بسام شكري
معجم حكام العراق - الحلقة الثالثة والعشرين
وصول السير برسي كوكس إلى العراق
في هذه الحلقة: وصول السير برسي كوكس المندوب السامي البريطاني للعراق – تأليف الحكومة العراقية المؤقتة – تأليف مجلس استشاري من العراقيين لإسناد الحكومة المؤقتة – تعيين مستشارين بريطانيين لكل وزراء الحكومة المؤقتة – المعتمد السامي يصدر قرارات إدارة الدولة وتشكيل الحكومة - وضع القواعد الأولى لكيفية إدارة الوزارات.
وصل السير يرسي كوكس إلى البصرة في يوم 1 تشرين الأول من عام 1920 م ليستلم المهمة التي أشار إليها البلاغ الصادر في بغداد يوم 17 حزيران 1920 م بعد أن عرج على ميناء العجير( العقير ) لمقابلة ابن سعود وعلى المحمرة للاجتماع بالشيخ خزعل وهما الأميران العربيان اللذان يحادان العراق واستقل في اليوم التالي طائرة لزيارة معارفه في الناصرية وسوق الشيوخ والعمارة والكوت وغيرها من المدن القائمة على سيقي دجلة والفرات فلما كان يوم 11 من هذا الشهر وصل إلى بغداد بالقطار فحيته المدفعية الانجليزية بسبع عشرة طلقة واشترك في استقباله الرسمي أصدقاؤه وخطب أمامه جميل صدقي الزهاوي الشاعر الفيلسوف خطبة حماسية استهلها بمقطوعة من الشعر جاء فيها :-
عد للعــراق وأصلح منه ما فســدا واثبـت به العـدل وامنح أهله الرغدا
الشعب فيك عليك اليوم معتمــــــدا ً فيمـا يكـــون كما قــد كـان معتمـــدا
ثم حمل على ثورة العشرين وعلى القائمين بها حملة شعواء وذمها وقد أنكره على قصيدته الوطنيون العراقيون ولا سيما أنه كان قد رأى أبطال ثورة العشرين من قبل بقصيدة معجلة قال فيها: -
ماذا بضاحية الرميثة من عطا رفه جحاجح ولمن أقيمت في البيوت على كرامتها المناوح
والشعراء يتبعهم الغاوون الم تراهم في كل واد يهيمون وإنهم يقولون مالا يفعلون، أما السير برسي كوكس فقد رد على الزهاوي بلسان عربي فصيح قائلا: - يا جميل أفندي ويا أيها المندوبون أن دولة انجلترا أرسلتني للمساعدة والاتفاق مع أشراف ورؤساء العراق لنحصل على الغاية المطلوبة للطرفين وتأليف الحكومة العربية حكومة مستقلة بنظارة دولة انجلترا ولقد جئت لهذا المقصد لكن ما زال التباحث مستمرا، طبعا لا يمكن العمل وأنا حاضر عندما تحصل الفرصة وهذا شيء بيدكم.
ما عمله السير برسي كوكس
كان بركان الثورة رغم الهزال الذي أصاب عمودها الفقري ولا يزال محتدما في بعض مناطق القتال وكانت القبائل تنازل القوات البريطانية بين حين وآخر وتوقع فيها الخسائر الفادحة في الأموال وفي الأنفس فأذاع سير برسي كوكس البلاغ التالي في يوم 26 تشرين الأول 1920 م:
منشور إلى جميع طوائف العراق وعشائرها.
أن فخامة نائب الملك السير برسي كوكس يعلن لجميع أفراد العشائر وطوائف العراق بأن حكومة بريطانية العظمي انتدبته ليعود إلى العراق لتنفيذ مقاصد الحكومة الثابتة بمساعدة رؤساء الأمة ولتشكيل حكومة وطنية في العراق بنظارة حكومة بريطانيا ولقد يصعب جدا على فخامته تنفيذ نوايا الحكومة البريطانية ما دامت بعض أقسام العشائر والطوائف في العراق تعادى الحكومة ، ويظن أن الأحوال الحاضرة نتجت عن الشكوك الواهية التي تخامر أفكار بعض طبقات الأمة في نوايا الحكومة البريطانية ويعتقد فخامته بتوصله لإزالة كل شك أو ريبة غامرت أفكار الذين قابلوه حتى الآن ولا يعلم فخامته غرض العشائر الذين يشغلون أنفسهم بالحرب فإذا كان هناك سوء مفهومية يمكن إزالتها فيسر فخامته أن تبلغ العشائر ذلك إليه بواسطة اقرب حاكم سياسي إليهم
ورأي سير برسي كوكس أن لا بد من إشغال الرأي العام أو ألفات القسم المنشود منه للاشتغال بقضية البلاد السياسية فقرر أن يؤلف حكومة محلية من بعض العراقيين المواليين للإنجليز على أن يكون لها مستشارون بريطانيون يسيرونها على النحو الذي يحقق الأهداف البريطانية في العراق فجمع في يوم 21 تشرين الأول سنة 1920 م مجلسه الاستشاري المؤلف من ( سير بونام كارتر ) ناظر العدلية وكولونيل هاول ناظر المالية ومساعده كولونيل سليتر وميجز بولارد ناظر الاشغال ومستر فلبي ناظر الداخلية ومس بل السكرتيرة الشرقية لفخامته وعرض عليهم مشروعه قائلا أنه يرى أن يسلك طريقا خاصا في تنفيذ السياسة المقررة في البلاغ الصادر في 17 حزيران فيحافظ على الروح ويسير في طريقه البناء , وأنه يرى لمن يؤلف حكومة مؤقتة تكون كالجسر بينه وبين الشعب العراقي وتأخذ على عاتقها تعبيد الطريق لإقامة الحكم المقرر دون أن يمس جوهر السياسة المرسومة وأضاف إلى ما تقدم أنه قرر الاستعانة بالسيد عبدالرحمن الكيلاني نقيب اشراف بغداد ليوليه رئاسة هذه الحكومة لما له من المنزلة الاجتماعية والمقام الروحي بعد أن اعترضه صعوبات وعقبات جمة في ترشيح غيره فجرت حول هذا الاقتراح مناقشة حادة استغرقت ثلاث ساعات فقد كان بين الموظفين البريطانيين جماعة تحاذر من تحقيق أهداف سير برسي كوكس في تأسيس حكومة بالشكل الذي يرتئيه رغم إخلاصها له ويقولون أن هذه الجماعة كانت لا تدرك هذه الأهداف أما كوكس فكان يرى ويقول أن الحالة تتطلب أحد أمرين أما إقامة حكومة عربية في العراق وإما الجلاء عنه ومضى في سبيله يقنع هذا وذاك حتى أسفر الاجتماع عن إقرار المشروع الذي جاء به .
تأليف الحكومة المؤقتة
وبعد ان فرغ السير برسي كوكس من مفاوضة الأشخاص الذين لبوا دعوته للاشتراك مع نقيب بغداد في تأليف الحكومة المؤقتة في 25 تشرين الأول سنة 1920 م بعد أن تغلبت على جميع الصعوبات التي قامت في وجهه فقد كان معظم الوجوه والاشراف يبدون مخاوف من إجابة طلبه ولكن تم تأليف الحكومة المؤقتة على النحو التالي: -
1- السيد عبد الرحمن نقيب بغداد رئيسا لمجلس الوزراء
2- طالب النقيب وزيرا للداخلية
3- سا سون حزقيل وزيرا للمالية
4- حسن الباجة جي وزيرا للعددلية
5- جعفر العسكري وزيرا للدفاع
6- عزت الكركوكلي وزيرا للأشغال
7- عبد اللطيف المنديل وزيرا للتجارة
8- محمد علي فاضل وزيرا للأوقاف
9- محمد علي الطبطبائي وزير للمعارف والصحة
وقد اعتذر المحامي حسن راجي الباجة جي عن الاضطلاع بأعباء أية مسئولية في هذا العهد فأختار المعتمد السامي السيد مصطفى الألوسي وزيرا للعدلية بدلا عنه.
والظاهر أن السير بي كوكس أراد أن يحذوا في العراق حذو الحكام البريطانيين في المستعمرات فيؤلف مجلسا استشاريا من بعض موظفي الحكومة المحلية وممن يرى فيهم الفائدة المتوخاة لتنفيذ أهدافه السياسية من الوجوه ولإشراف فاختار بمساعدة سكرتيرته مس بل أثني عشر ذاتا جعلهم وزراء بلا وزارة فكانوا بمثابة مجلس استشاري لمجلس الوزراء يتناولون المخصصات الوزارة ولا يأتون عملا رسميا إلا إذا دعوا للاستشارة وهذه أسماؤهم مع حفظ الألقاب: -
1- حمدي بابان بغداد 7- محمد الصيهود الكوت
2- عبد الجبار الخياط بغداد 8- عجيل السمرمد الكوت
3- عبد الغني كبة بغداد 9- احمد الصانع البصرة
4- فخر الدين جميع بغداد 10- سالم الخيون المنتفك
5- عبد المجيد الشاوي بغداد 11- هادى القزويني الحلة
6- عبد الرحمن الحيدري بغداد 12- داود اليوسفاني الموصل
وقد اعتذر حمدي بابان عن الاضطلاع بالمهمة التي ندب إليها فاختير بدله الشيخ ضاري السعدون ( من المنفك ) كما اعتذر السيد هادى القزويني عن ذلك فاختير بدله الحاج نجم والبدراوي من العمارة وهكذا نرى المعتمد السامي يؤلف المجلس الاستشاري للحكومة المؤقتة من شخصيات تمثل الأسر المعروفة في العراق أو تنتمي إليها وقد خصص راتبا لرئيس الوزراء قدرة سبعة ألاف روبية في الشهر وخصص لكل وزير سواء كانت له وزارة آم لم تكن ثلاثة آلاف روبية في الشهر , واجتمع مجلس الوزراء لأول مرة في 2 تشرين الثاني سنة 1920 م وكان اجتماع في دار النقيب السيد عبدالرحمن لأن الرئيس مقعد لا يخرج من داره وقد حضر هذا الاجتماع السر برسي كوكس فأعرب عن سروره وارتياحه لتأليف حكومة وطنية في العراق وقال أن حكومة لندن مستبشرة بهذا الحدث العظيم ثم اقترح تشكيل لجنة برئاسة جعفر العسكـــري لـــدرس النظام العسكري للبلاد ثم تناول النقيب الحديث قائلا :- " أيها السادة – الأجلاء . وجوه الوطن العزيز النبلاء... تعلمون أن ما انتدبتم إليه من القيام بالوظائف التي أودعت إلى عهدتكم من أهم الأمور فيجب على كل منا أن يتخذ صدق العزم شعاره وقوة الإقدام مع الثبات المكين عند مباشرة الأعمال التي تعود إلى وظيفته ويجب على كل واحد منا أيضا أن يسند صاحبه ويعاضده في عمله لتحصل الثمرة المطلوبة وتلتقط الضالة المنشودة للجميع وإني لا أحب أن أطيل الكلام في هذا الباب لأنكم تعلمون أكثر مما أعلم وواقفون على الأحوال أكثر مما أنا واقف عليه وما هو ظاهر في الميدان ومشاهد بعين العقل كالعيان أن تمايز الرجال بالأعمال وتشهد لهم على ذلك الآثار :-
والقول أن لم يقرن الفعل به فهو الحديث المفترى, سدد الله خطاكم ووفقنا وإياكم لما فيه النفع للبلاد والعباد بمنه وكرمه.
ثم جرت مذاكرة سطحية حول علاقة الوزراء العراقيين بمستشاريهم البريطانيين فتقرر تكليف السير برسي كوكس تثبيت ذلك في مذكرة رسمية للسير بمقتضاها فتقبل المومأ إليه هذه المهمة بالترحاب وكانت سلطة المجلس مقيدة من قبل المندوب السامي الذي أعطى الحق لنقض أو تعديل أحكام المجلس وقراراته.
بلاغــان للمعتمد السامي
اعد المعتمد السامي السير برسي كوكس بلاغا عاما ذكر فيه الجهود العراقي بالجهود التي صرفها في سبيل تأليف الحكومة المؤقتة وقال فيه أن هذه الحكومة ستهتدى بهديه وتسير حسب إرشاداته وتعاليمه حتى يتم انتخاب المؤتمر العام المزمع إنشاؤه ليقرر شكل الحكومة الدائمة للبلاد وقد أذاع هذا البلاغ في 7 تشرين الثاني سنة 1920 م وهذا نصه: -
" إن فخامة المندوب السامي يرغب في أن يطلع عموم الأهالي على قدر الإمكان على الإجراءات التي يتخذها لتنفيذ مقاصد حكومة جلالة ملك بريطانيا أما هذه المقاصد فهي الاسراع في تمهيد الطرق التي يتوصل بها الشعب العراقي إلى إبداء رأيه في شكل الحكومة التي يرغب فيها ثم تعجيل تأسيس هذه الحكومة بإرشاد حكومة بريطانية العظمي ونظارتها ويجب اختيار شكل الحكومة أمر يجب أن يبت فيه العراقيون أنفسهم ولا يمكن إصدار مثل هذا القرار بدون تأليف مؤتمر عام يمثل الشعب تمام التمثيل ثم أن لجنة المبعوثين السابقين المجتمعة الآن تشتغل في وضع التعليمات الانتخابية وسوف يجرى بالسرعة اللازمة كل ما يقضى حسب اقتراحات اللجنة المذكورة ويشرع في أمر الانتخاب الأماكن الخالية من الاضطرابات غير أنه لا يخفى على الخاص والعام عدم إمكان إجراء الانتخاب في بعض الأمكنة ما لم يخضع سكانها للحكومة وتلوذ إلى السكون المعتاد وعلى كل حال فإن الاستعداد لإجراء الانتخاب لن يتم في مدة تقل عن شهرين أو ثلاثة أشهر ولما كان يلزم في غضون هذه المدة إشراك زعماء الأمة في أعمال الحكومة أكثر من ذي قبل وتجنبا من تسرب اليأس إلى قلوب المسالمين واللذين داوموا على ولائهم للحكومة من تأخير إجراءات الانتخابات فقد دعا فخامة المندوب السامي حضرة صاحب الفخامة والسماحة السيد عبدالرحمن افتدى نقيب إشراف بغداد إلى تأليف مجلس وزراء برئاسته حبا بالوطن أما وظيفة المجلس المذكور فهي القيام بالواجبات العمومية بإرشاد فخامة المندوب السامي إلى أن يصدر قرار المؤتمر ويسن قانون أساسي للبلاد وسينشر في الوقت المناسب أسماء الوزراء الذين أجابوا دعوة فخامة النقيب بالقبول وسينشر أيضا عن وظائفهم عندما تكمل قرارات وعليهم أن يشتركوا أيضا في حض الأمة على الطاعة في الأماكن الثائرة لكي لا يتأخر إعادة السلم والقانون والنظام إلى نصابها ولا تتأجل المباشرة في الانتخاب . وفي الختام أن فخامة المندوب السامي يصرح للعموم أن تأليف مجلس الوزراء الحالي هو لتمهيد سبيل الإصلاحات القادمة ولا يعارض أحكام المؤتمر وقراراته، انتهى.
بعد أربعة أيام أذاع المعتمد بلاغا آخر عن الوزارات وأسماء مشغليها ومسؤولياتهم هذا نصه: -
بناء على ماورد في المنشور الصادر في 17 حزيران سنة 1920 بان حكومة جلالة ملك بريطانيا أذنت بتشكيل مجلس نيابي منتخب لسن قانون أساسي للعراق على أن يتم تأليف هذا المجلس وسن قانون أساسي بجدر أن تدير دفة الحكومة في البلاد حكومة وطنية مؤقتة بنظارتي وإرشادي الشخصي وبناء عليه أنا الميجر جنرال السير برسي كوكس JCAELCAJ بصفتي مندوبا ساميا في العراق أعلن ما يأتي: -
1- تؤلف هيئة وزارة من رئيس الوزراء وزيرا للداخلية والمالية والعدلية والأوقاف والمعارف والصحة والدفاع والأشغال العمومية والتجارة ووزراء آخرين لا تكون لهم وزارات خاصة بهم.
2- ستقع مسؤولية إدارة شؤون الحكومة ما عدا الأمور الخارجية والحركات الحربية والأمور العسكرية العمومية إلا ما يعود إلى القوات الوطنية على هيئة الوزراء وستجرى أعمال هيئة الوزراء بنظارتي وإرشادي الشخصي. انتهى ... وأغرب ما في هذا البلاغ الوزارة المؤقتة تشتغل تحت نظارة المعتمد وإرشاده ولكنها تكون مسئولة عن أعمالها.
كيفية إدارة أعمال الوزارات
كما ذكرنا إن مجلس الوزراء بعد أن استمع إلى الخطبة التي افتتح بها رئيسه الجلسة الأولى، قرر تكليف المعتمد السامي أن يبقي علاقات المستشارين البريطانيين بالوزراء العراقيين في مذكرة تحريرية ليجري العمل بمقتضاها وفيما يلي المذكرة التي أعدها المعتمد السامي لهذا الغرض، وبقيت نافذة العمل مدة بقاء العراق تحت الانتداب البريطاني أي إلى 3 تشرين الأول سنة 1932 م: -
1- ليعلم حضرات أعضاء مجلس الوزراء أني بصفتي مندوبا ساميا تقع مسؤولية إدارة شؤون البلاد على عاتقي وعلى شخصي وأنا المسئول عنها لدى حكومة جلالة الملك إلى أن ينعقد المؤتمر العام لسن قانون أساسي للعراق بناء عليه سيكون الفصل في المسائل المقررة لي عند اختلاف الآراء بيني وبين الهيئة الوزارية.
2- وبما أن لابد من مرور مدة لتأليف المؤتمر واجتماعه قررت اتخاذ واسطة تمهيدية يدور محور عملها الفعلي ما عدا الذي يعود للأمور الخارجية والتدابير العسكرية تحت نظارتي وهي الهيأة الوزارية الإدارية التي يرأسها صاحب الفخامة والسماحة نقيب إشراف بغداد ويؤلف تلك الإدارة وزراء يتولى بعضهم إدارة دواوين الحكومة وهي النظار وغيرهم وهم أعضاء في الهيأة الإدارية بلا نظارة خاصة.
3- يكون رئيس كل دائرة من دوائر الحكومة وزيرا من النظار يتولى شؤون تلك الإدارة مع مراعاة الأمور التالية: -
أ- مراقبة الهيئة الإدارية على أعمال تلك النظارة
ب- استماع الآراء التي يرفعها المأمورون البريطانيون الذين اختارهم أنا لوظائف المستشارية لتلك الدوائر أما وظائف المستشارية فليست إجرائية بل استشارية والأمل أن مجلس الوزراء وحضرات الوزراء المتولين شؤون الإدارة يدركون أن الأشخاص اللذين اختارهم لوظيفة المستشارية لاختبارهم الطويل بشؤون الإدارة وإلمامهم بتدبير أعمال الدوائر التي ستنضم إلى الوزارات يقتضي أن يلتفت إلى أراءهم وينظر فيها بكل دقة.
ج- في الدرجة القصوى تكون المراقبة العليا خاصة بشخصي.
د- ويلوح لي أن أحسن طريقة لإدارة أعمال الدوائر تكون برفع جميع المسائل التي تعود إلى نظرة الوزير بواسطة مستشاره وعلى المستشار أن يرفع المحررات والأوراق التي تأتيه إلى الوزير بلا تأخير ليقوم بإجراء إيجابها بعد مشاورة المستشار وكذلك إذا أراد أحد الوزراء اتخاذ إجراءات جديدة فيما يعود إلى وزارته فينبغي أما أن يستشر المستشار أولا أو أن يرسل أوامره إلى الدوائر المخصوصة بواسطته ليتمكن المستشار من إبداء رأيه قبل أن يأخذ الأمر صيغته النهائية والحالة هذه يحب وضع الخطة التي ينبغي إتباعها إذا حصل خلاف في الرأي أو غير ذلك بين أحد الوزراء أو مستشاره.
ه - إذا أسدى مستشار رأيه في أمر إلى وزير وتعذر على الوزير قبول رأيه فعلى الوزير أن يدعو المستشار إلى المذاكرة والمشورة وبعد المذاكرة إذا لم يتوفقا إلى الاتفاق واعتقد المستشار بأهمية الأمر وضرورة إتباعه فله الحق أن يطلب من الوزير رفع الأمر إلى مجلس الوزراء للمذاكرة فعليه يتوقف البت في أمر كهذا إلى أن يجتمع مجلس الوزراء وتعرض عليه المسألة.
و- إذا أراد الوزير القيام بأمر وخالفه المستشار فللوزير الحق برفع الأمر إلى مجلس الوزراء ويتوقف البت في الأمر المختلف فيه إلى أن يعرض على مجلس الوزراء وفي الفقرة التي ينتظر في نهايتها رفع الأمر إلى مجلس الوزراء للوزير والمستشار الحرية التامة في رفع الأمر إليّ بصفتي مندوبا ساميا وبذلك أتمكن من إبداء رأيي لمجلس الوزراء بدون أقل تعرض لما هو وارد في البند العاشر من هذا البرنامج , أما مجلس الوزراء فمن الضروري أن يعقد اجتماعات منظمة مرة في الأسبوع أو أكثر إذا اقتضى الحال، ولتسهيل أمور الإدارة الفعالة يجب أن يكون لهيئة الوزراء سكرتير ذو كفاءة وهيئة كتاب ويجب اتخاذ التدابير اللازمة لتعيين هؤلاء بلا تأخير.
ز- على كل وزير أخبار السكرتير عن كل مسألة يريد رفعها إلى مجلس الوزراء وعلى السكرتير استحضار برنامج لها ليرفع إلى هيئة الوزراء وعليه أيضا أن يرسل نسخة من هذا في مدة 24 ساعة على الأقل قبل انعقاد المجلس أولا إلى فخامة المندوب السامي وثانيا إلى جميع الوزراء ومن القواعد العمومية أن لا يعرض في مجلس الوزراء أمر ما عدا المدرج في برنامج الجلسة وإذا عرض فلا يجوز البت في على كل حال ويستثنى من ذلك المواد الضرورية التي يقتضي تسريعها فورا , أما السكرتير فعليه أن يحضر جميع مجالس الوزراء ويدون وقائع الجلسات في صورة كشف وبيان للأمور التي يبت فيها ثم يوزع هذا الكشف بتوقيع السكرتير في مدة لا تزيد عن 24 ساعة من انعقاد مجلس الوزراء أولا على فخاتمة المندوب السامي وثانيا على جميع الوزراء وكل وزارة مسئولة عن تنفيذ قرارات مجلس الوزراء العائدة إليها وتبليغ ذلك التنفيذ إلى سكرتير مجلس الوزراء لاطلاع الوزارة عليه في الجلسة التالية وحسب القواعد المرعية تعتبر جميع مذكرات مجلس الوزراء خصوصية ولا يجوز لأحد إفشاءها في الخارج .
ح – تعتبر جميع قرارات مجلس الوزراء قاطعة بشرط موافقتي عليها بصفتي رئيس الحكومة الحالية وبصفتي مندوبا ساميا على أن أحافظ على الحق اللازم في ما ورد أو تعديل أي قرار من قرارات مجلس الوزراء إن لم يكن موافقة للمصلحة، وليطلع النظار تماما على جميع المواد المدرجة في برنامج الجلسة، يجوز لأي من المستشارين الحضور في أي جلسة من جلسات الوزراء ما دامت على بساط البحث قضية عائدة للوزارة التي ينتمي إليها فله عندئذ أن يبدي مشورته في المسألة ولا مشاركة له عند أخذ الآراء.
ط –الأمل وطيد بأن التعليمات الموضوعة أعلاه بخصوص سير أعمال مجلس الوزراء والوزارات وعلاقاتهم معي من جهة أخرى تؤول جميعها إلى سير حثيث في الإدارة في مركز الحكومة فالدوائر المركزية القائمة اليوم إلى الإدارة الجديدة بعد إجراء التعديلات اللازمة فيها، أما إدارة شؤون الجهات فيتحمل أن نصادف فيها صعوبات جمة ولكنها ستهون إن شاء الله.
ي– وكما تعلمون أن أولوية القضية في العراق لم تزل كما كانت يدير شؤونها ضباط وسياسيون بريطانيون بمعاونة عدد من المأمورين الوطنيين كمساعدي الحكام السياسيين ومديري النواحي ... الخ، ولكن بما أن بعض الاقضية لم تزل مضطربة وفيها جنود بريطانيون فعليه يتعذر استبدال الحاكم البريطاني بحاكم أهلي في الظروف الحالية وهناك قضية مطمئنة يمكن اتخاذ الإجراءات اللازمة فيها للحصول على المأمورين الأكفاء.
س - حيث أن تعاطي أسبابا لتأمين السكون والراحة في الخارج من وظائف الهيئة الإدارية فعلى الهيئة المذكورة أن تبادر عاجـــلا بتحـــري وانتخاب مأمورين أكفاء أهل خبرة من الوطنيين لتعيينهم في الأماكن التي تقضي المصلحة العامة تعينه تدريجيا، وبعد انتخابهم ينبغي على الهيئة أن ترتب اقتراحاتها عن أسماء الأشخاص المصدق عليهم وتعرضها علي شخصيا للملاحظة اللازمة وإصدار الأمر فيها.
بغداد تشرين الثاني
التوقيع (المندوب السامي)
للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:
https://www.algardenia.com/maqalat/62070-2024-02-01-11-25-21.html
494 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع