عائشة سلطان
أقنعه.. وتوكل!
ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، فمنذ تحول الهاتف المتحرك إلى جزء أساسي في حياة الناس وعاداتهم اليومية، والدعوات والمحاولات لم تتوقف للحد من استخدام الهواتف وبشكل مفرط وصل حد الإدمان، خاصة بعد الدراسات الطبية والسلوكية التي أكدت أن استخدام الهواتف الذكية له علاقة أكيدة بشيوع السمنة بين الأطفال والشباب، وبآلام الرقبة وضعف الحركة وانعدام التواصل الطبيعي واللجوء للوحدة والعزلة، اكتفاء بالهاتف وما يوفره من خيارات وعلاقات وهمية!
الأمر لا علاقة له بنطاق جغرافي محدد، ولا بثقافة أو بلد أو مستوى مادي وثقافي، ولا بشريحة عمرية دون أخرى، فالكل في إدمان الهاتف متساوون، وإن كان المراهقون أكثر إدماناً والتصاقاً بالهاتف لأسباب مختلفة، لذلك فعندما طالبت السلطات المحلية في مدينة سين بورت، الواقعة جنوب العاصمة الفرنسية باريس، بحظر الهواتف الذكية في الأماكن العامة، عبر المراهقون وصغار السن عن شكوكهم حول جدوى هذه المطالبة، أو إمكانية تأثيرها على عاداتهم الاجتماعية، لصالح التواصل المباشر أو التخلي عن الاعتماد على الهواتف والارتباط بها!
لم يطالب الكبار والمعارضون لاستخدام الهواتف بحظرها نهائياً، ولكنهم أرادوا تقنين استخدامها في بعض الأماكن العامة كالمقاهي والمطاعم والتجمعات واللقاءات الاجتماعية والعائلية وفي المراكز التجارية، وذلك لإتاحة المجال نحو لقاءات وجلسات وأحاديث بعيدة عن تشويش الاتصالات ورنين الهواتف والانشغال بها، وهي مطالبة تبدو للكبار والآباء منطقية وضرورية، إلا أن الأمر ليس كذلك للصغار والمراهقين، لأنك متى أخذت منهم شيئاً وجب عليك دوماً أن توفر لهم البديل المقنع!
فما هي الخيارات البديلة للهاتف بالنسبة للشباب الذين أصبحوا يعتمدون عليها في علاقاتهم، وتوفير المعلومات، والوصول السلس إلى مصادر الألعاب والترفيه وأفلام السينما وغيرها؟ هنا سيكون على المطالبين بحظر الهاتف أن يقنعوا الصغار بمطلبهم أولاً، ومن ثم أن يقدموا لهم بديلاً قوياً ومعادلاً للهاتف من حيث الأنشطة الترفيهية والاجتماعية والرياضية، حيث لم يعد مقنعاً اليوم أن تقول للصغير إن ماما أو بابا والمجتمع والمنطق يريدون ذلك، لأنه سريعاً ما سيجيبك كمن يدافع عن حق يتعرض للاعتداء: ولكنني لا أريد.
745 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع