بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة -الحب والحرب(الجزء الاول)
رجع باسل الى بيته يعاني من التعب المفرط، فتح الباب ودخل الى صالة الجلوس فوجد والدته تصلي العشاء. انتظر حتى سلّمَتْ وانتهت من الصلاة ثم نظرت اليه مبتسمة وقالت،
- لماذا تأخرت يا حبيبي؟ هل كنت بمهمة قتالية؟
- امي الحبيبة، انت تعرفين اني لا استطيع...
- اعلم يا ولدي اعلم جيداً، انت لا تستطيع التحدث عن عملك، لكن تذكر ان لديك ام تحبك وتموت لو ان مكروهاً وقع لك يا حبيبي ويا فلدة كبدي. والآن اخبرني متى سوف تفكر بالزواج ثانية؟ انت تعلم ان زوجتك المرحومة توفت منذ 4 سنوات ومنذ ذلك الحين وانت مضرب عن الزواج. الم يحن الوقت ان ارى اطفالك وهم يصولون ويجولون ويملأون علي البيت؟
- انا جائع يا امي، هل لديك ما يؤكل؟
- انت تريد تغيير الموضوع اليس كذلك؟ حسناً كما تشاء، اجل حبيبي لدي كل ما تشتهي نفسك. فقط اخبرني ماذا تريد وسأعده لك فوراً.
- اني مشتاق للطماطم المقلية بالبيض.
- دقائق فقط وسيكون الطعام جاهزاً.
- ساخذ حماماً سريعاً بينما تعدين الطعام يا ست الحبايب.
دخل باسل الى الحمام وخلع ملابسه كي يستحم، فتح صنبور الماء الساخن ووقف فترة طويلة مستمتعاً بسيلان الماء على وجهه وجسده. وفي هذه الاثناء دق جرس الهاتف فاجابت والدته قائلةً،
- الو، تفضلوا من المتكلم؟
- مساء الخير يا حاجة ام باسل.
- مساء الخير يا ولدي، من انت؟
- انا العقيد معن الجنابي، هل بامكاني التحدث مع الرائد باسل؟
- اهلا وسهلا بك يا ولدي. باسل بالحمام حالياً. ساطلب منه ان يتصل بك فور خروجه.
بعد قليل خرج باسل من الحمام فاخبرته والدته عن الاتصال الهاتفي. رفع السماعة فوراً واتصل بالقيادة،
- انا الرائد طيار باسل، اعطني العقيد معن.
بعد قليل سمع،
- معك العقيد معن يا باسل. يجب ان تحضر فوراً للقيادة.
- حسنا سيدي. ساكون عندك خلال نصف ساعة.
اغلق الخط و توجه الى غرفته كي يغير ملابسه فتبعته امه وقالت،
- الى اين يا ولدي؟ لقد عدت للتو من عملك، وقد اعددت لك الطعام الذي طلبته.
- يجب ان اغادر فوراً يا امي فالقيادة تطلبني وعليّ تنفيذ الاوامر. بامكانك لف الطعام بالخبز وسأتناوله في الطريق.
ركب باسل سيارته وانطلق من بيته بينما رشت والدته الماء خلفه كي يعود سالماً.
وصل باسل مقر قيادة القوة الجوية وتوجه مباشرة الى مكتب العقيد طيار معن الجنابي، طرق الباب ودخل بعد ان اذن له بذلك فقال،
- باسل لقد حضرت بوقت قياسي 28 دقيقة، شيئ رائع. اجلس على الكرسي، بعد قليل سيصل افراد تشكيلتك الثلاثة الباقون وساعلِمُكم بالاوامر التي وصلت الينا من القيادة.
سُمِعَ طرق الباب ودخل ثلاث ضباط الى مكتب قائدهم فجلس الجميع على الكراسي بعد ان اشار لهم بيده قائدهم العقيد معن. وقف معن بالقرب من السبورة التي وضعت عليها خارطة تظهر ايران والعراق وقال،
- حضرات الصقور الاشاوز. اليوم ستنقلون بالسمتية في مهمة الى قاعدة الحبانية ومن هناك ستنتظركم اربعة طائرات ميك 29 جاهزة تقلعون بها الساعة 300 وستقومون بقصف منشئات حيوية بالقرب من طهران انه مصنع للعتاد. سيكون اتجاهكم الاول نحو النقطة الف باتجاه 30 درجة ثم تغيرون الاتجاه الى 80 درجة حتى تصلون الى النقطة (ب) ثم تتجهون باتجاه 95 درجة الى الهدف الرئيسي. المسافة الكلية هي 700 كلم ذهاب و 700 كلم اياب اي 1400 كلم الطيران الكلي. وبما ان المدى لهذه الطائرات هو 1500 لذا ليس هناك داعي للرضاعة الجوية. عليكم عدم البقاء طويلاً عند الهدف، المطلوب منكم ان تلقوا الحمولة وتعودون فوراً.
عند بلوغ الهدف، ستهبطون جميعاً من 42000 قدم الى 10000 قدم استعداداً لبدئ العملية. سينقض الرائد باسل والرائد مرتضى اولاً ويقومان بالقاء الحمولة على المصنع بينما يبقى الرائد سيف والرائد فليح يحومان على نفس الارتفاع اي 10000 قدم. ما ان يرتفع باسل ومرتضى الى 10000 قدم يهبط فليح وسيف ويلقيان حمولتهما على الهدف. ثم بعد ان يرتفعا هما الآخران ايضاً، ترتفع التشكيلة كلها بعد ذلك الى 42000 قدم وتعودون جميعاً الى المطار الذي اقلعتم منه مباشرة. لا تحاولوا الاشتباك مع العدو اثناء العودة الا اذا اضطررتم الى ذلك فالوقود سوف لن يسمح لكم بالمناورة والاشتباك، قائد التشكيلة سيكون الرائد باسل لانه الاقدم فيكم وكلمة السر ستكون "مطر الصيف"، مفهوم؟
فاجاب الضباط الاربعة سوية وبصوت مرتفع "مفهوم سيدي"
بعد ساعتان ونصف تماماً اقلعت اربع طائرات باتجاه الحدود الايرانية محلقة على ارتفاع 42000 قدم. استمرت التشكيلة في اتجاه الهدف، علماً أن رادارات العدو تستطيع كشفهم لكن الصواريخ ارض جو والاطلاقات لا تستطيع بلوغ ذلك الارتفاع الشاهق، إذ كانت تنفجر في منتصف الطريق. وعندما بلغوا على مسافة 30 كلم عن المصنع هبطت التشكيلة الى ارتفاع 10000 قدم استعداداً للانقضاض على الهدف، فصارت الدفاعات الارضية تكثف اطلاقات نيرانها. وعند بلوغ الهدف، انقضت طائرتان بطريقة عمودية نحو المصنع المراد تدميره فهبطتا الى ارتفاع 2000 قدم. القى باسل قنابله برمتها ونظر الى زميله مرتضى فوجده هو الآخر يقوم بالقاء حمولته على الهدف فاستدار وغير اتجاهه نحو الجنوب الغربي.
تسلق قاصداً بلوغ 10000 قدم ثم امر الرائد سيف والرائد فليح بالانقضاض على المصنع. انقضت الطائرتان الباقيتان والقت حمولتيهما مدمرة الهدف تدميراً كاملاً. وعندما ارتفعا الى الاعلى انتبه باسل ان طائرتان ايرانيتان من طراز F14 تتجهان نحو طائرة سيف. فاخبر سيف بذلك وامره بالابتعاد عنهما وعدم الاشتباك معهما. رد سيف على قائده باسل قائلاً،
- سيدي ان احدى هاتين الطائرتين خلفي تماماً ولا استطيع الافلات منها. لقد صار يرمي علي بصليات متقطعة من مدفعه الرشاش، لكنها لم تصبني، ارجوك ساعدني سيدي؟
- انتظر قليلاً، ساحاول اسقاطه.
استدار باسل بطائرته وتوجه نحو الطائرة المهاجمة وفتح عليها نار مدفعه الرشاش الا انها تفادت الاصابة واستدارت الى جهة اليمنى فتبعها باسل وكلما حاول التصويب، تحركت يميناً او شمالاً حتى تهرب من تصويبه. ظل يتابعها لعدة دقائق حتى في النهاية استطاع وضع غريمه بمنتصف صليب التهديف امامه فاطلق على الطائرة صلية طويلة من مدفعه الرشاش اصابت محركها من الخلف وبدأ دخان كثيف يخرج منها فسقطت وهي تحترق نحو الارض. قال باسل،
- لقد اسقطت الطائرة يا سيف. عد الى القاعدة الآن، وانا سالحق بك.
وحالما استدار باسل بطائرته باتجاه الغرب نظر الى عداد الوقود فعلم ان الوقود لديه سوف لن يكفي لعودته الى القاعدة لانه اضاع وقتاً ثميناً في الاشتباك مع الطائرة المهاجمة. لذا قرر ان يستمر بالقتال حتى تصاب طائرته ويستشهد. استدار نحو طائرة الـ F14 الثانية وبدأ باطلاق مدافعه الرشاشة عليها لكنه لم يصبها ومرا بجانب بعضهما البعض بسرعة هائلة فالتف باسل 360 درجة وعاد كي ينال من غريمه لكنه سمع صوت انفجار مدوي بطائرته. يبدو ان صاروخ ارض جو قد اصاب جناحه الايسر. ابتدأت طائرته بالهبوط والدوران الحلزوني السريع نحو الارض. علم وقتها انه سيسقط بداخل ارض العدو لا محال. نظر الى عداد الارتفاع فوجده يقرأ 3000 قدم فقط فسحب واقي الرأس ليقذف كرسيه في الجو ويهبط بالمظلة. اثناء هبوطه بالمظلة نظر الى الاسفل فلم يستطع ان يرى شيئاً من حلكة الظلام الذي تحته. كان فقط يرى اضواء الطلقات وهي ترتفع صوبه من الارض. احدى هذه الطلقات اصابته في كتفه الايسر. كان يتوقع ان يلقى القبض عليه فور وصوله للارض الا انه هبط ولم يجد احداً من جنود العدو بقربه. تحرر من مظلته ومشى قليلاً في ظلمة الليل واذا به يسمع صوتاً غريباً. "پست پست پست" مشى قليلاً باتجاه الصوت فسمعه ثانية "پست پست پست" وكأن شخصاً يناديه من قلب الظلام. سار باتجاه الصوت واحكم قبضته على مسدسه تحسباً لان يراد الغدر به. وعندما وصل الى مصدر الصوت واذا بها سيدة محجبة تكلمه بالانجليزية وتقول له،
- تعال معي، اسمع جيداً، انا ساساعدك لا تخف.
- من انت؟ وماذا تريدين مني؟
- اذا وصل الحرس الثوري اليك فسوف يقتلوك. اسرع وتعال معي ولا تضيع الوقت بالكلام.
- الى اين؟ اين ستذهبين بي؟
- الى بيتي، ساخبئك هناك لا تخف تعال معي.
- اين نحن؟
- نحن في مدينة ساوه القريبة من طهران.
ذهب باسل معها فهو ليس لديه الكثير من الخيارات، بقيا يمشيان ما يقرب من ربع ساعة في شوارع وازقة ساوه المظلمة حتى بلغا منزلها. فتحت الباب وادخلته ثم اغلقت الباب. نظر باسل حوله فوجد نفسه ببيت كبير واثاثٌ فاخر. نظر الى السيدة وهي تخلع حجابها فوجد امرأة فائقة الجمال. سألها،
- من يسكن بهذا البيت؟
- اسكن انا وحدي بعد ان مات زوجي قبل سنة تقريباً. اسمي الدكتورة فرح علي زادة وانت؟
- اسمي الرائد باسل عبدالله السامرائي.
- يا الاهي، ذراعك اليسرى تنزف، يبدو ان رصاصة قد اصابتك، تعال معي ساعتني بجرحك.
اخذت الدكتورة فرح باسل واقتادته الى عيادتها بالجناح الايسر من البيت، طلبت منه ان يخلع قميصه كي تعاين الجرح ففعل. نظرت باعجاب الى صدره الرياضي وعظلاته المفتولة ثم بدأت تعقمه وتنظف جرحه ثم قالت،
- الجرح سطحي وليس عميقاً، لكنه يحتاج الى غرز. ارجو منك ان تستلقي على هذا السرير.
استلقى باسل على سرير الفحص وبدأت الدكتورة فرح تعقم جرحه ثم عالجته بـ 8 غرز وغلفته بشكل جيد ثم ربطته بشاش ابيض. وبينما هي منهمكة بعملها قالت،
- قام حكم الملالي باعدام زوجي في العام الماضي بتهمة الخيانة العظمى، مع العلم انه لم يكن خائناً ابداً لكنهم الصقوا به التهمة بدون اي وجه حق. والسبب هو صلة القرابة التي كانت تربطه مع مسعود رجوي وارتباط رجوي الوثيق بمنظمة مجاهدي خلق. انا اكرههم واتمنى ان يزول حكمهم باسرع وقت واتمنى من الله ان تقضوا عليهم جميعاً، اقصد انتم العراقيين.
- انا لا اعرف كيف اشكرك يا دكتورة. الآن يجب علي ان اغادر، هل لي ببعض المواد المعقمة لاخذها معي؟
- اين ستغادر يا باسل؟ هل انت مجنون؟ الحرس الثوري يملأون المكان وسوف يلقون القبض عليك ويرموك مع اسرى الحرب، وسوف لن تخرج الا بعد الف عام. انسيت انك جريح؟
- وما العمل إذاً؟
- ستبقى عندي هنا حتى يلتئم جرحك ويصبح الوضع آمناً كي تخرج.
- لكني لا اريد ان اتسبب لك بالمشاكل.
- سوف لن تسبب لي اي مشاكل طالما تبقى هادءاً عندما يأتيني المراجعين الى العيادة نهاراً مفهوم؟
- حسناً فهمت. انتِ غمرتيني بكرمك يا دكتورة فرح.
- نادني فرح فحسب.
- حسناً. اشكرك يا فرح. وانتِ بامكانك ان تناديني باسل.
احضرت فرح معها بعض الشراشف والبطانيات ومخدة ناعمة ثم اخذت باسل الى غرفة بآخر الممر وقالت،
- هذه غرفتك. انها ملاصقة لغرفتي تماماً. وبامكانك ان تناديني متى ما شعرت بالم. ولا تهتم بالوقت فانا سالبي ندائك باي وقت.
- شكراً يا دكتو... قصدي يا فرح. انت انسانة رائعة.
طبطبت فرح على كتفه ثم اغلقت بابه وهي خارجة من الغرفة. بقي باسل يفكر بالمهمة القتالية التي جاء من اجلها والحادث الذي اصابه وما اذا اصيب احد من افراد تشكيلته ام هو الوحيد الذي اسقطت طائرته. بعد قليل شعر بالنعاس وهو يدب في جسده فاستلقى على السرير ونام بعمق. لكنه استيقض بعد نصف ساعة وهو يرتعش ويشعر ببرد شديد فصار يغطي نفسه بباقي الاغطية التي اعطته اياها فرح الا انها لم تكن كافية فنادى عليها وقال ارجوك غطيني يا فرح اشعر ببرد شديد. علمت فرح انه يعاني من التهاب فاعطته ابرة بنسلين وبقت معه طوال الليل تعالجه وتهتم به حتى بزوغ ضوء الفجر.
- انت سهرت علي طوال الليل ولم يغمض لك جفن يا فرح.
- هذا لا يهم. المهم انك الآن بخير. ارجوك حاول ان ترتاح وان لا تفكر بشيئ ساعد لك افطاراً الآن. هل تحب البيض؟
- نعم احبه.
- دقائق ويحضر الطعام، حاول ان تسترخي قليلاً حتى اعود.
ذهبت فرح وبقي باسل يفكر بهذا الملاك الذي ارسله الله اليه من السماء. فقد عالجته بالامس وسهرت معه طوال الليل واليوم تعد له الطعام. بالاضافة الى كل ذلك فهي اجمل انثى رأتها عيناه. ما هذا وما هي الدعوة التي دعتها له امه كي يبعث الله له هذه الانسانة؟
بعد ان تناول وجبة الافطار قال،
- يجب علي ان اقوم الآن.
- بل ستبقى بالسرير وترتاح. ساتركك قليلاً كي استعد للعمل. سيهل المراجعون الى العيادة بعد قليل.
انشغلت فرح طوال اليوم بمراجعيها ولم ترى باسل سوى ساعة واحدة فقط عندما احضرت له وجبة الغداء، اكلا سوية ثم تركته ثانية لتواصل عملها حتى الليل.
- هل انتهى عملك يا فرح؟
- نعم، اليوم كان متعباً جداً. ارجو ان تسامحني لاني تركتك وحدك.
- وتعتذرين ايضاً؟ انا الذي اعتذر منك لاني اصبحت عبئ ثقيلاًعليك.
- انت لست عبئ ابداً، ساتركك الآن لاني متعبة وعلي ان اخذ قسطاً من النوم.
- لقد سهرت عليّ طوال الليل بالامس ويجب ان ترتاحي يا فرح، تصبحين على خير.
ذهبت فرح الى حجرتها وبقي باسل وحده بغرفته فقرر ان يذهب الى الحمام اولاً ثم يرجع الى الغرفة وينام. لكنه عندما مر من امام حجرة الدكتورة فرح كان بابها مفتوحاً وكانت ترتدي قميص نوم وردي شفاف يكشف عن مفاتنها ولا يترك للمخيلة اي مجال للتأويل. ادار وجهه الى الطرف الآخر واعتذر، لكنه سمع فرح تناديه وتقول له،
- هل اعجبك ما رأيت؟
- انا... اقصد كنت ذاهباً للمطبخ ... بل للصالة ... اقصد للحمام ...
مدت يدها نحو قميصه وامسكت به ثم سحبته اليها فدخل حجرتها وعندما توقفا كان وجهيهما يكادان يلتصقان ببعضهما فقالت له،
- الديك زوجة او حبيبة او خطيبة؟
- انا كنت... اقصد كان لي زوجة لكنها توفت منذ اربعين سنة اقصد اربعة عشر لا بل اربع سنوات وكنت...
وضعت فرح سبابتها فوق فمه كي تسكته ثم قبلته قبلة طويلة وساخنة جعلت الدم يملأ عروقه. وعندما توقفا عن التقبيل. بادرها هو هذه المرة وبحرارة اكثر وقال،
- انت اجمل امرأة شافتها عيني.
- وانت رجل تجعل من المرأة تفديه بحياتها لانك مفعم بالرجولة.
لم يبت باسل في حجرته تلك الليلة ولا الليالي العشرة التاليات. وصار عندهم امر روتيني ان يعيشا كخليلين في ذلك البيت الفره. في الصباح الباكر كانت الدكتورة تخرج الى الخارج لقضاء الحوائج بينما يبقى باسل ينتظرها بالدار، ثم يتوارى عن الانظار عندما يأتيها المراجعين وقت العيادة ثم يعيشا قصة حب رومانسية بعد ان تنهي عملها. وفي يوم من الايام تأخرت فرح اكثر من المعتاد خارج البيت، ابتدأ القلق يدب في عروقه. قال لنفسه سانتظرها نصف ساعة اخرى فإذا لم تعد الى البيت ساخرج للبحث عنها. وعندما لم تعد، اخذ مسدسه وخرج الى خارج الدار متجهاً الى حيث اخبرته عن مكان السوق. وبينما هو يسير في الازقة الضيقة شاهد امرأة محجبة من الخلف تشبه فرح، فركض ورائها وأمسك بكتفها وادارها نحوه واذا بها سيدة غريبة غير حبيبته فرح. صرخت المرأة بوجهه بالفارسية الا انه لم يرد عليها لانه لم يكن يفهم ما تقول. تجمع الناس حولهما وامسكوا بباسل. الكل كان يهينه ويضربه ظناً منهم انه كان يتحرش بتلك المرأة. وبهذه الاثناء وقفت عربة فيها دورية للحرس الثوري، اتجهت مسرعة نحو باسل. خرج من العربة ضابط وبيده رشاشة، سأل المتجمهرين قائلاً،
- ماذا هناك؟ ولماذا تضربون هذا الرجل؟
اجابه احد الرجال ممن امسكوا بباسل،
- هذا الزنديق الغريب يتحرش بنساءنا. اتريدنا ان نتفرج عليه ونسكت؟
صرخ الضابط على باسل واشار بيده،
- اصعد بسيارتنا فوراً.
1300 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع