بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة - معجزات حقيقية - معجزة رقم ٣ (المسافر)
وقعت احداث هذه القصة عام 1975 حين كنت ازاول دراستي ببريطانيا حينها اتصل بي احد اصدقائي المقربين واسمه فواز ليخبرني بان لديه زائر لبناني يدعى الحاج عبد الله سيحضر الى لندن قادماً من بيروت ولكون سيارته معطوبة واودعها للتصليح (واقصد سيارة صديقي فواز) فانه يريدني ان احضر معه بسيارتي لنستقبل ذلك الضيف. طبعاً وافقت على طلبه بالرغم من انني لم اكن اعرف الحاج عبد الله مسبقاً، فقط لانه كان صديقاً لوالد صديقي فواز. قبل موعد وصول الطائرة بساعتين ركبنا سيارتي وتوجهنا بها الى مطار لندن (هيثرو). وحين هبطت الطائرة وخرج المسافرين من بوابة الوصول في المحطة رقم 3 رأينا الحاج عبد الله يدفع عربة مطارات معدنية محملة بحقائبه. كان الحاج عبدالله رجلاً متوسط البنية في عقده السابع تملأ وجهه ابتسامة مريحة يرتدي بدلة انيقة ويسير بخطى ثابتة. اشار فواز اليه ليعلمني بان زائرنا قد وصل فتوجهنا صوبه ورحبنا به كما ينبغي ونقتاده الى مراب السيارات كي نقله الى مدينة لندن. ولمن لا يعرف لندن، فالرحلة ما بين مطار هيثرو ومركز مدينة لندن تستغرق حوالي ساعة وربع لذا كنا ندردش طوال الطريق. سألته إن كانت رحلته مريحة فاخبرني بانها كانت سلسة وجيدة ولكن تخللتها بعض المطبات المزعجة كانت تذكره بقصة اخوه محمد. فطلبت منه ان يقص علينا ما حدث لاخوه محمد قال،
الحاج عبد الله : قبل اربع سنوات اراد اخي محمد زيارة ابنه الذي يدرس باحدى جامعات الولايات المتحدة الامريكية. فقمنا جميعاً بتوديع اخي محمد في مطار بيروت لتقلع به الطائرة متجهة الى لندن ثم الى نيويورك. بعدها رجعنا نحن الى بيوتنا، والغريب في الامر هو ما دار في الطريق من احداث. فقد كانت رحلته من بيروت الى لندن تستغرق 7 ساعات. ليمكث اخي في لندن فترة حوالي 11 ساعة اخرى هناك ثم يركب طائرة ثاني ليواصل رحلته الى امريكا التي تقلع من مطار لندن متجهة الى نيويورك. ولكن عندما وصلت طائرته لندن قرر اخي المبيت باحدى الفنادق القريبة من مطار هيثرو ويدعى فندق THF ركب سيارة اجرة فاوصلته الفندق دقائق بعد منتصف الليل فاستأجر غرفة بذلك الفندق حتى ينام فيها ثم يعود الى المطار باليوم الموالي كي يواصل رحلته الى امريكا إذ ان طائرته ستقلع الساعة الحادية عشر صباحاً. وبعد ان اكمل اجراءات الاقامة بالفندق طلب من موظف الاستعلامات ان يتصل به على هاتف الغرفة تمام الساعة السابعة صباحاً ليستيقظ من منامه كي يستعد للعودة الى المطار ويواصل رحلته. دخل اخي محمد غرفته واتصل بي هاتفياً من هناك ليخبرني عن رحلته وقال انه سيبات بفندق تلك الليلة ليواصل بعدها الرحلة الى امريكا. وما ان وضع اخي رأسه على المخدة الا وغرق بنوم عميق بعد تلك الرحلة المضنية. أما ما حصل فقد كان اشبه بالخيال، لماذا؟ لان موظف الاستعلامات نسي ان يسجل ما طلبه منه اخي محمد كي يوقظه من نومه على الساعة السابعة. لذلك تركه نائماً ورجع الموظف الى بيته بينما تسلم موظف غيره مهام الاستعلامات. بقي اخي محمد في سريره وتخلف عن الرحلة بينما صعد جميع الركاب الى الطائرة المتجهة الى نيويورك. اقلعت الطائرة بموعدها تمام الحادية عشر صباحاً. وبعد الاقلاع بنصف ساعة سقطت الطائرة بمياه المحيط الاطلسي ليموت جميع من فيها من ركاب. اما اخي فبقي بمكانه بغرفة الفندق.
قاطعت سرده للقصة لاقول،
- قدر الله ولطف، اراد الله لاخيك النجاة.
الحاج عبد الله : دعني اكمل حديثي يا ولدي... وعندما جائت منظفة الفندق لتنظف غرفة اخي طرقت الباب فلم يستجيب لها اخي. عادت وطرقت مراراً وتكراراً فلم يفتح لها الباب. اخبرت الادارة بذلك فطلب منها المدير فتح الباب مستعملة المفتاح الرئيسي ففتحته لتجد اخي قد فارق الحياة وهو نائم على سريره. استدعت ادارة الفندق الطبيب القار فجاء على وجه السرعة واخبر الادارة ان اخي محمد قد فارق الحياة ما بين الساعة الحادية عشر والثانية عشر من صباح ذلك اليوم اثر سكتة قلبية مفاجئة.
هالني ما سمعت من تلك القصة العجيبة فقلت،
- يا الهي، لقد كان من المقدر له ان يموت بداخل تلك الطائرة، ولما تخلف عن ركوب الطائرة بسبب خطأ اداري من قبل موظف الاستعلامات. قدر الله له ان يموت بمكانه بينما كان نائماً بسريره بالفندق، هذه قصة رهيبة يا حاج عبد الله.
ترحمنا انا وصديقي فواز عليه وتمنينا للحاج عبد الله ان يصبره الله على مصابه.
وبعد ان اوصلنا الحاج عبد الله الى فندق الهلتون ورجعنا ادراجنا سألت صديقي فواز،
- هل تصدق قصة الحاج عبد الله عن موت اخيه؟
فواز : الحاج عبد الله هو اقرب المقربين لوالدي وهو انسان صادق جداً وليس من المعتاد ان يكذب ابداً.
... تمت ...
1026 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع