ذكريات مع الراديو الروسي

                                                 

                           بقلم احمد فخري

ذكريات مع الراديو الروسي

    

                        ردايو ڤيكا الروسي

اثناء دراستي في بريطانيا بالسبعينات من القرن المنصرم، كانت الاتصالات الوحيدة بيني وبين الاهل هي الراسائل الورقية. اما الهواتف والبرقيات فقد كانت مكلفة للغاية بحيث لا نلجأ اليها الا عندما يكون الحدث جللاً ويتطلب ردود سريعة من الاهل. فقد كنا نتصل بالهاتف للتعزية بحالة وفاة احد اعضاء العائلة او التهنئة في الاعراس والمسرات او طلب تحويل المال بحالة طلاب النفقة الخاصة. اما اخبار المجتمع واهم الاحداث التي تدور بين الناس فكنا محرومون منها ولم نكن نحصل عليها الا من زملائنا القادمين حديثاً من الوطن. كاخبار ابو طبر والبيض المسموم وانقطاع النفط بالشتاء واللحوم المسمومة وما شابه ذلك من اخبار يتداولها الناس. اما اخبار السياسة فقد كان البعض منا يذهب الى السفارة العراقية والقيام بمهمة جلب الجرائد العراقية الموضوعة هناك على الطاولة بالقنصلية والتي عادة ما كانت قديمة بـ 4 - 5 ايام. ثم نقوم بقرائتها بشكل دقيق ثم نقوم باعارتها الى زملائنا من باقي العراقيين بعد الانتهاء منها. اما البث التلفزيوني والاذاعي فكان معدوماً تماماً الا لمن كان لديه راديو روسي من نوع ڤيكا والذي له القدرة على تجزئة الموجة القصيرة الى خمس اجزاء مما يمكن المستمع من التقاط محطات عربية كثيرة منها اذاعة بغداد وباقي الاذاعات العربية الاخرى كصوت العرب ومونتكارلو ولبنان وسوريا وما شابه. كان ذلك الجهاز بمثابة المتنفس الوحيد لدينا لانه كان يجعلنا نتواصل مع وطننا باغلب الاحيان.
فكيف كنا نستعمله؟
كنا نضع منتخِبْ الموجات على SW1 وهي الموجة القصيرة الاولى رقم 1 ونبداً بتحريك المؤشر الاحمر ببطئ شديد حتى نصل الى محطة إذاعية نعرفها. وقتها نقرر فيما إذا كانت محطة تهمنا او لا تهمنا. فإذا اردنا العودة اليها بالمستقبل فاننا نقوم بلصق شريط رفيع عادة ما يكون اصفر فوق المكان الذي عثرنا به على المحطة كما هو مبين بالصورة التالية

        

وبذلك كنا نستمتع بسماع آخر الاخبار والاغاني من المحطات البعيدة النائية. لم تكن جودة الصوت تهمنا كثيراً لاننا لم نكن نصدق انفسنا ونحن نستمع الى مذيع عراقي يلقي آخر الاخبار والحالة الجوية ونتائج الرياضة...الخ

قبل حوالي سنة اي في عام 2018 كنت ابحث بجهازي اللوحي التابليت من نوع سامسونغ وإذا بي اعثر على تطبيق يمكنني من الاستماع الى مئات المحطات الاذاعية العربية. وعندما قررت ان اجربه اتضح لي انه يمكنني من الاستماع الى 14 محطة اذاعية عراقية واكثر 200 محطة عربية واجنبية. كلها بجودة صوت فائقة الدقة. ولكي يحجز المرء اي محطة في الذاكرة، ما عليه سوى الضغط على القلب الموجود باعلى الشاشة فتحجز تلك المحطة للسماع اليها مستقبلاً.

       

تذكرت وقتها راديو الڤيكا الذي كنا نعمل المستحيل كي نقتنيه من المركز التجاري السوفييتي في منطقة ستي بلندن والذي كان يتطلب منا رحلة طويلة بقطارات الانفاق. نشتريه ونعود به ونحن فرحون لاننا سنتميز عن باقي زملائنا بالحصول على افضل وسائل الترفيه. بالرغم من ان ثمنه كان بخس جداً لا يتعدى 5 جنيهات استرلينية.
كم الامس بعيد عن اليوم!
انها التكنولوجيا يا اخوان

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

990 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع