ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
مباحث في الأدب واللغة/٦٠ من تراث العراق
شارع الرشيد
قبل سنوات طالب أحد النواب في البرلمان العراقي استبدال شارع الرشيد باسم آخر لأن هارون الرشيد سجن إمام الشيعة الكاظم، ويبدو ان هذا المستحمر لا يعرف ان عصر هارون الرشيد هو العصر الذهبي لبغداد، وكان العالم كله يستقى العلم والمعرفة والثقافة من بغداد.
المهم انه شارع الرشيد لا علاقة له بهارون الرشيد، وانما أحد ولاة الدولة العثمانية، ولكن عندنا تترسخ الطائفية في البشر، يتوقف العقل عن التفكير ويبدأ بالتكلس، وهاكم الحقيقة من أهم مؤرخ لتأريخ العراق.
ورد الخبر التالي" فتحت جادة خليل باشا بعرض 16 مترا وفي مدة وجيزة ، وتبتدئ من الدباغخانة العسكرية ، إلى باب الأعظمية، وجرى افتتاحها يوم عيد إعلان الدستور في 23/7/1916 وكتب لوح بالكاشي وبني في الجدار المطل على الشارع من جامع السيد سلطان علي وبعد احتلال بغداد أزيل، وسمي الشارع بـ (شارع الرشيد) ". (جريدة الزوراء العدد/2578 في 26 رمضان 1334). من ولاة في بغداد :قال عباس العزاوي" الوالي السادس رشيد باشا الگوزلگلي : 5 ربيع الأول سنة 1269 هـ : فتوفي 22 ذي الحجة سنة 1273هـجرية". (تأريخ العراق بين احتلالين7/316).
سوق الثلاثاء
كان سوق الثلاثاء فرب السفارة الإيرانية في بغداد، ومقابل وزارة الاعلام العراقية من أهم مولات بغداد، وكان في قمة الجمال، قبل ان تستهدفه قوات التحالف وتدمره، وهذه التسمية لها أصل تأريخي.
فقد ذكر ابن بطوطة " أما هذه الجهة الشرقية من بغداد حافلة الأسواق عظيمة الترتيب، وأعظم أسواقها سوق يعرف بسوق الثلاثاء، كل صناعة فيه على حدة وفي وسط هذه السوق المدرسة النظامية العجيبة التي صارت الأمثال تضرب بحسنها وفي آخره المدرسة المستنصرية ونسبتها إلى أمير المؤمنين المستنصر بالله أبي جعفر بن أمير المؤمنين الظاهر بن أمير المؤمنين الناصر وبها المذاهب الأربعة لكل مذهب إيوان فيه المسجد وموضع التدريس وجلوس المدرس في قبة من خشب صغيرة على كرسي عليه البسط ويقعد المدرس عليه وعليه السكينة والوقار لابساً السواد معتما وعلى يمينه ويساره معيدان يعيدان كل ما يقوله وهكذا ترتيب كل مجلس من هذه المجالس الأربعة وفي داخل هذه المدرسة الحمام للطلبة ودار الوضوء وبهذه الجهة الشرقية من المساجد التي تقام فيها الجمعة ثلاثة أحدها جامع الخليفة وهو المتصل بقصور الخلفاء ودورهم وهو جامع كبير فيه ساقيات ومطاهر كثيرة للوضوء وللغسل". (رحلة ابن بطوطة1/171).
من شقاوات بغداد
من المعروف ان شقاوات العراق قد ظلموا من قبل الرواة، صحيح ان البعض منهم كانوا سيئتين، لكن الكثير منهم كانت لهم مهام مهمة وهي المحافظة على محلاتهم وامنها، ونصرة الضعيف، ومساعدة الغير، وكانوا مصدر فخر لأهل المحلة. وتم تصفية العراق منهم بعد تسلم حزب البعث الحكم في العراق، لأن مهمة أمن المحلات هي من مهام وزارة الداخلية وبقية وقوى الأمن وليس افراد اقوياء ومنهم الشقاوة محسن في منطقة المشاهدة في بغداد وغيرهم.
من الشقاوات: شلال بني سعيد من شقاوات بغداد في عهد صالح أفندي وكان من أمهر السراق وهو من محلة بني سعيد وقد اتعب الحكومة من جراء سرقاته وكان غالبا ما يسجن في السجن المدني أمام جامع لكنه كان يرشى الحراس ويخرج ليلا للسرقة ويعود للسجن ثانية السراي خاصة ليهود بغداد. استوقف شلال فجرا يهوديا في طريقه للكنيس لغرض الصلاة فجرده من ملابسه ووجد في اصبعه محبسا من الذهب فطلب منه ان يخلعه فلم يقدر اليهودي لضيقه، فقال له شلال لولا خوفي من الله لقطعت اصبعك، فرد اليهود سرقت كل ما لدي حتى الملابس وتدعي خوفك من الله فكيف سيكون حالي لو لم تكن تخاف الله؟ فضحك شلال ورده له كل ما سلبه منه قائلا" عفوت عنك لخاطر الله" الرصافي ص179 وقتل شلال في محلة ( قاضي الحاجات) على يد دورية من الشرطة. توجه شلال مع رفاق له لسرقة بيت فقامت ربة الدار مع طفلها ولم تترض لهم فلما ارادوا الخروج بكى طفلها فقالت له " اسكت اريد احمل خوالك" فصاح شلال برفاقه اتركوا كل شيء سرقناه فقد تنخت بنا واعتبرتنا خوال الطفل والأخ لا يسرق أخته. واتفق انه دخل بيتا لسرقته فرأى جرة فيها مادة بيضاء ظنها سكر وتذوقه فإذا به ملح فترك الدار وقال لقد ذقنا ملحهم ولا يجوز ان نسرقهم. شاهد احد اصحابه رجلا مريضا يخفي ليرات ذهبية تحت وسادته لغرض تغطية مصاريف الدفن عند موته، واخبر شلال بالموضوع لسرقتها فظل شلال يماطل حتى ضجر بإلحاح صاحبه فرد عليه بغضب " افهم لا نحن لا نسرق فلوس دفن". (الرصافي/179).
اول دستور للعراق
قال عباس العزاوي" أصدرت الدولة (العثمانية) قوانين عديدة وسارت نحو الإدارة الغربية لتنال قوة وتتمكن من الإصلاح وترضي الغرب فأعلنت بعده عدة فرامين منها الفرمان المؤكد لزوم تشكيل المجلس سنة 1267هـجرية، ومنها الفرمان المؤرخ 1272هـ ثم أصدرت القانون الأساسي وهو الدستور المؤرخ سنة 1293هـ ". (تأريخ العراق بين احتلالين7/54).
مستعمرة لليهود في بغداد
ورد في كتاب " مدخل إلى التأريخ الإسلامي" للدكتور عماد خليل الدين" كان لليهود في بغداد مستعمرة ظلت مزدهرة زارها بنيامين التطيلي حوالي1169هـ فوجد فيها عشر مدارس للحاخامين وثلاثة وعشرين كنيسة, وأفاض بنيامين في وصف الحفاوة التي لاقاها رئيس اليهود البابليين من المسلمين بصفته سليل بيت داود النبي ورئيس الملة الإسرائيلية, وقد كان لرئيس الحاخامين من السلطة التشريعية على أبناء طائفته ما كان للجثليق على جميع النصارى, وقد روى انه كانت له ثروة ومكانة وأملاك طائلة فيها الحدائق والبيوت والمزارع الخصبة, وكان إذا خرج إلى المثول في حضرة الخليفة ارتدى الملابس الحريرية المطرزة وأحاط به رهط من الفرسان, وجرى أمامه ساع يصيح بأعلى صوته" أفسحوا دربا لسيدنا ابن داود") راجع تأريخ العرب المطول 2/432/438 وكذلك قصة الحضارة لديورانت 13/131 وكذلك آرثر ستانلي كتاب أهل الذمة في الإسلام ص 170.
ما قيل قديما عن بابل
ذكرت بعض الصحف العلمية أن التوراة ترجع تاريخ بابل إلى أكثر من سبعة وثلاثين قرناً قبل المسيح وكانت عَلَى عهد ملكها العظيم بختنصر أي قبل الميلاد بستة قرون عاصمة العالم بأجمعه وسكانها خمسة وعشرين مليوناً وهي من الارتقاء عَلَى جانب عظيم جداً. وموقع بابل عَلَى الفرات وقد اشتق اسمها حديقة الحدائق من خصبها وأمراعها. دمرها الفرس عَلَى عهد قورش وخلفائه وتركوها أنقاضاً ينعق فيها غراب الدمار. وها هي اليوم منذ أكثر من ألفي سنة عبارة عن قفر يجيء بعض العلماء فيستنطقون آثاره ويتعرفون أخباره. وسكان هذا المكان الذي طالما بكى في أرجائه أبناء صهيون الإسرائيليون هم أناس من العرب الرحالة ولكن ذلك لم يطمس من ذكرى حضارتها معلماً.
فقد ذكر هيرودوتس المؤرخ" أن بابل أخصب البلاد بحنطتها تأتي حبتها مئة وزيادة" بيد أن العلم الحديث حل هذا المعمى في خصب بلاد تلك الأصقاع وهو أنه كانت تروى كلها فلو تهيأت لها خزانات وسدود كما كان لها عَلَى عهد سعادتها كما تهيأ لمصر خزان أسوان فروى النيل عشرات الألوف من الأفدنة التي كانت محرومة من السقيا لعاد إلى بابل خصبها المدهش وأتت السنبلة مئة سنبلة وزيادة. ولقد وقع في ذهن الإسكندر الكبير في آخر عهده أن يعيد إلى ذلك الصقيع بهاء القديم فأنشأ ترعتي بالأكوبوس والنهروان وطول الواحدة 480 كيلومتراً وطول الثانية 256 كيلومتراً ليجلب مياه دجلة إلى داخل المدينة إلا أن أخلافه غفلوا عما بدأ بعمله فعادت البلاد باهتة خربة وهان السير ويليام ويلكوكس الإنكليزي قام في ذهنه منذ سنين أن يعيد ما كان بدأ به الإسكندر المقدوني فوضع مشروعاً في الري عَلَى صورة أوفق من المشروع القديم وهو يكلف 750 مليون فرنك ويقسم تلك البقعة إلى ست مناطق تحيا الأولى بعد الثانية وكل ما تم لإحداها أمر سقياها تقوم بنفقات ما صرفته عَلَى أعمال الري فيها وبذلك تحيا الراضي الواقعة عَلَى شاطئ دجلة والفرات فالبذار يزرع في الخريف فترويه الأمطار حتى إذا جاء آذار ونيسان وفاض الرافدان دجلة والفرات تسقى تلك الأراضي بمياههما الصيف كله فهل تتحقق يا ترى هذه الأحلام ويعود لبابل عزها في سالف الأيام أم يبقى أنر ري العراق في عالم الخيال أو كلاماً في كلام. ".(مجلة المقتبس الجزء82/58 السنة 1913).
كـتاب ولايـة بـغـداد
ذكره د. صباح الناصري وقال" ألـفـه في الفرنسية حـبـيـب أفـنـدي شـيـحـا وضـمـنـه مـلاحـظـات عـلى الـسـكـة الـحـديـديـة هـنـاك وعـن قـبـائـل الـبـاديـة في مـا بـيـن الـنـهـريـن ويـطـلـب مـن مـكـتـبـة الـتّـألـيـف بـشـارع عـبـد الـعـزيـز. ويـحـتـوي الـكـتـاب عـلى 12 صورة فـوتـوغـرافـيـة لا بـد أنّـهـا كـانـت قـد الـتـقـطـت قـبـل عـام 1908، رقّـمـهـا الـمـؤلّـف مـن 1 إلى 12، وكـتـب تـحـت كـلّ واحـدة تـعـلـيـقـاً سـأتـرجـمـه خـلال عـرضي الـسّـريـع لـلـكـتـاب كـمـا كـتـبـه الـمـؤلّـف. ويـلاحـظ الـقـارئ سـوء نـوعـيـة الـصّـور، وهـو مـا يـعـود إلى سـوء نـوعـيـة طـبـاعـة الـكـتـاب في الأصـل وإلى أنّـهـا اسـودّت بـمـرور الـزّمـن. وذكـر حـبـيـب أفـنـدي شـيـحـة في مـقـدمـة كـتـابـه : ولأنـنـا (يـتـكـلّـم عـن نـفـسـه بـصـيـغـة الـجـمـع) سـكـنّـا ولايـة بـغـداد مـدّة أربـعـيـن سـنّـة، نـعـتـقـد أنّـه يـمـكـنـنـا، بـفـضـل تـجـربـتـنـا الـطّـويـلـة، الـكـلام عـن هـذه الـولايـة الّـتي لا يـعـرف الـقـارئ عـنـهـا الـكـثـيـر". (مجلة الهلال17/عام 1909).
منطقة قنبر علي في بغداد
في مجموعة ابن حموشي أن ابن جميل ضربت داره في قنبر علي بالمدافع فاحترقت. أمر الوالي والكمركجي عبد القادر آغا ابن زيادة والملا حسين الكهية بذلك وانهزم إلى الشام سنة ١٢٤٩ ه. وأقول عاد الحريق إليها في ٣ شوال سنة ١٣٣٢ ه فقضى على ما بقي من الكتب. وكانت نفيسة جدا". ( مجموعة السيد محمود حموشي المتوفى 18 رمضان سنة 1333هـ). (تأريخ العراق بين احتلالين7/24). قال عباس العزاوي" لآل جميل مسجد في محلة قنبر علي من تأسيس محمد جميل رأس هذه الأسرة ذكرته في كتاب المعاهد الخيرية". (تأريخ العراق بين احتلالين7/168). ومن أهم الحوادث في بغداد عام 1913 " تم إعدام يامين بن يعقوب من محلة قنبر علي لفراره من رأس قطعته ، وأجري هذا الأمر للتأديب ، ولكثرة ما كان يقع من قضايا الفرار من الجيش". (جريدة الزوراء العدد2504 في 10 ربيع الآخر1333).وعلق عباس العزاوي على الحادث بقوله " شاهدت عيانا الحادث وأن الحضيرة التي ضربته لم تضربه في محل قاتل فعوقبت من جراء ذلك بالرياضة فكادت تهلك مما أصابها". (تأريخ العراق بين احتلالين8/326)
دولة أوذة والعتبات الشيعية
ذكر اسحق نقاش" نشأت دولة (أوذة) الشيعية في شمال الهند للفترة 1720ـ 1856 وكانت ترسل الكثير من الاموال إلى العتبات الشيعية في العراق فقد ارسلوا خلال الفترة1780ـ 1844 أكثر من(1000000) روبية كان معظمها يذهب للمجتهدين الفرس وكانت تسمى (خيرية أوذة). وفشل آل كشف الغطاء من الاستحواذ عليها. يلاحظ ان خيرية أوذة أصبحت توزع منذ عام 1852 عن طريق الوكيل السياسي البريطاني في العراق وكان هذا الوكيل هو من يختار مجتهدتين واحد من كربلاء والأخر من النجف ليتسلما الأموال وقد اختار مجتهديين ايرانيين هما السيد علي بحر العلوم في النجف، والسيد علي تقي الطبطبائي في كربلاء. يذكر نقاش" استأثرت عائلتا بحر العلوم والطبطبائي على خيرية أوذة لمدة تزيد عن (40) سنة إلى ان انهى ذلك الميجر البريطاني نيومارش عام 1903 وأستحدث قائمة تتضمن(14) مجتهد في كربلاء والنجف لكل منهما(7) مجتهدين. ولم يكن من بين أولئك المجتهدين إلا مجتهد عربي واحد وهذا أيضا أصله إيراني وهو محمد حسن الجواهري. ويضيف" غالبا ما كانت تصدر احتجاجات من قبل بقية المجتهدين بشأن إساءة استخدام أموال خيرية أوذة من قبل المجتديين السابق ذكرهما حيث ذهب الأموال في جيوبهم وجيوب المقربين منهم" (شيعة العراق/385 و389).
765 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع