د. رمضان مهلهل سدخان
على أعتاب عام ٢٠٢٤ ... لننسج معاً خيوط الأمل
مع آخر دقات عام 2023 في لوح الزمن، وهو يستعدّ للملمة أذياله مودّعاً، نقف على عتبة بداية جديدة، مستعدين للشروع في رحلة إلى مجاهيل عام 2024. ومثل صفحات رواية آسرة تنتظر كتابتها، ينفتح العام الجديد أمامنا، لوحة بيضاء نرجو أن تكون مليئة بتجارب جديدة، وفرص للنهوض لا حدود لها. هي لوحة يمكننا أن نخطّ عليها أحلامنا وتطلعاتنا وأعمق رغباتنا.
في لحظات التأمل الهادئة، نجد أنفسنا عند مفترق طرق الحنين والترقّب، تتناوشنا المشاعر الحلوة تارة والمُرّة تارة أخرى فنبقى عالقين بين شراكها نحاول الخلاص إلى عيش لحظاتها ونطوي كشحاً عن منغصاتها. لقد نَحَتَتْنا السنة الماضية بتجاربها وانتصاراتها وخيباتها، تاركة بصمة لا تمحى في سِفر حياتنا. ومع ذلك، بينما نودع آخر سويعات عام 2023، نستقبل فصلاً جديداً بعد أن تُفتَح ستارته قريباً. إن مجرد دقات الساعة لا يؤذن بمرور الوقت فحسب، بل يبشّر بميلادِ منظورٍ جديد، وأمل مرتقَب يهمس بإمكانيات لا سبيل إلى وصفها.
إن حلول عام 2024 ليس مجرد تغيير في التقويم؛ بل هي فرصة لإعادة تعريف ذواتنا، والتخلص من أعباء الأمس، والاستعداد للدخول في غياهب المستقبل الذي ينتظر أن يتشكل بأيدينا وجَلَدنا وإرادتنا. مع شروق شمس العام الجديد، لابد أن يلتقي وهج أرواحنا مع وهج شمسنا الذهبي وهي تسطع على المناظر الطبيعية في قلوبنا، مما يضيء الإصرار الكامن فينا. فنحن الذين أمضينا سنين خلت من أعمارنا بحلوها ومرّها، لابد من تشكيل مصائرنا بما يتناسب مع أحلامنا التي وضعناها نصب أعيننا في هذا العام الجديد.
في معترك الإنسانية الكبير، ينسج كلّ واحد منا خيوط مستقبله بشكل يتماشى مع نسيج الكون المتناسق حتماً. يدعونا العام الجديد إلى زرع بذور الرحمة والتعاطف والأمل في أرض إنسانيتنا التي لابد أن تزدهر ويخضرّ عودها عاماً إثر عام. وبينما نبحر في متاهة الحياة، ينبغي أن نعي ما نتركه من آثار خلفنا ليهتدي بها غيرنا. ففي كل خطوة، نعيد تشكيل العالم من حولنا.
ومع ذلك، وسط الاحتفالات البهيجة والقلوب الجذلة، يكمن تيار خفي يدفعنا إلى المضي إلى دروب المستقبل بخطى ثابتة، واثقة. فالحياة، بكل ما فيها من عدم القدرة على التنبؤ، تمثّل تحفة فنية تزدان بتوالي الأيام والسنين سواء كانت سنين رخاء أو سنين عجاف. الذكريات التي نخلقها، والآمال التي نبنيها، واللحظات التي نشاركها تصبح ضربات فرشاة تلوّن لوحة وجودنا. ويكون الوقت هو حليفنا وخصمنا في آنٍ معاً، يُضفي طعماً أثيراً على نفوسنا التي أتعبها كدّ الأعوام السابقات. ويبقى الحب يفرض شروطه وقيوده من أجل تذوّق كل لحظة عابرة، مهما كان نوعها، بإصرار لا يلين.
ونحن نقف على أعتاب مجاهيل عام 2024، لتردد قلوبنا لحن الأمل. الأمل الذي يتجاوز حدود الممكن، ويخترق حُجُب المستحيل، ويشعل نور الرجاء في داخلنا، وينير الطريق أمامنا. إنه الأمل الذي يغذّي تطلعاتنا، وهو الذي يجمعها في بوتقة التحقيق، وهو الذي يحوّل الأحلام إلى واقع معاش.
في مسرح الحياة الكبير، كل شيء مهيأ لدراما عام 2024 التي لابد أن تتكشّف أيامها حلماً بعد حلم. فلنكن أبطال قصصنا، ونواجه التحديات بشجاعة، ونستمتع بما نحقّقه بفرح غامر. أتمنى أن تكون صفحات هذا الفصل الجديد مليئة بالحب والإيمان الراسخ بأن قصة حياتنا، بغض النظر عن تقلّبات الأيام، هي قصة تستحق أن نعيش تفاصيلها بقلوب عامرة.
وبينما يحلّ عام 2024، لابد أن نرسمه لوحة فنية تنتظر ضربات فرشاتنا في رحلتنا الجماعية، ولابد أن نحيله إلى سمفونية تنتظر الإصغاء إلى كلّ إيقاعاتها، ولابد أن يكون فصلاً محملاً بجمال البدايات الجديدة.
760 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع