كنيسة آشورية وكلدانية، أم قطسيفون الفارسية؟

                                                             

                                 موفق نيسكو

كنيسة آشورية وكلدانية، أم قطسيفون الفارسية؟

بيان تنحي كوركيس صليوا جاثليق (بطريرك) ساليق وقطسيفون، جاثليق كنيسة المشرق التي سُمِّيت آشورية في 17 تشرين أول 1976م (قبل 45 سنة فقط)، وكذلك انعقاد مجمع الكلدان من 9-14 آب الجاري الذي ألغى اسم بابل من عنوان الكنيسة.

ذكرنا بالتفصيل في كتابنا اسمهم سريان، لا آشوريين ولا كلدان، وفي مقالات كثيرة أيضاً أن كنيسة المشرق بفرعيها واسميها الحديثين المنتحلين (آشوريين وكلدان)، هي كنيسة أنطاكية سريانية، تأسس مقرها في المدائن (ساليق، قطسيفون) سنة 310م، وكانوا كثيري التذمر لأن أغلبهم ينحدر من الأسباط العشرة التائهة من اليهود الذين سباهم العراقيون القدماء واعتنقوا المسيحية فيما بعد، لكن النظرة العبرية القومية القوية القديمة بقيت عندهم، ولأن لغتهم وثقافتهم آرامية (سريانية) خضعوا لكنيسة أنطاكية، ثم انفصلت كنيستهم في المدائن عن أنطاكية السريانية سنة 497م واعتنقت المذهب النسطوري تحت تأثير الدولة الفارسية، لكي يقول الفرس ويثبتوا للعالم حينها، إن عاصمتنا أيضاً فيها كرسي كنسي مستقل أسوةً بعواصم العالم آنذاك وهي: روما اللاتينية، القسطنطينية اليونانية، أنطاكية السريانية، الإسكندرية القبطية، وفعلاً كما يقول الأب الدكتور يوسف حبي من كنيسة الكلدان: سُمِّيت كنيستنا، بكنيسة فارس، في كثير من العهود (كنيسة المشرق الكلدانية-الأثورية، ص197)، ثم انشقت هذه الكنيسة السريانية النسطورية سنة 1553م حيث اعتنق القسم الأكبر منهم الكثلكة، ولأغراض سياسية وطائفية سمَّت روما القسم المتكثلك، كلداناً، وسمَّى الإنكليز القسم الذي بقي نسطورياً، آشوريين.

لذلك كان جاثليق كنيسة المشرق في المدائن يُسمّى جغرافياً جاثليق ساليق وقطسيفون، لا آشور، ولا بابل.

ملاحظة مهمة: إن لقب البطريرك الحالي للآشوريين والكلدان أيضاً هو لقب مُزوَّر، والصحيح تاريخياً ودينياً هو جاثليق، وليس بطريركاً، والجاثليق رتبة أقل من البطريرك وأعلى من المطران ومعناها مطران عام (كاثوليكوس أو جاثليقوس).

ويقول المؤرخ القدير الأب بطرس نصري الكلداني +1917م قبل شيوع تسميتي آشوريين وكلدان المزورتين في كتابه المهم: (ذخيرة الأذهان في تواريخ المغاربة والمشارقة السريان) ج1 ص21، 28، 40، 52-55: كانت الأمة السريانية بكل طوائفها خاضعة لبطريرك أنطاكية في سورية، وكان كرسي المدائن متعلقاً دائماً ببطريرك أنطاكية، ولم ينزع عنه الطاعة إلاَّ بعد أن اعتنق النسطرة، وعندما خلع جثالقة المدائن الطاعة لرئيسهم الشرعي في أنطاكية، أرادوا إقامة كنيسة منفصلة لهم، فشرعوا ينسبون تأسيسها لرسل المسيح لكي لا تظهر أقل شرفاً من الكنائس التي شيَّدها بطرس ومرقس في أنطاكية وروما والإسكندرية، وإن جثالقة المدائن لم يحوزوا قط على شرف ولقب البطريرك بحق قانوني، لكنهم اختلسوا اسم البطريرك والبطريركية واستبدُّوا به.

والبطريرك الكلدان عمانوئيل دلي (2003-2012م) أيضاً يُفضِّل استعمال لقب جاثليق ساليق وقطسيفون، فيقول: لقد خلطت روما الحابل بالنابل فأخطأت وسَمَّت كنيستنا كلدانية، ومع أن اسم الكلدانية بدأ يستقر على الكنيسة في التقويم الحبري لروما، لكن في ثلاثينيات القرن العشرين قُدِّمت عدة بحوث واقتراحات من المشتغلين في القانون الكنسي الكاثوليكي أهمها اقترح الأب كوروليفسكي وهو أن يكون لقب رئيس الكلدان هو (مطران ساليق وقطسيفون رئيس أساقفة المشرق جاثليق بطريرك بابل على الكلدان)، لكنه بعد سنتين غيَّرَ رأيه وعرض لقباً آخر هو "جاثليق بطريرك المدن الكبيرة ساليق وقطسيفون رئيس أساقفة المشرق"، ويضيف البطريرك دلي قائلاً: إن لقب البطريرك الحالي ليس جيداً ويجب تغييره لأن مدينة بابل لم تكن يوماً مركزاً للكرسي البطريركي، والمرسلون من كنيسة روما تصوروا خطأً أن مدينة بغداد هي بابل القديمة (البطريرك دلي، المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق، ص5، 146–147).

وفي فقرته التاسعة قرر بالإجماع مجمع كنيسة الكلدان الذي أنهى أعماله قبل ثلاثة أيام في 14 آب الجاري إلغاء اسم بابل وتسمية البطريركية الكلدانية فقط، بدل بطريركية بابل على الكلدان، وهو دليل على عدم علاقة الكلدان الحاليين ببابل (سنتطرق للموضع بالتفصيل لاحقاً).

ولكي أثبت صحة كلامي ودقته أن هؤلاء ليسوا بآشوريين وكلداناً، بل (متأشورين ومتكلدنين)، فبالنسبة للمتـأشورين أيضاً فلقب بطريركهم إلى اليوم رسمياً هو جاثليق (بطريرك) ساليق وقطسيفون، والغريب أنهم لا يستعملون اسم المدائن إلاَّ نادراً، بل يفضلون، ساليق وقطسيفون.

وبمناسبة تنحي كوركيس صليوا جاثليق (بطريرك) كنيسة المشرق بسبب مرضه في المجمع الذي سيعقد في 5 أيلول القادم، أنقل لكم نص البيان الصادر في 11 آب الجاري عن الكنيسة وكيف لا تزال إلى اليوم تُسمِّي بطريركها وكرسيها الكنسي باسمه التاريخي الصحيح (جاثليق ساليق وقطسيفون)، وليس آشور.

تود أمانة المجمع المقدس لكنيسة المشرق الآشورية أن تطلع جميع مؤمني الكنيسة، ‏على موعد انعقاد المجمع الخاص الذي دعا إليه قداسة البطريرك مار كيوركيس الثالث ‏صليوا حيث ‏أطلع قداسته أعضاء المجمع المقدس في 23 ‏حزيران 2021م، على تأكيد انعقاد المجمع في مقر الكرسي البطريركي في أربيل بتاريخ 5 أيلول 2021‏‎م.

خلال المجمع سيتنحى قداسة البطريرك مار كيوركيس الثالث رسمياً عن ‏الكرسي البطريركي لأسباب صحية، وسيقوم أعضاء المجمع المقدس ‏بانتخاب الجاثليق- البطريرك 122 لكنيسة المشرق الآشورية على الكرسي الرسولي ‏لساليق قطيسفون‎.‎

صلوا من أجل صحة قداسة البطريرك وآباء المجمع المقدس وهم ينتخبون رئيساً جديداً لكنيسة المشرق ‏الآشورية‎.‎

ملاحظة أخرى:(التسلسل الحقيقي لجثالقة (بطاركة) كرسي المشرق، ليس 122 كما مذكور في البيان، بل الجاثليق (البطريرك) القادم هو رقم 82.

أرفق نص البيان الأصلي بالإنكليزي والسرياني

    

  



فهل هذا التخبط وهذه التناقضات والتشبث بأسماء تاريخية مشهورة بدون أي إثبات تُثبت ما قاله بطريرك الكلدان عمانؤئيل دلي سنة 2005م: إن اسم كلدو وأشور سيجعلنا أضحوكة للعالم؟.
وشكراً/موفق نيسكو

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2243 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع