ضرغام الدباغ
عندما تهدد طهران إسرائيل
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً أبشر بطول سلامة يا مربع
ورأيتُ نبلَك يا فرزدق قَصَّرت ورأيتُ قوسَك ليس فيها منزع
جرير
في إعلانين مثيران للهزل والضحك، في مؤتمر فلسطين بطهران، يعلن قائد نشهد بأن له ماض تليد، ولكنه يضع ماضيه اليوم في بورصة السياسة، فيخسر مصداقية المقاتل، ولا يكسب مزايا السياسي / الدبلوماسي. عندما يهدد هذا القائد أجتياح الأردن لينطلق منها لتحرير فلسطين .. فيحمل الناس على الاعتقاد أنه يلقي بمنولوج ...
في محاولة لفهم المغزى الكامن وراء هذا المطلب لنجد في نهاية المطاف أنه لا ينطوي إلا على هدف جوهري واحد وهو إحراق الأردن بنيران فارس الصفوية، وزج الشعب الفلسطيني في معركة فناء لها أول وليس لها آخر إرضاء لأطماع طهران.
ترى هل قلقت إسرائيل من هذا التهديد الخطير ...؟
برأينا أن الأرجنتين أهتمت للخبر أكثر من إسرائيل، التي ما أن سمع قادتها هذا التهديد الخطير، حتى أطفؤا الضوء، وأداروا ظهورهم وأستسلموا لنوم عميق لذيذ. فهم أكثر من يعرف معنى هذا التهديدات الجوفاء، فمن معركة التي يبشر بها الفرس بها في الأردن، وحفلة العراق لما تكتمل بعد، ومسرحية سوريا لم تحن أكلها بعد، ومأساة / ملهاة لبنان ما تزال لم تحسم، والحوثيون يبحثون في الكهوف، نعتقد أن أجتياح الأردن بالون في الهواء ليس أكثر.
لنجر حسابات منطقية : فبين أحتلال الأردن، وإقامة قواعد العمل، وتدمير البلاد (وهو تقليد فارسي كمستلزمات عمل) سيستغرق عقوداً، فعلام الخلاف بينكم علاما وهذه الضجّة الكبرى علاما ..... ولم كل هذه الضجة والمشقة فإسرائيل لها حدود برية مع لبنان قدرها حسن نصرالله بـ 79 كم، ومع سوريا 70 كم، وحدود بحرية مفتوحة وقدرها 224 كم، والمجموع 373 كم، ويقيناً إذا حررنا الأردن من الأردنيين، سيزعم الفرس أن تحرير موريتانيا لابد منه لتحرير فلسطين، ولم يسأل أحد نفسه لماذا ونظام الملالي في الحكم منذ 38 عاماً ولم تقاتل هذه الدولة إلا العرب والمسلمين وفق مهمة تخصصت بها الدولة الفارسية صفوية كانت أم قاجارية، أم بهلوية أو الحكام من حثالة إيران من الملالي، فدور إيران السياسي المسند لها منذ ما يريد على أربعة قرون، هو أن تكون بيضة القبان في الألعاب الاستعمارية والأجنبية بصفة عامة في الشرق الأوسط، وتهدد وتزعج وتخرب وتدمر إن استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وإلا فالخرائط الدقيقة تشير إلى موقع إسرائيل وإلى مواقع الشياطين الكبار والصغار، والأحداثيات تستخرج بثوان، وضمن مدى صواريخهم، ولكنهم وبإخلاص شديد لا يشتغلون إلا ضد المسلمين، والعرب هذا هو الواجب المسند لهم رسمياً من الشياطين العظمى، وهو ما يعتاشون عليه ..
ومضحك آخر، يلعب فيه ساذج دور المهرج، يهدد بحرب وطنية تحرير الجولان بشعارات طائفية، ويطلق على دوره أسم له قيمته الاجتماعية، ليحاول أن يوهم من في عينيه غشاوة، ولا يخشى السؤال لماذا لم يفعلها أرنب الغابة في دمشق وهو يمتلك ألاف الطائرات والدبابات ..؟ منذ نيف و44 عاماً ؟ ولكنه يمتلك الجرأة على قتل شعبه بكافة الأسلحة التي يخسأ أن يرفع منها قلامة ظفر بوجه العدو الحقيقي ..!
ترى ألم يدرك هؤلاء الذين يطلقون هذه الألعاب هو مجرد أوراق سياسية يضعونها في أيدي ملالي طهران، أم هم أرتضوا لأنفسهم القبول بأدوار هزلية ..؟ ولكن لنقف لحظة ونتأمل، ما المقصود من تهريج مفضوح ممجوج كهذا ..؟
1.بادئ ذي بدء لابد من القول، إن أمن إسرائيل هو آخر المقصود بهذه الحفلة الساخرة.
2.أنهم يعدون لحفلة دموية وحروب ممسرحة بداية ونهاية، للتمويه على مستحقات سورية ولبنانية بإنهاء ما يتعرض له الشعبان من عذاب، فيعدون لمسرحية حربية على غرار مسرحية (2006) سيدفع ثمنها الشعب السوري واللبناني، في محاولة بائسة للإيهام بمصداقية معسكر الصمود والممانعة والعناد ..!
3.دولة الأردن وحكومتها، سوف يسمعون هذا الهراء السخيف وسوف يفهمونه على أنه سلعة فاسدة في بورصة سياسات طهران، على طريقة المثل ( أياك أعني وأسمعي يا جارة ).
4.إذا كان المقصود إسماع الغرب بأننا لنا خلايا نائمة ومغفية، فقد ملوا سماع هذه الأقاويل السخيفة.
5.إن كان المقصود أسماع من يهمه الأمر بإننا لدينا نفوذ كبير على حركات فلسطينية، بهذه نعم... فحقاً نشهد أن لديهم مثل هذا النفوذ، ولكنه نفوذ لا يخشى منه خطر عظيم، وليس بمستوى تغير استراتيجي في موازين القوى. ومن يهمه الأمر يدرك إن الجزء الأعظم من هذه المناورات هو مادي، ويستهدف الإزعاج، وهو مزعج بالطبع، ولكنه لا يفضي إلى ما يستحق الذكر.
6.كل ذي عقل راجح يقدر أن الأمور عندما تصل إلى التهديد بالمهرجين، فهذا يفصح عن محتوى هزيل يعبر عن مستوى ما تبقى من القوة في ترسانتهم من قدرات، وإنهم يلعبون في الوقت الضائع.
7.أو ربما أن الفرس قد عزموا اللجوء إلى الفكاهة، ليعطوا أنطباعاً أنهم قادرون على المزج بين المزاح الثقيل والتلويح بالقوة .... كل شيئ جائز في العقل الذي يقبل الخرافات.!
لإشقائنا ممن شخصوا إلى طهران وأجتمعوا هناك نقول : في الوقت الذي ندرك فيه صعوبة أوضاعكم على كافة الأصعدة، نقول، أن علاقتكم بطهران ليست بعلاقة تاريخية، والفرس يدركون، وأنتم تعلمون، أن مثل هذه الألعاب التصعيدية لها حد معين ينبغي أن لا تتجاوزه. أنتم طرف في لعبة لا تديرونها أنتم، وهم يستخدموكم كورقة في لعبة بوكر سياسة مع الأمريكان والروس والإسرائيليين. اللعبة لا تبدو خطيرة الأبعاد في بدايتها، ولكن بعد حين، ستنغمسون في مفردات ضارة بالأمن القومي العربي، وستجدون لأنفسكم في معسكر معادي للعروبة الإسلام، وها أنتم ترون أنها تنخر في صفوفكم، لتضمن أن ما تقدمه لا يذهب هباء، فتحوله إلى "مصالح"، فلا تغامروا بمصير شعبكم على رهانات لا أمل فيها، فإسرائيل سوف لن تقصف طهران .. هم يلعبون لعبة تفاهمات ضمنية، ومن نافلة القول أنه من الممكن أن يبيعوا هذه الورقة عندما تتلائم الصفقة مع السجال الاستراتيجي الذي مآله أن تكون طهران قوة معينة في الشرق الأوسط على حسابكم وحساب مصالحكم.
تذكروا أن هناك قاعدة ذهبية : كل ما يمكن شراؤه .... يمكن بيعه ..!
2979 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع