بقلم المحامي المستشار
محي الدين محمد يونس
خزين ذاكرتي وطريف الحكايات - مقلب في العيد
كان صديقنا المرحوم (إحسان) والملقب بـ (ستيف) حيث كان يعمل في المنطقة الصناعية في أربيل وعنده محل لحدادة السيارات وبالإضافة إلى ذلك كانت هوايته رياضة كمال الأجسام وكان يتردد على الأماكن المخصصة لممارسة هذه الرياضة كذلك متابعته لأخبار الرياضيين في العراق وباقي انحاء العالم في مجال هذا النوع من الرياضة وتعليق صورهم في محله مع صورته عارضاً عضلات جسمه بوقفات مختلفة ...
كنت عندما اراجعه من أجل تصليح سيارتي من عارض يدخل ضمن اختصاص عمله ابدأ بتوجيه عبارات المديح له وجمال جسمه الرياضي الذي لا يضاهيه جسم أي بطل في العالم وكنت أطلب منه إنزال صور أبطال هذه الرياضة المعلقة في محله والإبقاء على صورته وكما كنت أطلب منه تزويدي بنسخة من صوره التي يستعرض فيها عضلاته في بوزات مختلفة... بعد انتهائه من تصليح سيارتي كان يعفيني من دفع أجور عمله أو يطلب مبلغاً رمزياً.
كان المعروف عن المرحوم (احسان ستيف) تسلط زوجته عليه وخوفه منها وعدم استطاعته مخالفة أوامرها ولغرض توريطه في مشكلة مع زوجته زرناه في منزله في صباح اليوم الأول لعيد الفطر في 5 تشرين الثاني من عام 1978 مهنئين إياه بهذه المناسبة وطلبنا منه أن يرافقنا في جولة داخل مدينة أربيل لا تستغرق سوى دقائق معدودة، استقل السيارة معنا بعد تردد وامتناع إلا أننا استطعنا إقناعه من أجل تنفيذ ما كنا متفقين عليه من خطة جهنمية، حيث خرجنا من مدينة أربيل والمذكور يتساءل عن وجهتنا ولماذا خرجنا من المدينة فنقول له بأن وجهتنا ناحية الكلك ونطلب منه الصبر والهدوء, وبعد أن نصلها ونجتازها ينتفض من مكانه متسائلاً ...
((إخوان عودوا فهذا اليوم الأول لعيد الفطر ولا شك بأن بيتي يعج بالكثير من أقاربي وأصدقائي الذين جاؤوا لزيارتي بمناسبة العيد)) ونخبره بأننا قريبون من مدينة الموصل ومن المستحسن أن نصلها وبعد دخولها خرجنا منها متخذين طريق بغداد وكانت علامات الغضب وعدم الارتياح بادية على ملامح المرحوم زميلنا (إحسان) ويطلب السماح له بالترجل من السيارة والعودة إلى أربيل بواسطة سيارة أجرة إلا أننا أخبرناه بأن وجهتنا الأخيرة هي قضاء الحضر وسوف نصلها بعد ساعة فعلاً وصلنا القضاء المذكور واتجهنا إلى منطقة الآثار فيها وكانت تعج بالكثير من زوار الموقع الأثري المذكور، وانشغلنا في الاطلاع على معالم المكان وآثاره الجميلة وخاصة الملكة الحضرية (ملكة تدمر) والتقاط الصور مع تمثالها وعندما كنا نطلب من السيد (إحسان) الحضور ومشاركتنا في التقاط الصور كان يستهزأ بنا قائلاً: ((هل أنتم مجانين قطعتم كل هذه المسافة من أربيل لكي تلتقطوا الصور مع الأحجار والصخور – ويقصد التماثيل))
إلا أننا استطعنا أخيراً إقناعه بالتقاط صورة مع (ملكة تدمر) بعد الانتهاء من هذه الجولة الجميلة في يوم العيد بدأنا رحلة العودة إلى أربيل حيث وصلنا مساء ذلك اليوم وتركناه قرب باب داره منتظرين عواقب المقلب الذي ورطناه به ووعدنا (السيد ياسين) بأنه سيوافينا بأخبار ذلك في الأيام القادمة من خلال خبر عاجل والتي كانت عبارة عن رزالة نظيفة غسل ولبس كما يقول المثل العراقي ومتوعداً إيانا المرحوم (إحسان ستيف) بعدم مرافقتنا إلى أي مكان مستقبلاً...
784 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع