توقيت لان فيها موقت من نوع 555 LS يستطيع ان يتحكم بالعبوة كي تعمل وتحقن الابرة خلال زمن محدد. انها مرتبطة بكابس ومضخة على شكل ابرة حقن متجهة نحو فتحة المدخنة بالقاطرة.
ناصر : وماذا بداخل الابرة؟
الملازم شفيق : لا اعلم بعد سيدي انها تبدو فارغة الآن. ولكن دعني اعرضها على النقيب محمود فهو الخبير الكيماوي لدينا ربما سيعرف ما كان بداخل تلك الابرة.
ماريا : هل هناك بقايا للسائل بداخل الابرة؟
الملازم شفيق : كلا، ليس هناك اي بقايا ولكن الفحص المجهري ربما سيتمكن من العثور على بعض جزيئات الرذاذ المتبقية.
ناصر : حسناً ساترك الامر بين يديكم وإذا عثرتم على اي معلومات عن ذلك السائل فاريدكم الاتصال بي على جوالي مباشرة من خلال تطبيق الواتساب لانني قد اكون باليونان.
نظر الى شريكته وقال،
ناصر : سوف يفحصون ما بداخل الابرة مجهرياً ويحللوها ثم يعلموننا بمحتواها. دعنا نخرج يا ماريا.
خرج الاثنان وركبا سيارة ناصر. وبعد ان ربطا احزمة المقاعد قال لها،
ناصر : يجب ان نعود الى اثينا هذه الليلة على رحلة الساعة الثامنة مساءاً. علينا ان نتحدث مع البائعة التي اهدت اللعبة الخشبية بمحل الالعاب في مطار اثينا.
ماريا : واين سنذهب الآن؟
ناصر : اريد ان اخذك الى بيتي لاعرفك على عائلتي.
ماريا : اليس ذلك الامر سيسبب لك المزيد من المشاكل لانك اخبرتني بان زوجتك تعاني من الغيرة المفرطة؟
ناصر : وهذا هو سبب الزيارة. اريدها ان تسترخي قليلاً وان تتعرف عليك. لا تنسي ان لدي امرأة اخرى بالبيت.
ماريا : هل انت متزوج من اثنتان؟
ناصر : لا، انا اتحدث عن ابنتي ميادة. عمرها 7 سنوات لكنها تساوي امرأة ناضجة بذكائها.
ماريا : سيكون ذلك جميلاً.
ذهب ثنائي التحقيق الى حي المهندسين واوقف سيارته خارج البيت ليقف مع ماريا امام الباب. ادخل المفتاح واداره فسمع وقع اقدام زوجته غادة وميادة يجريان نحوه. لكنهما عندما رأوا المحققة ماريا تقف الى جانبه تسمرا في اماكنهما وبقيا يبحقلان بوجهها. قرر ناصر ان يكسر الجليد حين قال بالانكليزية،
ناصر : حبيباتي غادة وميمي، اقدم لكما المحققة ماريا من شرطة البحث الجنائي المركزي باثينا.
ماريا : انا سعيدة بلقائكما.
مدت يدها لتصافحهما. لكن غادة بقيت تبحلق بعين ماريا. اما ميادة فخطت خطوة الى الامام وامسكت بيد ماريا قالت،
ميادة : انا سعيدة بلقائك يا ماريا انا ابنته ميادة وبامكانك ان تناديني ميمي، عمري 7 سنوات و9 شهور وخمسة ايام.
هنا شعرت غادة بانها في موقف محرج لذلك قررت ان تحذو حذو ابنتها ميادة فتقدمت خطوة الى الامام واخذت يد ماريا قالت،
غادة : اهلاً وسهلاً بك يا محققة ماريا. لقد حدثني ناصر عنك لكنه لم ينصفك فانت اجمل بكثير مما وصفه زوجي.
ماريا : وانت اجمل بكثير مني.
اشارت غادة بيدها معلنة الترحيب بضيفتها ودعتها لداخل البيت. دخلوا جميعاً وجلسوا في صالة الاستقبال فاومأ ناصر لزوجته كي تذهب معه. استأذن من ماريا ليتوجه نحو المطبخ. وفورما اغلق باب المطبخ ورائه سمع زوجته تقول،
غادة : الم يكفيك ان تكون مع عشيقتك الجديدة 24 ساعة، والآن احضرتها الى هنا كي تثير غضبي؟
ناصر : حبيبتي غادة، لقد احضرتها معي اليوم كي اجعلك تتعرفين عليها وتتأكدي ان ما بيني وبينها هو التحقيق فقط ولا شيء آخر سوى التحقيق.
غادة : حسناً ولكنها جميلة جداً.
ناصر : وهل كنت تنتظرين مني ان اطلب محققة بشعة مثلاً؟
غادة : لا ولكن كان بالامكان ان يبعثوا لك محقق ذكر.
ناصر : انها افضل ما لديهم باليونان لانها تمتلك خبرة وقدرات واسعة بالقضايا المستعصية. ونحن لدينا قضية معقدة جداً ومن الصعب حل طلاسمها وحدي.
غادة : طيب حبيبي ولكن لا تلمني على غيرتي فانا احبك كثيراً.
ناصر : وانا احبك اكثر يا عمري. كل ما اريده منك هو ان تعامليها كضيفة مرحبٌ بها ارجوك.
غادة : هل ستبقون على الغداء؟
ناصر : اجل سنتناول الغداء معكم على عجالة لاننا سنعود الى اثينا لاكمال التحقيق هذا المساء.
غادة : إذاً ساعمل ملوخية بالارانب.
ناصر : لا حبيبتي، اعملي لنا صينية دجاج بالبطاطة المشوية بالفرن، فقد لا تحب الملوخية.
غادة : حسناً اذهب واجلس مع زميلتك السنيورة سابدأ الطبخ الآن.
ناصر : حسناً ولكن اعطني ما يصبرني.
غادة : ليس لدي طعام جاهز بعد.
ناصر : انا اقصد قبلة. فقد اشتقت اليك كثيراً.
قبل زوجته قبلة ساخنة وعاد الى غرفة الاستقبال ليجد ميادة قد تصدرت الموقف مع ماريا وصارت تعرض عليها البومات صور العائلة. رفعت ماريا رأسها وقالت،
ماريا : لديك عائلة بمنتهى الجمال يا ناصر.
ناصر : شكراً ماريا.
بعد الانتهاء من وجبة الغداء انتقل الجميع الى صالة الاستقبال واخذوا مجالسهم هناك فبدأت غادة بقولها،
غادة : اتسكنين بوسط العاصمة اثينا؟
ماريا : نعم لدي بيت هناك.
غادة : هل تسكنين مع زوجك؟
ماريا : لا، انا لست متزوجة. لدي حبيبة تأتي لزيارتي بين الحين والآخر فانت تعلمين حياة الشرطي دائماً مشغول ولا يمكنني ان اكون مع حبيبتي كل الوقت.
غادة : هل قلت حبيبة؟
ماريا : اجل انا مثلية GAY. هل هذا يضايقك؟
غادة : بالعكس، لا ابداً. انا لا يضايقني ذلك.
نظر ناصر الى ماريا باستغراب لانه كان يعتقد انها انسانة سوية لكنه ابى ان يسألها.
بعد ان امضت ماريا وناصر يوماً جميلاً مع الاسرة وقفت وقالت،
ماريا : يجب علينا ان نتوجه الى المطار الآن لاننا سنطير الى اثينا بعد بضع ساعات.
ناصر : وانا جاهز يا زميلتي.
غادة : اتمنى لكما رحلة موفقة. ارجوك حبيبي اتصل بي فور وصولك اثينا كي اطمئن عليك.
ميادة : لا تنسى يا ابي ان تشتري لي لعبة جديدة على مزاجك ليس من الضروري ان تكون باهضة الثمن وفستاناً تقليدياً لليونان. اريد ان ارتدي الفستان في عيد ميلادي القادم.
ماريا : انا ساختار لك اجمل فستان تقليدي رائع لانني اعلم ان الرجال ليس بارعين في اقتناء الملابس.
ناصر : هيا يجب ان نرحل، سنترككم الآن.
وقف الجميع وتوجهوا نحو باب المنزل فودعت غادة ضيفتها بحرارة وقبلتها ميادة ثم احتضنتها وقالت،
ميادة : اتمنى ان تأتي ثانية لزيارتنا.
ماريا : سافعل ذلك، كوني على ثقة يا ميمي.
خرج الثنائي الى خارج منزل عبد الناصر وخرجت معهما غادة وميادة لتوديعهما. ركبا سيارة عبد الناصر وانطلقا باتجاه المطار.
نظرت ميادة الى امها وسألت،
ميادة : عندما كنت تتحدثين مع ماريا، ماذا قصدت ماريا بكلمة (گاين)؟
غادة : هذا لا يهم الآن. اذهبي واعملي واجباتك المدرسية يا ميمي.
ميادة : حسناً يا امي.
وفي السيارة اثناء الرحلة الى المطار قال،
ناصر : انا آسف لم اكن اعلم انك... اقصد انني ربما فهمت بطريق الخطأ انك...
ماريا : هل تقصد مثلية؟
ناصر : اجل.
ماريا : لا انا لست مثلية. لقد اختلقت ذلك فقط كي تتوقف زوجتك عن ملاحقتك بغيرتها الغير مبررة فتسبب لك تشتيتاً بالتفكير. انا اريدك ان تكون متيقضاً بكامل تركيزك كي نجد حلاً لقضيتنا المعقدة.
ناصر : اقسم بانك اذكى محققة عرفتها بحياتي.
اخرجت ماريا هاتفها من جيبها واتصلت بالشرطة المركزية في اثينا لتخبره رئيسها عن آخر مستجدات التحقيق. وبتلك الليلة ركب الاثنان طائرة مصر للطيران متوجهين برحلة ليلية الى مطار اثينا. وفور وصولهما هناك توجها الى مخزن اللعب بداخل المطار فوجدوه مغلقاً لان الوقت كان متأخراً. لذلك قررا زيارته في صباح اليوم التالي. ركبا سيارة المحققة ماريا ورجعا بها الى فندق ماريوت ليدخلا جناحهما ويتهيآن للنوم كي يستقبلهما يوم حافل بالعمل المضني.
في اليوم التالي وبعد ان انتهوا من وجبة الافطار ركبا سيارة ماريا وعادا بها الى مبنى المطار. ذهبا مباشرة نحو صالات السوق الحرة. دخلت ماريا وعبد الناصر متجر الالعاب فوجدا سيدة خمسينية جالسة على كرسي مرتفع. وقفت ورحبت بهما فقالت لها ماريا باللغة اليونانية،
ماريا : انا المحققة النقيب ماريا بسينو من شرطة اثينا وهذا هو النقيب عبد الناصر من شرطة القاهرة أين مدير هذا المتجر.
السيدة : انا صاحبة هذا المتجر واسمي ايليانور.
ماريا : نحن نريد التحدث مع احدى العاملات لديك بهذا المتجر. لا نعرف اسمها ولكن لدينا مقطع فديو تظهر فيه تلك العاملة على الفديو التقط عبر كامرات المراقبة الامنية.
عرضت الفديو على صاحبة المحل من هاتفها النقال فتفحصته جيداً بعد ان ارتدت نظارتها الطبية قالت،
ايليانور : اجل اعرف هذه العاملة. انها عملت لدينا لمدة يوم واحد فقط ولم تأتي باليوم التالي لذلك اعتبرناها مفصولة من عملها.
ماريا : هل لديك اسمها وعنوانها؟
ايليانور : اجل اسمها (ديليا ماكريس)، ساكتب لك عنوانها على هذه الورقة.
ماريا : شكراً لك سيدتي.
قامت المديرة بكتابة العنوان. فسألها ناصر عما قالت، فاخبرته بالتفاصيل ففرح لانهم بدأوا يتقدمون في التوصل نحو رأس الخيط الذي يبحثون عنه. خصوصاً وأن عمل تلك الفتاة ليوم واحد فقط يشير الى انها ادت مهمة محددة ثم اختفت عن الانظار.
ايليانور : هذا هو العنوان يا نقيب ماريا. هل يمكنني أن أثير اهتمامكِ ببعض الألعاب التي نبيعها بمتجري؟
نظرت ماريا لعبد الناصر وسألته،
ماريا : اي انواع الالعاب تفضل ابنتك؟
ناصر : ميمي تحب الالعاب التي تُنَمّي الذكاء.
التفتت ماريا الى صاحبة المتجر وسألتها،
ماريا : الديكم لعبة سكرابل باللغة الانكليزية؟
ايليانور : بالتأكيد. تفضلي.
ماريا : هل بامكانك لفها بورق الهدايا؟
ايليانور : طبعاً.
بعد ان دفعت ثمن اللعبة قالت لناصر،
ماريا : لقد حصلنا على ما جئنا من اجله دعنا نقوم بزيارة العاملة ديليا ماكريس ببيتها لنعرف السر وراء تلك اللعبة الخشبية.
خرج ثنائي التحقيق من المطار ليعودا الى سيارة ماريا فتوجهت بها الى منطقة (جيراكاس) فسألها عبد الناصر،
ناصر : هل المنزل بعيداً؟
ماريا : انها تسكن بمنطقة جيراكاس شرق اثينا لكنها ليست بعيدة عن المطار. ربما نصف ساعة او اقل بقليل.
ناصر : جيد جداً. اردت ان اشكرك لانك اخذت هدية لميمي.
ماريا : انا احببت ميمي كثيراً واريد ان اهديها اللعبة في المرة القادمة عندما نكون بالقاهرة. كذلك وعدتها بفستان يوناني تقليدي.
بعد حوالي 35 دقيقة وصلا الى العنوان الذي اعطتهم اياه صاحبة متجر الالعاب.
نزل الثنائي وتفحصا المكان فوجدا انفسهما امام عمارة صغيرة من ثلاثة ادوار لكن باب العمارة كان محكماً. تفحصت ماريا العنوان فلم تجد فيه الطابق او رقم الشقة. لذلك انتظرا قليلاً حتى خرج احد سكان العمارة فاسرعت ماريا وامسكت بالباب قبل ان ينغلق تلقائياً. دخلت وصارت تتفحص صناديق البريد المثبتة على الحائط فقرأت اسم ديليا ماكريس على صندوق رقم 105 قالت،
ماريا : انها تسكن بالطابق الاول دعنا نصعد السلم.
صعدا الى الطابق الاول وتقربا من الشقة رقم 105 فوجدا الباب منفرجٌ قليلاً. ضغطت ماريا على زر الجرس وانتظرت إلا أن احداً لم يأتي ليستجيب. طرق ناصر الباب بقبضته دون فائدة. بعدها زاد من حدة الضرب فلم يجبهما احد. استلت ماريا سلاحها ودخلت الشقة وراحت تنادي، "ديليا ماكريس، ديليا ماكريس نحن من الشرطة المركزية باثينا". بقيت تكرر تلك العبارة مراراً وتكراراً وهي تتجول بغرف الشقة حتى صرخت باعلى صوتها قالت،
ماريا : تعــــــــــال يا ناصر. يبدو انهم سبقونا اليها.
دخل عبد الناصر فرأى جثة امرأة ملقية على الارض وقد نحرت كما تنحر الخراف. تفحص وجهها المخضب بالدماء وقال،
ناصر : انها ديليا ماكريس، لقد قارنت شكلها بمقطع الفيديو عندما اعطت اللعبة للطفل.
ماريا : يبدو اننا نجابه عدواً مقتدراً بالامكان ان يتلقى بعض التسريبات من الشرطة القذرين في اثينا.
ناصر : من الواضح اننا فقدنا اهم خيط يوصلنا الى القتلة.
ماريا : اجل كانت ديليا ماكريس واحداً من اهم المصادر التي كنا نأمل الحصول من خلالها الى دليل. ما العمل الآن يا ناصر؟ ماذا تقترح؟
ناصر : يجب علينا العودة الى الفديوهات وقوائم الركاب لنحاول العثور على المزيد من الادلة.
ماريا : لا اعتقد اننا سنحصل على شيء لاننا تفحصناها بدقة كبيرة.
ناصر : لكننا لا نملك اي دليل آخر، يجب علينا ان لا نستسلم. هيا اتصلي بالشرطة وبلّغي عن الجريمة، دعهم يأتون الى هنا، ربما سيتمكن فريق البحث الجنائي من العثور على دليل نستفيد منه.
ماريا : عملية القتل كانت بحرفية كبيرة، لا اعتقد ان القاتل سيترك اي اثر ورائه.
اخرجت هاتفها النقال واتصلت برقم الطوارئ 112 لتخبرهم عن جريمة القتل. وبعد ان وصلت الشرطة وتبعها فريق البحث الجنائي بقي عبد الناصر وماريا واقفان جانباً ينتظران ويراقبان الامر علهما يحصلان على اي قشة يستطيعون التشبث بها لانقاذ ابحاثهم. الا ان نتائج البحث الجنائي الاولية لم تصل الى اي نتيجة. لذلك خرج عبد الناصر وماريا الى الشارع وركبا السيارة ليعودا بها الى فندق ماريوت فيدخلا جناحهما ويجلسا على الاريكة يشعران باحباط كبير. وبعد مرور ساعة كاملة قال عبد الناصر،
ناصر : هيا يا ماريا يجب ان لا نستسلم. فعدونا ذكي جداً ولديه موارد كبيرة واذرع متعددة كالاخطبوط. انه دائماً يسبقنا بخطوة واحدة. يجب علينا ان نتعرف عليه كي نصطاده وإلا سنصبح اضحوكة له ولزملائنا. سافتح الحاسوب واتابع المقاطع من اولها وحتى آخرها.
ماريا : وانا ساتفحص قائمة الاسماء جميعها، علني اصل الى دليل جديد.
بقي الثنائي يبحث بالادلة طوال اليوم حتى نسوا ان يتناولوا وجبات الطعام لذلك اليوم. ولما شعرا بالتعب ناما في اماكنهم دون الذهاب الى اسرّتهم. وفي الصباح الباكر استيقظت ماريا على رنين هاتفها. التقطته من الارض وردت على المكالمة لتجد رئيسها اللواء نيكوس پاپادوپيلوس يقول بغضب شديد،
اللواء نيكوس : الو ماريا اين انت؟
ماريا : انا في الفندق سيدي. لقد استيقظت للتو. ما المشكلة؟
اللواء نيكوس : تعالي الى هنا مع شريكك المصري على الفور.
ماريا : سنأتي فوراً سيدي.
هزت كتف عبد الناصر وقالت،
ماريا : استيقظ يا ناصر، لقد جد جديد لدى اللواء نيكوس. يجب علينا الذهاب اليه فوراً.
ناصر : اجل، اجل، اين حذائي؟
ماريا : انه هناك انظر.
سحبه من تحت الطاولة اين كان يجلس بالليلة السابقة بينما كان يتابع مقاطع الفيديو. ارتدى ملابسه وانتصب واقفاً قال،
ناصر : انا جاهز، دعينا نخرج.
ترى ما هو القرار الجديد الذي سيتخذه اللواء نيكوس؟ ربما سيقوم بغلق ملف القضية برمتها لعدم حصول المحققين على اي تقدم! او ربما قد يمنح القضية لفريق جديد كي يحرزوا تقدماً افضل! او ربما لديه دليل جديد قد يساعد في التوصل لحلول! سنعرف ذلك بالجزء الثاني والاخير من هذه الرواية.
921 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع