الدكتور شاكرعبدالقهار الكبيسي
قوة الإرادة أم إرادة القوة …. لمن الأرجحية
دأب الكيان الصهيوني ومنذ ولادته عام 1948م على التفوق في القوة العسكرية والتحكم بالمال والإعلام والتأثير في السياسة الدولية بأكاذيب وادعاءات باطلة حصل من خلالها على الدعم الغربي غير المحدود في جميع حروبه مع العرب فلم يكن الصراع عسكرياً فحسب بل صراع متشابك ديني وعسكري وسياسي ووجودي وإقتصادي وإجتماعي وثقافي وبالرغم من تفوق العدو الصهيوني بالقوة العسكرية لكن هذه القوة لا يمكن أن تكون هي الفاصل للسيطرة والإحتلال للأرض العربية المحاذية لحدوده وخاصة الأراضي الفلسطينيّة في الضّفة وقطاع غزة والنزوع للإحتفاظ بها دون مراعاة لإرادة المجتمع الدولي في تحقيق السلام ولقد عمد الكيان الصهيوني لفرض إرادته بإستخدالم القوة المفرطة للقتل والتخويف والترهيب والإذلال والتّهجير والمصادرة والتّضييق دون أي إهتمام بالقانون الدولي والإنساني ولهذا فهو يمارس استهتاره وهمجيته تحت سمع وبصر العالم وشرعيته الدّولية المتمثِلة في الأمم المتحدة وأجهزتها وآلياتها ومؤسساتها وفي مقدّمتها مجلس الأمن الدّولي وجمعيّتها العامّة ضارباً بعرض الحائط المسارات القانونية التي تمثلها المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية راغباً في إخضاع الفلسطينيين أو عليهم مغادرة أراضيهم وموطنهم ليكونوا لاجئين بين الدول كما حدث في حروب أخرى مستفيداً من الدعم اللامحدود الّذي يقدمه الغرب سياسياً أو عسكرياً أو اقتصاديا وهنا أصبح على الفلسطينيين الإعتماد على أنفسهم في تقرير مصيرهم بعد إن خذلهم العرب وخذلتهم الإنسانية وإعتماد خيار المقاومة الّذي تراه هو الخيار الوحيد لإعادة حقوق الشعب الفلسطيني هذا الخيار المعهود والمشروع والّذي اتبعته أغلب حركات التحرر في آسيا وأفريقيا وفيتنام وكوبا وأمريكا الشمالية وجنوب أفريقيا والهند والجزائر والعراق وفي أغلب الدول التي خضعت للإحتلال الأجنبي حيث أقر القانون الدولي هذا الحق .
لقد كان الخيار الفلسطيني الّذي لابد منه هو مقاومة المحتل برغم محدودية القوة التي يملكها من الأسلحة والموارد والآليات والأفراد وتفرد العدو الصهيوني بالقوة الأعظم مستغلاً سيطرته على القرار الدولي والعلاقات الدولية بسبب الإنحياز الغربي الواضح له فهل يمكن الخضوع والقبول بالوضع القائم للاحتلال بكل مساوئه وسلوكياته وآفاق التدمير الّذي لا حدود له فكان الرد الفلسطيني هو التمسك بإرادة القتال والتصميم على إنتزاع حقوقهم المشروعة بعزيمة لا تلين وإستعداد على خوض المعركة وتطبيق مراحلها بدقة وإنضباط وبسالة وإقدام تحقق فيه التفوق على القوة العسكرية التي يملكها أعدائهم مهما بلغت لأن الأرض والتاريخ والكرامة والحق أمانة في أعناق المؤمنين وضمائر المخلصين من أصحاب البأس الشديد والمعتقد القويم الّذي لم يبخلوا بالتمسك في حقوقهم وعدم التفريط فيها بما لديهم من إيمان وشجاعة وإستعداد تام للتضحية بدمائهم من أجل أرضهم ومقدساتهم فهم مجاهدون مفكرون باحثون عن كل القيم والوسائل التي تؤمن تفوقهم على أعدائهم فتحملوا المسؤولية الشرعية والوطنية والتأريخية في تحرير الأرض مهما بلغت التحديات والضغوط ومهما عظُمَت التضحيات حيث استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تحرج الكيان الصهيوني والغرب أجمع وتؤكد أن الحق الفلسطيني لا يمكن التفريط به والمقدسات الإسلامية والمسيحية لا يمكن التجاوز عليها أو على روّادها فلقد أثبتت المقاومة الفلسطينية أنها أهلاً لتحمل وزر المعركة حتى أجبرت الجميع بما فيهم دعاة التطبيق وصناع القرار في السياسة الدولية في أن تأخذ مشاريع المقاومة وتضعها في أولوياتها قبل أي نقاش للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية بعد إن سطّر المجاهدون دروس لا تنسى في عملية طوفان الأقصى هذه الواقعة تذكرنا بمعارك المسلمين تحت قيادة سيد الكائنات وخلفائه من بعده وجنده الصادقين الّذين حققوا بقوة الايمان النصر على الأعداء رغم قلة العدد وكثرة الاعداء وضعف التجهيز .
لقد أثبت المقاتل العربي المسلم في طوفان الأقصى قدرته على تحمل الصعاب لإثبات أننا أمة لا زلنا قادرين على إثبات حقوقنا وحرياتنا على أرضنا وإظهار قوة بأسنا وشدة إيماننا بخالقنا وديننا أمام أقسى وأعتى وأصلب قوة عسكرية ودولية وإعلامية في العالم ورغم أننا كنا نعلم أن عدونا يستطيع إيذائنا وتدمير مدننا بطائراته ودباباته ومدافعه فنحن أمام إمتحان صعب وعسير فإما السكوت وهدر الحقوق وقبول إمتهان الكرامة أو الوقوف بصلابة وإستعداد للموت حتى نحرر أرضنا ومقدساتنا حتى ولو إمتلك عدونا كل مقومات القوة والارجحية والتفوق في المعدات والموارد والقوة العسكرية فهل نستسلم ونترك عدونا يتمادى في غطرسته وغيّه وهو باطل ونحن على حق ولنا من الله الأجر والثواب في الدنيا والآخرة فإرادة الله أقوى من جميع الجبابرة والظالمين والمتسلطين وقوة الإرادة والتصميم والإستعداد للإستشهاد كفيل بتحقيق الإنتصار بإذن الله دون التفكير بالخسائر لأن هذه الخسائر رغم أهميتها وفقدانها وآلامها فهي ثمن للحرية والاستقلال ورفعة الإسلام والمسلمين فالجيش الاسرائيلي وروح الانتقام توأمان لا ينفصلان فلا أهمية للضحايا والتدمير ولا إكتراث للدعوات الدولية لوقف القصف والعدوان لأنه شعر بالإهانة والسقوط فأراد تبييض وجهه الاسود بعد ان لطخته المقاومة في وحل الهزيمة وحقول الهوان على الاقل خلال الإندفاع البطولي للمقاومة الشجاعة فربما تتغير موازين القتال لاحقاً بسبب التدخل الغربي المباشر بالحرب إعلامياً وسياسياً وعسكرياً أو قد يتجه العالم الى فرض السلام ووقف القتال بقرار تصدره الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد إن يحظى بأغلبية الثلثين وأرى أنّ ذلك ممكن فالموقف الامريكي والأوربي إختلف عن بداية الحرب بالرغم من التواجد العسكري الهائل في البحر الاحمر والبحر الابيض المتوسط وقرب حدود أكثر من دولة عربية كما أن التخوف الاسرائيلي من الدخول البري لازال قائماً حيث حاولت قوات الإحتلال الأسرائيلي جس النبض والدخول برياً عدة أمتار فمالبث أن جاءه الرد القوي بقتل وتدمير القوة المهاجمة وترك آلياتها في أرض المعركة بعمليات دخول فشلت ت بفضل إرادة المقاتلين الشجعان والصمود الإسطوري لأهل غزة رغم مرارة الخسائر في الأرواح والتدمير الّذي لحق بالبنية التحتية لقطاع غزة وسيتحرك المجتمع الدولي لإيجاد حل للأحداث بعد إن أيقضت الجماهير الشعبية في العالم أجمع الروح الانسانية لدى شعوب العالم وأعلنت موت الضمير العربي لدى حكام العرب
لقد أصبحت القضية الفلسطينية تحتل الاولوية في السياسة الدولية وفي جهود الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بعد إزدياد التأييد الشعبي للقضية الفلسطينية الّذي ظهر من خلال المظاهرات المؤيدة للحق الفلسطيني حتى في دول تساند العدو الصهيوني كأميركا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وغيرها فقد يجبر الحراك الشعبي الدولي الدول المساندة لاسرائيل على التصرف بحيادية بعد رؤية آلة القتل الاسرائيلي وهي تفتك بالسكان المدنيين دون الإنصياع لمنطق الحق والعدالة والإعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني .
نسأل الله أن يحقق لغزة وأهلها نصراً يُفرح المناصرين لها ويقتل بالهم والحزن أعدائها وأعداء الله والدين والمقدسات .
الدكتور شاكرعبدالقهار الكبيسي/أوسلو
752 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع