رسالةٌ عراقية، من رسائلِ الشؤونِ الزراعيةِ البابِلِيَّة – ١٩ –

د.عبد يونس لافي

رسالةٌ عراقية، من رسائلِ الشؤونِ الزراعيةِ البابِلِيَّة – ١٩ –
مُراقَبَةٌ فمُحاسَبَة

 


نحن عند رسالةٍ،
كانت قد صدرت عن حاكم لارسا (Larsa1)،
وجَّهَها الى نفرٍ،
ممَّن اعتمدهم في المراقبةِ والإشراف،
على الزراعةِ والانتاج،
إلّا أَّنَّهم لم يقوموا بواجباتِهم كما هو مطلوب.

لقد غضَّ هؤلاء المعتمدون الطرفَ عن سلوكيّاتٍ مرفوضة،
تمثَّلت في إخفاءِ الحقائقِ، وتجميلِ الأداءِ الهابط.
حيثُ تناهت الأخبارُ إلى سمعِ الحاكم،
أنَّ فلاحي بساتين التمور،
ممَّن كُلِّفوا بجمع ناتج تلك البساتين،
جمعوها في مخزنِها،
إلّا أنَّهم كانوا يقتحمون المخازنَ فيسرقونها.

حدثَ هذا مرارًا وتكرارًا،
على علمِ عمّال الحاكم،
دون رفعِ أيِّ تقريرٍ بذلك.

هذا السلوكُ أغضبَ الحاكمَ،
فأرسلَ إليهم رسالةَ اسْتدعاءٍ وتوبيخ،
ابتدأها بعبارةٍ ساخرةٍ،
كما يتَّضحُ من نصِّ الرسالة.

الرسالة تُبيِّنُ موقفَ حاكمٍ توخّى الإخلاصَ من عمّاله،
في تنفيذ المسؤوليات،
وموقفَ عمّالٍ أخفَوا الحقائقَ،
وجمَّلوا التَّصرُّفات،
بل ربما اشْتركوا في السَّرِقات.

تقول الرسالة:

" أبلِغْ نور – شَمَش (Nūr - Šamaš)،
أويل – أداد (Awēl - Adad)،
سن – بايلَخ (Sin - Pilaḫ)،
سيلي – أداد (Ṣillī - Adad)،
والمشرفَ على الفريقِ المُكوَّنِ من عشرةِ رجال.

شَمَش – ناسِر (Šamaš - nāṣir)،
(حاكمُ لارسا) يرسل الرسالة التالية:


حقا انها طريقةٌ جيدةٌ تُدلِّل على حسن التصرُّف!
دأبَ فلاحوا البساتين،
على اقْتحامِ مخزنِ التمورِ وأخذِ التمر،
مرارًا وتكرارًا وأنتم تُخفون ذلك، ولا تُبلغوني.

أُرسِلُ إليكم طيَّ رسالتي هذه،
طلبي بإحضارِ هؤلاء الرجالِ إليَّ،
بعد أن يدفعوا ثمنَ التمور.

ألرسالة تضمَّنت ايضًا،
استدعاءَ رجالٍ آخرين
من بلدة باد – تيبيرا (Bad -Tibira2).
الرسالة لم تكتملْ،
إذ أنَّ نهايتها مفقودة،
لأنَّ الرُّقُمَ عانى كسرًا في نهايته.
اقربُ احْتمالٍ أنَّ العبارةَ المفقودة،
تدور حول تصرفٍ غيرِ مقبولٍ،
لرجالِ بلدة باد – تيبيرا أيضًا،
استدعى مُساءلَتهم".

مسك الختام:

حِرْصُ الحاكم تحت الممارسات الدينية،
والمعتقدات السائدة آنذاك،
يقابلُه تواطُؤِ بعضِ الحكام،
والمسؤولين في عالمِ اليوم،
تحت ادِّعاءاتِهم أنَّهم اتباعُ معتقداتٍ سماويَّة،
وما هم – لَعَمْري – إلّا أتباعُ الشياطين!

1 لارسا (Larsa)، هي احدى مدن سومر القديمة، تقع جنوب العراق، ضمن محافظة ذي قار، ويسميها سكنة المحافظة (تل السنكرة).
2 باد – تيبيرا (Bad -Tibira) وتعني سور النحاسين او قلعة الحدادين. هي احدى مدن سومر القديمة، وتعرف اليوم بتل المدينة. تقع جنوب العراق بين مدينة الشطرة ولارسا (تل السنكرة).

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

3015 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع