لَطيف عَبد سالم العگيلي
الطماطم تتنكر لحميمية علاقتها بالمستهلك
فِي صَخَبِ الجدل الدائر منذ أيام حَوْلَ الارتفاع المفاجئ لأسعارِ بعض المحاصيل الزراعية والخضروات فِي السوقِ المحلي، وَلاسيَّما الطماطم الَّتِي وصل سعر الكيلو غرام الواحد منها إلى نحوِ ثلاثة آلاف دينار، يمكن القولِ إنَّ العشوائيةَ فِي توريدِ السلع والبضائع، أفضتْ إلى جعلِ واقع السوقِ المحليِّ لا يقل شأناً عَنْ مآسي العملياتِ الإرهابية الَّتِي مَا تَزال تفتك بالأبرياءِ بعد تصاعد وتائر رواج الاغذية الفاسدة أو منتهية الصلاحية بشكلٍ مثير للانتباه. وَالْمُلْفِتُ أَنَّ بعض المواد الغذائية تدخل البلاد مِنْ دونِ رقابة أو إجراءات رادعة، وتباع بأقلِ مِنْ الأسعارِ السائدة فِي السوقِ المحلي، مع العرض أنَّ الأيامَ أثبتت فِي أكثر مِنْ مناسبة وبالملموس أنَّ الكثيرَ مِنْ تلكَ الأغذية غير صالحة للاستهلاك البشري، وَرُبَّما يمكن تصنيفها ضمن مجموعة المواد المسرطنة، إلا أنَّ المستهلكَ ما يَزال فِي حيرةٍ مِنْ أمره؛ بالنظرِ لغيابِ إجراءات الأجهزة الرسمية المعنية بالمحافظةِ عَلَى أرواحِ الناس واقتصارها عَلَى الإشارة لبشاعتها فِي قنواتها الإعلامية.
إنَّ الواقعَ آنفاً يعكس ما آل إليه حال السوق المحليِّ مِنْ تراجعٍ حاد في إمكانيةِ عرضِ المنتج الوَطَنِيّ، إلى جانبِ رداءةِ الأجنبيِّ المستورد، وافتقاره لما يتطلب مِنْ مقوماتٍ ضامنة لسلامةِ المستهلكين بفعلِ خيبة الجهات الحكومية فِي إخضاعِ أغلب المواد الموردة إلى البلادِ لفحوصاتٍ قياسية تحدد صلاحيتها للاستخدامِ البشري مِنْ عدمه، فضلاً عَنْ دخولِ بعضها البلاد بأوراقِ استيراد مزورة في ظلِ هامشية الرقابة وَغياب المتابعة.
المثير للاستغرابِ أنَّ هذه الظاهرة الخطيرة الآفاق، ما تزال مدياتها تتفاقم بوتائرٍ متصاعدة بالتزامنِ مع ضعفِ الرقابة الصحية وتراجع آلياتها، فضلاً عَنْ إخفاقِ الجهات المعنية بتطبيق معايير السلامة والأمان فِي القيامِ بواجباتها الَّتِي تفرض عليها إحالة العابثين باقتصاد البلاد وسلامة شعبها إلى القضاء. ويضاف إلى ذلك غياب دور اللجان الاقتصادية المتخصصة فِي مهمةِ مراقبةِ اسعار المحاصيل الزراعية والخضروات المعروضة فِي السوقِ المحلي، والَّتِي كان مِنْ تداعياتها المباشرة تأمين الحماية لبعض ضعاف النفوس مِنْ التجار الَّذين وجدوا ضالتهم فِي تبني سياسةِ احتكار هذه المواد، وتأخير زمان ترويجها فِي السوقِ المحلي؛ لأجلِ تنفيذ مآربهم الدنيئة فِي الحصولِ عَلَى منافع غير مشروعة عبر الركون إلى الاحتكارِ بقصدِ تقليل المعرض مِنْ تلك المواد، وزيادة الطلب عَليها.
إنَّ الواقع آنفاً يحتم على الإداراتِ الحكومية فرض اجراءات صارمة فِي جميعِ المنافذ الحدودية، إلى جانبِ تشديد الرقابة حول الحركة التجارية في أسواقِنا، لأجلِ ردع ضعاف النفوس مِنْ التجارِ والمتعاونين معهم بقصدِ الحيلولة دون تسرب البضائع الرديئة والمشكوك بصلاحيتِها إلى السوقِ المحليّ، فضلاً عَنْ القضاءِ عَلَى ظاهرةِ الاحتكار الَّتِي ما تَزال معتمدة مِنْ قبلِ بعض التجار. إذ أنَّ التراخيِ الحكومي في مواجهةِ هذه التجاوزاتِ يفضي إلى المساهمةِ بتكريسِ بعض المظاهر السلبية، الَّتِي يُعَد المستهلك الخاسر الوحيد مِنْ جراءِ تداعياتها الصِحِّيَّة وَالاقْتِصَادِيَة وَالبيْئَية.
فِي أمَانِ الله.
812 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع