سمير عبد الحميد
قصة الخليقة الثانية
القران الكريم معجز لانه من عند الله وليس في مقدور مخلوق ان يحاكيه او يدانيه معجز باحكامه وحكمه واسلوبه ونظمه معجز لانه يفحم المعاندين ويقنع المؤمنين وينبه الغافلين ويهدي الضالين ضمت دفتاه ما اندثر في ضمير الزمن من انباء الامم واثارهم في قصص طوال او جمل قصار فيها ذكريات وعبرةودراسة وخبرة وله على كل مسلم اشراق وله في قلب كل مؤمن هدى ونور ولكل انسان فيه بيان وحجة وموعظة حسنة والمتعلم يدرسه فيعثر كلما امعن في الدراسة والتامل والبحث والتعمق على جديد من العلوم ويديع من النظم وينكشف له من اسرار الكون حتى يوقن عنده ان هذا القران لاريب تنزيل العزيز الحكيم وهذا الكون لاشك صنع العلي العظيم((لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلقه تنزيل من حكيم حميد)) من اجل هذا يتقادم الزمن ويتجدد القران ويكشف العلم ويؤيد القران .وفي قصة الخليقة الثانية –خلق ادم –عليه السلام كان لزاما ان ارجع الى المفسرين السابقين والمعاصرين فاقف على ما قالوا وما فهموا واعود الى خاصة قولي وفهمي بما استجد من ادواة العلم وما تكشف من اسرار العلم والغاية من هذا الكشف الجديد في قصة الخليقة الثانية ان اشير الى الاحداث والنظم والاخلاق والعادات الى جرت وتجري بين الناس في هذا الزمان والتي ينطق كتاب الله باسبابها وغاياتها وخيرها وشرها عسى ان يرجع الناس الى منطق العدل والحق المبين .يقول ابن جرير الطبري -رحمه الله- (كبيرالمفسرين) عجبت لمن يقرأ القران كيف يلتذ قراءته وهو لا يعرف معانيه. ففي القران الكريم الفاظ ذات دلالات مثل، البشر والانسان، والجبت والطاغوت ،والروح والنفس، والامانة التي عرضت على السموات والارض. وهكذا الفاظ تحتاج الى ان تفسير مدلولاتها، حتى نفهم القران الكريم ونلتذ بقراءته .قال الله تعالى في المحكم العزيز في سورة ص:
((اذ قال ربك للملائكة اني خالق بشرا من طين فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)) ان الله سبحانه وتعالى في عظمته وجلاله يرضى لعباده من (الملائكة) المكرمين والذين لا يعصون الله ويفعلون ما يؤمرون، ان يسالوه عن حكمته في صنعه، وما يخفى عليهم من اسراره في خلقه ،ولاسيما عند الحيرة. واستخدام الصيغة (خالق) هنا يفيد الاحداث، اي الايجاد من العدم. والبشر هنا كما قال ابن فارس في مقاييس اللغة :ظهور الشيء مع حسن وجمال. فقبل التسوية والنفخة، لم يكن المخلوق البشري انسانا بل كان بداية خلق الانسان في حيز القوة قبل ان يكون انسانا في حيز الفعل.و لولا تلك النفخة الالهية لما كان ذلك المخلوق سوى دابة من دواب الارض.
فالمخلوق البشري ، أو عما سیؤول إلیه أمره ، كان غیباً في علم الله وحده ، وھو من إختصاص قدرته، التي تابعت تنفیذ المخطط ، وتحقیق التسویات المطلوبة عبر الأجیال ،زودتھا القدرة العظمى بعوامل التألق حتى صار البشر الغشیم ( إنساناً ).. فالانسان هو المرحلة الاخيرة والحاسمة في تاريخ الحياة على الارض وان وجود البشر انما كان بمثابة المراحل التحضيرية لذلكم المخلوق الذي قضى على الارض ملايين السنين بين عوامل التسوية وتحصيل خواص الجمال والكمال بروح من الله الذي قدر له ان يكون سيد الكون وجديرا بان يحمل امانة الله على الارض، وينفرد بذلك دون السموات والارض والجبال جميعا ((انا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا)).لقد خفيت هذه التفرقة بين مدلول كلمة البشر ومدلول كلمة انسان على اجيال العلماءوالمفسرين قديما وحديثا ،وجاء ادم وقبله كانت الحياة صدام بين البشر وسائر اجناس الخلق، وكانت العلاقات بين الموجودات والبشر القوت اليومي بوجهيها السلبي والايجابي .وحسم القران العلاقة بين الملائكة والانسان: ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰٓئِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌۭ فِى ٱلْأَرْضِ خَلِيفَةًۭ ۖ قَالُوٓا۟ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّىٓ أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلْأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَـٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبِـُٔونِى بِأَسْمَآءِ هَـٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ قَالُوا۟ سُبْحَـٰنَكَ لَا عِلْمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَآ ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ))البقرة إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ.....)) وھو خطاب یتضمن إخبارھم بأن التسویة قد تمت ، وقد صار البشر مزودا بالنفخة من روح الله ، وكان لھذا القول وقع المفاجئة على أسماعھم ، فھم یتابعون منذ ملایین السنین أحوال ھذا المخلوق ( البشر ) ، ویعاینون من شئونه ما یحیرھم ، ولذلك بادروا إلى سؤال المولى عز وجل((اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماءونحن نسبح بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ )) . وكأنھم یقولون لربھم : أھذا ھو المخلوق الذي أمرتنا بالسجود له حين اخبرتنا بخبره منذ ملايين السنين لقد راقبنا احواله منذ ذلك العهد السحيق فما رأينا منه غير الافساد في الارض وسفك الدماء - يشيرون بذلك الى السلوكيات الحيوانية التي كان عليها البشر في مختلف مراحل تسويتهم- حتى اكتمال ملكاتهم بالنفخة الالهية وثمراته بالملأ الأعلى .إن معنى سؤال الملائكة لا یتضمن رغبتھم في تلك الخلافة ، أو حسد البشر علیھا ،بل ھو تعبیر عن إستغرابھم لما یتوقعونه من استمرار الفساد وتزاید التشویش في الأرض مقابل تسبیحھم وتحمیدھم وتقدیسھم لجلال الله وعظمته ، فموقع الجملة الملائكیة ((وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ )) موقع الحال أي : إننا غارقون في أنوار التقدیس ، في حین أن ھؤلاء والغون في بحار الدماء ، لا یعرفون دیناً ، ولا یعبدون إلھاً وقال الله : {{ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }} ، وسكتت الملائكة.
وقول الملائكة ((ويسفك الدماء ))فهي اشارة الى انتشار جرائم القتل في تلك العهود بين البشر، ولم يكن قتل قابيل لهابيل الا استنافا لسفك الدماء في العهد الانساني عهد التكليف بعبادة الله وحده بعد انقراض بقية البشر، وانتهاء العهد البشري ،الذي لم يعرف تكليفا ولاتلقى رسالة ولا اتبع دينا. اذ بدأت هذه التكاليف عند ادم وزوجه لمتلاكهما خاصية العقل المميز بين المتناقضات والناتجة عن النفخة الالهية. والتي حولت الكائن البشري الى انسان .وقد ورد في تفسير القرطبي: ((ان الملائكة قد رأت وعلمت ماكان من افساد الجن وسفكهم الدماءوذلك لان الارض كان فيها الجن قبل خلق ادم فافسدوا وسفكوا الدماء......)).وقد ورد في تفسير القران الكريم طبعة دار المعارف بمصرمايلي:((وذكر الملائكة الافساد وسفك الدماء يشعر بان الارض كانت مسكونة بمن يفسد فيها ويسفك الدماء قبل ادم فقيل:ان طائفة من الجن كانت تسكنها ففعلوا هذا ،وقيل ان بشرا كانوا يسكنوها،ثم دبت بينهم العداوة والبغضاء ،فافنى بعضهم بعضا ونحن نميل الى هذا الراي الثاني لانه يتفق مع ما اثبته العلماء الباحثون، وكلمة خليفة تؤيد هذا المعنى لانه يخلف من قبله)) فكيف يسفك دم الجن والقران قد وصف خلق الجن بقوله ((وخلق الجان من مارج من نار)) والمارج الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد. وقال القرطبي :ولايستعمل السفك الا في الدم .والمعلوم يقينا عدم وجود الدم في النار.اذن نظرية وجود الجن قبل ادم غير مقبولة عقلا.
ادم وزوجه في الجنة وعدوهما ابليس
قال تعالى في سورة ص : (( إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِینٍ فَإِذَا سَوَّیْتُھه وَنَفَخْتُ فِیه مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَھُ سَاجِدِین، فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّھُم أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِیسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِینَ قالَ یَا إِبْلِیسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِیَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِینَ قالَ أَنَا خَیْرٌ مِّنْه خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَه مِن طِینٍ قالَ فَاخْرُجْ مِنْھَا فَإِنَّكَ رَجِیمٌ وَإِنَّ عَلَیْكَ لَعْنَتِي إِلَى یَوْمِ الدِّینِ)){{ وَیَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَیْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا ھَذِه الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِینَ }} الأعراف ِ وقال لھما : {{ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِیھَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِیھَا وَلَا تَضْحَى ))طه. في الجنة زود الله ادم وحواء بكل مقومات الحیاة الرخیة وكذلك من سائر التنبیھات والتحذیرات من حقد إبلیس علیھما ، ولكن ھیھات لآدم وزوجه ، وھما حدیثا عھد بالتكالیف، قلیلا الخبرة بألاعیب العدو وأخلاقه الوضیعة ھیھات لھما أن یقاوما ما واجھا معه من إغراء أثارشهيتهما وحرك غرائزهما ، لقد كان توجیه الله لھما : {{ كُلاَ مِنْها رغدا حَیْثُ شِئْتُمَ وَلاَ تَقْرَبَا ھَذِهِ الشَّجَرَةَ }}البقرة ، وما أعظم ما أباح لھما من نِعَم ، وما منحھما من الحریة ، بالقیاس إلى ما منعھما منھما ، وجاء الشیطان یوسوس لھما ، صارفاً لھما عن نعم الله الوفیرة والمباحة ، مركّزاً على تلك الشجرة المحظورة وھي معیار الطاعة والمعصیة .. جاء الشیطان قائلاً لھما : {{ مَا نَھَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ ھَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَ مَلَكَیْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِینَ }} - الأعراف كانت القضیة واضحة ، تتعلق بتوجیه الله سبحانه لھم:
((ألا یأكلا من الشجرة)) ، وكان ھدف الشیطان أن یأكلا من الشجرة وأن یفعلا ذلك بأي ثمن من الكذب والخداع، فھو إذاً التصادم بین أمر الله وھدف الشیطان ، ، ولا ریب أن تلك الشجرة كانت مغریة ، تدعو إلى تجربة مذاقھا ، وجاء إبلیس بكلام كله كذب فربط بین الشجرة والارتقاء إلى درجة الملائكیة ، أو تحقیق الخلود ، وكلا الأمرین مطمح لآدم وزوجه، لقد تعلقاً بالدخول في ھذه التجربة أن اللعین أخذ یقسم لھم ((إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِینَ }} الأعراف . ، وھو كاذب في كلامه ، كاذب في قسمه ، ولكنھما لم یتصور أن یوجد من یجرؤ على الكذب بھذه الصورة الفاجرة حتى ولو كان إبلیس ، وغاب عنھما تماماً في ھذه
اللحظة تحذیر الله لھما : {{ فَقُلْنَا یَا آدَمُ إِنَّ ھَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا یُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى }} طه، {{ فَأَكَلاَ مِنْھَا }}طه ، في لحظة ذھول وضعف ، وكانت القشة التي قسمت ظھر البعیر :كانت الخطیئة التي جعلتھما من الظالمین .. وھكذا - رغم التحذیر الإلھي - سقط الزوجان في شرك الغوایة : (( فَدَلاَّھُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَھُمَ سَوْءَاتُھُمَا وَطَفِقَا یَخْصِفَانِ عَلَیْھِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ))الاعراف، وعبارة القرآن ( فدلاھما بغرور،تعني:انه مازال يخدعهما بالترغيب في الاكل من الشجرة.
وتلك ھي النتیجة الأ اخلاقیة التي قصد إلیھا الشیطان ؛ أن یكشف عن ضعف آدم وزوجه لانهما- في رأيه- لايستحقان التكريم الذي خصهما الله بهما وبذلك لم يعد الشيطان وحده هو المتورط في المعصية بل (استوى الماء والخشبة)فهما في الخطيئة سواء غير ان وصف القران للاثار المادية للاكل من الشجرة يستاهل الوقوف عنده والتامل العميق:
فالذي كان ادم وزوجه فيه بعد ان اسكنهما الله الجنة اربع نعم وهي الشبع الدائم فلا يجوعا فيها والكسوة الدائمة فلا يعريا والري الدائم فلا يظما فيها وكذلك لهما ما يستظلان به فلا يضحيان، وتلك هي حاجات الانسان الضرورية التي لايهنأ له عيش الا بها والله سبحانه لم يورث الجنة لادم وزوجه وانما اسكنهما فيها وهي اقامة مشروطة والشرط هو طاعة الله عز وجل بالبعد عن هذه الشجرة المحرمة وان لاياكلا منها، فلما اكلا من الشجرة زالت عنهما هذه النعم على الفور وقال تعالى :((ويا ادم اسكن انت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين))الاعراف وقال تعالى: ((فوسوس اليه الشيطان قال ياادم هل ادلك على شجرة الخلد وملك لايبلى فاكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى ادم ربه فغوى)) طه قال ابو جعفربن جرير الطبري :يعني جل ثناؤه بقوله: ((فوسوس لهما)).ومعنى الكلام :فجذب ابليس الى ادم حواء والقى اليهما مانهاكما ربكما عن اكل ثمر هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين او تكونا من الخالدين وقاسمهما =ليبدي لهما ما واراه الله عنهما عوراتهما فغطاه بستره الذي ستره عليهما.-
ان الهدف هو اخراجهما من الجنة وهو الهدف الاستراتيجي النهائي للشيطان من كل ما صنعه معهما ، انه اراد ان يكشف لهما عوراتهما و يطلع كل منهما على عورة الاخر، وحيث ان الله عز وجل قد كساهما وضمن لهما الا يتعريا ما داما بعدين عن الشجرة المحرمة، ((فدلهما بغرور))اي فخدعهما بزخرف من القول باطل ((فلما ذاقا الشجرة))يقول ابوجعفر :فلما ذاق ادم وحواء ثمر الشجرة((بدت لهما سوءاتهما))يقول انكشفت لهما سوءاتهما .((وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة))يقول: وجعلا يشدان عليهما من ورق الجنة فيجعلان على سوءاتهما . يقول الشيخ محمد رشيد رضا صاحب تفسير المنارفي المجلد 8 ص250 :((والاقرب عندي ان معنى ظهورها لهما (يعني سوءاتهما) ان شهوة التناسل دبت فيهما بتاثير الاكل من الشجرة فنبهتهما الى ما كان خفيا عنهما من امرهما فخجلا من ظهورها وشعرا بالحاجة الى سترها وشرعا يخصفان اي يلزقان او يربطان يضعان عليهما من ورق اشجار الجنة العريض ما يسترها -من خصف الاسكافي النعل-اذا وضع عليها مثلها –فالموارات كانت معنوية فان كانت حسية فما ثم الا الشعر ساتر خلقي )). لقد كانت وسوسة الشيطان لهما اذا ليبدي لهما سوءاتهما التي سترها الله عنهما وهي شهوة التناسل التي لم تكن ضمن مكتسبات ادم للعيش الرغيد في الجنة {{ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِیھَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِیھَا وَلَا تَضْحَى )) لان الله تعالى لم يخلق الجنة دار للتكاثر وانما خلق الارض للتكاثر ودار للاستقرار والمتاع الى حين وكان الاكل من الشجرة اول تجربة ابتلائية لادم وزوجه ظلما بها نفسيهما كما قال تعالى(ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين)والظلم هنا الحرمان في البقاء في الجنة والنزول الى الارض والسعي للحصول على اسباب العيش الرغيد بشق الانفس قال تعالى ((فاكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى ادم ربه وغوى)فاتبع المعصية التي هي الاكل من الشجرة بالغواية فماذا تكون الغواية التي ليست هي المعصية والتي حدثت عقبها وهي فعل ارادي لهما.
الحمل في الجنة
بعد معصية ابليس(( قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من من طين ))فصرح ابليس باصراره عليها فجاءه حكم الله تعالى((قال فاهبط منها فما يكون لك ان تتكبر فيها فاخرج انك من الصاغرين))اي انه هبط وخرج مغضوبا عليه ملعونا محكوما عليه بالصغارفما الذي حدث لادم وزوجه بعد المعصية قال تعالى ((فازلهما الشيطان عنها فاخرجهما مما كانا فيه ........وقلنا اهبطوا منها جميعا فاما ياتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون ))قوله تعالى فازلهما الشيطان قد ذكر ادم وزوجه بضمير المثنى اما قوله تعالي اهبطوامنها جميعا يعني الجمع وابليس غير مشمول بالجمع لان اللعنة قد حلت عليه الى يوم الدين(( قال فاخرج منها فانك رجيم وان عليك اللعنة الى يوم الدين ))الحجر. والخلاصةانه قد ثبت من الايات بالدليل اللغوي ان هناك حمل قد حدث في الجنة ،نتيجة بروز الاحساس بالتزاوج ببروز الشهوة في السوءات بعد الاكل من الشجرة بل انه يصلح ايضا لاثبات حدوث الولادة فيها.
الملائكة
ونبادر ھنا على إلى تسجیل ملاحظة على عبارة الملائكة : {{ وَیَسْفِكُ الدِّمَاء }} ، فھي إشارة إلى إنتشارجرائم القتل في تلك العھود بین البشر ، ولم یكن قتل قابیل لھابیل إلا استئنافاً لسفك الدماء في العھد الإنساني،عھد التكلیف بعبادة الله وحده ، بعد انقراض بقیة البشر ، وانتھاء العھد البشري الذي لم یعرف تكلیفاً ولا تلقى رسالة ولا اتبع دیناً.
1127 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع