د.هاني سالم حافظ
جزاء الخيانة
من اعجب ما قرات ما رواه القاضي ابو علي التنوخي المتوفى سنة٣٨٤ هجريه فقد ذكر انه قدم رجل الى بغداد في زمن الخليفة عضد الدولة البويهي المتوفى سنة ٣٧٢هجريه في طريقه إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج ومعه عقد ثمين يساوي ألف دينار أراد بيعه لتدارك مصاريف السفر فلم يتقدم أحد لشرائه فاراد أن يودعه عند أحد الاشخاص ممن يؤتمن جانبه فذكروا له عطار اشتهر بالخير والدين فجاءه واستودعه العقد وذكر له أنه سيرجع بعد أداء فريضة الحج ليسترجعه وسافر الرجل ثم عاد وأتى إلى العطار وقد اشترى له هديه مناسبه وسلم عليه وساله عن العقد فأنكر معرفنه بالرجل وانكر العقد ثم طرده خارج الدكان واجتمع الناس على أصوات المعركه وقالوا للرجل (الحاج)ويلك هذا رجل صالح او ما وجدت من تكذب عليه غير هذا؟
فتحير الحاج ثم أنه تردد عليه عدة مرات فلم يجد من العطار الا شتما وضربا وطردا فقيل له لو ذهبت إلى عضد الدولة وعرضت عليه الامر فقد تجد الخير منه
فكتب قصته وعرضها على عضد الدولة فسأله عن التفاصيل فذكرها له فقال عضد الدولة اذهب غدا الى العطار واجلس بالقرب منه وساتي واسلم عليك فلا تفعل شيئا إلا أن ترد علي السلام فاذا انصرفت فاعد على العطار السؤال عن العقد ثم اعلمني ماذا سيقول لك
ففعل الرجل وجاء فقعد عند دكان العطار فجاء عضد الدولة في موكبه وحاشيته ولما وصل إلى دكان العطار وقف وقال محييا الحاج السلام عليكم فرد عليه وعليكم السلام ولم يتحرك فقال عضد الدولة: يا اخي تقدم إلى بغداد ولا تاتينا ولا تعرض علينا حوائجك؟
فرد الحاج لم أتمكن من ذلك...كل هذا والحاشيه والموكب واقف امام دكان العطار فذهل العطار وخاف وايقن بالموت فلما انصرف عضد الدوله عاد الرجل وسأل العطار عن العقد فرد عليه العطار قائلا( يا أخي انا كثير النسيان فمتى اودعتني العقد وما هي اوصافه؟)
فذكر الرجل اوصافه وانه ملفوف بكذا وكذا فقام العطار إلى خزنته وفتش فيها ثم أخرج العقد وسلمه للرجل وقال والله كنت ناسيا ولو لم تذكر ذلك لما تذكرت
فأخذ الحاج العقد ومضى الى عضد الدولة واعلمه بما حصل واراه العقد فامر عضد الدوله باستدعاء العطار وامر بشنقه على باب دكانه وكتب رقعة( هذا جزاء من استودع شيئا فجحده )
المصدر:كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي إصدار وزارة الاعلام الكويتيه عام ١٩٨٥
1690 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع