بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة - القناص (الجزء الثاني)
للراغبين الأطلاع على الجزء الأول:
https://algardenia.com/maqalat/39482-2019-03-21-22-04-40.html
خرج ديفد من بيت صاحبه جوشوا وركب الحافلة فاخذته الى وسط مدينة دنفر، هناك صار يتنقل على قدميه من شارع لآخر حتى عثر على امرأة اوقفت سيارتها الكرايسلر امامه ونزلت حاملة بيدها ابنها الصغير. تبعها قليلاً فوجدها تدخل باحدى المتاجر الكبيرة. علم وقتها انها ستستغرق وقتاً طويلاً قبل العودة الى سيارتها. اخرج قضيب السلم جم من داخل ملابسه وصار يستعمله لفتح باب السيارة. وعندما تمكن من فتحه، دخل بداخل السيارة وقام بقطع اسلاك التشغيل وربطها سوية فاشتغل المحرك. قادها الى بيت صديقه جوشوا وادخلها المراب ثم اقفل عليها البوابة. هناك قام بازالة ارقامها واستبدلها بارقاماً اخرى لغرض التظليل. ثم دخل الى غرفته واحضر البندقية ولفها بقماش ابيض ثم ادخلها في الصندوق الخلفي للسيارة وعاد فخرج ثانية بالسيارة. قادها مباشرة بالقرب من مكتب الشريف وصار يراقبه عن كثب. بقي هناك لمدة ساعتان او اكثر بقليل حتى لمح الشريف يدخل مكتبه فنزل من السيارة واخرج البندقية. سار على قدميه ودخل شارعاً ثانوياً صغيراً ونظر حوله فلم يجد احداً هناك. اخرج البندقية من لفافة القماش وصار يحشي الطلقات بداخلها حتى امتلأ الخزان بخمس طلقات. تفحص الشارع فوجده ملائماً جداً لانه يطل مباشرة على شباك مكتب الشريف. انتظر قليلاً حتى بان ظهر الشريف وهو جالس على مكتبه فهدف عليه بالناظور فشاهد صديق والده بوضوح تام وهو جالس على الكرسي معطياً ظهره للشباك. بقي مصوباً نحوه لبضعة دقائق حتى اقنع نفسه ان لا يتردد لان القتيل هو قتيل سواء كان عراقي او امريكي. سحب الزناد بتأني شديد فانطلقت رصاصة واحدة استقرت بجمجمة الشريف من الخلف فسقط ارضاً. عاد فلف البندقية بالقماش وانحنى للارض كي يأخذ معه ظرف الرصاصة ورجع للسيارة مباشرة كي يقودها الى منطقة نائية بمزارع بعيدة حيث تركها هناك واخذ بندقيته ثم ركب حافلة اخرى تسير بالاتجاه المعاكس وعاد الى بيت جوشوا. عندما دخل البيت ناداه صديقه جوشوا،
- يا ديفد، تعال هنا.
- نعم، ماذا تريد يا جوش.
- هذا الكس، لقد جاء ولديه ظرف يريد ان يعطيك اياه.
فتح ديفد الظرف فوجد فيه مبلغ 30 الف دولار. ابتسم وقال،
- كيف عرفوا انني اتممت المهمة بنجاح؟
لكن صوت الكس جائه من يسار الحجرة التي حجبها ضل الشمس قائلاً.
- لقد راقبناك يا ديفد منذ اللحظة التي سرقت سيارة تلك المرأة وحتى اطلاقك الرصاصة على رأس الشريف مكنزي. اهنئك بحرارة. لقد عجبتني عملية التقاطك لمغلف الرصاصة هذا يدل على حرفية عالية. انت الآن تعمل معنا بشكل رسمي.
شعر ديفد بسعادة عارمة لانه وجد نفسه اخيراً في عمل يعرفه جيداً وهو لا يتطلب منه الكثير من العناء.
- وما هي المهمة التالية إذاً؟
- ليس هناك اي عملية حالياً يا ديفد، عليك الانتظار، سنخبرك عندما تكون هناك مهمة جديدة.
- بالمبلغ الذي استلمته الآن ساقوم باستئجار بيت جديد كي اترك جوشوا بسلام.
- هذه فكرة جيدة.
خرج ديفد قاصداً بيت حبيبته فلستي وقال لنفسه، "آن الاوان ان أعلم فلس بوجودي هنا بالديار كي نقوم باجراءات العرس باسرع وقت. انا متأكد من انها ستطير من الفرح لانها قالت لي مرة بانها ستنتظرني مدى الحياة اذا لزم الامر. ذهب ديفد الى بيت فلستي لكنه وجد بيتها قد تغير كثيراً. فقد طلي بطلاء اخضر بينما كان مطلياً بالابيض في السابق. كانت فلستي تقول له ان والدها لا يحب اي لون خارجي للمنازل سوى الابيض. طرق الباب وانتظر فلم يجبه احد. اعاد وطرقه ثانية لكن دون اي جدوى. وقف في الشارع وصار يتفقد البيت من بعيد حتى لمح رجلاً يدخل منزله فناداه وقال،
- سامحني يا سيدي، اتعرف شيئاً عن بيت السيد پاول؟
- اجل انهم رحلوا من هنا منذ زمن طويل جداً ولم يسكن احدا مكانهم. صبغ المالك البيت دون ان يؤجره لاحد.
- الى اين رحلوا؟
- لا اعلم، سأسأل زوجتي فقد كانت صديقة السيدة جين پاول.
دخل البيت ثم عاد وخرج بعد دقيقتين مع زوجته فسمعها تقول،
- الست انت صديق فلس؟ انت ديفد اليس كذلك؟
- اجل، لقد عدت قريباً من العراق. كنت اءدي الخدمة العسكرية.
- لقد انتقلت عائلة پاول جميعها قبل ثلاثة سنوات.
- الى اين رحلوا؟ هل لديك اي فكرة؟
- اسفة لا اعلم. البعض يقول انهم انتقلوا الى اوهايو والبعض يقول انهم استقروا بممفس بولاية تنسي. هم لم يخبروا احداً بوجهتهم. جميع نساء الحي يتسائلون عن ذلك لان السيدة جين پاول كانت اجتماعية ومحبوبة من قبل الجميع والكل يريد الاطمئنان عليها والتواصل معها.
- حسناً سيدتي، اشكرك لك على هذه المعلومات.
رجع ديفد محبطاً لانه علم انه خسر حبيبته. فهو لا يستطيع ان يدور حول كل الولايات كي يبحث عنها لان ذلك مستحيلاً. ربما في المستقبل عندما يحصل على المزيد من المال من عمله فربما سيكون بالامكان وقتها أن يستأجر محققاً خاصاً كي يبحث له عنها.
باليوم التالي خرج برحلة صيد للسمك واستمتع بوقته كثيراً لانه اسطاد سمكة السلور وعاد بها الى بيت صديقه جوشوا. وبالبيت قام بتنظيف السمكة ثم اودعها الفرن حتى نضجت بعد 40 دقيقة فاخرجها وانتظر صديقه جوشوا. لكن جوشوا لم يأتي لتناول الغداء ذلك اليوم لذا اكل ديفد بمفرده ثم قام بغسل الاطباق وعاد فخرج ثانية. واثناء سيره بالمنطقة شاهد يافطة كتب عليها (بيت للبيع، اطلبها من شركة كولورادو ريل استيت) كتب رقم هاتفهم على يده لانه لم يكن يحمل ورقة. ثم عاد الى بيت جوشوا ثانية واتصل بالرقم من هناك فاخبروه ان هذا المنزل لا زال معروضاً للبيع وان ثمنه هو 130 اف دولار. قرر ان يفاتح الكس كي يعطيه سلفة مقدمة مقابل عمله. بعد يومين اتصل بالكس وسأله بخصوص السلفة فاخبره بانه سيسأل المعلم ثم يرد له الخبر.
بعد اسبوعين وصلت رسالة لديفد على البريد. فتحها فوجد فيها صورة امرأة شقراء فائقة الجمال في عقدها الرابع. العنوان في مدينة لاس ڤيكاس ومعها رسالة مطبوعة من سطور معدودة جاء فيها (المهمة يجب تنفيذها قبل يوم الجمعة القادمة سوف تنتضرك بندقية مماثلة لبندقيتك بلاس ڤيكاس في العنوان المدون ادناه. ستستلمها من رجل اسمه سام). وباسفل الرسالة كتبت عبارة (كل التكاليف مدفوعة). هو يعلم ان اليوم هو الاربعاء لذا فان لديه يومان لانجاز المهمة.
خرج ديفد مسرعاً وتوجه الى موقف الحافلات. وبعد ان وصل الى مركز المدينة استقل سيارة اجرة وطلب منه ان يأخذه الى مطار دنفر. قال السائق،
- الاجرة المطلوبة عالية.
- كم هي الاجرة؟
- 600 دولار.
- تفضل، هذه 600 دولار.
- حسناً سيدي. ساخذك الآن بعد ان املأ خزان الوقود.
- بعد ساعتين وصلت سيارة الاجرة الى مطار دنفر. اشترى ديفد بطاقة الطائرة كي تأخذه الى لاس ڤيكاس. وعندما وصلت طائرته مطار لاس ڤيكاس استقل سيارة اجرة هناك وطلب من السائق ان يقله الى فندق ماندالاي باي.
في الفندق اعطوه غرفة جميلة مطلة على مناظر خلابة.
دخل ديفد الغرفة ونظر حوله ثم خرج ثانية كي يلتقي بسام ويأخذ منه البندقية. وعندما وصل الى العنوان المدرج لديه بالرسالة دق الجرس ففتح له الباب رجل زنجي ضخم وقال،
- من انت؟ وماذا تريد؟
- اريد سام انا ديفد.
- ادخل.
دخل ديفد شقة سام وانتظر قليلاً حتى جاء سام بحقيبة دبلماسية تحتوي على بندقية شبيهة ببندقية ديفد الونچستر ومعها علبة مليئة بالرصاص. اخذها ديفد وتوجه بها نحو الباب ثم استدار لسام وقال،
- ساعيدها لك غداً بعد ان انتهي منها.
- حسناً.
رجع ديفد الى الفندق ووضع حقيبة البندقية بالغرفة ثم خرج ثانية. نزل الى بهو الفندق ونظر حوله فوجد متجراً للملابس. دخل المتجر واشترى بعض الملابس الثمينة ثم عاد الى غرفته فاخذ حماماً سريعاً وارتدى ملابسه الجديدة وحمل معه الحقيبة التي فيها البندقية ثم خرج. في بهو الفندق سأل الموظفة الحسناء عن سيارة للايجار فاخبرته ان المكتب مفتوح 24 ساعة وهو بآخر الممر. ذهب ديفد اليه واستأجر سيارة امريكية متوسطة الحجم وتوجه بها باتجاه تلة واطية تطل على المدينة تدعى سامسون ردج. نزل من السيارة وتمشى قليلاً ثم اخرج ناظوراً الكترونياً اشتراه من مطار دنفر. وصار يتفحص المنطقة كلها بالناظور. وبعد قليل وجد ضالته. شاهد الهدف جلياً، انها السيدة التي استلم صورتها بالبريد. صار يتتبع تحركاتها بداخل منزلها الكبير حتى وقفت في غرفة نومها وصارت تخلع ملابسها. لم تثبت تماماً كي يطلق عليها رصاصة قاتلة، لذلك بقي يتابعها بالناظور حتى خرجت من الغرفة ثم ركبت سيارتها وتركت المنزل. بقي واقفاً بمكانه لمدة ثلاث ساعات وعندما رأى سيارتها تعود لتدخل المراب ثانية اخرج بندقيته وصار يستعد للعملية. كانت المسافة بينه وبينها لا تقل عن 800 متر لكن ذلك لا يشكل عائقاً لان البندقية التي بين يديه بامكانها ان تطلق وتصيب اهدافاً على مسافة ابعد من ذلك بكثير. صار يحسب سرعة الريح وانحناء قوس مسار الرصاصة حتى توصل الى افضل موضع لاتجاه فوهة بندقيته. وعندما ظهرت السيدة امامه ثانيةً، بدت وكأنها تحدق بعينه بتحدي وهي واقفة تنظر من شباك غرفة نومها وتقول له، "اطلق لو كنت رجلاً". ضغط على الزناد فانطلقت رصاصة من فوهة بندقيته فاصاب هدفه بدقة متناهية سقطت السيدة امامه. نظر من خلال ناظوره الالكتروني فعلم ان الرصاصة قد استقرت بجبينها وانها فارقت الحياة بدون ادنى شك. عاد ووضع البندقية بداخل الحقيبة بعد ان فككها ثم قاد السيارة باتجاه منزل سام. دق الجرس ففتح سام الباب. لم يتحدث معه مطلقاً بل سلمه الحقيبة وعاد الى الفندق.
باليوم التالي ترك الفندق وعاد الى مطار لاس ڤيكاس مستقلاً الطائرة ليعود الى دنڤر. ومن هناك رجع الى بيت صديقه جوشوا. لم يجد احداً بالبيت فتوجه مباشرة الى السرير ونام نوماً عميقاً وهو يشعر بالرضى على ادائه الجيد. باليوم التالي استيقظ على اصوات كانت تأتيه من المطبخ. انها اصوات كان يصدرها جوشوا باعداد وجبة الافطار، حتى صرخ باعلى صوته "الافطار جاهز"
نزل ديفد من السلم فوجد صاحبه يرتدي صدرية مطبخ وقد اعد افطاراً شهياً.
- يا سلام فطائر. انا احب الفطائر.
- لقد عملت الكثير منها. كلها حتى تشبع يا ديفد.
- شكراً لك يا صديقي العزيز.
- كيف سارت الامور بالامس يا ديفد؟
- كل شيء كان على ما يرام.
- اتعلم من كان هدفك؟
- كلا، لدي شعور بانك ستخبرني.
- انها السيناتورة مادلين جورج وليمز.
- وكيف عرفت؟
- انها على كل محطات التلفزة.
- يا الاهي. لم اكن اعلم.
- لقد جائك ظرف محمول، احضره الكس، ها هو.
- شكراً.
- هل ستفتحه؟
- كلا، فانا اعلم ما فيه. انه 30 الف دولار.
- كلا يا عبقري. هذه مادلين جورج وليمز وهذا يعني مبلغاً كبيراً.
اخرج ديفد النقود وصار يحسبها واذا به ينظر الى صاحبه ويقول،
- لا اصدق، 105 الف. اعتقد ان المئة هي اجرتي والخمسة آلآف هي التكاليف. الآن بامكاني شراء المنزل بدلاً من استئجاره.
- مبروك يا صاحبي. انا سعيد لاجلك. انت تستحق ذلك.
خرج ديفد مباشرة الى شركة العقارات واشترى المنزل الذي كان يرغب في شرائه. ثم عاد وصار ينقل حاجياته التي كانت ببيت صاحبه ثم انتقل الى بيته الجديد. البيت لم يكن بحاجة لأي تصليح فقد كان بحالة ممتازة لكنه كان بدون اثاث. قام ديفد بتأثيثه بعد اول عملية جائته من المعلم.
صار المعلم يعتمد على ديفد بالعمليات المعقدة ويبعثه اليها بداخل ولايتهم كولورادو وخارجها وهو مطمئن بانه سينفذ العمليات جميعها بدقة متناهية ولانه لا يخطئ ابداً. اما ديفد فقد اقتنى لنفسه سيارة BMW X6 واخذها الى ورشة تابعة للمنظمة التي يعمل معها فقاموا بصنع مخابئ خاصة بداخل السيارة تمكنه من اخفاء اسلحته دون ان يكتشفها احد. ثم صار يقتني المزيد من بنادق القنص المتطورة التي تحمل دقة اعلى ومدى اكبر ويعمل منها مجموعة يفتخر بها ويستعملها في عملياته. صار المعلم يطلق عليه لقب HD وهي مختصر لكلمة (مثقب الرأس) لان اصاباته دائماً بالرأس ولا تتطلب سوى طلقة واحدة كي تقضي على الهدف.
مرت سنتين وهو يعمل مع المنظمة وقد توقف عن محاولة معرفة شخصية المعلم لانه يقول لنفسه "إن ذلك لا يهم، وما حاجتي بمعرفته؟ هل ساصبح اكثر ثراءاً؟ كل ما اجنيه هو المزيد من الصداع.". اما رصيده فقد تخطى الملايين منذ فترة طويلة وصار يأخذ امواله الى جزر الكايمان كي يودعها هناك واحياناً كان يسافر الى سويسرا كي يعمل الشيء نفسه.
في يوم من الايام وصله ظرف مغلق بالبريد. فتحه فوجد فيه صورة ممثل من احد مشاهير هوليود يدعى بوب دوكاتي. ابتسم ديفد وقال ها قد جائك مثقب الرأس يا بوب دوكاتي. اطلع على العنوان فوجده في لوس انجيلوس فقال، "حسناً لقد قمت بعمليات باغلب الولايات بامريكا ما عدى كالفورنيا. دعني استمتع بالقليل من الشمس هناك بينما اقوم بمهمتي. اخذ بندقيته المفضلة وجاء كي ياخذ معه ذخيرة، فنظر الى الصندوق وقال، "ولماذا اخذ الصندوق كله؟ انا ساحتاج الى رصاصة واحدة فقط. ولكن دعني اخذ معي 10 رصاصات للاحتياط. هذا يكفي. وضع الرصاصات في علبة واخذ معه مشطين مملوئين بالرصاص كذلك وخبأهم بالمخابئ السرية بسيارته الـ BMW ثم اخذ مسدسه اليدوي ووضعه في جيبه واغلق ابواب المراب استعداداً للرحيل في اليوم التالي. رجع الى غرفة مكتبه وصار يتفحص حاسوبه ويدرس العنوان بتمعن من خلال الخرائط المحدثة على ﮔوﮔل. وهنا صرخ باعلى صوته "وجدت الموقع الممتاز ساقف هنا واصطادك يابوب دوكاتي" اعد كل شيء لرحلة الغد واوى الى فراشه. باليوم التالي استيقظ مبكراً وانطلق بسيارته الى الطريق السريع وهو يستمع الى الموسيقى الصاخبة ويمضغ لبانة كبيرة بفمه. وبعد مرور 10 ساعات من السير مر بولاية يوتاه ثم اريزونا، وهنا قرر ان ينام في لاس فيـﮔاس المدينة التي نفذ فيها اول عملية قنص له قبل سنتين. توجه الى فندقه المفضل مندلاي باي وحجز جناحاً فيه. وباليوم التالي اخذ دوش وخرج الى الطريق السريع قاصداً لوس انجيلوس. وصل لوس انجيلوس الساعة الواحدة بعد الظهر فتوجه اولاً الى مطعم برغر كنغ كي يتناول وجبة الغداء. وبعد ان فرغ من الطعام قال لنفسه، "الآن، الواجب يناديني" وقف وغادر المطعم متجهاً الى الموقع الذي اختاره على الخريطة عندما كان ببيته. وجد ان الموقع ملائماً جداً على ارض مرتفعة قليلاً ويوفر له منظر بانورامي لجميع الحي الذي فيه بيت الممثل بوب دوكاتي. اخرج ناظوره الالكتروني المتطور وصار يمسح المنطقة كلها. بقي ينظر الى جميع الشوارع المؤدية من والى الشارع الذي فيه منزل الهدف. وعندما تأكد من منزل الهدف صار يرصده ويرصد المنازل التي بجانبه. لكن يبدو ان بوب دوكاتي لم يكن متواجداً ببيته. قال لنفسه، وما العجلة؟ سابقى مرابطاً اليوم حتى اصطادك يا بوب. تنقل بناظوره نحو الجيران فوجد أماً تقبل ابنها بينما يركب عجلته ويغادر المنزل. وبيت ثاني وجد سيدة مكسيكية جميلة تنظف شبابيك احدى منازل الاغنياء بذلك الحي فقال لها بسره (هولا كريدا) اي مرحباً يا حبيبتي. ثم نظر الى احدى المنازل البعيدة فوجد سيارة شرطة تمر امامه وتدور بالحي. "ماذا تعملون هنا يا اوغاد؟ اغربوا عن وجهي ودعوني اعمل عملي بهدوء. اليوم ليس اليوم الذي نريدكم بهذا الحي"
بقي يتابع سيارة الشرطة حتى خرجت من الحي واختفت عن الانظار. بعد ذلك عاد كي يتلصص على الجيران بعد ان عاد واخذ نظرة على بيت الممثل بوب دوكاتي فوجده ما زال خالياً.
فجأة لاحظ ان احد الجيران كان يواقع زوجته في السرير. فابعد ناظوره خجلاً، ثم عاد وصار يراقبهما قائلاً، "دعني اراقب هؤلاء الناس، وما الضرر في ذلك؟ انها فرجة مجانية" بقي يراقبهما لفترة طويلة، شيئاً فشيئاً صار يقرب بناظوره من رأسيهما اكثر فاكثر واذا به يتعرف على الرجل. "ان به شبه كبير من صديقي جوشوا. عندما اعود ساخبر صديقي جوشوا بان لديه شخصاً مطابقاً له يشبهه تماماً بلوس انجيلوس" بقي يقرب من الوجه اكثر فاكثر حتى استدار الرجل برأسه نحو ناظور ديفد فصرخ. "يا الاهي انه هو انه جوش صديقي لا شك في ذلك. ولكن ماذا يعمل هنا؟ هل عثر على احدى الممثلات بهوليود وجعل منها خليلة؟"
بقي يراقب الخليلين حتى اكملا فعاليتهما. قامت الفتاة فوقفت عارية معطية ظهرها الى الشباك تاركة شعرها الذهبي الطويل يتدلى امام ديفد. قال ديفد، "هيا يا جميلتي استديري، اريد ان ارى حبيبة صاحبي جوش كي افاجئه عندما اعود الى كولورادو. ارجوكِ استديري"
وبلحظة واحدة استدارت نحو الشباك فاهتز ديفد وصار يرتعش، صار العرق يتصبب من جبينه. ما هذا؟ ايعقل ذلك؟ لا مستحيل. لا اصدق ذلك ابداً. انها هي، هذا مستحيل. قالوا لي انها في اوهايو او بممفس لكنها هنا بلوس انجلوس وكيف سمح جوش لنفسه ان يواقع حبيبتي فلس؟ ما هذا الذي يجري؟ هل جنت هذه الفتاة؟ قرّبَ من المنظر اكثر بناظوره الالكتروني فوجدهما يرتديان ملابسهما ويخرجان من الغرفة. تابعهما حتى شباك الغرفة الثانية فوجد جوشوا يقبل طفلاً صغيراً في الرابعة او الخامسة من العمر ثم يخرج بسيارته من الدار. بقي يراقب فلستي فوجدها تتجول في الدار ثم أخذت الطفل وخرجت هي الاخرى الى خارج البيت فقادت سيارتها واختفت عن الانظار. ركب ديفد سيارته وترك التلة التي كان يراقب منها ثم ذهب الى ذلك البيت. دخل من احدى النوافذ واغلق جرس الانذار بخبرته الطويلة مع اجراس الانذار. صار يتجول بداخل المنزل فوجد صورة بالصالون للاثنين معاً يقبلان بعضهما البعض بنفس الفترة التي كانت هي حبيبته منذ خمس سنوات. "إذاً كانا يتقابلان من وراء ظهري وهي تضحك على ذقني هذه الساقطة، ولكن لماذا؟ ما هو السر وراء ذلك؟ وها هما باحدى الصور يقفان مع شخص اكاد اعرفه. من هو يا ترى؟ فكر جيداً يا ديفد" لم يستطع ان يتذكره قط لكنه كان متأكداً انه يعرفه وانه سبق وان شاهده في السابق وتحدث معه. فوجهه كان مألوفٌ لديه بالتأكيد ولكن من هو؟ يجب ان يتذكر يجب ان يتذكر"
وضع الصورة بجيبه عله يتمكن من ان يتعرف على ذلك الشخص المجهول لاحقاً. تجول بالمنزل حتى وصل الى غرفة النوم فدخلها ونظر حول الغرفة فصدمته صورة لعروسين وفيها يقف صاحبه جوشوا مع حبيبته فلستي وهي برداء العرس. إذاً تزوجا سوية بينما كان هو يقاتل في العراق. "يا لها من منحطة ويا له من خائن، ساقتلهما معاً هما الاثنان. سوف لن ادعهما يستمتعان بحياتهما على حسابي".
خرج ديفد من المنزل وركب السيارة عائداً الى الفندق. دخل غرفته واخرج زجاجة ويسكي وصار يشرب منها بشكل كبير حتى وصل الى درجة الثمالة. ثم استلقى على السرير ونام وهو مخمور والحزن يمزقه ارباً. باليوم التالي استيقظ على صداع شديد وصوت طرق على الباب ومعه صوت سيدة مكسيكية تقول،
- تنظيف الغرفة.
- ليس اليوم، اغربي عن وجهي يا ساقطة.
دخل الحمام وصار يغتسل ثم خرج وتناول المزيد من الخمر ثم اخذ مسدسه ووضعه بجيبه وخرج. ركب سيارته وتوجه الى نفس الحي الذي كان يراقبه بالامس. اوقف السيارة بعيداً عن بيت جوشوا وفلستي ثم خرج من السيارة وسار نحو البيت على قدميه فسمع صوتاً ينادي، "ديفد، ديفد، يا ديفد، اين انت يا ديفد" عاد ديفد الى السيارة مسرعاً وهو في غاية الارتباك. كيف عرفوا انه موجوداً هنا؟ هل انفضح امره؟ ومن يعلم بوجوده هنا؟ لكنه شاهد صديقه جوشوا من بعيد وهو يحمل ولداً صغيراً ذو الخمس سنوات وهو يقول له، " لماذا خرجت دون ان تعلمني يا ديفد؟ الم احذرك من قبل؟"
إذاً هذا هو ديفد ابنه الذي كانت فلستي حاملاً به قبل ان يغادر للعراق وقد اسمته ديفد كذلك. "كم هي منحطة. ساقتلها واقتل جوشوا معها، اقسم بذلك"
تتبع ديفد جوشوا عن كثب وهو يحمل ابنه ديفد الصغير وبقي يراقبهما حتى دخلا المنزل ثانية. اخرج ديفد مسدسه من جيبه ودخل البيت ورائهما، التفت جوشوا خلفه فوجد ديفد يدخل من باب البيت الرئيسي ويغلقه ورائه فقال له،
- اهلاً ديفد، انا سعيد بلقائك. ما الذي جاء بك الى هنا؟
- هل انت سعيد بلقائي حقاً ايها الصديق المخلص؟ تتزوج من حبيبتي وتجعل من ولدي ابناً لك ايها الوغد الجبان؟ انت ستموت اليوم يا ساقط.
هنا سمع ديفد وقع خطوات خلفه، ادار رأسه الى الخلف فوجد فلستي واقفة خلفه ممسكة بمسدس وتصوبه نحوه قائلة،
- ارمي سلاحك يا ديفد. اللعبة انتهت.
- فلستي، الحبيبة التي احببتها وضحيت بكل شيء من اجلها. اليوم تهددني بمسدس وتريد ان تقتلني بعد ان انجبت ولداً مني اسمته ديدف.
- كم انت ساذج واناني يا ديفد. لقد ذهبت الى العراق وتركتني بحملي اعاني لوحدي. واليوم جئت تطلب ماذا؟ اخبرني؟ ماذا تريد؟ تريد ان تنتقم مني ومن عائلتي؟
- وانتِ يا فلس تزوجت من اقرب صديق لي. كم انت رخيصة ومنحطة. انت لا تدعين فرصة الا وترمين نفسك عليها. تبيعين لفسك لاعلى ثمن.
بهذه الاثناء وبينما كان جوشوا يحمل الطفل ديفد بيده اليمنى استغل عتابهما وصار يدنو من الجرار الذي بجانبه حتى فتحه ووضع يده اليسرى بداخله ممسكاً بالمسدس الذي بالجرار. انتبه ديفد لتلك الحركة فوجه مسدسه نحوه الا ان فلستي كانت اسرع منه فاطلقت النار على ديفد لتصيبه برصاصة بوسط ظهره. سقط ديفد على الارض وسقط مسدسه من يده. جمع ديفد قواه وزحف نحو مسدسه والتقطه من الارض واطلق رصاصة على فلستي مصيباُ اياها في جبينها لتسقط جثة هامدة بجانبه. اتكأ ديفد على كرسي قريب منه ووقف ثانية موجهاً مسدسه نحو جوشوا وقال له،
- ارمي المسدس يا جوش.
فسمع صوتاً رجل من باب المطبخ خلفه يقول،
- بل انت الذي سترمي سلاحك الآن يا ديفد.
نظر ديفد خلفه فوجد رجلاً ممسكاً بمسدس. استدار كي يتعرف على صاحب الصوت هذا واذا به رجل بالخمسين من عمره. انه صاحب الصورة التي اراد ان يتذكرها ولم يتمكن. فقال له،
- من انت؟
- ماذا بك يا ديفد، هل اصابك الخرف؟ أنسيتني؟ انا ضابط التجنيد السرجنت بولاك الذي جندتك للخدمة العسكرية. الا تتذكر تلك الايام الخوالي؟
- يا الاهي! ماهذا؟ ايعقل ذلك؟ تبعثني للجيش كي يدربني الجيش ثم اعود لاعمل معكم كقناص؟
السرجنت بولاك: بل قل لتعمل عندي انا، انتم جميعاً تعملون لديّ. انا المعلم يا ديفد. الجيش هو افضل مكان لتدريبكم على القنص. وعندما تعودون فانتم تعملون عندي. انا الذي اطلقت عليك لقب (مثقب الرأس HD) هل تتذكر؟
ديفد: سوف لن ادعكم تستمتعون بالحياة وانا مازلت حياً.
بحركة خفيفة وسريعة قفز ديفد الى الارض واطلق رصاصة من مسدسه فاصاب المعلم برأسه فقتله ولكن بعد لحظة واحدة فقط جائته رصاصة من مسدس بيد جوشوا اصابته ببطنه. وبينما هو ينزف بغزارة على الارض التقط مسدسه ثانية ودار فوهة مسدسه وبباقي الطاقة اتي بداخله ضغط على الزناد فارسل رصاصة استقرت بجبين جوشوا اردته قتيلاً في الحال فسقط على الارض وسقط الطفل ديفد من يده كذلك. زحف ديفد المصاب بعدة طلقات نحو الطفل كي يقبل ابنه القبلة الاخيرة لكن الطفل التقط المسدس الذي كان بيد جوشوا واطلق رصاصة على رأس ديفد فقتله.
اقتحم رجال الشرطة المنزل فوجدوا اربعة جثث مبعثرة على الارض. والطفل ديفد جالساً بجانب جثة والدته وواضعاً رأسها على حجره وهو يبكي.
1695 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع