بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة / المضيفة الفاتنة - الجزء الثاني
من لم يتسنى له الاطلاع على الجزء الاول فبامكانه مراجعته من خلال هذا الرابط:
https://algardenia.com/maqalat/52419-2022-01-20-16-43-21.html
وقفت سيارة الاجرة امام مبنى بيت فكتوريٍ قديم يبدو انه انشئ قبل اكثر من 200 عام. وقبل ان يضغط مصطفى على زر الجرس فتحت له انّا الباب ووثبت عليه كاللبوة الجائعة لتلتصق به وتلف ساقيها حول خصره فتمطره قبلات ساخنة. دخل من باب بيتها حاملاً حبيبته ممسكاً بخصرها واغلق الباب خلفه ليهمس باذنها،
مصطفى : الى اين الآن؟
انّا : وهل هذا سؤال يُسأل؟ الى غرفة النوم طبعاً. انها في السرداب. ترجلت من حضنه لتقف على ساقيها، امسكت بيده واقتادته الى باب جانبي لينزلا بسلم خشبي ضيق الى الاسفل فيجد نفسه بغرفة مظلمة. ضغطت على زر الضوء فانارتها ليشاهد سريراً دائرياً وثيراً مغطى بغطاءاً وردي لماع ومحاطاً بالزهور الحمراء من كل الجوانب. ابتسم ابتسامة عريضة بوجهها وقال،
مصطفى : كم هو جو رومانسي. تعالي الى عندي وسوف امنحك كل حبي واكثر من ذلك يا حياتي.
مشى نحو السرير فسمعها تقول له من وراء ظهره،
انّا : تعرى من جميع ملابسك الآن. اريدك كما دخلت الى هذه الدنيا من دون ملابس تعيقني عن التهامك.
نظر اليها فوجدها تدخل عليه بلباس نوم مثير جداً تنظر اليه واضعة يدها اليمنى خلف ظهرها. علم انها تخبي هدية له فقال،
مصطفى : لماذا كلفت نفسك يا حبيبتي. كل ما اريده هو انت وقلبك الجميل يا عمري.
انّا : وهل يعقل ذلك؟ لقد احضرت لك هذه الهدية.
اخرجت يدها اليمنى من وراء ظهرها ليضهر جهاز الصعق الكهربائي (تيزر) وضعته بسرعة هائلة على رقبة مصطفى قبل ان يتسنى له ابداء اي ردة فعل. ضغطت على الزناد فاصيب بصعقة قوية ليسقط مغشياً عليه.
فتح عينيه بعد الغيبوبة ونظر حوله فلم يجد سوى ظلام في ظلام. لم يستطع ان يرى اي شيء حوله من حلكة السواد الذي يغشي الغرفة. كان البرد يجمد اوصاله والالم برقبته من اثر الصدمة الكهربائية يسبب له حرقة شديدة. حرك ذراعيه فوجدهما مقيدتان وملفوفتان حول عمود متين بوسط الغرفة مكبلة من الرسغ باصفاد حديدة كالتي يستعملها رجال الشرطة لكبح المجرمين. "ما الذي يجري يا ترى؟ جسدي عاري بلا شك لاني اشعر ان البرد يكاد يمزقه. كم بقيت فاقداً للوعي يا ترى؟ اهي دقائق، ساعات ام ايام؟ واين هي انّا المضيفة الجميلة ذات الابتسامة الرائعة والشعر الذهبي؟ اجل انّا قامت بصعقي بالتيزر. لماذا فعلت ذلك يا ترى؟ ما الذي اغضبها مني ولماذا ارادت ان تؤذيني؟ هل سمعت شيئاً مشيناً اغضبها مني؟ هل تصرفت معها تصرفاً غير لائق فارادت ان تعاقبني وتلقنني درساً لن انساه؟ انا لا اعلم سبب تصرفها هذا فلماذا عاملتني بهذه الطريقة وهذه القسوة؟ انا لا أزال احبها او بالاحرى كنت احبها وكنت اعقد الآمال كي اتزوجها وانجب منها اولاداً فلماذا تصرفت معي بهذا الشكل؟ ما الذي يجري هنا؟". فجأة سمع وقع اقدام تهبط من على السلم الخشبي ثم اضيئت انوار السرداب لينظر حوله فيجد نفسه بغرفة النوم ذاتها التي قادته اليها عندما جاء الى بيتها. ولكن متى كان ذلك؟ ولماذا تصرفت معه بهذا الشكل؟ لماذا هو بالذات؟ ما الذي اقترفه ليستحق كل هذه المعاملة؟ قالت له،
انّا : هل استيقظتْ الاميرة النائمة يا ترى؟
سعل كثيراً ثم قال،
مصطفى : انّا، ماذا فعلتِ؟ لماذا انا مكبل يا عزيزتي؟ ولماذا تركتني عرضة للبرد؟ كم مكثت هنا؟
المزيد من السعال.
انّا : اتريد ان تعرف سبب اعتقالك؟ حسناً كل المجرمين يستحقون فرصة كي يعرفون التهمة التي اقتادتهم لحبل المشنقة.
مصطفى : اي تهمة واي مشنقة يا سيدة؟ انا وقعت بحبك وقمتِ بتقبيلي وبادلتني المشاعر اليس كذلك؟
قهقهت عالياً وقالت،
انّا : مشاعر؟ قلت لي مشاعر إذاً؟ الرجال الذين من امثالك ليس لديهم مشاعر. كل ما تفكرون به هو استغلال النساء لتضاجعونهم ثم ترمونهم في صفيحة القمامة. انت كباقي اقرانك من الرجال، ليس لديك ذرة من المشاعر ولا تستحق الا الموت.
مصطفى : الموت؟ قلت الموت؟ هل جننت يا امرأة؟
هنا صار يصرخ باعلى صوته ويقول، "النــــــــــجدة، النــــــــــجدة، انــــــــــقذوني انا محتجز هنا وهذه المعتوهة تريد ان تقتلني. دخلتُ بيتها بكل حب ومودة الا انها تريد قتلي. النــــــــــجدة، النــــــــــجدة، انقذوني".
ازدادت قهقهتها ثم قربت منه وقالت،
انّا : هل انتهيت من الصراخ يا مصطفى؟ هل افرغت ما بجعبتك من ترهات يا احمق؟ بامكانك ان تصرخ اكثر وتعلي صوتك كما شئت لكن ذلك لن يجديك نفعاً. فحيطان هذه الغرفة مغلفة بمادة فلينية عازلة للاصوات. اعلم يا غبي ان انفجار قنبلة بهذه الغرفة سوف لن يُسمَع بالصالون في الطابق العلوي. لذا انا انصحك بان تدخر طاقتك قبل الاعدام.
مصطفى : اي اعدام هذا يا مجنونة؟ المجرمون فقط هم الذين يستحقون الاعدام. انا لم اقترف اي جرم او ذنب يستدعي الاعدام.
انّا : اطمئن يا عزيزي. سوف لن ادعك تموت فوراً. فلدينا الكثير من الوقت كي نتسلى مع بعضنا البعض. سابدأ بقطع خصيتيك اولاً. ثم اترك لك عضوك الذكري كي تتمكن من التبول. لا اريدك ان تموت بسرعة فذلك سيقلل من فترة الاستمتاع. سوف اقشر جلدك شيئاً فشيئاً حتى تصبح ابيضاً كالبيضة المسلوقة. ثم استمتع باخذ ثاري منك ببطئ شديد.
مصطفى : اي ثأر هذا يا حيوانة؟ انا لم اقترف اي ذنب. كلما فعلته هو انني احببتك واعتقدت انك تبادلينني الحب لذلك اتيت الى بيتك كي نوطد علاقتنا وربما نرتبط برابطة الزواج.
انّا : اجل اعرف ما تفعلونه بزوجاتكم يا قذرين. فقد ذقت كل انواع الانحراف من زوجي السابق محسن. كان يستمتع بمضاجعتي من الاماكن المغلوطة ويقول انه مخولٌ بذلك من قبل دينه.
مصطفى : لقد كذب عليك يا انّا. فاتيان النساء من الاماكن المغلوطة حرام جداً في ديننا. ومن يفعل غير ذلك يعتبر عاصي بالدين وكافر. فنبينا امرنا بان نرفق بالنساء ولا نمسهن بالسوء والاذى ابداً.
انّا : كم انتم كذابين ايها المسلمين. تريدون تغيير الحقائق وتجميلها كما يحلو لكم. هل تعتقدني غبية يا مصطفى؟
وبغضب شديد ضغطت على مفتاح التحكم في جهاز التيزر لتختار الدرجة الاولى ثم وضعته على رقبة مصطفى لتصيبه بصدمة كهربائية شديدة كادت تفقده الوعي ثم رفعت يدها منه. نظرت اليه وابتسمت ثم راحت تدور حوله فسمعته يقول،
مصطفى : انت تقترفين خطأ كبيراً.
انّا : زوجي كان لا يعجبه الممارسة معي سوى من الاماكن المغلوطة كل يوم. كنت اتألم كثيراً ولم اكن قادرة على الافلات من قبضته. والآن أتعرف ما هذا الجهاز؟
نظر مصطفى الى الصاعق الكهلابائي (تيزر) الذي بيدها لكنه لم يتمكن من النطق بالكلمات من اثر الصدمة التي تعرض لها بالمرة الاخيرة. اردفت،
انّا : يبدوا انك لا تعرف شيئاً عنه. دعني اشرح لك طريقة عمله. على هذا الجهاز ثلاث ازرار. الاول يعطي صعقة كهربائية صغيرة تؤدي الى الم شديد. الثاني يعطي صعقة اكبر تؤدي الى فقدان الوعي والاغماء. اما الثالث فيعطي صعقة قوية جداً ذو جهد كبير يؤدي الى توقف القلب والموت المؤكد. الجرعة التي اعطيتك اياها قبل قليل كانت من الصنف الاول فقط فلا تقلق لانني لم انتهي بعد من الاستمتاع بوقتي معك. لدينا الكثير من الوقت. اخبرتك سابقاً ان لدي ثلاثة ايام راحة بعد هذه السفرة الا انني اخذت اجازة 7 ايام اضافية فوقها كي ابقى معك فترة اطول. وبهذا سابقى 10 ايام كاملة، ما رأيك؟
بصوت مهدج ضعيف قال بمشقة،
مصطفى : انت مجنونة لا محال لديك امراض نفسية يجب عليك معالجتها.
اعتبرت تلك اهانة لها فضغطت على الزر الاول لتعطيه صعقة قوية جديدة آلمته بشكل كبير قالت،
انّا : إذا كنا سنتحاور بالمستقبل فعليك ان تتبع البروتوكول التالي: اولاً: لا تناديني الا جلالتك ولا تنطق باسمي ابداً. ثانياً: سوف لن تعارض اي شيء اقوله. ثالثاً: وهذا هو الاهم عليك ان لا تنطق بكلمة (مجنونة) لانني ساخرج عن طوري وساصعقك بالزر الثالث. هل فهمت؟
مصطفى : فمهت.
انّا : فهمت ماذا؟
مصطفى : فمهت جلالتك.
انّا : ممتاز، بدأت تفهم قواعد اللعبة. والآن ساتركك ترتاح قليلاً وساحضر لك الطعام والماء بعد ان انتهي من تناول وجبة العشاء.
مصطفى : حسناً جلالتك.
تركت ضحيتها جالساً على الارض ربي كما خلقتني، مكبلاً بالاصفاد محتضناً العمود وسط الغرفة وصعدت الى الطابق العلوي لتطفئ الانوار.
بقي يحاول تحليل الموقف لكنه لم يتوصل الى استنتاج. سوى ان هذه المرأة مجنونة وعليه ان يسايرها مهما كلف الامر إذا كان يأمل بالنجاة. بقي يفكر بكل انواع الاساليب اللطيفة التي يستطيع فيها الاطراء على حمقاء فلم يتمكن من العثور على شيء. بهذه الاثناء سمع وقع اقدامها وهي تنزل من السلم حاملة بيدها صينية عليها صحناً وكأس ماء وباليد الثانية عصى خشبية. ولما اصبحت بالقرب منه وضعت الصينية على الارض امامه وقالت،
انّا : احضرت لك وجبة ستعجبك كثيراً. انها شرائح لحم الخنزير (پورك ݘوپس). انا اعرف انك ستعجب بها كثيراً. ساضعها بجانبك كي تتناولها وقتما تجوع. والآن دعني اسألك، هل تعرف ما هي هذه العصى؟
لم يجبها على سؤالها. امسكت بالعصى وضربته بها على اصابعه بقوة تسببت بالم شديد فيها فصرخ باعلى صوته من شدة الالم.
انّا : سألتك سؤالاً بسيطاً ولم تجبني عليه. كلما التزمت بالصمت ولم تجب على اسئلتي ساضربك ثانية بهذه العصى. والآن ساكرر عليك السؤال، هل تعرف ما هي هذه العصى؟
مصطفى : اجل اعرف، انها عصى تستعمل بلعبة البيسبول.
انّا : ارأيت يا مصطفى، الاجابة على الاسئلة ليس امراً صعباً. اتعرف لماذا احضرتها؟
مصطفى : كلا.
انّا : كي اضربك بها كلما ازعجني جوابك. والآن تحضر واستعد، ها هو السؤال الثاني، هل ستأكل الطعام الذي اعددته لك؟
مصطفى : كلا.
امسكت بمضرب البيسبول وضربته على ظهره هذه المرة فصرخ باعلى صوته من شدة الالم.
انّا : يجب عليك ان تأكل امامي والا فانا ساقوم بضربك بهذا العصى كلما عصيت امري. هيا كل من الصحن.
رفض ان يأكل ثانية فرفعت المضرب وضربته على ساقه فصرخ باعلى صوته وصار يبكي.
ها يا مصطفى انت لا تريد ان تعصي دينك اليس كذلك؟ إذاً دعني اضربك ضربة واحدة كلما عصيت امري.
مصطفى : ارجوك يا انّا. اتركيني بحالي.
امسكت بالعصى وضربته بقوة على زنده وقالت،
انّا : الم اقل لك ان لا تناديني الا جلالتك ولا تنطق باسمي ابداً؟
مصطفى : اسف جلالتك.
انّا : كل من الطعام هيا. لقد اعددته لك خصيصاً.
امسك بيده المكبلة واصابعه المتورمة وحاول رفع الطعام الى فمه فلم يتمكن. قال،
مصطفى : يدي مكبلة بالاصفاد وانا مربوط حول هذا العمود المتين، فكيف استطيع ايصال الطعام الى فمي؟
انّا : لديك وجهة نظر. حسناً دعني اطعمك بيدي. فانا لا زلت املك قلباً حنوناً.
امسكت بقطعة لحم الخنزير ورفعتها الى فمه فتناولها وامره الى الله. راح يمضغ اللحم وهو متقزز من طعمه الزنخ. لكنه تجرعه وابتلعه.
انّا : انه كان امراً بسيطاً اليس كذلك؟ لماذا تمتنعون عن اكله؟ هل مُتّ؟ هل اصبت بالتسمم؟ كلا. سيكون طعامك كل يوم من هذا النوع.
مصطفى : سمعاً وطاعة جلالتك.
انّا : اجل، هكذا تعجبني. مطيعاً مهذباً خلوقاً. والآن دعني اتركك ترتاح بعد هذه الوليمة اللذيذة.
حملت العصى على كتفها وسارت باتجاه السلم لتصعد الى الطابق العلوي وتطفئ النور.
<<<<<<<<<<
بعد مرور اربعة ايام وبمكان آخر من لندن استيقضت بتي من نومها على الحاجة الملحة للذهاب الى الحمام لانها في الآونة الاخير صارت تذهب كثيراً لقضاء حاجتها بسبب حملها. استيقظ زوجها فور نهوظها من السرير وسأل،
محمد : ماذا هناك؟ هل انت بخير حبيبتي؟
بتي : اجل، اجل انا بخير. انا فقط ذاهبة للحمام. ارجع الى نومك حبيبي.
محمد : لا استطيع النوم الآن لقد فقدت نعاسي. كم الساعة الآن؟
بتي : انها السادسة والنصف صباحاً. بامكانك الخلود للنوم نصف ساعة اضافية قبل ان تستيقظ للذهاب الى عملك.
محمد : لا، سوف انهظ الآن. يجب علي ان اتصل بمصطفى. فبالامس عادت صديقته للعمل واليوم هو حر طليق لذلك ساعطيه موعد كي اقابله وقت الغداء. ساخذ اجازة من عملي اليوم.
بتي : فكرة صائبة. دعني اذهب للمرحاض والا فسوف اضطر لقضاء حاجتي هنا على السجادة.
محمد : اذهبي، اذهبي بسرعة.
انتصب محمد على ساقيه ثم جلس على السرير ثانية وامسك بهاتفه النقال ليطلب رقم الفندق فاجابه موظف الاستعلامات قائلاً،
الموظف : فندق البوفرت تفضلوا.
محمد : صلني بغرفة رقم 502 لو سمحت.
الموظف : لحظة واحدة من فضلك.
سمع محمد رنين الهاتف فانتظر. بقي يستمع الى الهاتف يرن ولكن دون جدوى. اغلق الهاتف ثم عاد واتصل بالفندق فرد عليه الموظف ثانية وقال،
الموظف : فندق البوفرت تفضلوا.
محمد : سيدي اتصلت بك قبل قليل وطلبت التحدث الى غرفة رقم 502 لكن الهاتف لا يرد.
الموظف : ربما يكون الضيف نائماً سيدي فالساعة الآن مازالت 6.35 صباحاً.
محمد : اعلم ذلك لكن صاحبي نومه خفيف جداً ويستيقظ لو سمع رنين الهاتف.
الموظف : ماذا تريدني ان افعل إذاً سيدي؟
محمد : هل بامكانك ان تبعث احداً كي يتفقده؟
الموظف : آسف سيدي هذه ليست من صلاحياتي. فخصوصية الضيف محفوظة.
هنا علم محمد ان الموظف سوف لن يتخطى القوانين الا إذا كانت هناك حالة طارئة. قرر ان يكذب عليه فقال،
محمد : اسمع مني يا رجل. صاحبي مريض، لديه ضمور بعضلة القلب وإذا اصيب بسكتة قلبية فسوف اقاضيك بالمحكمة هل فهمت؟
الموظف : طيب، طيب وماذا تريدني ان افعل؟
محمد : استعمل مفتاحك الرئيسي وافتح باب الغرفة لنطمئن عليه. هذا كل ما اريده منك.
الموظف : حسناً سافعل ذلك. اغلق الهاتف الآن واتصل بي فيما بعد.
اغلق محمد هاتفه مع موظف الاستعلامات بالفندق وذهب الى باب المرحاض فسأل زوجته من وراء الباب قائلاً،
محمد : حبيبتي هل انت بخير؟
بتي : اجل انا بخير، لقد قضيت حاجتي وانا اغتسل الآن واستعد للذهاب لعملي.
محمد : طيب ساراك بالاسفل كي نتناول وجبة الافطار.
رجع الى غرفة النوم وحمل هاتفه ليطلب الفندق ثانية فسمع الموظف يقول،
الموظف : فندق البوفرت تفضلوا.
محمد : انا الذي اتصلت بك قبل بضع دقائق هل تذكرتني؟
الموظف : اجل سيدي تذكرتك. لقد فتحنا غرفة الضيف ولم نجده بالغرفة. يبدو انه لم ينم بغرفته البارحة.
محمد : شكراً لك سيدي.
صار يرتدي ملابسه على عجالة عندما دخلت عليه زوجته بتي فسألت،
بتي : لماذا ترتدي ملابسك؟ انت لم تغتسل ولم تفرش اسنانك بعد؟
محمد : لقد اتصلت بفندق مصطفى وسألتهم عنه فاخبروني انه لم ينم بغرفته بالامس.
بتي : وماذا انت فاعلٌ؟
محمد : ساذهب لصديقي المحقق ابرار واخبره بالامر.
بتي : الا تعتقد ان ذلك سابق لاوانه؟ فقد يكون مدد بقائه مع صاحبته المضيفة. انت لا تعلم الحب وماذا يعمله بالبشر. هاهاها.
محمد : لا يا بتي. هناك امر ما غير طبيعي. يجب ان اعرف السبب.
بتي : حسناً إذهب لابرار وأوصل له سلامي.
محمد : ساذهب الآن.
خرج محمد مسرعاً من بيته وتوجه الى منطقة ڨكتوريا بوسط لندن. دخل على مكتب صديقه ابرار فرحب به واجلسه امام مكتبه قال،
ابرار : ما هذا الحظ الذي انتابني على حين غرة كي اراك امامي بالصباح الباكر هكذا؟
محمد : عزيزي ابرار، انا احتاج لمساعدتك بشكل عاجل ارجوك.
ابرار : ما الامر هل تشاجرت مع بتي؟
محمد : لا، لا ليس كذلك ابداً. اسمع مني جيداً...
بدأ يقص عليه قصة وصول صاحبه مصطفى من الدوحة وعلاقته بتلك المضيفة الجوية والذهاب معها ثم اختفائه عن الرادار. هنا قال المحقق ابرار،
ابرار : حسناً بامكاني مساعدتك تعال معي، دعنا نذهب للفندق.
ركب الرجلان سيارة شرطة رسمية وتوجها بها الى فندق بوفرت فدخلا صالة الاستعلامات ليبرز شارته للموظف وقال،
ابرار : انا المحقق ملازم اول ابرار عبد الرحمن من نيو سكوتلانديارد.
الموظف : كيف لي ان اساعدك يا حضرة المحقق؟
ابرار : اريدك ان تفتح باب غرفة رقم 502 الآن.
الموظف : اتبعاني سيدي.
اخذ الموظف الرجلان بالمصعد وضغط على الرقم 5 فصعد بهم المصعد. سار بالممر ثم فتح باب الغرفة ودخل فتبعه ابرار ومحمد. نظرا حولهما فلم يجدا اي شيء يثير الريبة.صار ابرار يدور بالغرفة ثم نظر الى الطاولة التي بجوار السرير ليرى تذكرتي دخول الى متحف الشمع فرفعهما وصار ينظر اليهما. هنا تطوع محمد وقال،
محمد : لقد ذهبت انا ومصطفى الى متحف الشمع.
تفحص البطاقتين جيداً ثم قال،
ابرار : كلامك صحيح فالتاريخ يشير الى اربعة ايام مضت. وبما ان السرير لم يمسسه احد منذ ذلك الحين فهذا يعني انه لازال بعيداً عن الفندق. دعنا نرجع يا محمد.
ركب الرجلان السيارة وغادرا المكان. بالطريق سأل ابرار،
ابرار : هل تعلم عنوان الفتاة التي قابلها بالطائرة؟
محمد : لا اعلم العنوان لكنه قال ان بيتها بمنطقة هاكني.
ابرار : سنعثر عليه الآن.
توجه ابرار الى مقر شركة الخطوط الجوية البريطانية، دخلها مع محمد وابرز شارته لموظفة الاستعلامات وطلب منها مقابلة المدير. انتظرت قليلاً ثم ادخلتهما الى مكتب المدير السيد كرايمر.
كرايمر : انا اسمي پيتر كرايمر المدير الاقليمي للشركة كيف استطيع مساعدتكما؟
ابرار : انا المحقق ملازم اول ابرار عبد الرحمن من سكوتلانديارد وهذا هو السيد محمد النعيمي. نحتاج مساعدتك لبعض المعلومات عن مضيفة تعمل لديكم. فنحن لدينا شكوك انها ومن معها في ورطة كبيرة.
كرايمر : ثق يا حضرة المحقق انني ساتعاون معكما بكل صلاحياتي لذلك سابعثكما الى مدير الحركات والذي سيقدم لكما المساعدة التي تحتاجونها.
رفع الهاتف واتصل فسمعوه يقول،
كرايمر : يا سيد فاثرگيل، سابعث اليك بمحققي شرطة من سكوتلانديارد ارجو منك التعاون معهما بكل ما هو متاح لديك، القضية خطيرة جداً.
نظر الى الرجلين وقال،
كرايمر : ارجو منكما التوجه الى مكتب السيد فاثرگيل بمكتبه رقم 112 بهذا الطابق وسيقدم لكما كل المساعدة التي تحتاجونها فهو مسؤول عن نظام العمليات بالشركة.
ابرار : شكراً لك سيدي.
محمد : شكراً سيدي.
خرج الرجلان من مكتب المدير وطرقا الباب على مدير العمليات، اذن لهما فدخلا.
فاثرگيل : كيف استطيع ان اخدمكما سيدي؟
ابرار : نحن نسأل عن مضيفة بالخطوط البريطانية تدعى انّا. كانت على متن الرحلة من الدوحة الى مطار هيثرو قبل خمسة ايام.
فاثرگيل : ما هو لقبها؟
ابرار : للأسف لا نعرف ذلك.
فاثرگيل : لحظة واحدة لو سمحتم دعوني اتفحص الحاسوب.
بدأ يحاول اخراج المعلومات من حاسوبه ثم قال،
فاثرگيل : بتلك الرحلة هناك سبعة مضيفات واحدة منهن كان اسمها (انّا صدقياني).
محمد : اجل هذه هي.
فاثرگيل : انها مجازة الآن فقد حصلت على اجازة بعد عملها لمدة سبعة ايام.
ابرار : اريدك ان تزودنا بعنوانها.
فاثرگيل : هذا هو العنوان.
كتب العنوان على قصاصة ورقية صغيرة واعطاها للمحقق ابرار. تفحصها ابرار وقال،
ابرار : انها تسكن بهاكني.
محمد : اجل هذا صحيح، لقد قال مصطفى ان بيتها بهاكني. انه هو بلا شك.
فاثرگيل : اي خدمة اخرى؟
ابرار : شكراً لك سيد فاثرگيل، ساتصل بك إن احتجنا للمزيد من المعلومات. وداعاً.
خرج ابرار ومحمد من المكتب ورجعا الى السيارة ليجلسا ويربطا احزمة المقاعد فسأل محمد،
محمد : هل نذهب الى العنوان الآن؟
ابرار : كلا، سنرجع الى مكتبي كي نحصل على إذن بالتفتيش فقد تنكر تلك التي اسمها انّا ادخالنا الى بيتها او التحدث معنا.
محمد : وكم سيستغرق الحصول على الاذن يوم او يومان على الاغلب اليس كذلك؟
ابرار : عزيزي محمد، هناك اجرائات لا يمكنني تجاهلها والا فسوف اطرد من عملي. هل تفهم ذلك؟
محمد : اجل لكن صديقي مصطفى قد يكون في خطر كبير وقد نستطيع ان نعرف من تلك المضيفة مكانه.
ابرار : مع ذلك فانا مكبل بسلاسل الروتين الاداري والقوانين المشرعة. لذا لا يمكنني اقتحام منزل تلك المضيفة وتفتيش بيتها لمجرد حملي تلك الشارة. يجب عليّ الحصول على اذن من القاضي. ساحاول شرح خطورة الموقف كي ادفعه للاستعجال باتخاذ القرار.
محمد : حسناً اخي ابرار. دعني احتفض بنسخة من عنوانها. شكراً جزيلاً لكل جهودك، سانتظر منك اتصال تخبرني بحصولك على الاذن.
ابرار : انت اول من سيعرف بالامر.
خرج محمد ليجلس بسيارته ويتوجه بها مباشرة الى مكتب زوجته باوكسفور سركس. اوقف السيارة بموقف السيارات القريب من المبنى وسار على اقدامه ليدخل شركة بتروبراز. استقبلته موظفة الاستقبال ورحبت به قالت،
موظفة الاستقبال : تفضل سيد محمد، بتي بمكتبها.
محمد : شكراً آنسة تارا.
ضغط على زر المصعد وصعد به الى الطابق الرابع فوجد زوجته واقفة امام المصعد، قبلها فاقتادته الى مكتبها وقالت،
بتي : هل عرفت شيئاً عن مصطفى؟
محمد : عرفت الكثير. لكننا اصطدمنا بالشريط الاحمر انه الروتين الاداري يا بتي. الآن يجب علينا الانتظار حتى يصدر القاضي امراً بالتفتيش كي يتمكن ابرار من تفتيش بيت المضيفة انّا.
بتي : وهل عرفتم عنوانها؟
محمد : اجل عرفنا عنوانها بهاكني. لكن ابرار لن يتمكن من الذهاب الا بعد الحصوله على الاذن.
بتي : ولماذا لا نذهب نحن ونسألها بانفسنا؟ مصطفى صديقنا من ايام الدراسة ونريد ان نطمئن عليه. انا لا أجد ضيراً في ذلك.
محمد : كلا، انت حامل ولا يمكنك ان تقومي باي مغامرات. ساذهب انا وحدي.
بتي : لماذا؟ هل تعتقد انها تلعب الكراتيه وستركلني بقدمها مثلاً؟
محمد : كلا، ولكن مع هذا ساذهب وحدي وساوافيك بكل شيء بعدها.
بتي : حسناً ولكن كن على حذر حبيبي. فانا لا اريد ان اخلّفَ يتيماً، هل تفهمني؟
محمد : لا تقلقي ابداً، ساوافيك بكل الاخبار فور الحصول عليها.
خرج محمد من مكتب زوجته ومن العمارة وهو بغاية الحماس كي يجد صاحبه بنفسه لان الشريط الاحمر المفروض على الشرطة سيعقّد الامور اكثر ويبقى مصطفى مفقوداً. دخل مراب السيارات وجلس بداخل سيارته ليلقي نظرة على الورقة التي كتب عيها عنوان انّا فقام بادخاله بجهاز نظام تحديد المواقع العالمي ليبدأ العمل بعد ان تخرج سيارته الى خارج المراب فارسال الاقمار الصناعية ينقطع عندما تكون السيارة بداخل البنايات الكونكريتية. خرج بسيارته من المراب والتف يساراً وراح يوجه سيارته نحو شمال شرق لندن كي يذهب الى منطقة هاكني. فور وصوله الى العنوان اوقف السيارة بآخر الشارع لانه كان مكتظاً بالسيارات الاخرى التي وقفت امام منازل اصحابها على جانبي الطريق. سار على قدميه حتى ونظر الى ارقام المنازل حتى وصل الى منزل رقم 109 فوجده بيتاً فكتورياً قديماً يبعث القشعريرة بالبدن. صعد على الدرجات الخمسة وصار امام الباب الخارجي. ضغط على الجرس وانتظر قليلاً. في الداخل سمعت انّا رنين جرس الباب فركضت الى كامرا المراقبة لترى رجلاً ذو ملامح عربية يقف امام بيتها. امسكت بجهاز الصعق (تيزر) واغلقت باب السرداب جيداً، سارت صوب الباب الرئيسي وفتحته. نظر الاثنان الى بعضهما فقالت،
انّا : تفضل سيدي، كيف استطيع مساعدتك؟
محمد : انا اسمي محمد. انا صديق مصطفى، الرجل الذي تعرفتِ عليه بالطائرة. والذي قابلتيه بعد عودتك من طوكيو.
انّا : صحيح وليس صحيح. انا قابلته بالطائرة في رحلتي من الدوحة الى لندن لكنني لم التقيه بعد عودتي من طوكيو لان الشركة عادت وارسلتني الى ابوظبي بالرغم من انهم بلغوني باني سابقى بلندن ثلاثة ايام. لذلك لم يتسنى لي مقابلة صاحبك مصطفى ثانيةً. إذا قابلته اريدك ان تبلغه اعتذاري.
محمد : هل لديك ما يثبت انك سافرتِ الى ابوظبي بعد رجوعك من طوكيو؟
انّا : لا افهم سؤالك سيد محمد. هل جئت لتحقق معي؟
محمد : اسمعي يا سيدة انّا. صاحبي مفقود منذ عدة ايام ونحن قلقين جداً عليه. لا نعرف اين ذهب وباي مصيبة وقع، لذلك اريد العثور عليه باي ثمن. دعيني اكرر سؤالي، هل لديكِ ما يثبت انك سافرتِ الى ابوظبي ولم تبقي بلندن؟
انّا : بالتأكيد، لدي جدول المانفيست بالداخل، ساحضره واجعلك تطلع عليه كي تصدقني.
محمد : هل بامكاني ان ادخل معك كي اراه بالداخل؟
انّا : بالتأكيد تفضل معي.
دخل محمد من باب المنزل فاقتادته الى غرفة الصالة. كان كل الوقت يتفقد المنزل وينظر بكل الاتجاهات عله يجد ما يشير الى وجود صاحبه بداخل البيت. سألته،
انّا : هل تشرب القهوة؟
محمد : كلا، لا الريد شرب اي شيء، جئت لارى المانفيست لو سمحت.
انّا : طبعاً، طبعاً، انه هنا بالصالة اجلس وراجعه جيداً.
جلس محمد على الاريكة فاحضرت انّا ملفاً احمر كتب عليه (مانفيست). اعطته اياه فلم يتمكن من ان يفهم الجداول التي بداخله، جلست الى جانبه على الاريكة وتقربت منه وقالت، افتح الصفحة الرابعة وانظر الى جداول الاوقات والرحلات. فتح الملف كي يبحث عن الاوقات فانتهزت الفرصة وضغطت على زر جهاز التيزر لتضعه على رقبة محمد فصار يرتعش طويلاً حتى فقد الوعي وسقط بعد ذلك على الطاولة التي امامه لتتكسر وينتهي به الامر مغشياً عليه على الارض. ابتسمت انّا وقالت له بصوت مرتفع، "اهلاً وسهلاً بك يا سيد محمد جئت لتنضم الى صاحبك مصطفى. انه ينتظرك بالسرداب. آسفة لاني لا استطيع حملك لذلك ساجرك من اقدامك حتى اصل بك الى قمة السرداب ثم اترك الامر للجاذبية كي تقوم بالباقي. اتفقنا؟". فتشته تفتيشاً دقيقاً كي تجرده من هاتفه النقال واي شيء ممكن ان يستعمله كسلاح ثم سحبته من اقدامه حتى بلغت باب السرداب فتحته بالمفتاح السري ودفعته ليتدحرج ويسقط على السلم فيصل الى قاع السرداب وهو ما زال فاقداً للوعي. نزلت ورائه وفتحت النور قالت بصوت عالِ،
انّا : انظر من جاء ليسليك يا مصطفى! انه صديقك المقرب محمد.
فتح مصطفى عينه بصعوبة ونظر الى جسد صاحبه محمد وهو ممددٌ على الارض تسيل منه الدماء. رفع رأسه الى انّا وقال،
مصطفى : ساقطة، حقيرة، لماذا فعلت ذلك؟
انّا : انه جاء لزيارتك يا عزيزي. فهل ارفض تقديم كرم الضيافة؟ اليس ذلك من شيمكم ايها العرب؟
مصطفى : انت وضيعة قذرة.
انّا : الآن دعني اقوم بواجبي نحو الضيف. قبل ان أادبك على الكلام الذي تطاولت به عليّ.
عرت محمد من جميع ملابسه ثم جرجرته الى الزاوية البعيدة من السرداب وربطته بالاصفاد على السخان المشعاع. نظرت الى مصطفى وقالت،
انّا : شكراً على هذا الاطراء الجميل. سادعك من غير عقاب هذه المرة لانني اعرف ان لديكما الكثير من الحديث الخاص بينكما لذلك ساترككما لوحدكما. اتمنى لكما اوقاتاً ممتعة.
اطفأت نور السرداب وصعدت الى الطابق العلوي ثم اغلقت الباب ورائها. نادى مصطفى صاحبه عدة مرات لكنه كان ما زال تحت تأثير الصدمة القوية التي تلقاها من الصاعق. بقي مصطفى يناديه حتى سمع بعض التنهدات تأتي من وسط الظلام بزاوية الغرفة قال،
مصطفى : حبيبي محمد هل انت بخير؟ طمني ارجوك.
محمد : يا الهي ماذا حل بي؟ اشعر بآلام في كل بقعة من جسدي، صدري يكاد ينطبق ولا اقوى على التنفس، رأسي ينفجر من الصداع. الآلام بكل مكان. ماذا جرى؟
مصطفى : لقد قامت تلك الساقطة بصعقك بجهاز التيزر ثم رمتك من اعلى السلم الى اسفل السرداب.
محمد : هل السرداب ببيتها؟
مصطفى : اجل نحن بالسرداب الآن.
محمد : ولماذا لم تصدر اي اصوات عندما سمعتني ادخل الى منزلها؟
مصطفى : لان السرداب مغلف بالفلين العازل للاصوات ومهما صرخت فصوتي لن يصل لاي احد لا بداخل البيت ولا بخارجه. يبدو انها متمرسة بهذه الاعمال المريبة.
محمد : وانت كيف حالك وماذا حل بك؟
هنا بدأ مصطفى يشرح له عملية اعتقاله من قبل انّا وكيف كانت تهدده بابشع الاجرائات واشد انواع التعذيب. وكيف كان يتعرض للضرب بالعصى والبرد الشديد والتعذيب النفسي وكيف اجبرته على تناول لحم الخنزير.
مصطفى : انها ليست انسانة انها وحش آدمي. كيف يوظفون امرأة من هذا النوع كي تعمل مضيفة بالخطوط؟ انه لامر عجيب حقاً يا صاحبي.
محمد : المهم، كيف سنهرب من هنا؟ هل فكرت بخطة ما؟
مصطفى : لقد جعلتني احتضن عموداً متيناً وقامت بربط يدي باصفاد من النوع الذي يستعمله رجال الشرطة لتكبيل ايدي المجرمين. وانت؟
محمد : انا كذلك مكبل باصفاد ومربوط مع ما يشبه السخان المشعاع. وبمعنى آخر فان حركتي مقيدة.
مصطفى : ليس بامكاننا فعل اي شيء سوى التذرع الى الله ان تعدل عن مخططاتها المريبة وتخلي سبيلنا. وهذا شيء مستبعد جداً. ستبدأ بالتعذيب غداً. لذلك يجب عليك ان تستعد نفسياً لذلك. لقد اخبرتني انها تريد قطع خصيتي. ارجو ان لا تنفذ تهديدها فانا لم اتزوج بعد. كيف اتزوج من دون...
<<<<<<<<<<
في بيت محمد جلست بتي تنتظر زوجها محمد الذي تأخر كثيراً. قال انه سيذهب كي يعرف مكان مصطفى لكنه لم يرجع. اصبحت الساعة تقارب الثانية عشر ليلاً ومحمد لم يعد بعد. ماذا تعمل؟ هل تتصل بالشرطة؟ لا طبعاً، لو كانت الشرطة ستحل المشكلة لتصرفوا بايجابية عندما ذهب زوجها اليهم في مقر الشرطة الرئيسية بسكوتلانديارد ليبلّغ عن فقدان صديقه مصطفى. ماذا تعمل إذاً؟ ماذا تعمل؟ بقيت تذرع غرفة الصالة ذهاب اياب تفكر بطريقة كي تطمئن بها على زوجها وصاحبه. حتى لمعت برأسها فكرة جهنمية. صرخت "وجدتها انه ابرار. اجل ساتصل بابرار المحقق الباكستاني لاخبره بكل شيء وليحصل ما يحصل، فهو الوحيد الذي يعرف كل ملابسات القصة وربما سيستطيع مساعدتي كونه صديقنا المقرب وقد زارنا ببيتنا مراتاً عدة وتناول الكثير من الوجبات التي اعددتها له".
<<<<<<<<<<
في مكان آخر من لندن دخل ابرار منزله فاستقبلته زوجته عطيفي بوابل من العتاب بسبب تأخره في العمل وكيف ستقوم باعادة تسخين الطعام من جديد. بقي يخبرها انه كان يواجه اعمالاً استثنائية وضغوطاً كبيرة من قبل رؤسائه الا انها لم تكن لتتفهم طبيعة عمله البوليسي لانها قد جائت من الباكستان حديثاً اثر دعوتها من والدته واقيم عرسهم بلندن. الآن وبعد سنتين من الزواج هي لا يمكنها باي شكل من الاشكال تقبل اوقاته المطاطية. سخنت له الطعام ووضعته على المائدة ثم استدعته كي يأتي ليباشر تناول وجبته. جلس ابرار على الكرسي وراح يأكل الطعام فسمع رنين الهاتف الارضي. اوقفته زوجته وقالت،
عطيفي : لا عليك، واصل الاكل سارد انا على الهاتف.
رفعت السماعة فسمعت صوت بتي بالجهة الثانية لتقول عطيفي بصوت مسموع، "الو... الو... الو. يبدو ان الخط انقطع". ارجعت السماعة الى الهاتف ثم قامت بفصل السلك من على الهاتف كي لا يرن ثانيةً. رجعت الى غرفة الطعام وقالت لزوجها،
عطيفي : لم يكن هناك جواب. يبدو انهم طلبونا عن طريق الخطأ.
واصل ابرار تناول طعامه حتى انتهى منه فترك الطاولة وصعد الى غرفة النوم لتلحق به زوجته. وضع هاتفه النقال على الطاولة الى جانب السرير ثم غير ملابسه وذهب الى الحمام كي يغتسل.
عرفت بتي ان زوجة ابرار عطيفي لم تشأ ان توصل الهاتف الى زوجها ابرار وانها فصلت سلك الهاتف. لذلك بحثت بهاتفها النقال فلم تجد رقم هاتف ابرار الخلوي. ذهبت الى دفتر وُضِع بجانب الهاتف الارضي وصارت تقلب فيه تبحث رقم ابرار الخلوي حتى عثرت عليه فقامت بالاتصال به على هاتفه الخلوي هذه المرة. الا ان عطيفي سمعته يرن فركضت واغلقت الهاتف تماماً كي لا تعاود بتي الاتصال. الا ان عطيفي لم تحسب حساب زوجها الذي سمع الرنة الواحدة لهاتفه النقال اثناء وجوده بداخل الحمام لذا خرج مسرعاً وهو عاري الجسد ونظر الى عطيفي وقال،
ابرار : هل رن هاتفي يا عطيفي؟
عطيفي : كلا، كلا لم يرن ابداً.
امسك بالهاتف واراد ان يتأكد فوجده مغلقاً تماماً. نظر بغضب الى زوجته وسأل،
ابرار : لماذا اغلقت الهاتف يا مجنونة؟ الا تعرفين ان ذلك ممنوعاً؟
عطيفي : اردتك ان تنعم بالراحة فقط يا زوجي العزيز. انها الساعة الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل الا يرحموك قليلاً؟
ابرار : كم انت مجنونة. قلت لك مئة مرة لا تلمسي الهاتف. انه جزء من عملي.
ضغط على زر التشغيل وانتظر قليلاً حتى اضاء الخلوي من جديد واعطى نغمة البدء. دخل على المكالمات الواردة فوجد اسم بتي. عاد واتصل بها ليقول،
ابرار : هل اتصلتِ بي يا بتي؟
بتي : اجل اتصلت بك على الارضي قبل قليل لكن زوجتك عطيفي اغلقت الهاتف بوجهي كذلك عملت الشيء نفسه بالخلوي. اردت ان اقول لك ان محمد قرر ان يذهب الى بيت المضيفة انّا ويبحث عن صاحبه مصطفى هناك لكنه لم يعد منذ اكثر من ثمان ساعات. ماذا اعمل يا ابرار؟
ابرار : لماذا ذهب وحده؟ الم اخبره انني قد توليت الامر واني ساحصل على الموافقة القانونية غداً صباحاً؟ لماذ تصرف بشكل انفرادي هذا جنون ولماذا لم توقفيه عن جنونه؟
بتي : بالحقيقة انا التي شجعته على ذلك لانك لم تشأ ان تتصرف بسرعة وقد يصاب صاحبنا مصطفى بأذى.
ابرار : عليه اللعنة. الا يعلم ان ذلك امر في غاية الخطورة؟ كيف يتصرف هكذا كيف، كيف؟
بتي : وما العمل الآن يا ابرار؟ هل تتركه يموت؟ يجب عليك ان تساعده ارجوك.
ابرار : حسناً، انا لدي عنوان المضيفة انّا. ساذهب الآن. ساتصل بك لاحقاً لاخبرك بآخر المستجدات.
بتي : شكراً لك يا ابرار.
اغلق الهاتف وراح يرتدي ملابسه من جديد فقالت له زوجته
عطيفي : هل اتصلت بك عشيقتك بتي وتريد ان تخون زوجها معك؟
ابرار : سحقاً لك ولغبائك يا امرأة. اي عشيقة واي خيانة. زوجها مفقود وقد يكون اصابه مكروه او مات وانت تثرثرين دون معرفة يا غبية.
عطيفي : انا قلت لك ذلك من حبي لك يا ابرار. لا تؤاخذني ارجوك. تعال وضاجعني فانا انتظرك منذ الصباح.
لم يجبها بل استمر بارتداء ملابسه وغادر البيت. ركب سيارته الروڨر ذات الدفع الرباعي ووضع عنوان منزل انّا على جهاز نظام تحديد المواقع العالمي ليقوده الى منطقة هاكني. وعندما وصل الى الشارع الذي يقع فيه المنزل لم يتمكن من ايجاد مكان شاغر ليوقف فيها سيارته لان السيارات اصطفت متراصةً على جانبي الطريق. سار بين السيارات حتى لمح سيارة بيضاء تشبه سيارة صاحبه محمد. ترجل من سيارته وتقرب من تلك السيارة البيضاء كي يتفحصها فرأى مصحفاً ذهبياً متدلياً من المرآة. فتأكد انه نفس المصحف الذهبي الذي اهداه هو لمحمد يوم شرائه السيارة الجديدة من نوع (تسلى). عرف يقيناً ان محمد لا زال موجوداً بداخل بيت انّا. رجع وركب سيارته وبقي يبحث عن مكان يصف به السيارة حتى عثر على ثغرة صغيرة بين سيارتين فدخل بها بشكل عمودي واصعد العجلتين الاماميتين فوق الرصيف كي يتفادى اغلاق الطريق. نزل من السيارة وسار على الاقدام نحو منزل انّا. صعد الدرجات الخمسة وتفقد سلاحه ليتأكد منه على خصره ثم ضغط على زر الجرس. انتظر كثيراً فلم ينفتح الباب. عاد وضغط على الزر ثانية ولمدة اطول هذه المرة. فتحت انّا الباب وهي ترتدي بدلة نوم مغرية قالت،
انّا : نعم ماذا تريد؟ ولماذا ايقظتني بهذه الساعة المتأخرة؟
ابرز لها شارة الشرطة الرسمي وقال،
ابرار : انا ملازم اول ابرار عبد الرحمن من شرطة سكوتلانديارد سيدتي اريد ان اسألك عن امور بغاية الاهمية.
انّا : الا يمكن ان تنتظر امورك التي بغاية الاهمية حتى الغد؟ لقد ابقظتني من نومي.
ابرار : انا آسف ساحاول ان اختصر. هل التقيت بالسيد محمد؟
انّا : اجل جاء ذلك المدعو محمد الى بيتي اليوم بعد الظهر وسألني عن صاحبه مصطفى فاخبرته انني التقيت مصطفى بالطائرة اثناء الرحلة من الدوحة الى لندن فقط لكنني لم اتمكن من مقابلته بعد عودتي من طوكيو لان شركة الطيران عادت وارسلتني الى ابوظبي.
ابرار : وماذا فعل محمد بعد ذلك؟
انّا : لم يصدقني واصرّ ان يرى دليلاً على كلامي. لذا ادخلته الى البيت وعرضت عليه جدول المانفيست الرسمي. وعندما تأكد من كلامي اعتذر عن ازعاجي وخرج من بيتي ولم اشاهده بعد ذلك.
ابرار : هل انت متأكدة من انه خرج من بيتك؟
انّا : اجل ودعته بنفسي واغلقت الباب خلفه.
ابرار : هل بامكاني مشاهدة المانفيست لو سمحتِ؟
انّا : بالطبع تفضل معي الى الصالون ساجعلك تلقي نظرة عليه.
في القبو سمع مصطفى دبيب ارجل في الطابق العلوي فنادى صاحبه محمد بالظلام عدة مرات حتى رد عليه ليسأله،
مصطفى : هل سمعت هذا الصوت يا محمد؟
محمد : كلا، لم اسمع شيئاً فانا اعتقد ان اذني قد اصيبت بضرر من اثر سقوطي من على السلم.
مصطفى : هناك شخص آخر بالاعلى مع انّا. لقد سمعت دبيب اقدامهم.
محمد : ماذا لو كان شريكها بالجريمة؟
مصطفى : لا اعتقد ذلك. اعتقد انها تعمل بمفردها.
محمد : دعنا نصرخ فقد يسمعنا ويأتي لنجدتنا.
مصطفى : كلا، هذا ليس مجدياً لان الغرفة مغلفة بعازل فليني للصوت لذا سوف لن يصل صوتنا للاعلى.
محمد : ماذا نفعل إذاً؟
مصطفى : اسمع، انت مربوط بالسخان المشعاع اليس كذلك؟
محمد : اجل.
مصطفى : إذاً، حاول ان تطرق على السخان المشعاع بقطعة معدنية كي يصل الصوت الى الاعلى.
محمد : ساطرق على المشعاع باصفادي. ساقوم بنقر S.O.S. وهي الشفرة الوحيدة التي اعرفها من نظام المورس.
بدأ محمد يطرق على السخان المشعاع ثلاث نقرات قصيرة ثم ثلاثة طويلة ثم يلحقها بثلاثة قصيرة.
مصطفى : لا تتوقف. استمر بالنقر يا محمد قد لا يكون سمعك بالمرة الاولى.
في الاعلى جلس المحقق ابرار على الاريكة، استلم ملف المانفيست من انّا وراح يقلبه كي يتأكد من كلامها. تقربت انّا منه وجلست الى جانبه على الاريكة وانحنت كي تؤشر باصبعها على المكان الذي زعمت انه يؤكد كلامها لكنها كانت تحمل بيدها الثانية جهاز الصعق الكهربائي. قلبت له الصفحة وهي تقول ان الموعد كان بالصفحة الرابعة. فجأة سمع ابرار صوت النقر على انابيب السخان المشعاع ففهمها فوراً. ادار رأسه الى جهة اليمين فوجد جهاز الصعق الكهربائي يتجه الى رقبته وانّا تهم بصعقه فابعد جسده بحركة خفيفة الى الخلف وامسك يدها التي تمسك بها الجهاز وثناها الى خلف ظهرها. بدأت تصرخ باعلى صوتها من شدة الالم لكنه كي يضمن سلامته استمر بلوي ذراعها الى الخلف حتى انكسر ذراعها. صارت تصرخ بصوت اعلى. اخرج اصفاده الفولاذية وكبل يديها وهي لا تزال تصرخ باعلى صوتها وتنهال عليه بالشتائم العنصرية. صارت تقول،
انّا : ايها الهندي القذر، تفوح منك رائحة الكاري النتنة. انتم تأكلون غائط البقر يا كلاب. كسرت ذراعي ساكسر ذراع امك يا ابن الزانية.
سحبها الى السخان المشعاع الذي بالصالة وربطها به كي لا تهرب ثم سحب احدى الاغطية القطنية الصغيرة من على الاريكة وحشرها بفمها كي يرتاح من زعيقها. راح يدور بالصالون محاولاً تتبع صوت النقر. بعد قليل توقف النقر فاراد ابرار ان يستمروا بالنقر، قام بالنقر على المشعاع وبعث رسالة من شفرة مورس مفادها (و ا ص ل و ا - ا ل ن ق ر - ا ن ا - ا ب ر ا ر). سمع محمد ومصطفى الرد على ندائهما بالاستغاثة وبالرغم من انهما لم يفهما معنى رسالة الرد لكنهما فهما ان رسالتهما قد وصلت وان عليهم الاستمرار بالنقر. راح ابرار يتجول بجميع ارجاء البيت يحاول العثور على مصدر النقر. صعد الى الطابق العلوي وراح يفتش بجميع الغرف العلوية دون جدوى. نزل الى الاسفل وسار بالممر المؤدي الى الباب الخارجي وبقي يستمع الى نقر محمد وهو يقول لنفسه، "انهم هنا، يجب علي ان اعثر عليهم، ولكن اين، اين" . صار يسير للامام وللخلف يحاول التقاط الاصوات بشكل اقوى فجأة لمح صورة زيتية معلقة فوق الحائط وقد انحرفت قليلاً الى اليسار. امسك بها لا ارادياً وعدلها فانفتح باب الى يساره. كانت هذه الصورة هي المفتاح لفتح باب السرداب. فتح الباب بالكامل فصار يسمع صوت الطرق يصله عالياً جداً. مد رأسه من الباب بالظلام وصرخ باعلى صوته، "هل يوجد احد هنا؟" فسمع الاثنان يستنجدان ويقولان، "نحــــــن هنا، نحـــــــــن هنا، نحـــــــــن هنا بالسرداب، النجدة النجدة" مد يده الى مفتاح النور ونزل السلم الخشبي ببطئ شديد ممسكاً بمسدسه تحسباً لاي فخ قد يتعرض له من تلك الافعى انّا. ولما اصبح في الاسفل هاله ما رأى. شاهد مصطفى جالس على الارض، عارياً من ملابسه وملتصقاً بعمود متين وسط غرفة السرداب، يداه مكبلتان بالاصفاد. وبالجهة الاخرى من السرداب جلس محمد عارياً هو الآخر ومربوطاً بالسخان المشعاع ينظر اليه ويبتسم. قال، "حمداً لله انكما مازلتما احياء. سافك وثاقكما لا تقلقا. جاء الى مصطفى وفك اصفاده بالمفاتيح فخر على الارض. رفعه بتأني ثم سحبه ووضعه على السرير وغطاه ببطانية. بعدها ذهب الى محمد وفك وثاقه ثم اقتاده الى السرير ليجعله يستلقي عليه ثم غطاه هو الآخر ببطانية اخرى. اخرج هاتفه النقال وطلب النجدة من ادارة الشرطة المركزية واخبرهم انه بحاجة الى سيارات اسعاف وفريق المختبر الجنائي. بعث اليهم بالموقع ثم تقرب من مصطفى وسأله،
ابرار : عزيزي مصطفى، كيف تشعر الآن؟
مصطفى : لدي آلآم شديدة بكل مكان من جسدي فقد كانت تضربني بمضرب البيسبول وتصعقني بالتيزر.
ابرار : وانت يا محمد كيف انت الآن؟
محمد : لا اعلم كيف لازلت على قيد الحياة. فقد رمتني تلك العاهر من اعلى السلم لاتدحرج واصل الى قعر السرداب فتكسرت كل عظامي.
ابرار : لا عليكم يا اخواني، النجدة في الطريق. سوف يعج هذا المكان بالشرطة والمسعفين قريباً.
بعد نصف ساعة اوصلوا محمد ومصطفى بسيارتي اسعاف الى مشفى قريبة بهاكني وادخلا الى قسم الطوارئ. بعد ساعتين دخلت بتي زوجة محمد الى المشفى فادخلوها رجال الشرطة الى غرفة زوجها. دخلت كالمجنونة لترى زوجها ملفوفاً بالضمادات على رأسه وعنقه واقدامه. بقيت بجانبه وهي تقبله وتعتذر منه. كانت تقول، "كل ذلك بسببي، انا التي شجعتك على الذهاب، انا آسفة يا عمري". فتح عينه وقال،
محمد : لا عليك يا بتي. انا بخير. لقد تلقيت بعض العقاب المحتوم وهو ضريبة الصداقة. لكن حمداً لله ان مصطفى لا زال بخير فقد تلقى الكثير من التعذيب من تلك الحقيرة.
بتي : لقد تحدثت مع الطبيب اثناء مجيئي الى هنا فاخبرني انه بخير وسوف يتعافى من جروحه.
انفتح الباب ودخل المحقق ابرار حاملاً باقة ورد كبيرة والبسمة مرتسمة على وجهه. رحب به محمد وزوجته فقال،
ابرار : حمداً لله على سلامتكما. من غير علمكم فقد كنتم ضحية لامرأة سايكوباثية مريضة نفسياً وبنفس الوقت قاتلة متسلسلة.
محمد : هل قامت باحتجاز اناس غيرنا؟
ابرار : الفريق الفني الجنائي قام بتفتيش السرداب الذي احتجزتكم فيه المجرمة وبعد العثور على آثار دماء قديمة بمساعدة الاضواء فوق البنفسجية صرنا نشك بوجود جثث مدفونة تحت الارض. قمنا بتحطيم ارضية السرداب بمطارق كهربائية فعثرنا على بقايا لـ 6 جثث.
محمد : لمن هذه الجثث؟
ابرار : لا نعرف بعد لكن الفريق الفني قام بنقلها الى المختبر واخذ عينات منها وبدأوا بتحليل الحمض النووي. سنعرف لمن كانت هذه الجثث فيما بعد. من الواضح انها قامت بقتلهم على مراحل زمنية متفرقة لان الفريق الجنائي اكد انهم ماتوا بفترات زمنية متفاوتة.
محمد : يا الهي، كنا سنموت معهم لولا تدخلك يا ابرار. شكراً لك لانك جازفت بمهنتك ودخلت لتنقذنا. ولكن كيف عرفت اننا ما زلنا محتجزون بداخل المنزل؟
ابرار : عندما جئت بالليل الى بيت انّا، رأيت سيارة تشبه سيارتك تماماً. وعندما تفحصتها جيداً جذب انتباهي القرآن الذهبي الذي اهديتك اياه بمناسبة شرائك للسيارة الجديدة فتأكدت وقتها انكما مازلتما بداخل البيت. وعندما قالت انّا بانك رحلت منذ وقت طويل تيقنت بما لا يقبل الشك انكما محتجزان لديها.
<<<<<<<<<<
بعد مرور اربعة اسابيع من تلك الحادثة وقف محمد وزوجته بمطار هيثرو يودعان صديقهما مصطفى ويتمنون له رحلة عودة سعيدة. قالت له بتي،
بتي : اليوم اتصل بنا المحقق ابرار صديق زوجي واخبرنا بنتائج تحليل الحمض النووي للجثث.
مصطفى : من هم الضحايا إذاً؟
محمد : لقد تعرفوا على جثة زوجها محسن. وبقايا لرجل ذو سوابق كانت مهنته تزوير الوثائق يبدو انه زور لها كل الوثائق الطبية المطلوبة للدخول كمضيفة بشركة الطيران، بعدها قامت بقتله لطمس الادلة. اما الجثث الاربعة الباقية فقد كانت مجهولة الهوية ربما كانوا ركاباً برحلاتها. وبعد التحقيق المكثف اكتشفوا ان (انّا) كانت مختلة عقلياً وقد هربت من مستشفى بدفورد اسايلوم المغلق للامراض العقلية وعلى ما يبدو فإن جميع نزلائه من المرضى الخطرين على المجتمع. وبهذا قدر الله ولطف فنجينا من براثن تلك المجرمة.
مصطفى : اعتقد ان من الافضل لو يعملوا لها تمثال بردهة المجرمين الخطرين في متحف الشمع مدام... مدام... مداد حاجة.
محمد : مدام توسود يا مصطفى. انا متأكد انهم سيفعلون ذلك بعد مماتها.
مصطفى : حمداً لله اني ساسافر اليوم الى بر الامان.
بتي : هل ستمكث كثيراً بالبحرين يا مصطفى؟
مصطفى : كلا، اردت فقط زيارة السيدة الوالدة لانها قلقت عليّ كثيراً. طبعاً لم اخبرها باي تفاصيل عن المصيبة التي حلت فوق رأسي، فقط اخبرتها انني كنت مريضاً وقد تعافيت فطلبت مني ان اذهب لزيارتها بالمنامة.
محمد : وماذا عن عملك بقطر؟
مصطفى : اتصلت بهم هاتفياً وطلبت منهم اجازة مرضية مدتها شهرين تلقيتها من المشفى. سالتحق بعملي بعد زيارة الوالدة.
احتضن مصطفى صديقه محمد وقبل بتي من وجنتيها ثم دخل الى صالة المغادرة. بعد قليل سمع اعلان يدعوا المسافرين على متن طيران البحرين التوجه الى الطائرة. دخل مصطفى باب الطائرة وجلس بوسطها بكرسي رقم 14A بالقرب من الشباك. ربط حزام الامان ونظر من الشباك ليتابع عربات الخدمات وهي تُدخِل حقائب المسافرين بداخل خزان الطائرة. فجأة سمع صوت انثوي يقول له،
"هل استطيع مساعدتك؟". رفع رأسه للاعلى فرأى فتاة سمراء عشرينية جميلية الوجه ترتدي زي مضيفات الخطوط البحرينية بمعطفها الاسود ووشاحها الازرق المائل للتركوازي قال،
مصطفى : شكراً لك يا آنسة. انا بخير.
المضيفة : انت مصطفى اليس كذلك؟
مصطفى : وكيف عرفتِ اسمي؟
المضيفة : انت ابن الخالة موزة. لقد اوصتني بك امك وقالت انها تريد ان تخطبني اليك.
مصطفى : مــــاذا؟ مضيفة اخرى؟ مجنونـة اخرى؟ كلا يا انسة انا لست اهلاً للزواج. اتركيني بحالي. هيا ابتعدي عني. سابقى اعزباً طول عمري.
895 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع