البصرة/ نجاح الجبيلي
جلسة عن الروائي والمترجم نجيب المانع فـي منتدى الزبير الثقافي
أقام منتدى الزبير الثقافي في البصرة، جلسة مسائية، ضيّف فيها القاص والروائي محمد سهيل احمد، قرأ فيها ورقة حملت عنوان (متاهة المرايا: صورة المثقف في رواية تماس المدن لنجيب المانع).
قدم الجلسة الدكتور حسين فالح نجم، رئيس المنتدى، إذ استهلّها بسيرة مختصرة للمحاضر، مشيراً إلى أنه، أصاب في اختياره لروائي ومترجم، يكاد أن يكون في عداد المنسيين، على الرغم من جهوده الأدبية، لاسيما في حقول السرد والترجمة والسيرة والمذكرات.
ابتدأ المحاضر الجلسة بقراءة محطات في سيرة نجيب المانع الأدبية والحياتية، ذاكراً أنه عاش فترة في الزبير، قبل أن يلتحق بمدارس البصرة الثانوية ويدرس المحاماة، ومن ثم يعيّن في عدد من مناصب أيام الملكية، وما بعد الملكية، ليجد نفسه فيما بعد في لندن جنبا الى جنب شقيقته سميرة المانع وزوجها المترجم صلاح خلاص، حتى وفاته في الثلاثين من تشرين الأول 1991. ثم اقتبس المحاضر جملاً وانطباعات من واقع مقالات نقدية واستذكارية، لعدد من الذين كتبوا عن سيرته الحياتية والإبداعية.
وتحدث المحاضر عن مرجعيات الراحل الفكرية والمعرفية، فبحكم نشأته الأولى في الزبير، عثر الراحل على مجموعة من كتب الجنود الانكليز التي اقتناها بطريق الصدفة من أسواق الزبير وقاعدة الشعيبة، وهو الاكتشاف الذي سيحدث انقلاباً في تفكيره وسيقوده إلى التعرف على أسماء كبيرة في الأدب الانكليزي، كشكسبير وغيره، علاوة على إطلاعه على الموسيقى الكلاسيكية العالمية وأعلامها، مثل موزارت وبيتهوفن وآخرين. ذلك الولع قاده إلى ممارسة الترجمة بمزاج شخصي أو بناءً على تكليف.
كما نشر المانع عدداً من قصصه القصيرة في المجلات الأدبية العربية، ليختمها بروايته الوحيدة (تماس المدن) التي صدرت عن وزارة الثقافة والإعلام عام 1979 والتي لم تلق مساحة رحبة من الاستقبال لكونها، ربما، التجربة الأولى للكاتب في عالم الرواية الشديد الرحابة والاتساع.
واختتم القاص سهيل محاضرته بالقول إنّ (تماس المدن) انتظمت في أسلوب موحد عكس ذهنية معرفية واعية زيادة عن اللزوم ، جاءت كمرآة عاكسة لشريحة من المثقفين الميسورين في عراق ما بعد الحكم الملكي. ومن هنا فإن شخوص الرواية، من خلال طبائعها السلوكية والذهنية وعبر حواراتها، جاءت صوراً أخرى للكاتب نفسه، تتقدمها شخصية سليم الصابري، الصوت الأقرب لروحية الكاتب رغم ظهوره المتأخر في الرواية. عن ساعاته الأخيرة قبل الرحيل تقول الكاتبة مي مظفر :
"في خريف عام 1991 أغمض نجيب المانع عينيه على كرسيه الهزاز في إغفاءة أزلية، وحيداً في داره في لندن، لا يؤنس وحدته سوى كتاب نام على صدره، عاجزاً عن نقل ما شهد من اضطراب في لحظات الصمت الأخير. " .
في ختام المحاضرة، فتح الباب لمداخلات الحاضرين، فاستهلها الدكتور فهد محسن فرحان، الذي أشار الى أن المحاضر وفّق في اختيار زاوية رصد نقدية صائبة للعمل الروائي الوحيد للمانع، كما أشار الكاتب ثامر العساف، إلى أن خطاب الرواية المعرفي، طغى على مسارها الجمالي والحياتي، فجاءت مزيجاً من السيرة وأدب الرسائل والمذكرات الشخصية. ثم طرح الدكتور صالح محمد جابر، تساؤلاً يتعلق بكون (تماس المدن) عملاً مستقبلياً استشرافياً، ليؤكد المحاضر، أن الرواية كانت مرآة عاكسة وصادقة للوضع العربي في حقبة ما تمثلت بطغيان الوعي القومي والتيارات اليسارية ولم تتضمن نظرة تنبؤية لمستقبل الواقع العربي.
801 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع