الأستاذ الدكتور سلمان الجبوري
تبرير السقوط
بسم الله الرحمن الرحيم
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) البقرة.
صدق الله العظيم
في رأي سابق لي قلت ان السقوط نوعان احدهما مادي والأخر قيمي وفي كلتا الحالتين فأنه سقوط من الاعلى الى الأسفل. ففي الحالة الأولى يحدث تغيير فيزيائي للشئ الساقط وربما يكون الضرر الذي يلحق به صغيرا يمكن إصلاحه او استبدال جزء منه او كله. اما في حالة النوع الثاني فأن الذي يحدث لا يمكن اصلاحه فهو انحدار الذات الى الهاوية وهواسوأ انواع السقوط. ان من يسقط قيميا هو ذاك الذي يدير ظهره للمبادى التي اعتنقها وحنث بالقسم او اليمين الذي اداه سواء اكان ضابطا او متبوءا منصب او عضوا في الحزب . اذاً سقوط ذات الانسان هو سقوط اخلاق ومباديء مهما كان عليه المرء من عظمة في الانجاز والرقي العلمي، اذ من الثابت للجميع من انه لا قيمة للعلم بلا اخلاق ومباديء. ومما يؤسف له هو عدم ادراك البعض (ممن اكتسب احترامنا اما لاننا تتلمذنا على ايديهم يوما ما حتى وان كان لفترة قصيرة عملا بمبدأ من علمني حرفا ملكني عبدا او بسبب ثقة القيادة الوطنية بهم آنذاك.
ان أمثال هؤلاء قد ارتضوا لانفسهم بسبب انعدام الوازع الاخلاقي والمبدئي ان يسيئوا لماضيهم العلمي وتأريخهم الوظيفي فاندفع نحو اولئك الذين ساهموا في احتلال العراق وتدميره والاساءة الى تأريخه وحضارته فمنهم من نسي نفسه وموقعه العلمي وعمل مستشارا لمن هو ادنى منه قيمة يوم كان في الصدارة وموقع تقدير القائد والدولة او انه كان محكوما عليه بعدما ثبتت الادلة عليه في الاشتراك بالتأمر على بلده واعفي عنه بسبب رأفة من القيادة به آنذاك..
من المتعارف عليه ان الفئران اول من يهرب من السفينة المشرفة على الغرق . اما ربانها فيكون اخر من يفكر بمغادرتها بعد ان يستنفذ كل الوسائل لانقاذها وهذا هو شرف المسئولية التي انتدب لحملها
كنت يوم امس استمع الى حلقة من برنامج أوراق مطوية على قناة التغيير وكان الضيف احد الدبلوماسيين قبل الاحتلال واستمر بعده أيضا. اذ ذكر انه حضر مع عبد مطلك الجبوري الذي اصبح بعد الاحتلال نائبا لرئيس الوزراء (ولمن لايعرف عبد مطلك الجبوري فهو كان برتبة لواء ركن في الجيش الوطني وحضي برعاية الرئيس الشهيد صدام حسين الى ان تم سجنه بعد ثبوت اشتراكه فيما سمي حينها بمؤامرة الجبور ) مؤتمرا في قطر فألتقى بالرئيس اليمني المرحوم على عبدالله صالح الذي قال لعبد مطلك معاتبا وبأستغراب كيف تكون ضمن شلة من جاؤا مع الاحتلال الذي احتل بلدك وانت القائد العسكري المشهور الذي قاتل في القادسية، فرد عليه عبد مطلك وبغباء وهل سمحتم لنا بالعمل في الجيش اليمني لكي لا نكون بهذا الموقع ، متناسيا ان كرامة الانسان ترقى به عن الهوان كما فعل العديد من القادة العسكريين كبارا وصغارا ومسئولين اخرين فمنهم من لم يغادر العراق فاثر العيش على الكفاف وتحيط به المخاطر كل يوم ومن كل جانب، ومنهم من لجأ الى دول أخرى حتى دون ان يحصلوا على عمل هناك وعاشوا عيشة ضنكى دون ارصدة من السحت الحرام وبدون تقاعد من غير ان يدنسوا سمعتهم بتعاونهم مع المحتل او مع من جائوا معه.
1128 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع