لَطيف عَبد سالم
الطمر الصِحي العشوائي!!
لعلَّ مِنْ بَيْنَ أهم العوامل الَّتِي حفزتنا للحديثِ عَنْ موضوعِ «الطمر الصحي» هو مطالبة أهالي منطقة «المعامل» شرقي بغداد بإلغاء مكب النُفاياتِ فِي «حي العماري» وتحويله إلى موقع آخر فِي مكان بعيدٍ عَنْ الأحياءِ السكنية؛ نتيجة الآثار السلبية الَّتِي تخلفها عملية طرح النُفايات فِي تلك المنطقة عَلَى الصِحَّةِ العامَة، فضلاً عَنْ خطورةِ تداعياتها المحتملة عَلَى بيئةِ الحياة. وَأَدْهَى مِنْ ذلك أنَّ المكبَ المذكور آنفا لا تتوفر فِيه المتطلبات الَّتِي تؤهله للاستخدام كأحد مشروعات الطمر الصحي عَلَى الرغمِ مِنْ حمله لهذا الاسم. وَالمذهل فِي الأمرِ أنَّ هناك تسريبات تشير إلى وجودِ قرار صادر منذ سنوات عدة عَنْ الجهات ذات العلاقة يقضي بمنعِ رمي النفاياتِ فِي مكبِ العماري، إلا أنَّ العجلاتَ العائدة لأمانةِ بغداد ما تزال ترمي حمولتها فِيه لأسبابٍ غير معروفة لأهالي المنطقة!.
مِنْ المعلومِ أنَّ فعاليةَ رمي النُفايات بشكلٍ عشوائي وغير خاضع لما يفترض مِن المعاييرِ القياسية المعتمدة فِي إقامةِ مناطق الطمر الصحي، تفضي إلى عواقبٍ وخيمه يمكن أنْ تستمر لعقودٍ مِنْ الزمان، فعلَى سبيلِ المثال لا الحصر تحتاج حفاظات الاطفال إلى ما يزيد عَنْ (500) سنه مِنْ أجلِ أنْ تتم عملية التحلل، فِي حين تستغرق عملية تحلل السجائر أكثر مِنْ عشرِ سنوات. كذلك تبقى قشور بعض الثمار مثل الموز والبرتقال لأكثرِ مِنْ شهرٍ قبل أنْ تتحلل. يُضافُ إلى ذلك أنَّ رميَ النُفايات بأسلوبٍ غير مخطط له، مِنْ شأنه أيضا أنْ يجذبَ الحشرات والقوارض، حيث وجد أَنَّ القُمامة تحمل معها الجراثيم الَّتِي تُعَد بيئة جاذبة للجرذانِ المعروفة بقدرتها عَلَى اعتلالِ الناس وتعريضهم للإصابةِ بمتباين مِن الأمراض، ما يعني أنَّ القمامةَ بمقدورِها التسبب فِي الإضرارِ بصحةِ الإنسان، إلى جانبِ آثارها السيئة في السلامةِ العامة وعناصر بيئة المجتمع المحلي؛ لذا يمكن الجزم بأنَّ رميَ النُفايات خارج الضوابط الحاكمة لإنشاءِ مناطق الطمر الصحي، لا يقتصر غَلَى الخشية مِنْ تشويه جمالية المدينة فحسب، وإنما تمتد آثاره إلى مناحٍ أخرى فِي المقدمةِ مِنها المشكلة البيئية.
إنَّ عزمَ أي دائرة بلدية عَلَى إنشاءِ موقعٍ لأغراضِ الطمر الصحي، يلزمُ إدارتِها التمسك بانتهاجِ عنصر التَخْطيط سبيلاً عند الشروع بمهمةِ انتخاب المكب المؤهل للتخلصِ مِنْ النُفَايات؛ إذ تستوجب آلية اختيار المراد إقامته التقيد بمَجْموعة مِنْ المحدداتِ الَّتِي تضمن التوافق مَعَ حزمةِ الضوابط الضامنة لتوافرِ الاشتراطات الصِحية والبيئية. ولعلَّ فِي طليعة هَذِهِ الاشتراطات هو وجوب التركيز عَلَى ما مِنْ شأنه المساهمة فِي ضمانِ الحماية المفترضة للتربةِ والمياه الجوفيَّة مِنْ مشكلةِ التلوّث بالمياه العادمة، وَالَّتِي تلفظها عادة أماكن الطَمَّرِ الصِحِّي، بالإضافةِ إلى ضرورةِ تجهيزها بشبكةِ خاصة مِنْ أجلِ تصريفِ المياه الناجمة عَنْ هطولِ الأمطارِ أو بفعلِ عمليات تحلل المواد العضوية الموجودة فِي طبقاتِ النُفَايات المدفونة.
فِي أمانِ الله.
1195 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع