موفق نيسكو
كيف يكتب الآشوريون والكلدان الجدد تاريخهم
ابتلي العراق بمصائب كثيرة، منها سياسية وأخرى تاريخية، وثالثة دينية وطائفية، ورابعة قومية..ألخ، وقسم من هذه المصائب يعلمها جميع المثقفين تقريباً، وقسم آخر لا تعلمها إلاَّ القلة من الذين تهمهم الأمور التفصيلية، وهذه المصائب غالباً ما تكون منفردة، أي جماعة متخصصة بخلق مشاكل سياسية، وأخرى مهمتها اختراع مشاكل دينية وطائفية، وثالثة قومية، ورابعة تزوير وتشويه التاريخ..إلخ.، باستثناء طائفيتين في العراق هما، الآشوريون والكلدان الجدد اللتين تقومان بخلق جميع المصائب والمشاكل للعراق دفعة وحزمة واحدة، فهي مهتمة بتزوير وتشويه تاريخ العراق المدني والديني، وخلق مشاكل سياسية مبنية على خرافات وأوهام تاريخية ودينية إما بتحريف قصد بعض ما جاء في العهد القديم من الكتاب المقدس، أو الاعتماد على الأمور الرمزية والقصص غير الحقيقة التي وردت فيه وتحويلها إلى حقيقة تاريخية، ومصائب أخرى قومية عبرية تحت مبدأ التقية.
مع احترامنا لقلة من الإخوة الكلدان والآشوريين الحاليين المنصفين الذين يعترفون بالحقيقة، أقول:ذكرتُ كثيراً أن الكلدان والآشوريين الحاليين لا علاقة لهم بالقدماء مطلقاً إنما هم سريان نساطرة انتحل لهم الغرب اسمين من أسماء حضارات العراق لأغراض سياسية وعبرية وطائفية.
منذ أن تسَمّوا بالاسمين الجديدين، أصبح الاسمان مصدر إلهام، فانطلقت أقلامهم تُمجِّد الآشوريين والكلدان القدماء، وبدؤوا بربط تاريخهم الحالي بالقدماء على افتراض أنهم أحفادهم، وأصدروا عدة كتب، كل ما فعلوه، أنهم استبدلوا كلمة السريان الشرقيين والنساطرة من المصادر وأسماء الكتب والقواميس، إلى كلمة آشوريين أو كلدان، كلٌ من جانبه، فنفس الشخص أو الكتاب أو القاموس، اسمه سرياني، يطبعه الآشوريون باسم آشوري، والكلدان باسم كلداني، ونفس الخبر عن قرية نسطورية في مصدر تاريخي قبل 1000سنة، صارت عند الكاتب الآشوري اليوم قرية آشورية، وعند الكاتب الكلداني قرية كلدانية، ونفس الوثيقة التي يقول ويفتخر فيها كتابهم وآباؤهم إنه سرياني وأمة سريانية، صارت عندهم اليوم، آشوري وأمة آشورية، وكلداني وأمة كلدانية..إلخ، ، فحولوا تاريخهم، من تاريخ السريان الشرقيين أو النساطرة إلى تاريخ الآشوريين والكلدان القدماء.
وباختصار أقول للأخوة القراء خاصة من غير المسيحيين الذين قد تنطلي حيلة المتأشورين والمتكلدنين عليهم لأنهم لم يهتموا بهذه الأمور بدقة مثل المسيحيين: إن كل ما يفعله هؤلاء هو ربط تاريخهم المعاصر بالآشوريين والكلدان القدماء، والقفز من سنتي 612 ق.م. و 539 ق.م. مباشرةً إلى القرن السادس عشر وبعدهُ عندما سمتهم روما والإنكليز كلداناً وآشوريين، تاركين أكثر من عشرين قرناً فراغاً تاماً خالياً من وثيقة واحدة تقول إنهم كلدان وآشوريون، ناسين في نفس الوقت آلاف الوثائق من أرشيفهم تقول: إنهم سريان، ويُعلِّق أحمد سوسة بخط يده تعليقاً طريفاً على كتابهم: الآشوريون في التاريخ، لإيشو مالك جوارو، قائلاً: (هذا كتاب تاريخ الآشوريين، وليس النساطرة الذين سُمُّوا بالأثوريين)، مع ملاحظة أنهم يقومون بإرجاع تاريخ الآشوريين والكلدان القدماء إلى 7500 سنة ق.م. كل من جانبه، فالعراق منذ فجر التاريخ كلداني عند المتكلدنين وآشوري عند المتأشورين، وجميع سلالات وملوك العراق القديم من السومريين مثل، سلالة كيش السومرية وملكها كاروا وأسرحدون الأكدي وحفيده نارم سين، هم آشوريون عند الآشوريين الجدد، ونفس أسماء الملوك وتسلسلهم بالضبط، هم كلدان عند الكلدان الجدد، وشخصيات العهد القديم كنمرود الحامي (من نسل حام) عند الآشوريين، هو آشوري، وطبعاً عند الكلدان هو، كلداني، وعند بعض الآشوريين، آشور هو الله والرب والمسيح.
.
وقد ظل هؤلاء يشوهون التاريخ، ومنذ حوالي 15 سنة وبعد دراسة كل تاريخهم واقتناء كتبهم ومجلاتهم وزيارة الكنائس والمتاحف والمكتبات العالمية والمحلية، وزيارة أضرحة بطاركتهم للتأكد من الكتابة عليه، بدأتُ أكشف تاريخهم الحقيقي في مواقعهم، وفي البداية كان المدخل عاماً وليس تفصيلاً في الوتر الحساس، ونتيجة الأسلوب العلمي الموثق لأول مرة في التاريخ، حاول الطرفان كسبي وجاءتني رسائل على الإميل والبعض طلب هاتفي..إلخ، وجاءني الثناء والمديح من الأغلبية الساحقة، بل أن أحدهم وهو إنسان محترم ودكتور وصفني: إني هبة الله لبلاد الرافدين، وطبعاً لم يكن هذا المديح يفرحني لأني أعلم إني سأصطدم معهم مستقبلاً عندما اكشف أوراقهم، وذكرت ذلك مرة وقلت لا يفرحني مديحكم لأني مهما يكن شرقي وأخشى أن أتأثر به وربما يثنيني عن ذكر بعض الحقائق، ثم جاءت مرحلة الاصطدام، أنه أنتم لا آشوريون ولا كلدان ولا هم يحزنون، بل سريان، ومن أصول عبرية، فتحولت الأغلبية المادحة المحترمة منهم إلى ساكتة، والأقل أهمية منهم إلى منتقدة باسمها الصريح وشاتمة باسمها المستعار، علما انه نتيجة علاقاتي الواسعة وخبرتي علمت كثيراً من أصحاب الأسماء المستعارة ومنهم رجال دين وسياسيون كبار، علماً أن قسماً منهم أرسل مندوباً لحضور محاضرتي في بغداد ونشروها في مواقعهم الرسمية، ومختصر القول: خلال 15 سنة لم يعلق لي شخص واحد بوثيقة واحدة تقول إن هناك كلداني أو آشوري، وكل التعليقات وإجاباتهم هي:
1: شتائم، شخصنه، فأنت لست مؤرخاً، لست باحثاً، مدفوع الثمن، طائفي، حاقد، ما هي شهادتك العلمية، الذين تستشهد بهم مثل طه باقر ورياض الحيدري أجبرهما صدام حسين على تغير التاريخ، وأحمد سوسة يهودي اعتنق الإسلام، وعبد الرزاق الحسني قومي عروبي حاقد، والكلداني الدكتور الآثاري بهنام أبو الصوف لا يفهم، وكتاب بطريرك الكلدان ساكو آباؤنا السريان وليس الكلدان، هو مجاملةً للسريان، وغيرها من التخريجات، والملاحظة المهمة هي: أنا لم أتكلم في مقال واحد بصيغة إني، ولا يوجد كلمة واحدة في مقالاتي تدلل على أني منتمٍ لدين أو طائفة معينة، بل دائماً أتحدث بصيغة الشخص الثالث، الكلدان السريان الآشوريون، وهذا هو الأسلوب العلمي، وذكرت لهم مراراً أن جامعة الأزهر فيها أساتذة دكتوراه لهم كتب يدافعون فيها عن السريان وتاريخهم ولغتهم أكثر من بعض السريان، لذلك على الآشوريين والكلدان الجدد أن يعتبروني كاتباً أو مؤرخاً صينياً بوذياً، أقول إنهم سريان، لا آشوريين ولا كلدان، وعليهم الإجابة إن أردوا أن يثبتوا وجودهم، علماً أني لم أوقع يوماً باسم الباحث أو المؤرخ، ولكن الآخرين يصفوني بذلك، مع ملاحظة هي: صحيح إني إنسان مؤمن، لكني افتخر إني علماني للنخاع، وعندما أكتب بعض الأمور الدينية واللاهوتية مثل كتابي الرد على نسطورية-تيودورية البطريرك ساكو، لا يعني أني أدافع عن عقيدة أخرى، بقدر ما أريد أن أُفند وأثبت زور ادعاء الآشوريين والكلدان الجدد من الناحية الدينية أيضاً.
2: الرد بأسلوب المضادات، أي بما إني أكتب، لا وجود لكلدان وآشوريون بل إنهم سريان، فلا يكون الرد بإثبات وجود كلدان وآشوريون، بل بنفي السريان، وقلت لهم أكثر من مرة، أثبت وجودك، فنفي الآخر لا يعني أنك موجد.
3: الرد والتعليق بسؤال، لا بجواب، فردهم هو (إن لم نكن نحن من الآشوريين والكلدان القدماء، فأين ذهب القدماء وهل انقرضوا جميعهم؟)، وهذا السؤال المضحك أجاب عليه الأب فييه الدومنيكي بتهكم قائلاً: إنهم يردون على السؤال بسؤال، لا بجواب، لذلك نحن أيضاً نجيبهم بسؤال آخر، أين هم السومريون والأكديون والميتانيون وعشرات أسماء الأقوام الأخرى؟، أي الآشوريين والكلدان القدماء شانهم شأن السومريين وغيرهم. (The Syrian East السريان الشرقيون، 1965م) وقد قمت بترجمة المقال وتحقيقه ونشرته قبل مدة قصيرة.
4: التشبث بتاريخ الآشوريين والكلدان القدماء فقط مثل كتبهم التي تتوقف عموماً عند سنة 612 و539 قبل الميلاد، فكلما سألت شخصاً عن وجود كلدان وآشوريين بعد سقوطهم خاصة في التاريخ المسيحي، أعادوك إلى قبل الميلاد.
5: الرد بمقالات أو أسئلة اعتراضية وتهكمية وخارج صلب الموضوع، هدفها إيهام القارئ أو الاصطياد في الماء العكر أو الاستهزاء، لذلك نحن نفرز ونرد باحترام شديد على من يريد نقاشاً علمياً ويسعى للوصول للحقيقة، ونرد بنفس أسلوب بعض الهواة ممن يكتبون للأغراض المذكورة أعلاه، وقد قام شخص يدعي أنه كلداني ودكتور في التاريخ اسمه نزار ملاخا بمحاولة إيهام القارئ، فهو يسألني أحياناً لغرض التهكم، ويكتب مقالات لا علاقة لها بالموضوع، وعلَّقتُ أنا وعدد من الإخوة له، وطبعاً كان تعليقي احتراماً للقارئ الكريم فقط لكي لا ينخدع، وقد أُدرج له وثائق مهمة منذ القرن السادس الميلادي، وسئُل أن يذكر وثيقة واحدة عن وجود كلدان، فكان جوابه على السائلين:
اقتباس 1 لمن يدعي أنه دكتور تاريخ: لستُ مُلزماً من أجل أن تُقيّمني أنت أجلب لك المصادر، لذا أحيلك إلى بعض المصادر منها كتابي الموسوم "الكلدان في المجتمع العراقي ـ دراسة تاريخية "وكذلك كتاب الدكتور عامر حنا فتوحي "الكلدان منذ بدء الزمان" فستجد فيهما ما تبحث عنه
اقتباس2: شكرا جزيلا أخ يوسف ولكن ما هي مؤهلاتك التاريخية؟ يعني هل تحمل شهادة أكاديمية، لأن سؤالك ستجده في الكثير من مقالاتنا وبالأخص كتابنا وكتاب عامر حنا
نيسكو: هل هذه إجابة القُراء من شخص يكتب مقالاً يدعي أنه دكتور؟، كان المفروض الإجابة مثلنا بالاقتباس من قولي والرد بالمصادر وأرقام الصفحات وإدراج الوثائق المهمة، علماً أن المصادر المذكورة لا توجد فيها أجوبة السائلين بوجود كلدان منذ سنة 1 ميلادي إلى أن سمتهم روما، فالكتابان هما لهواة يكتبون عن تاريخ العراق القديم فقط، ويا ليت أنه تاريخ صحيح، فعلى الأقل كنا سنقول مثل أحمد سوسة (هذا تاريخ الكلدان القدماء وليس السريان النساطرة الذين سمتهم روما كلداناً)، لكن المضحك أن نمرود الحامي وسلالة كيش السومرية وملكها كاورا وسرجون الأكدي وحفيده نارم سين، كلهم أصبحوا، كلداناً.
اقتباس 3: نفس السؤال توجهت به إلى الأستاذ الدكتور (وهو أستاذ زائر في إحدى الجامعات الأوروبية) المتخصص بتاريخ بلاد الرافدين ـ تاريخ العراق القديم، فأجابني مشكوراً بما يلي وأنقله هنا عسى أن نستفيد منه جميعاً، مع العلم أنني رفعت الأسماء لكي تكون الإجابة دقيقة وصادرة من متخصص وليس من باحث هاوٍ.
نيسكو: من هو هذا الشخص المتخصص وفي أي جامعة يعمل؟ وما هو اسم كتابه، هل بطريقة المبني للمجهول هذه تم أخذ الدكتوراه؟
اقتباس4 (مهم جداً): راجع موقع البطريركية الكلدانية لتتعرف عن تاريخ تأسيس الكنيسة الكلدانية على يد يوحنا سولاقا، ثالثاً أنا لا أربط بين الكلدان تاريخياً وتأسيس الكنيسة الكلدانية.
نيسكو: هذا الاقتباس هو المهم جداً حيث اعترف أن اسم الكلدان حديث ولا يوجد في التاريخ كنيسة كلدانية، وكنيسة الكلدان تأسست على يد يوحنا سولاقا، لكنه تعمَّد عدم ذكر السنة وهي 1553م، وثانياً أرجو الانتباه إلى التزوير والغش والجهل، لدكتور يدعي أنه كلداني، فسولاقا لم تسمه روما بطريرك الكنيسة الكلدانية، بل بطريرك الموصل في أثور الشرقية!، ثم ثبت الاسم الكلداني على خلفاء سولاقا في 5 تموز 1830م، ولم يكن بالإمكان إخراج وثيقة باسم الكلدان من الدولة العثمانية رغم المطالب التي قدَّمها بطاركة الكلدان إلى السلطات لأنها كانت تصدر باسم النساطرة استناداً إلى السجلات العثمانية التي لم تكن تعرف أن الكلدان أصبحوا طائفة مستقلة عن النساطرة (القس بطرس الكلداني، ذخيرة الأذهان في تواريخ المشارقة والمغاربة السريان ج2، 308) علماً أن بابا روما صاحب العلم والتاريخ ومقرر أسماء الأمم، عندما رسم سولاقا اعتقد خطأً أن مدينة الموصل مترملة وبطريرك الموصل النسطوري شمعون برماما متوف، لكنه كان لا يزال حياً!!، والطريف والمضحك أن كنيسة الآشوريين الحاليين تنحدر من خط سولاقا، بينما تنحدر كنيسة الكلدان من خط الشمعونيين النساطرة، (بطريرك الكلدان لويس ساكو، خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية، ص36، وهذه وثيقة تعيين سولاقا الأصلية من أرشيف الكنيسة الكلدانية ومترجمة من الأب بطرس حداد الكلداني!!!.
وأزيد الكلدان الجدد من الشعر بيتاً، فأدرج الوثيقة الأصلية اللاتينية لسنة 1562م لخليفة سولاقا وهو البطريرك عبديشوع مارون الجزري الذي تسميه روما بطريرك الآشوريين أيضاً، لا كلدان ولا هم يحزنون، علماً أن الآشوريين الجدد أو المتأشورين، يستهزؤون بالكلدان الجدد أو المتكلدنين، أن لقب بطاركتكم هو آشوريين، لا كلدان، وكان المفروض ممن يدعي أنه دكتور تاريخ وكلداني وزميله حفيد نمرود الحامي وكاروا السومري وسرجون الأكدي الذين أصبحوا عنده، كلداناً، أن يخرجا الوثيقة ويجيبا على استهزاء المتأشورين، أو أن يشكر المتكلدنون المهندس المدني موفق نيسكو الذي قام بالتنقَّيب عن الأسس بمعوله فأخرج الوثيقة وحللها، ودحض افتراءات واستهزاء المتأشورين في الوثيقتين وخلص المتكلدنين من أكبر مشكلة؟!!! وهذه هي الوثيقة الأصلية لسنة 1562!!!!
وشكراً/ موفق نيسكو
2106 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع