الطاف عبد الحميد
فتحت باب الثلاجة ومددت يدي بتسارع محسوب الى قنينة الماء متعجلا تفريغ محتوياتها في جوفي بعد أن المت بي بعد رقاد موجة عطش شديدة نتيجة تناول لحوم على مائدة الافطار ، وأنا مدرك بأني أسابق اللحظات قبل أذان الفجر الذي يحد الحد بالحد ، فيصبح الامساك قائما وتجاوزه يعني الافطار والافلاس من يوم رمضاني لايعادله عدل في غير ايامه ،
رفعت قنينة الماء وباعدت شفتاي عن بعضهما مبديا دهليزا فمويا لاستقبال سيل ماء بارد يطفىء عطش ثقيل ، بصوت فصيح المؤذن يصيح الله اكبر الله اكبر ، اكثر من مليار خلية دماغية قررت وبدون تردد اعادة القنينة الى الثلاجة وضم الشفتين وإبقاء ماكان ماثلا على حاله ، بقي الماء وثبت العطش وأشرف الرقيب على ماجرى بيني وبينه ، فقد بقيت على الحد دون تجاوز الحد ، عدت الى فراشي وأنا أندب حظي لخسارتي لحظات قليلة كانت كافية لتنقلني من حال الى حال ، تأملت ما حدث ، ظلام دامس وثلاجة وأنا ، مامنعني من إرواء ظمأي ، لمن إنصعت أنا ؟ ، جاء الجواب سريعا ، لقد كان الله حاضرا معي يراني ، فكرت وقلت : لقد قال الله لملائكته : إشهدوا ان عبدي اطاعني ، وامن بي ولم يراني ولكنه عرف انني موجود في كل مكان وزمان ، زال عطشي وتبسمت وإنشرح صدري وتأملت الخالق العظيم وما سيقرره ، وبلا تردد منحت نفسي ارضا في الجنة غير محدودة المساحة لي فيها مااريد ، جنة لقاء شربة ماء ، ما اكرمك ياكريم ، تبحرت في خيالي واسرافي واستحضرت الذات الالهية لأتيقن من الرضا او عدمه ، لكني تلقيت سيلا رحمانيا غطاني بالسكينة والرحمة ، وأدركت ان الله قد إستجاب لي ، ساحت دموعي غزيرة بلت وسادتي ، وعدت الى نفسي ، لأصفها فوجدتها موحدة لخالق كل صنائعه تدل على وحدانيته ، لاجديد تضيفه فعلتي الى افعال اصابت كل الصائمين من اخوتي المسلمين ، أبشروا ففي الجنة سعة ، يكفي أن تثق بأن الله هو الرحمن الرحيم ، ويذكرني كرم الله ورحمته بقول الشاعر المسرف في المعصية مناجيا ربه
إذا كان لايرجوك الا محسن فبمن يلوذ ويستجير المجرم
أدعوك ياربي خشية وتضرعا إن كنت لاترحم فمن ذا يرحم
تأملت هذين البيتين يلقيهما الشاعر بحضرة الذات الالهية ودلتني صفات الله الواسعة والمتسعة لكل شيء ، ورأيت الشاعر يرفل بشعره في جنان الله
2827 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع