المغيبون والمفقودون والمختفون قسرا خرم للعدالة..إهانة للانسانية..تهديد للسلم المجتمعي
لايختلف اثنان على أن الحق في العيش الكريم والحفاظ على كرامة الانسان وحريته وسط أجواء من العدالة الاجتماعية هو حق مشروع كفلته جميع الاديان السماوية علاوة على العديد من النظم والدساتير والقوانين الوضعية ، والمفترض بالانظمة التي تنتهج الديمقراطية ولو شكليا كالعراق ان تتمتع بقدر مقبول من هذه العدالة والحرية والكرامة انطلاقا من الاية الكريمة : "ولقد كرمنا بني آدم"،وانطلاقا من الحكمة الخالدة "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟"،الا ان الملاحظ أنه وكلما احتفت البشرية في أصقاع المعمورة بيوم عالمي من الأيام التي تعنى بحقوق الانسان فإن العراق يتصدر قوائمها بلا منازع ضمن الدول الاكثر انتهاكا لهذه الحقوق المشروعة وإستخفافا بها،فما يكاد العالم يحي ذكرى اليوم العالمي للمفقودين والمختفين قسرا في الـ 30 من آب من كل عام،الا والعراق يتصدر قائمة الدول الاكثر فقدانا لأبنائه رجالا ونساء وشيوخا واطفالا حيث يتربع هذا البلد المنكوب على رأس القائمة بعشرات الالوف منهم من دون معرفة مصيرهم أكانوا بين الاحياء أم من الاموات، ومن دون معرفة اماكن وجودهم ولا إحتجازهم قسريا ولا حتى مواقع المقابر الفردية أو الجماعية التي تضم رفات من قتلوا منهم ظلما وعدوانا أو فارقوا الحياة لأي سبب كان مع ان جرائم نكراء كتلك لاتموت بالتقادم ولو بعد 1000عام وعلى الجميع ان يعلم ذلك جيدا ويدركه مليا ،وما إن يحتفل العالم بيوم اللاجئ العالمي أو اليوم العالمي للاجئين في 20 حزيران من كل عام، حتى يظهر اسم العراق جليا بأكبر عدد من النازحين واللاجئين والمهجرين والمهاجرين والمشردين ممن يفترشون الارض ويلتحفون السماء في الفيافي والقفار بينما يسكن بعضهم داخل مخيمات وكامبات هي اقرب لمعسكرات الاحتجاز والعزل والحجر منها الى مخيمات لإيواء النازحين داخل خيام بائسة وكرفانات بعيدة كل البعد عن المعايير الانسانية، تفتقر بمجملها لأقل الخدمات وعلى المستويات كافة بغياب الرعاية المطلوبة طوال مدة بقائهم أو احتجازهم داخلها، بل ويتعدى الاجحاف ليمنع الالاف منهم من العودة الى مناطق سكناهم الاصلية بذرائع شتى لاتخلو بعضها من محاولات خائبة لإحداث تغييرات ديموغرافية في هذه المنطقة أو تلك بناء على خلفيات طائفية أوعرقية مقيتة مع إن أبسط تعريف لحقوق الانسان،هو أنها" مجموعة من الـحقوق الأساسية التي لا يجوز المساس بها وهي مستحقة وأصيلة لكل انسان فهي ملازمة لهم بغض النظر عن هويتهم أو مكان وجودهم أو لغتهم أو ديانتهم أو أصلهم العرقي أو أي وضع آخر" ولتسليط الضوء على جانب من هذا الملف الشائك ولإضاءة مساحة من تلكم المأساة المؤرقة والتي تعد بمثابة خرم للعدالة الاجتماعية والقضائية ،وإهانة للانسانية ،وتهديد للسلم المجتمعي..
حاورنا النائب السابق عن محافظة الانبار النائب احمد عطية السلماني وبادرناه بالسؤال الاول :
*كان لكم لقاءات مثمرة مع منظمة الصليب الاحمر الدولي بشأن واقع المفقودين والمختفين والمغيبين قسرا في محافظة الانبار وضرورة التحرك العاجل للكشف عن مصيرهم بمساعدة دولية،نرجو إيجاز أبرز ما دار في تلكم اللقاءات وبيان ما الذي تأملونه منها في القريب العاجل ؟
- اللقاء كان حول ملف المغيبين بشكل عام سواء في شمال بابل وصلاح الدين وديالى أوبشكل خاص بشأن ملفي الرزازة والصقلاوية في محافظة الانبار،وطلبنا منهم التواصل مع عوائل المغيبين بشكل مباشر ليروا بأنفسهم حجم المأساة التي تمر بها هذه العوائل ونقل معاناتهم الى الجهات المؤثرة في الموضوع.
* ماهو برأيكم العدد التقريبي للمفقودين والمختفين والمغيبين قسرا في كل من الانبار،صلاح الدين،الموصل ،ديالى،بعد عام 2014 واجتياح ما يسمى بتنظيم داعش لها بحسب الارقام والمعطيات المتوفرة لديكم ؟
- حسب الارقام المتوفرة عندي العدد يتجاوز العشرة آلاف.
* ماهي ابرز المناطق التي عانت من ويلات الاختطاف والتغييب والاختفاء القسري وماهي الاجراءات المتخذة للكشف عن مصير الضحايا ومعظمهم قد مضى على اختفائه اكثر من 4 سنين وبعضهم 6 سنين وربما اكثر ؟
- ابرز منطقة عانت بشكل كامل من جراء ذلك هي منطقة الصقلاوية بسبب اختطاف الرجال في بعض العوائل ولم يبق الا النساء وعدد من تم اختطافهم في الصقلاوية تجاوز ٧٠٠ شخص فيما الإجراءات المتخذة بهذا الشان لم تتعد تشكيل اللجان واكثرها ولدت ميتة ولم تحرك ساكنا في الموضوع.
* طالب ناشطون مؤخرا في حملة #وينهم التي تصدرت ترند العراق على تويتر لأيام عدة بتفعيل قانون العفو العام على ان لايكون طائفيا ولا مكوناتيا ولا مزاجيا ولاشكليا من جهة ، والكشف عن مصير المفقودين والمختطفين والمختفين والمغيبين قسرا من جهة أخرى ليكون ذووهم على بينة من أمرهم ، حدثنا وبصفتك نائب سابق في البرلمان عن الملفين الشائكين " قانون العفو العام ،وملف المفقودين " وماهي رؤيتكم في ذلك ؟
- للأسف قانون العفو العام الذي تم التصويت عليه عام ٢٠١٦ افرغ من محتواه تماما ولم يستفد منه الا عدد قليل جدا من المعتقلين وبناء على ذلك فإن أي قانون يشرع ولا ينص على اعادة التحقيق للمتهمين بأشخاص جدد يتمتعون بالمهنية سيكون للاستهلاك الإعلامي فقط ،اما بالنسبة الى ملف المفقودين فهذا يحتاج الى هيئة مشابهة لمؤسسة الشهداء تقوم بأحصائهم وتعويض عوائلهم.
* في الاونة الاخيرة أطلق ناشطون على مواقع التواصل حملة كبرى حملت وسم #رجعوهم لحسم ملف النازحين الشائك والمحزن لاسيما مع إطلاق تحذيرات دولية من مغبة إنتشار وباء كورونا المستجد ( كوفيد - 19) في عدد من هذه المخيمات التي تعاني من الإهمال وسوء التغذية وغياب الرعاية الصحية ونقص الخدمات وشح المياه الصالحة للشرب بشكل شبه تام مع ورود أنباء تفيد بإنتشار كورونا واقعا في عدد منها، ماهي الخطوات الواجب اتخاذها لحسم ملف النازحين نهائيا ؟
- هذا الملف واذا ما توفرت الارادة والجدية لدى الحكومة فسيتم حله خلال شهر واحد على وفق الخطوات الآتية:
- عرض اسماء الاشخاص من المناطق التي يمنع اهلها من العودة اليها على لجنة محايدة من الامن الوطني والاستخبارات والادارات المحلية ، وأي شخص يكون ملفه نظيفا يتم إعادته الى ( جرف الصخر،يثرب ،العويسات ) وهؤلاء هم الغالبية العظمى من النازحين.
- اما بالنسبة لأبناء المناطق الاخرى ممن لديهم احد افراد اسرهم وقد تورط بالانتماء الى التنظيمات الإرهابية فيؤخذ على هؤلاء تعهدا ويتم كفالتهم من احد الاقارب ليتم اعادتهم الى مناطقهم على ان يكون الجهد الاستخباري حاضرا.
* للاعلام كما للمنظمات المعنية بحقوق الانسان فضلا عن منظمات المجتمع المدني دور مهم في ملفات النازحين والمفقودين والمختطفين ، ماهي الرسالة التي تودون توجيهها اليهم ليطلعوا بالمهام الملقاة على عاتقهم في هذا الاطار على الوجه الامثل ؟
- هذا الموضوع يحتاج الى استمرارية المتابعة وديمومة الضغط الإعلامي الموجه الى الحكومة والبرلمان مع تسليط الضوء على الجهات الخاطفة .
* مع ان الدستور العراقي يمنع التعذيب بكل أشكاله كما جاء في المادة (37/ج) منه والتي تنص على”يُحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الأنسانية”وبرغم أن العراق سبق له عام 2008 أن انضم الى الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب اﻻ أن مواقع التواصل ومنظمات حقوق الانسان علاوة على تقارير هيومن رايتس ووتش تتحدث بين الحين واﻵخر عن وجود انتهاكات صارخة لحقوق الانسان ببعض مراكز الاحتجاز والسجون العراقية ، تعقيبكم على ذلك ؟
- لو اجريت مسابقة بين البلدان في انتهاك حقوق الإنسان لإحتل العراق المرتبة الاولى والسبب يكمن في العقلية الطائفية المسيطرة في هذا الملف .
* ما ان طالب العديد من الناشطين من البرلمان العراقي الإسراع بتشريع قانون مناهضة التعذيب، حتى خرج علينا المعنيون بحقوق الانسان وكشفوا لنا على حين غرة كوارث ظلت حبيسة الادراج لسنين طويلة منها بوجود ما يزيد عن 35 الفا بينهم من قضى 9 سنوات من دون توجيه تهمة اليه أو صدور حكم نهائي بحقه، بماذا تردون ؟
- فضح الانتهاكات من قبل اية جهة تقوم به تكون بمثابة خطوة مشكورة مع ان الاصل ان تكون هذه الجهات هي من تتقدم بالكشف عن الانتهاكات.
* وماذا عن المخبر السري والدعاوى الكيدية التي كانت سببا مباشرا في اعتقال مئات الابرياء بعضهم لخلافات شخصية أو مالية أو عائلية ولاعلاقة لها مطلقا بالجوانب الامنية ، برأيكم هل هناك مشروع قرار أو تحرك نيابي وتشريعي ما للحد من هذه الظاهرة التي أصبحت عبئا يثقل كاهل المواطنين ويؤرقهم ؟
- يفترض ان ينص قانون العفو العام على هذه الفقرة وان كل من تم اعتقاله بالمخبر السري لا يؤخذ بأي إجراء امني بحقه وان يلغى هذا الأمر بشكل كامل.
* كلمة اخيرة تودون توجيهها الى من يهمه الامر .
- لابد من احترام الإنسان كونه إنسانا بغض النظر عن طائفته وقوميته والاهتمام بملف حقوق الإنسان وجعله على رأس الأولويات في العراق .
2506 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع