ذو الفقار
سفراء ودبلوماسيو الزمن الأغبر بعد عام 2003/ الجزء الرابع
ملاحظة
عطفا على مقالنا السابق، نستكمل الحديث عن الدبلوماسية العراقية بعد الاحتلال الأمريكي الإيراني للعراق بعد ان استعرضنا الدبلوماسية العراقية في اوجها الباهر خلال الحكم الوطني السابق، وما افرزته من سفراء ودبلوماسيين لامعين كانوا مصدر فخر واعتزاز على المستوين العربي والعالمي، مثل وسام الزهاوي ونزار حمدون وعبد الجبار الهداوي ووهبي القره غلي ووداد عجام ورياض القيسي واكرم الوتري وفؤاد الراوي والعشرات غيرهم.
لقد عمت الفوضى وزارة الخارجية ويبدو ن الأمر مخطط له ليجري بهذا الشكل، ودور الوزير في وزارته التي يغيب عنها في الشهر ثلاثة أسابيع على اقل تقدير لا يتجاوز دور الديك الذي ظهر في فيلم الرسالة حيث صاح مرتين مبشرا ببزوغ فجر جديد واختفى لنهاية الفيلم! فليس بمقدوره أن يفعل شيئا تجاه سفرائه المهجنين وفق أجندات أجنبية والمدجنين حزبيا وعمالة فجميعهم مفروضين عليه من قوات الاحتلال أو الأحزاب العميلة الحاكمة والبقية ماركة تجارية من صنع يده فأتبع المثل " إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ".
الفضائح مشتركة ومخزية للجميع فعلام الشكوى والتذمر؟ كما انه صلاحيته لا تمتد إلى فصل مستخدم محلي عابث يعمل في سفارة عراقية محسوب على الأحزاب الحاكمة، فرغم الشكاوي المتعددة من أبناء الجالية العراقية حول تصرفات بعض هؤلاء الموظفين والمستخدمين المحليين الشاذة لكن الوزير يرفض أن يرفع القطن من أذنيه ويصغي لهذه المناشدات، أو أن يتخذ إجراءات ضدهم؟ ولولا وجود عدد من الدبلوماسيين القدامى المحترفين لأصبح صيت الخارجية العراقية أكثر قرفاً من صيت وزارة الداخلية لان الطائفية والعنصرية والفساد المالي والإداري والأخلاقي المستشري فيها ازكم الأنوف؟ لكن هؤلاء غادروا الوزارة اليوم بإحالتهم على التقاعد، فصار الموت كما يقول في المثل العراقي" صفى البيت لأم كطرة فطارت بيه فرد طيرة".
تصوروا السفير العراقي السابق في فيينا (طارق عقراوي) وصل به التعصب القومي المقزز الى تحطيم جداريه رائعة في مبنى السفارة تتضمن خارطة العراق الجميلة المطرزة بكل محفظاته من زاخو الى الفاو، ووضع بدلاً عنها خارطة كردستان العامة، وليس كوردستان العراق فحسب، يعني يحذف مدينة بغداد ويضع محافظات تركية وايرانية وسورية! ومنذ الأشهر الأولى لاستلام وظيفته خصص مكتبا لزوجته ( ربة بيت) في السفارة لتمارس سطوتها على الموظفين، ويقال انه منحها صلاحية توقيع الكتب الرسمية في غيابه!!!
كما قام نائبه المتملق لأحزاب السلطة (موفق أيوب، دبلوماسي ) بقطع التيار الكهربائي عن شقة القنصل السيدة الفاضلة ( بشرى الراوي) القنصل السابق بعد أن رفضت الإذعان إلى توجيهات السفير بمنح جوازات سفر عراقية لأكراد غير عراقيين من سوريا وتركيا وافغانستان وإيران، بالرغم أن شقتها هي ملك للعراق وليس للأكراد.
السفير العراقي السابق في برلين (علاء الهاشمي) أصدر قائمة بمنع عدد من كبار المثقفين العراقيين ومنهم رئيس شبكة أخبار العراق الأستاذ الوطني (ضياء الكواز) من دخول السفارة كأنها بيته وليست دائرة عامة لجميع أبناء الجالية العراقية؟
السفير العراقي السابق في واشنطن علي هادي الملقب بحامد البياتي الذي بقي اسمه الحركي يتداول في المنبر الدولي ولا احد يعرف السبب؟ قام بسحب الوثائق العراقية التي تدين إيران وتحملها وزر الحرب لغرض تأمين مطالبة إيران بتعويضات الحرب كما أعلن ولي أمره المقبور عبد العزيز الحكيم الطبطبائي الاصفهاني؟ وعندما كشفت بأنه لا يحمل شهادة الدكتوراة، بل شهادة الإعدادية، فضل البقاء في بلد الشيطان الأكبر ليمارس تجارة العقارات، وصار من أصحاب الملايين، وعرف عنه نهمه الجنسي، الذي يجسده بزواج المتعة من الزينبيات.
سفير العراق السابق في السويد (احمد بامرني) تم استدعاؤه من قبل الحكومة السويدية بسبب إصداره (26) ألف الجوازات العراقية لغير عراقيين ومنهم أكراد من تركيا وإيران وسوريا؟ واضطر وزير الخارجية حينها هوشيار الزيباري السفر الى السويد لتسوية القضية والحفاظ على المستور، وتم غلق القضية.
والسفير العراقي السابق في إيران سيد محمد عباس الشيخ وهو قائد في فيلق القدس تجاوز على مخصصات السفارة عشرات المرات لإقامة الولائم لأسياده غي نظام الملالي، علما ان نثرية السفارة مخصصة لأغراض عديدة وليست إقامة ولائم فحسب، وكانت علاقاته مع الجالية العراقية تسودها الغطرسة والعنجهية الفارغة التي استمدها من اسياده الفرس؟
القائم بالأعمال العراقي السابق في مصر (سعد محمد رضا/ سكرتير ثالث خلال الحكم الوطني وهرب) تعاون مع نقابة الصحفيين لفتح ملحقيه للنقابة لغرض مطاردة الإعلاميين والصحفيين العراقيين الناشطين ضد الاحتلال وأذنابه، وهو يتباهى أمام موظفي السلك الدبلوماسي ليعلن على الملأ بأن زوجته إيرانية الأصل، وانه يحل لها استقبال الوفود الرسمية في حال غيابه. وتكلمنا عن ما فعله اولاه المشاغبين في حادث البار.
من عجائب الدبلوماسية العراقية خلال وزارة الزيباري كانت السفارة العراقية في بريطانيا لا تحمل علم عراقي يرفرف على سطحها كما هو معمول به في كل سفارات الدنيا ربما لأنها تجهل من تمثل؟ ورغم ان المسألة أخذت بعدا كبيرا سيما ان الكثير من أبناء الجالية لم يتمكنوا من معرفة مكان سفارتهم لخلوها من العلم، وشكوا للوزير هذا الأمر المخالف للقواعد الدبلوماسية، اضطر الى مفاتحة السفارة لوضع علم.
أما وكيل الوزارة السابق للشؤون الإدارية والمالية( عبد الكريم هاشم مصطفى)، وشغل منصب سفير العراق في موسكو، وهو محسوب على رئيس مجلس الوزراء السابق المجرم عادل عبد المهدي، فقد كان عمله السابق حارس في مطبعة في باريس تعود لعبد المهدي، وهو مزور شهادات، يدعي انه خريج كلية الطب البيطري، وتارة انه خريج صيدلة. ونائب القنصل العراقي السابق في دولة العام سام لعنه الله دنيا وآخرة هو الناطق الرسمي باسم الجلبي (انتفاض قنبر) وكانت سابقا أحد نجوم العري في علب الليل ( ستربتيز)، أعانه الله على تغير وظيفته الليلية إلى نهارية من ورقة التين إلى البذلة المتكاملة.
مفتش عام الوزارة
كان المفتش العام للوزارة (سعدي إبراهيم فضلي) خلال وزارة هوشيار زيباري، ممثلا للجنة النزاهة(از النزاحه كما يتندر عليها العراقيون)، بعد أن طافت جيفتها إلى السطح، ويعتبر بحق علما من إعلام الفساد الأخلاقي والمالي فقد تفاقمت فضائحه وأصبحت وضاعته على كل لسان منافسا بذلك الوزير الزيباري ولياليه الحمراء، فهو شبقي بدرجة عالية الجودة رغم أن عمره في منتصف الستينات ومن رواد دور الدعارة والملاهي المميزين. وقد ساعده عدم استصحاب زوجته وبناته اللواتي يعيشون في أوربا على انفلات فرامل ملذاته خصوصاً خلال جولاته المكوكية لتفتيش السفارات العراقية حيث يصطحب معه عادة إحدى محظياته ومن المسلم به إن السفارة التي لم تهيئ له برنامجا احتفاليا خاصا لإسكات جوعه الجنسي، وإرواء عطشه بأجود أنواع الويسكي فأن نتائج التفتيش ستكون كارثة بحق السفارة وموظفيها. علماً أن مصروفات إيفاده لا تقل عن (11000) يورو خلال أسبوع ماعدا الراتب ومخصصات الخدمة الخارجية التي يستلمها عن مدة الإيفاد، ومن الطرائف إن هذه الإيفادات تقصر على السفارات العراقية في أوربا وليس إفريقيا أو العربية لأسباب لا يعرفها إلا الضالعون في علم الليالي الحمراء وخبراء اللحم الأبيض المتوسط! لذا تحولت زيارته التفتيشية من مصدر حذر وتوجس للسفراء إلى باعث لهو وسعادة. كالعادة المتعارف عليها في الوزارة عين الفضلي على العديد من اقاربه في وزارة الخارجية ونقلهم الى البعثات بالتواطؤ مع وزير الخارجية، مثلا ابنة أخته (بان الفضلي) في ممثلية العراق الدائمة في جنيف وابن أخيه (محمد الفضلي) في سفارة العراق، كانبيرا.
الملحقيات العسكرية وجه آخر للفساد
كأنما الفساد كان أقل من المطلوب، لذا عملت الوزارة على تفقسيه من خلال الموافقة على فتح ملحقيات عسكرية في عدد من السفارات بالاتفاق مع الأحزاب الحاكمة، حيث تم تعيين ابرز عملاء الاحتلال كملحقين عسكريين، وكالعادة لم يكن أي منهم معرفة أبجدية عمله، فظن البعض منهم ان مكانتهم تعادل السفير، والبعض ظن انه اعلى مرتبة من الشخص الثاني في السفارة، وبعضهم أخذ يخاطب السفارات دون الرجوع الى السفير جهلا او استنكافا. الحقيقة كان عملهم لا يزيد عن عمل رواد المقاهي علاوة على الفضائح التي ارتكبوها في الخارج, وتم اختيارهم حسب المحاصصة الطائفية أو ممن أجادوا خلال عمليات الاختلاس والتحايل والتخريب والدمار ضد العراق، وشكلوا هؤلاء عبئا جديدا على البعثات لفراغهم الفكري وجمود عقولهم التي لا تتجاوز ( يس ...يم ) والتحية العسكرية، ولعدم تمكنهم من اللغات الأجنبية وجهلهم بقواعد العمل الدبلوماسي أصبحوا تنابلة يشار لهم بالبنان (من المعروف انه قبل الغزو كان الملحقون العسكريون يخضعون مع زوجاتهم إلى دورات تدريبية مكثفة في وزارة الخارجية لتعريفهم بالبروتوكول وطبيعة العمل الدبلوماسي وكانوا جميعاً يتقنون اللغات الأجنبية)، ومن طرائف الملحقين العسكريين في العراق الجديد أن الملحق العسكري في رومانيا وجه بطاقات دعوة إلى عدد من السفراء ورؤساء الدوائر في الخارجية الرومانية لحضور حفل أقامته الملحقية دون علم السفير العراقي، وقد احتجت الخارجية الرومانية على هذا التصرف بمذكرة رسمية للخارجية العراقية؟ كما أن الملحق العسكري في بولندا هرب بملايين الدولارات نتيجة صفقات وهمية لشراء طائرات جديدة وتبين أنها طائرات مستعملة خارج الخدمة تم إعادة تأهيلها وصبغها؟ واحد الملحقين العسكريين كان نادلا ويسمى" مراسل في المفهوم العسكري"، وتحول بقدرة الاحتلال إلى عميد وليس حاف بل أركان، ونقل إلى دولة الإمارات العربية لأن حضرته ابن أحد قادة حزب الدعوة، ومن الطريف أنه رفض العمل في فرنسا لأن المناخ البارد لا يلاءم مزاج زوجته ..ولله في خلقه شئون.
ملحق آخر كان برتبة نائب ضابط ومنح رتبة لواء لغرض تعينه ملحق عسكري في إحدى السفارات فكان عجلا مميزا في الحظيرة الدبلوماسية، وملحق آخر في اليونان عين مستخدمين وهميين وكان يضع رواتبهم في جيبه وعندما أغلقت الملحقية هرب إلى مكان مجهول! ومعاون الملحق العسكري في بوخارست تبين أنه رئيس أحدى فرق الموت وطرد على أثرها من رومانيا، وبعد فشل هذه التجربة غير المدروسة تم إغلاق معظم الملحقيات العسكرية ولكن بعد خسارة ملايين الدولارات من أموال العراق الديمقراطي الجديد.
وفي جعبتنا الكثير من الأحداث المتعلقة بوزارة الفضائح الدبلوماسية، سنتحدث عنها لاحقا.
للراغبين الأطلاع على الجزء الثالث:
https://www.algardenia.com/maqalat/61523-2023-12-20-17-01-36.html
527 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع