لهب عطا عبد الوهاب
المعايير والأسس لتصنيف النفوط الخام
تلعب الأنواع المتعددة للنفوط الخام والتي يزيد عددها على أكثر من 100 نوع وفقا لدليل أنواع النفوط الذي تصدره مؤسسة بتروليم انتيلجنس سنويا، لعل من أكثرها شيوعا هو مزيج خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط (WTI).
وللوقوف على هذه الأنواع، وكيفية تصنيفها، وأين تقف النفوط العربية منها، سنعرض لما يلي:
1) تصنيف النفوط الخام على أساس المصدر الهيدروكربوني:
تقسم مصادر الطاقة الأحفورية Fossil Fuel إلى الأصناف الثلاثة الآتية:
الغاز: وهو الغاز الطبيعي.
السائل: ويتضمن مجموعتين:
مجموعة النفوط التقليدية، التي تتكون من الغاز المصاحب، والنفط الخام والنفط الثقيل.
مجموعة النفوط غير التقليدية، التي تتكون من النفط الثقيل جدا أو (البيتومين Bitumen) المستخرج من رمال القار (Sand Tar).
الصلب: ويتضمن الفحم، وزيت السجيل (Shale Oil).
2) التصنيف على أساس درجة الكثافة API:
تصنف النفوط الخام حسب مقياس يعتمد على درجة الكثافة وفقا للمعيار الذي حدده معهد البترول الأميركي (American Petroleum Institute- API) على شكل مجموعات رئيسية خفيفة ومتوسطة وثقيلة. وقد يختلف التصنيف من جهة إلى أخرى، فبينما تصنف النفوط الثقيلة في بعض البلدان الأوروبية ضمن المجال 20-10 API تصنفها دول الأوبك بأنها جميع النفوط التي تقل درجة كثافتها عن 32 API.
إن تصنيف النفوط على أساس الكثافة هو مرآة لمحتوى النفط من المنتجات النفطية عالية القيمة. فكلما ارتفعت كثافة النفط وفقا لمعيار API كانت نسبة المنتجات الخفيفة أعلى، فبينما تزداد نسبة المنتجات الثقيلة وتنخفض نسبة المنتجات الخفيفة انخفضت الكثافة.
كما تمت إضافة مجموعة أخرى من النفوط لمقياس الكثافة، أطلق عليها اسم النفوط الخفيفة جدا؛ حيث تساوي كثافتها 50 API أو أكثر (كالنفط العربي الخفيف جدا) الذي ينتج في المملكة العربية السعودية.
ويعد خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط WTI من النفوط الخفيفة العالية الجودة ذات درجة كثافة تتراوح بين 38,06 و39,6 درجة API على التوالي.
3) التصنيف على أساس الكثافة والمحتوى الكبريتي:
تشير بعض الدراسات إلى أنه كلما ارتفعت كثافة النفط API ينخفض محتواه من المركبات الكبريتية. وعلى الرغم من أن طبيعة العلاقة بين الكثافة API والمحتوى الكبريتي تختلف من منطقة جغرافية إلى أخرى، إلا أنه لا توجد في العالم نفوط عالية الكثافة API (فوق الخفيفة)، وفي الوقت نفسه عالية المحتوى الكبريتي، بينما توجد بالمقابل، ولكن بصورة قليلة نسبيا، نفوط منخفضة الكثافة ومنخفضة المحتوى الكبريتي في آن واحد. فمثلا، يبلغ المحتوى الكبريتي للنفط العربي الخفيف 1,78 %، بينما يبلغ المحتوى الكبريتي للنفط الإيراني الخفيف 1,5 %، ويبلغ المحتوى الكبريتي للنفط بوني الخفيف النيجيري 0,14 %، ويبلغ المحتوى الكبريتي للنفط الأذري الخفيف الأذربيجاني 1,16 %.
لهذا أضافت بعض المصادر عاملا آخر إلى مقياس الكثافة للدلالة على الخصائص النوعية، هو مستوى المحتوى الكبريتي للنفوط.
أما في أسواق المنطقة العربية، فتصنف النفوط الخام على النحو الآتي: (عربي خفيف ممتاز وعربي خفيف جدا وعربي خفيف وعربي متوسط وعربي ثقيل).
4) أنواع النفوط الخام في الأقطار الأعضاء في منظمة (أوابك):
يتميز الجزء الأكبر من إنتاج النفوط الخام في الأقطار الأعضاء في مظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) من الأنواع المتوسطة الكثافة، وذات المحتوى الكبريتي العالي (حامضية). وقد توزع إنتاج الأقطار الأعضاء على النحو الآتي: 61,4 % من النوع المتوسط الكثافة و36,7 % من النوع الخفيف و1,8 % من النوع الثقيل.
الجدير بالذكر أن منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) تأسست العام 1968 في دولة الكويت، وتضم في عضويتها اليوم 10 دول منها دول نفطية و(غازية) عملاقة -كما هو الحال في أغلب دول مجلس التعاون الخليجي- إضافة إلى دول أقل أهمية (سورية). وفيما يلي الدول الأعضاء، وهي على التوالي: كل من دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والجرائر والمملكة العربية السعودية وسورية والعراق ودولة قطر والكويت وليبيا وجمهورية مصر العربية.
أما بالنسبة لتوزيع الإنتاج حسب المحتوى الكبريتي فقد شكل النفط الخام الحامضي (الذي يزيد محتواه الكبريتي على -أو يساوي -1 %) نسبة 74.2 %، ثم جاء بالمركز الثاني النفط الحلو (أقل من 0,5 % كبريت) بنسبة 18,7 %، وأخيرا النوعية المتوسطة الحموضة (أعلى / أو يساوي 0,5 % وأقل من 1 %) بنسبة 7,1 %.
أما توزيع نوعيات النفوط الخام المنتجة في الأقطار الأعضاء فقد كان الجزء الأكبر منها -المنتج في منطقة الشرق الأوسط- من النوعية المتوسطة الحامضية؛ حيث وصلت نسبتها إلى
82 % في المملكة العربية السعودية، و97,6 % في دولة الكويت، و100 % في مملكة البحرين و100 % في جمهورية العراق،
و52 % في دولة الإمارات العربية المتحدة، و82 % في جمهورية مصر العربية.
أما بالنسبة للأقطار الأعضاء في شمال أفريقيا، فإن الجزء الأكبر من الإنتاج هو من النوع الخفيف والحلو؛ حيث شكلت تلك النوعية نسبة 100 % من إنتاج الجزائر، ونسبة 95 % من إنتاج ليبيا، بينما تنتج تونس كميات قليلة من النوع الحامضي.
هذا ويتفاوت إنتاج الأقطار الأعضاء من حيث درجة الكثافة، فمنها ما تشكل النفوط الخفيفة كامل إنتاجها مثل الجزائر، ومنها ما تشكل النفوط المتوسطة/ الثقيلة كامل إنتاجها مثل الكويت، بينما هناك أقطار أخرى تنتج من النوعين وبنسب مختلفة، كالسعودية وسورية والعراق، أما الدول العربية الأخرى المنتجة للنفط مثل عمان واليمن، فتشكل النوعية المتوسطة الحامضية النسبة العظمى من إنتاجها، بينما يشكل مجموع إنتاج السودان من النفط المتوسط الكثافة الحلو.
5) التوقعات المستقبلية لإنتاج النفوط الخام في الأقطار الأعضاء
تشير الدراسات الاستشرافية إلى أن مصدر الجزء الأكبر من أي زيادة مستقبلية في إنتاج النفوط الثقيلة والحامضية سيكون من الأقطار الأعضاء ذات الاحتياطات العالية، وبصورة خاصة السعودية، والعراق، والكويت، والإمارات، والتي تشكل النوعية الثقيلة والمتوسطة/ الحامضية نسبة 78,3 % من إجمالي إنتاجها الحالي. وعلى الرغم من الاكتشافات الجديدة التي يعلن عنها بين الحين والآخر من النفوط الخفيفة بين دول المنطقة، إلا أنها ما تزال محدودة مقارنة باحتياطاتها الهائلة من النفوط المتوسطة/ الحامضية.
ووفقا لمنظري الطاقة، يتوقع أن يزداد الطلب مستقبلا على أنواع النفوط الخام الخفيفة والحلوة بمعدل أعلى من الأنواع الثقيلة الحامضية، ما سيؤدي إلى ارتفاع فارق السعر بين النوعين، وذلك بسبب النمو المتزايد في معدل الطلب العالمي على المشتقات الأنظف، فضلا عن أن معظم مصافي العالم مصممة لتكرير النفوط الخفيفة الحلوة، نظرا لسهولة تكريرها واحتوائها على نسبة أعلى من المشتقات الخفيفة المرغوبة في الأسواق العالمية.
وعلى الرغم من وجود مشاريع استثمارية مهمة في صناعة التكرير لتكرير النفوط الثقيلة والحامضية، إلا أن معظمها يحتاج إلى مدة زمنية طويلة حتى تبدأ الإنتاج، تزيد على خمس سنوات، ما سيعزز الطلب في هذه الفترة على النفوط الخفيفة الحلوة التي لا تحتاج منتجاتها إلى عمليات معالجة هيدروجينية عميقة، وبالتالي سينخفض الطلب على النفوط الثقيلة.
نخلص مما تقدم أن لدى الأقطار الأعضاء في (أوابك) محفزات عديدة لتكرير النفوط الثقيلة والمتوسطة الحامضية من خلال تطوير المصافي القائمة فيها وإنشاء مصاف جديدة، وأهم هذه المحفزات هو توفر النفوط الخام الثقيلة محلية في معظم الأقطار الأعضاء (السعودية، الكويت، العراق، سورية)، والاستفادة من ارتفاع فارق السعر بين النفوط الثقيلة والخفيفة في الأسواق العالمية، وتصدير الخفيف بدلا من تكريره محليا.
834 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع