المطران الآشوري-الكلداني سورو يؤكِّد: الكلدان والآشوريين أصلهم يهوداً، لا عراقيين ج١

                                                    

                           موفق نيسكو


المطران الآشوري-الكلداني سورو يؤكِّد: الكلدان والآشوريين أصلهم يهوداً، لا عراقيين ج١

المطران باواي سورو كان أحد مطارنة كنيسة المشرق السريانية النسطورية (الآشورية منذ سنة 1976م)، تولى منذ سنة 1984م مناصب عليا في اللجان المسكونية الساعية إلى التقارب بين الكنائس، حائز على شهادة الماجستير في اللاهوت النظامي من الجامعة الأمريكية في واشنطن 1992م، وعلى الدكتوراه من جامعة القديس توما الحبرية في روما سنة 2002م، اعتبر مجمع كنيستهُ سنة 2005م أن ميوله كاثوليكية، فطُرد، وانتمى سنة 2008م إلى الشق الآخر من كنيسة المشرق وهو الكلدانية الكاثوليكية، يعتبر معتدلاً ومنفتحاً ومثقفاً، فهو أول رجل دين نسطوري تقريباً  منذ تسعة قرون يقوم بالكتابة بطريقة منهجية مفصلة نوعاً ما، إذ أن الأغلبية الساحقة من رجال دينهم كتابتهم ذات طابع سياسي قومي خاصة في العصر الحديث، إذ تعتبر هذه الكنيسة حزب سياسي أكثر منها كنيسة مسيحية دينية، وهي محرومة من جميع كنائس العالم التقليدية، ويبدو أن انفتاح المطران وقوله جانباً لا باس به من الحقيقة كان السبب في طرده.
نشرنا سابقاً بحثاً بجزئيين لغبطة بطرك الكلدان لويس ساكو بعنوان: بطرك الكلدان ساكو يؤكد: الكلدان والآشوريون أصلهم يهوداً لا عراقيين.
http://www.aramaic-dem.org/Arabic/Tarikh_Skafe/Mowafak_Nisko/36.htm

http://www.aramaic-dem.org/Arabic/Tarikh_Skafe/Mowafak_Nisko/37.htm

يؤكِّد المطران باواي سورو كالبطرك ساكو وغيره من آباء الكنيسة السريانية الشرقية أن كلدان وآشوريو اليوم ليسوا من أصل عراقي ولا ينحدرون من الكلدان والآشوريون القدماء، بل هم من الأسباط العشرة التائهة من اليهود الذين سباهم الآشوريون الكلدان القدماء، وأن مسيحي كنيسة المشرق ورثة كنيسة أورشليم، وبلاد ما بين النهرين (العراق) هو بيت اليهود الثاني، ويرُكز على العنصر السامي اليهودي، ونوع مسيحية كنيسته هو سامي وصافي جداً، يختلف عن مسيحية المناطق الأخرى، وهناك علاقة قربى ودم تربط أبناء كنيسته باليهود، وطقوس كنيسته وطرازها كلها يهودية، وهو يفتخر مثل بطرك الكلدان ساكو الذي قال: إن لم نكن حن من اليهود فمن إذن غيرنا؟، حيث يتساءل المطران في كتابه "كنيسة المشرق، رسولية أرثوذكسية، لبنان 2013م، قائلاً: يشعر المرء بضرورة طرح السؤال التالي: أين يمكن إيجاد ملاذاً آمناً ليهود الشتات الذين لم يعودوا إلى فلسطين؟، الجواب: هو في بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس، وفي أكبر تجمعين لهم في بابل ومملكة حدياب (أربيل) المُرحِبة حيث تعتبر هاتان المنطقتان أكبر تجمع ليهود الشتات في العالم، ص70، ويستعمل دائماً مثل البطرك ساكو عبارة (يهو- مسيحية) للدلالة على كنيسته، كما يستعمل خرائط مفصَّلة وإحصائيات لليهود لتعزيز قوله، ويستند إلى 15 صفحة من المراجع العالمية، وكتاب المطران أكثر من نصفه هو تأكيد على أصولهم اليهودية، وكأنك تقرأ كتاب تاريخ لليهود وليس للمسيحيين، فمن البداية إلى ص135 من أصل 260 صفحة، هو بالكامل تأكيد على أصول يهودية الكلدان والآشوريين، والباقي أيضاً يتخلله هذا الأمر مراراً، ونظراً لأن الكتاب كبير والمعلومات كثيرة ومهمة سأحاول تلخيصه في جزئيين قدر الإمكان، وسأبدي نهاية المقال بعض الملاحظات التوضيحية، وقبل الكتاب نشر المطران سورو بحثاً مهماً في كتاب " المسيحية عبر تاريخها في المشرق، لبنان 2001م "، قال فيه:

تُشير البيانات التاريخية إلى نشوء مسيحية مبكرة في بلاد بين ما النهرين، إذ لما كانت الجاليات اليهودية واسعة الانتشار في تلك المنطقة منذ السبي البابلي والآشوري، فالأرجح أن المرسلين اليهود- المسيحيين، المنطلقين من القدس اعتبروا تلك الجاليات حقلاً ناضجاً للقطاف، ويُشبِّه المطران ذلك بقول السيد المسيح في بإنجيل يوحنا 4: 35 (أما تقولون: إنه يكون أربعة أشهر ثم يأتي الحصاد؟ ها أنا أقول لكم: ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول إنها قد ابيضت للحصاد)، يُضاف إلى ذلك إن كثيراً من اليهود فروا إلى بلاد ما بين النهرين ليلتحقوا هناك بأقرانهم من اليهود في شتات ثان، ومع تزايد استيطان اللاجئين اليهود في بلاد ما بين النهري أزداد تأثير عقيدة التوحيد في السكان الأصليين فتهوَّد الكثير منهم (الآشوريين) حتى وصل التأثير على الأسرة المالكة في أواخر عهد ارتبناس الثالث سنة 36م، حيث تهودت الأسرة المالكة في حدياب (آشور) التابعة للفرثيين من سنة 247 ق.م. إلى 224م، وعاصمتها اربائيلو (أربيل في العراق الحديث)، وراحت الملكة هيلانة المشهورة بسخائها حيال اليهود- المسيحيين المبشرين بالإنجيل الذين كانوا يأتون من القدس لتبشير أبناء جنسهم من اليهود، وهكذا خلال الفترة المبكرة من تاريخ المسيحية، كان المرسلون المسيحيون الناشطون يسرعون في تكوين شبكات تبشيرية تزايد اتساعها مع تزايد الوجود والتأثير اليهوديين في بلاد ما بين النهريين، ولمعلومات القارئ ثمة نقطة أساسية أخرى مهمة لفهم هذا التراث فهماً حقيقاً وهي: إن هذه الكنيسة خلافاً لغيرها من الكنائس ذات جذور سامية آرامية لا يُستهان به، من لاهوت العهد القديم واللاهوت اليهودي، ص 256-257، 267 حاشية 13.

ومن كتابه " كنيسة المشرق" أبداء من صفحة 33 وأدرجها بالكامل نهاية المقال ثم أحاول الاختصار في الصفحات القادمة.
1: إن ليتورجية كنيسة المشرق، لاهوتها، صلاة الفرض الإلهي اليومي، الافخارستيا (القربان) لأدي وماري، القراءات، صلاة مباركة الطعام (بيركاث-ه-مازون)، تصميم مبنى كنيسة المشرق، طريقة قيام الناس بعملهم اليومي، طرق وصول الأفكار..الخ، كلها نابعة وترتكز ومرتبطة بالليتورجية والممارسات والمجمع اليهودي وأورشليم، ويضيف: إن مسيحية بلاد ما بين النهرين هي أورشليمية، ويهو- مسيحية، قريبة من محيط يسوع الداخلي، والتأثير اليهودي كان على لغة (وهوية!) كنيسة المشرق، والهدف الرئيس من كتابة الفصل الأول في كتابه هو إثبات أن مسيحية بلاد ما بين النهرين أورشليمية الأصل، لا أنطاكية. ص34-35. (وثيقة 1)

http://www.baretly.org/uploads/14968380491.png

2: بيقين كبير إن انطلاق وتوسع كنيسة المشرق متزامن مع انتشار المسيحية في بلاد ما بين النهرين المنطقة التي أقام فيها لقرون من الزمن أكبر الجماعات اليهودية، ونستنتج أن الإنجيل حُمل إلى الشرق بواسطة " فرثيين وميديين وعيلاميين وسكان بين النهرين "، مستنداً إلى يوم حلول الروح القدس في سفر أعمال الرسل 2: 9 "، ثم يضيف المطران مُفرِّقاً بين يهود بلاد ما بين النهرين الذين يرُكز عليهم ويعطيهم خصوصية، وبين يهود فلسطين مستند إلى أعمال 2: 9-11، "واليهودية وكبدوكية وبنتس واسيا وفريجية وبمفيلية ومصر، ونواحي ليبية التي نحو القيروان، والرومانيون المستوطنون يهود ودخلاء، كريتيون وعرب "، قائلاً: إن يهود الشتات (أي المسبيين) في بلاد ما بين النهرين وفارس والدخلاء من الأمم كانوا جميعاً في أورشليم في ذلك اليوم، وينقل المطران عن ويلسون قوله: إن نص السريانية القديمة الأصلي في الترجمة السينائية لإنجيل يوحنا 12: 20، هو (كان هناك بعض الآراميين (بدل يونان) الذين صعدوا للعبادة في العيد)، وهؤلاء كانوا يهوداً يتكلمون الآرامية في بلاد ما بين النهرين وسوريا لأن الاحتفال بالعيد خاصاً باليهود، وأنهم جاءوا من مكان بعيد، ولذلك سمَّاهم النص آراميون لتميزهم عن يهود فلسطين، وهؤلاء حملوا بشارة الإنجيل عندما عادوا.
3: إن تبشير كنيسة المشرق جرى على يد أحد المبشرين السبعين تدواس وبالسريانية أداي، ووفقاً للعادة التبشيرية الرسولية في الجماعات اليهودية، فقد أقام أداي عند وصوله الرها في بيت يهودي اسمه طوبيا بن طوبيا، وأن حنانيا الذي حمل رسالة أبجر ملك الرها إلى السيد المسيح كان يهودياً أيضاً، ص 43-47، ويقسم المطران بحثه إلى ستة أقسام:
1- سلالة مملكة حدياب (أربيل) اليهودية وفتحها للطرق التجارية مع أورشليم حتى أثناء رسالة يسوع الزمنية.
2- مصير الجماعة اليهودية في أورشليم بعد خرابها سنة 70م.
3- وسائل المرسلين اليهود- المسيحيين لنشر المسيحية في بلاد ما بين النهرين.
4- أنواع الطرق المتاخمة لأورشليم وبلاد ما بين النهريين.
5- المراحل التي مرَّت بها حدياب عندما وصلت إليها البعثات التبشيرية من أورشليم.
6- نشوء المسيحية في حدياب قبل الرها رغم أن التقليد الكنسي يقول عكس ذلك.

4: إن بلاد ما بين النهرين أصبحت بشكل متزايد مأهولة باليهود المنفيين خاصة بعد السبي الآشوري لمملكة شمال إسرائيل سنة 721 ق.م. والسبي البابلي لمملكة يهوذا في الجنوب سنة 587 ق.م.، وبدأ تأثير التوحيدي اليهودي يكبر على السكان المحليين، لاسيما بعد سقوط نينوى سنة 612 ق.م.، وبابل سنة 538 ق.م. وكما ذكرنا آنفاً تَوطَّدَ هذا التأثير مع نمو الإمبراطوريتين الآشورية والبابلية عندما اقتلعت القوتان العظيمتان على التوالي الشعب اليهودي من أرضه وأقامته في كل أنحاء بلاد ما بين النهرين، وعندما وصل المنفيون اليهود هناك، بدأوا عبادة يهوه التي أثرت على الآشوريين والبابليين، ونتيجةً لذلك أصبح يهود الشتات مبشرين أشداء لليهودية، خاصة في الشمال في حدياب، التي حافظت على علاقة قوية مع أورشليم وأمدتها بالمال والغذاء وساندتها عسكرياً في ثوراتها ضد الرومان..الخ، حيث يتحدث بالتفصيل عن مملكة حدياب، وأخيراً توفيت هيلانة في أورشليم في مقبرة الملوك، ويُرفق صورة قبر الملكة حوالي سنة 50م في القدس ص52-53.
5: وكما يقول نوسنر إن مساعدة يهود حدياب ليهود أورشليم في ثورتهم على الرومان، كان هدفه أن يصبحوا وريثي أورشليم، وأن هيردتس كسب دعم يهود بلاد ما بين النهرين فعيَّن يهودياً من بابل هو حنائيل كاهناً أعظم في أورشليم، وعين كاتب يهودي ناحوم الميدي في المحكمة، ثم يورد المطران خارطة تبين انتشار يهود الشتات في بلاد ما بين النهرين (وثيقة 2).

http://www.baretly.org/uploads/14968380492.png
ويقول: إنهم أكبر كثافة لليهود المنفيين في العالم، وانتشارهم كان في مساحة تُعادل هولندا وبلجيكا، وفي 118 مدينة، واستمر نزوح وهروب بقية اليهود خارجها إلى بعد خراب أورشليم سنة 70م  وكان بينهم، يهو- مسيحيون، والمؤرخين كأوسابيوس لم يكن صامتاً عنهم، وأن اليهود الفارين تجنبوا المناطق الرومانية والتجأ أغلبهم إلى المناطق المزدهرة اقتصادياً والتي تنعم بالسلام في بلاد بين النهرين، فأصبحت بلاد بين النهرين نواة بديلة لمركز القيادة اليهودية، ويضيف المطران قائلاً: طالما أن إبراهيم جاء من أور الكلدانيين، فذاك يعني أن بلاد بين النهرين هو بيت آخر لليهود، وأن هؤلاء اليهود الذين اعتنقوا المسيحية لم يرجعوا إلى فلسطين بل حملوا الإنجيل إلى الأماكن التي هربوا إليها. ص54-73. (وثيقة 3).

http://www.baretly.org/uploads/14968390901.png

الملاحظات
1: مع أن المطران منفتح وملتزم بالتاريخ والأكاديمية إلى حدٍ مقبول، ويقول بوضوح إن أحد أسماء كنيسته هي السريانية، وحديثاً سمَّت روما المتكثلكين كلداناً وسمَّى الانكليز الطرف الآخر آشوريين، ومسيحي بلاد بين النهرين معروفين تاريخياً بالنساطرة ومنذ القرن التاسع عشر وإلى اليوم هم الآشوريين والكلدان، ولغتهم هي السريانية الآرامية، والعِلم في كنيسته سرياني..الخ (المسيحية عبر تاريخها في المشرق، ص 258، 263، 266، 268. وكنيسة المشرق ص 21)، إلاَّ أنه أحياناً يستعمل رواسب سياسية وقومية شبَّ عليها ولو بشكل ذكي حيث يستعمل بشكل ملحوظ كلمة (الآشوريين) بين قوسين عندما يتحدث عن النساطرة في التاريخ. والملاحظ إن الآيات التي يستشهد بها ذكرت بين النهرين بصورة واضحة ولم تذكر لا كلدان ولا آشوريين علماً أنها ذكرت العرب وأقوام قليلة الشهرة.
2: المُلاحظ أن المطران يُركز على التسمية الآشورية فقط، ويستعمل (الآشوريين والبابليين) وليس الكلدان، والسؤال: هل عندما انتقل إلى الكنيسة الكلدانية، أصبح كلدانياً أم بقى آشورياً؟، وهل إذا كتب من الآن سيركز على الكلدان؟، خاصةً أنه بعد أن أصبح مطراناً كلدانياً بدأ يقول: لا وجود لكنيسة آشورية، بل كلدانية!.
https://www.facebook.com/chaldeanspage/videos/vb.243739635796058/547973495372669/?type=2&theater
3: النقطة رقم 6، هو محاولة إظهار أن مسيحية بلاد ما بين النهريين غير مرتبطة بأنطاكية، والهدف هو إقامة كيان عبري كلدو- آشوري بثوب مسيحي في العراق باعتباره وريث أورشليم، وأرجو ملاحظة التعابير الأخرى المركزة على السامية، وقد أجبنا بالتفصيل في الجزء الثاني لمقال البطرك ساكو أعلاه (أن أورشليم لم يكن وإلى اليوم ليس كرسياً رسولياً، وكان تابعاً لأنطاكية)، ونضيف قول المطران: الكراسي المسيحية هي ثلاثة فقط، روما أنطاكية الإسكندرية، وأورشليم كرسي شرفي، وكنيسة المشرق متفرعة عن أنطاكية، ولا يوجد سجل صحيح على يد من دخلت المسيحية إلى بلاد بين النهرين، بل استنتاج وتلميحات، وآباء كنيسته تيودورس ونسطور أبوين أنطاكيين!. (كنيسة المشرق ص25-26، 35-36).
4: كلمة اليونان في العهد الجديد تُستعمل لتدل عن الأمم الوثنية غير اليهودية، والترجمة السريانية البسيطة الأصلية تستعمل كلمة الارميين بدل اليونان، وحتى نسخة الكنيسة الشرقية لسنة 1886م تستعمل ذلك.
5: إن إبراهيم وابن أخيه بتؤئيل ولابان وغيرهم كانوا آراميين، لا كلداناً، (تك 25: 20، و28: 5، ثنية 26: 5)، وكلمة كلداني اسم مهنة تعني مُنجِّم، وأقدم ذكر لكلمة كلدان في التاريخ في مدونات آشور ناصر بال الثاني (883–859 ق.م.)، وسنتكلم عن هذا الموضوع بالتفصيل مستقبلاً.
وشكراً
موفق نيسكو

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2997 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع