عبدالكريم الحسيني
من الصعب جدا ان يوفق كاتب التاريخ بين الاراء المتقاطعه بين رواة الحدث وليس لديه الا ان يلجأ الى عوامل علها ان تعينه في اختياره الصحيح منها ( المنطق /تتطابق الاحداث بين المؤرخين / العقلانيه / الامانه في النقل / الحياديه / الواقعيه) والسبب يعود الى اختلاف الاراء والنقل تبعا لاهواء الناس وقناعاتهم وميلهم وتبعيتهم وهذه الحاله استمرت وسوف تبقى لانها تعود الى الغريزه البشريه وتراها في اية روايه يرويها اثنان حضروا حدثا ما ونقلوه بصوره مختلفه .
الثوره مصطلح يطلق للكثير من الحالات منها ( التمرد /الاعتصام / التظاهر / المقاومه / التصدي / النهضه / انتفاضه ) كلها مصطلحات تؤدي الى حاله واحده هي جهد انساني موجه ضد الحاكم او الظلم او لغايه معينه يقوم بها افراد او مجموعات من الناس وكل يعبرعنها بوسائله المتاحه وبالطرق التي تتلائم مع الظروف التي يعيشها )
ولذلك فأن اطلاق مصطلح الثوره على موضوعنا اليوم قد يكون اكثر ملائمه بالرغم من ان البعض يسميه تمرد او انتفاضه او غير ذلك وهذه الاحداث هي جزء من الاحداث التي تكررت في عهد الدوله العباسيه كما هو حال الامويه من قبلها وان اكثر هذه الثورات كانت تقوم بها الجهات العلويه او بأسمها او تلصق بها تيمنا بآل البيت عليهم السلام ومحبة الناس لهم وكثيرا ما كان يقود هذه الثورات رجال من آل هذا البيت الطاهر وفي نفس الوقت كان يقوم بها اناس لايمتون بصله لآل البيت ولاقرابه بل البعض منهم وضيع الاصل وسيء السيره ولكنه يتقمص ذلك انما للاستفاده من تجميع المؤيدين والاموال باسم هذه الذرية الكريمه والحوادث التاريخيه كثيره على ذلك من ضمنها صاحب الثوره التي هي موضوعنا هذا علما ان الفتره التي حدثت بها الثوره سبقتها ثورات اخرى على الحكم العباسي الذي مكن الاتراك بدلا من العرب واطلق يدهم في كل شيء حتى ضاق الناس ذرعا من ظلمهم واصبح الخليفه مجرد اسم بدون محتوى , ومن هذه الثورات :
ثورة الكوفه 258 هجريه والتي قام بها ابي الحسين يحيى بن عمر بن عبد الله بن اسماعيل بن عبد الله بن جعفر الطيار .
ثورة طبرستان 250 هجريه والتي قام بها الحسن بن زيد بن محمدبن اسماعيل بن زيد بن الحسن بن علي بن ابي طالب .
ثورة جرجان التي استمرت ثورتها من 253 لغاية سنة 270 هجريه .
ثورة علي بن محمد عام 249 هجريه
منذ ثورة الامام الحسين عليه السلام وخروجه على يزيد بن معاويه وانتهاء الحدث بمآ ساة جرت خلفها الكثير من المنازعات والدم والثورات والتمردات وبعض منها اتخذها واسطه ووسيله للخروج على الحاكم بحجة آل البيت وذرية الرسول (ص) ولم يفوت جيل من الاجيال الا وظهر من يدعي الحق والمطالبه بدم
الحسين (ع) وقد يكون الحسين وذريته براء مما يدعون ,,, ومن هؤلاء رجل ظهر في عام 249 هجريه وادعى ان اسمه ( علي بن محمد بن احمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين السبط (ع) , وان اسمه الحقيقي هو (علي بن محمد بن عبد الرحيم ) من قرى الري من خراسان (فارسي ) وهو اجير( عامل ) واخذ يدعو الزنج اللذين كانو يعملون بكسح الملح من الاراضي الزراعيه السبخه وكان يحدثهم عن الحريه والعداله والمساوات وتوزيع الاموال بين الناس والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو كلام جميل يتمنى كل مسلم او انسان ان يتحقق ولكن الفرق انه كان يتحدث باسم آل بيت النبوه عليهم السلام ويدعى انه يقوم بامرهم فأنضمت اليه جماعه من الزنج وبعض الجهله واتجه بهم الى بغداد ولم يكن عددهم كبيرا واراد ان يصل الى بغداد ليبث دعوته وفعلا التف حوله البعض من الناس وخاصة من محبي آل البيت وكان يدعي ان القرآن يجري على لسانه بدون ان يحفظه وانه حفظ القرآن بساعه واحده وانه يعلم مايضمرون وما يسرون فذاع صيته وكبر امره حتى اخذ جماعته وغادر بغداد الى البصره بعد ان ذكر لاصحابه ان غيمه ظللته ثم ابرقت ورعدت وقالت اذهب الى البصره واصطدم مع واليها وجرت بينهم معارك كر وفر خارج البصره انتصر فيها هو عدة مرات وخسر مرات اخرى وقرر اخيرا الهجوم على البصره وادعى ان الوحي جاءه وقال له :
انما اهل البصره رغيف خبزه تأكلها من جوانبها فأذا انكسر الرغيف خربت فأول الرغيف بالقمر ونصفه خسوف القمر او انكساف الشمس وفي يوم 14شوال 257 هجريه انكسفت الشمس وزاد اصحابه ايمانهم به وقام بهم خطيبا بأن الملائكه تقاتل معه وشحذ هممهم وقرر الهجوم على البصره ..
هجم على البصره ليلة 14 شوال 257 هجريه بمن معه من الزنج والجهله ودمروا المدينه وحرقوا الزرع وقتلوا الضرع واتلفوا كل ما وقع تحت ايديهم حتى اذاع بالناس انه ( من يريد الامان فليحضر ) وحضر اليه خلق كثير فغدر بهم وامر الزنج ان اقطعوا رؤوسهم وقتل منهم خلقا كثيرا وهم يصيحون ( لااله الا الله وان محمدا رسول الله ) واستمر بتدمير المدينه وحرقها وجلس على خرابها اكثر من عشرة سنين وهو يقاتل الدوله العباسيه حتى نهايته المحتومه بقتله من قبل قائد جيش الخليفه ورفع راسه على رمح الى بغداد ويذكر التاريخ انه لم يقتل احد من العلويين بالرغم من انهم لم يستطيعوا الوقوف على اصله عدة مرات وكانت نهايته في عام 270 هجريه 883 م .
من الاعمال المنكره التي قام بها هذا الفارسي هي :
قتل العزل من الناس
قتل المسلمين بالالاف
سبى النساء المسلمات ومنهم الهاشميات
حرق وتدمير الجوامع والمكتبات
سرقة اموال الناس وبيت المال
تدمير الزرع وقتل الحيوانات وتخريب البلاد
ويذكر المؤرخون ان عدد قتلى البصره في هذه الحادثه قد بلغ مليون ونصف انسان وانه قتل في يوم واحد 300 ألف انسان وانه كان ينادي على المرأه الهاشميه بدرهمين او ثلاثه لتباع كجاريه وانه اعطى الحق
للزنج ان يطؤوا وان لكل واحد منهم عشره من الهاشميات كجواري وان له منبر كان يسب من عليه الصحابه والاتباع .
لقد كانت هناك سابقه لهذا الحدث عند سقوط الدوله الامويه عندما كلف (عبد الله بن علي ) عم ابو العباس السفاح بتحرير منطقة الجزيره العليا (نينوى الحاليه ) وكان معه 5000 الاف جندي زنجي استعملهم في فتح الموصل واعطى للجيش حق التصرف (استباحتها ) لمدة ثلاث ايام وبعدها استوقفته أمرأه عربيه وهو على حصانه وقالت له اتزعم انك من سلالة الرسول (ص) قال بلى قالت لا والله لايفعلها من هو من ذرية محمد (ص) قال وماذا فعلت قالت اطلقت يد الزنج ليطؤا حرائر العرب والمسلمين ... ويقول المؤرخون انه امر باعدام كل الزنوج وقتل كل وليد اسود يولد من حره واعتقد ان الروايه مبالغ بها بالرغم من ورودها في مصادر عديده معتبره في مقدمتها (ابو جعفر المنصور ..سياسته الداخليه والخارجيه ) سقت هذه الحادثه لكي تكون مثالا شاخصا لمن ينتحل نسب آل محمد صلى الله عليه وساله وسلم ..
هذه الحادثه وغيرها الكثير التي تعيد الى الاذهان ماجرى في تاريخنا وماحصل فيه من تجاوزات على الذات الانسانيه وهدر الدماء الزكيه واغتصاب الاعراض تحت اسم ذرية الرسول وهو منهم براء بالتاكيد ولكن طمع الدنيا وحب السلطه وشهوة المال والانتقام والثا ر كلها عواما تدفع البعض لسلوك هذا الطريق الذي يرفضه الله ورسوله ...
مع تحيات اخوكم ....... عبد الكريم الحسيني
2984 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع