أينشتاين . وأنا.... والديمقراطية

                                                     

                           الطاف عبد الحميد 

                                  
إن الحكومة التي تصدر القوانين وتتحكم بالبلاد والعباد لانها حصلت على 51% من الاصوات ليست حكومة ممثلة للشعب -- أي شعب-- فالنصف المتنحي غير راضي عن فوز النصف المنافس ، أي أن نصف الشعب معطلا لرغبة  النصف الثاني، إذا اهملنا النسبة الضئيلة بينهما والتي احدثت الفارق ، تماما كما تحدثه القشة البسيطة التي تقصم ظهر البعير القوي ،

والانتخابات بشكلها العالمي الحالي لاتصلح لكل الشعوب فالناخب السويدي سيكون مختلفا كليا عن الناخب اليمني القبلي او الافغاني الامي او الصومالي العبثي الجائع او العربي الخليجي  المتنفط بالنفط والذي يقضي خارج بلده اثنا عشر شهرا من كل سنة لإنفاق مافي الجيب بضمان مافي الارض وبدافع (ماهو عيب) ، هناك فرق بألمستوى الثقافي بين الشعوب التي ذكرتها ، وسقف المستوى التعليمي للناخبين سيقلل بالتأكيد من هامش الغباء العام  والجهل السياسي التام ، وسيجعل من الانتخابات مقاربة لرأي الناس، فيكون الرئيس رئيسا مستحقا لها، والبرلماني نائبا نشطا لمريديه ، وتبقى المؤسسات التي أقامتها  الدول المتقدمة متحكمة بما ينفلت عن الضابط العام لسير العملية السياسية ، البشرمتساوون كأسنان المشط لاريب في هذا،  ولكنهم مختلفين في الثقافة ، كيف يمكن للديمقراطية الساذجة  ان تساوي بين( اينشتاين ) وخادمه فتعطي صوتا انتخابيا واحدا لكل منهما ، وهذا الحق معادلا للمساواة بين الحمير من البشر، مع العلماء منهم ، في اشد وادق حالات الامة عوزا للحكمة والتبصر والتشخيص ونفاذ الرأي ، فالسياسي وخاصة من يصل الى قمة القرار، له استخدام موارد الامة واستخدام القوات المسلحة ، واعلان الحرب ، حيث تعتبر الحرب عمل سياسي بوسائل عنيفة ، أو ان الحرب هي إمتداد للسياسة بوسائل عنيفة أو ان الحرب تحدث نتيجة لفشل السياسة ، أي ان الشخص الذي أوصلناه الى السلطة هو بذاته من سيلحق بالامة الهزيمة الجذرية أو انتصارا داميا في احسن الاحوال ، ولا اشك أن الجميع يؤيد المساواة بالعلاج والطعام والتعليم والاستفادة من موارد الامة وحقوق الانسان الانسانية وخاصة فيما يتعلق بالقضاء وأنا لاأرى فرقا بين رئيس الجمهورية الخادم لشعبه وأي مخدوم من الشعب من قبل رئيسه  فالمساواة في مثل هذه الحالات تسموا عاليا  بمن يتخذها جلبابا له لاينزعه عنه الا بنزع روحه من جسده بينما يسعى السياسيون العرب المنتخبين من قبل ناخبيهم الى نزع مافي جيوب مخدوميهم من المغفلين أمثالي الذين أخطأوا الاختيار جهلا لا عمدا والقادرين على نزع ارواحنا بمغامرة حربية تؤدي الى هلاك الحرث والنسل ، وتتنافى المساواة مع تعاليم السماء  لعدم الاستواء بين العالم والجاهل ، فالانسان العاقل يرفض أن تجرى له العملية الجراحية من قبل المضمد ويبقى الجراح متفرجا أو غير معني بها ويرفض الطلاب طالبي العلم سماع المحاضرة من منظف الصف ويجلس الاستاذ المكلف بالقاءها مستمعا لها معهم ولكنهم بنفس الوقت يتقبلون الانصياع لقيادة شخص ورث الحكم عن أبيه كل مؤهلاته امتلاك ملاعق ذهبية وسيارات فيراري وأبراج تتناطح بقرونها مع دخان الماء في السماء ويحفظ الاية القرأنية الكريمة (وماملكت أيمانكم) يريد بها ومن تطبيقها دخول الجنة، والافة الاخرى هي عمر الناخب المحدد ب18 سنة  ، ولايحق لمن كان عمره 17 سنة ألاشتراك بالتصويت ، كيف تمكن هذا المراهق أو الشاب من العبور من جانب الجهل الى جانب المعرفة بطي عام واحد ، وكيف يمكن ان نتصور ان شاب بعمر ثمانية عشر سنة قادر على تحديد سياسة بلده في عالم السياسة والدبلوماسية والكذب والخداع والغدر ونقض الاتفاقيات والحدود وحروب النيابة والامن القومي والاقليمي والتداعيات السياسية والتحالفات والردع ، والردع المضاد وسباق التسلح والحروب الباردة والحارة منها ومايسبقها وخلالها وبعدها والتداول السلمي للسلطة واستقلال القضاء والمحاكم الدستورية واتخاذ قرارات الحرب والاستثمار واستخدام الموارد المتاحة والبحث عن البديل وتاريخ  العالم  وجغرافيتة والصراعات الدولية والمعاهدات وسايكولجية الشعوب والقانون الدولي والهيئات العالمية وصراع الحضارات وتغير المهمات الاستراتيجية للعالم بين فترة واخرى وتطلعات الشعوب وميل القوميات المختلفة الى الانفصال والفدراليات والكونفودراليات ، والكثير مما ساكفيك  ذكره....في عام 2003 إجتاحت القطعات الامريكية العراق ،  سألني احدهم من اين جاء الجيش الامريكي ، قلت له عبروا المحيط  وقطعوا مسافة لاتقل عن 15 الف كم ، قال لي كنت اتصور ان امريكا مجاورة لحدودنا ، هذا المواطن المفرط في السذاجة المعرفية هو وغيره ، سيحكمني باختيارهم من يحكمني ، غريب امر هذا العقل البشري الذي يتغابى كليا عن تأسيس نظام جديد اكثر عدلا وعدالة ، باقتصار التصويت وجعله حكرا على مثقفيها وهم سيكونون من كل الطبقات والاثنيات كحملة شهادات الدكتوراه او الماجستير(انا لاأحمل أي من الشهادتين ، أي اني استثني نفسي أيضا) أو الركون الى الشخصيات التي تميزت بالنبوغ المعرفي واسدت لبلدانها خدمات مشهودة ، في بريطانيا يمنح لقب فارس لمن يقدم خدمة مميزة محددة  بمعايير وطنية نافعة  للصالح العام وهؤلاء لايزيد عديدهم عن بضعة الاف ، الا ترى ان اقتصار الانتخاب على هؤلاء سيعطي نتيجة ، سقفها المعرفي والمنفعي أعلى من اشتراك الجميع بالتصويت .... المغنية الامريكية ( مادونا) تعهدت بأ ن تخلع ملابسها وتتعرى اذا فاز اوباما ابتهاجا بفوزه ، وبفعلها المؤجل استقطبت اصوات الكثيرين الذين لايعرفون مايدور حولهم وما هم فيه ، الا التعري وموسيقى الراب والرقص على ايقاعات طبول الاثارة  في تجمعات بشرية لم نشهد مثلها هوسا وانفلاتا من كل ضابط ، في ثمانينات قرننا الماضي رشحت احدى أشهر ممثلات افلام الجنس الاباحية الايطالية للانتخابات البرلمانية ، فازت وحصلت على مقعد برلماني وكل مؤهلاتها هو ماذكرته ، حضرت الى جلسات البرلمان بملابس فاضحة جدا  مستغلة الثغرة القانونية التي لاتحدد نوع الملابس التي يرتديها النواب وتسببت في كشف احد أهم عيوب الديمقراطية القاتلة المنافية للعقول العاقلة والرشيدة باستثمار مفاتنها الطاغية والتي إستقطبت إهتمام البرلمانيين بالتقرب اليها وكسب ودها وأحيانا نبذها من قبل المسنيين من البرلمانيين لزوال الدافع نتيجة التقادم العمري، كل معارفها  كانت هي قدرتها على كشف مفاتنها  وإستثمارها،  والافة الكبرى الاخرى ، هي الاعلانات والصور التي تخربش عقولنا بتعريفنا بمن لانعرفه من المرشحين ، مرشح لااعرفه ولايعرفه غيري أو صورة كتب تحتها جئنا لخدمتكم ظاهرا وباطنها (سأكلكم) كيف يجوز لي أن انتخب من قال عن نفسه ، أنا فلان لاكذب لأاشك بان جميع المرشحين يتفانون في افنائنا والبحث عن المصلحة الذاتية ، وتلقي خدمة الناس لهم ونهب خزائن بلدانهم ، لما هذه الشخبطة على سبورة عقولنا المجدرة اصلا بمعاول الزمن وظلم ذوي القربى واستحمار قادتنا لنا بتحميرنا ، هم يقولوا لنا انتخبونا وتنحوا عنا لاتعرفونا ولا نحن لكم بعارفين أو معترفين ، استخدمت الشورى في بعض الدول الغربية قبل عقود  ثم  تخلت عنها الى مانحن بصدده ... سألت احد مفكري السياسة عن ذلك : قال لي : انها السيطرة الظلامية المجهولة على الكون ، ولو تبحر البصير منا فيما اقول لعلم ان الفائزين في الدول الاكثر قوة هم من يفوزون بقوة لامعروفة غطاءها التصويت وباطنها المال والتأمر على العالم والسيطرة عليه واشغاله عقد بعد عقد ليبقى الفقر في الدول الفقيرة فقرا سائدا مؤبدا ويبقى الغنى الفاحش سائدا في الدول الغنية  ، سائدا ايضا يقال( أن السلاح يخاف من السلام ) أي أن مصانع السلاح للدول الكبرى ستعلن إفلاسها إذا توقفت الحروب وساد السلام ، سوقوا لنا ان الديمقراطية تمر بمراحل مشابهة لمراحل تطور الانسان ،فهي تمر بمرحلة الطفولة كما يجري في العراق ، طفولية العقل الغبائي الذي لاينفك عن ليلى وصلا ، وليلى لاتقر لهم بذاكا، يتصارع الكل ضد الكل ولايعترف الخاسر بحق الفائز ولايقيم الفائز وزنا للخاسر الذي ربما يفوز في مراحل قادمة ، يريد الجميع ان يكونوا فائزين حتى ولو كانوا  حميرا، ثم مرحلة المراهقة كلبنان وسياساتها الطائفية الغاية في التعقيد ، ومرحلة الشباب كأوربا الشرقية بالاستفادة من الديمقراطيات العريقة المجاورة لهم وبمعاونتهم ، حيث تمكنوا من اجتياز مرحلة الطفولة ومرحلة المراهقة بطريقة (العبور ) الكلمة التي سمعها العراقيون كثيرا و( الزحف) التي إعتاد على إستخدامها كحق مكتسب الفاشلين في الدراسة في المدارس العراقية  ، ومرحلة الشيخوخة وهي الحالة الموجودة في اوربا الغربية والدول الاسكندنافية  وأمريكا، يقال ان الديمقراطية قد تجمدت على ماهي عليه  بقوانينها الممتدة منذ زمن افلاطون حتى يومنا هذا ، وعليه فأن السويد ستبقى السويد ويبقى اليمن يمن وتبقى شركة( تويوتا) متفوقة بميزانيتها على ميزانية ثلاث دول عربية  وتبقى اسبانيا لوحدها وهي دولة متوسطة الغنى بالنسبة لالمانيا وفرنسا وانكلترا ، تفوق ميزانيتها ميزانية كل الدول العربية مجتمعة بنفطها وغازها بفضل العراقيل التي تصنعها العقول (الكيسنجرية ) المزودة بقدرات ظلامية  للابقاء على الغنى الفاحش وحمايته بمحميات مشابهة للمحميات الحيوانية وحماية الفقر المدقع بمحميات محمية بالجدران العازلة وحقول الالغام والتحارب  وشوارع الاوتوستراد (الانفاق) بين مصر وغزة ،  والتجريد المبرمج  للحلقات العلمية المؤدية الى الامساك بخيوط المعرفة التصنيعية السرية بالابقاء طويلا على مشكلات متوطنة واخرى مستحدثة ، والدفع بنا الى قهر بعضنا البعض بسلاح نشتريه منهم للتحارب بيننا  ، الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء ، هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن نحارب الناجح حتى يفشل،
أنا أشك بان تكون الديمقراطية صناعة بشرية خالصة...وإذا استطاع الشيطان تبرئة نفسه منها سافترض ان هناك شياطين بشرية  ... قلت ماقلت في الديمقراطية ...ربما اكون انا ايضا ممن يمر بمرحلة طفولية لتقبل الديمقراطية أو طفولية  عقلي العقلية على الارجح...من هذا وذاك ابديت رأيا إن تلقيت عليه صفعة،على خدي الايمن ، لمن صفعني سأدير له الخد الايسر
تحياتي ...مع التقدير
تحياتي للجميع بمن فيهم من يصفعني في الرأي المخالف، ومن يثني علي ...مع التقدير   

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1003 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع