د.هيثم الشيباني
خبير في البيئة
نحن مدعوون لاستثمار الطاقة الشمسية
الغاية :
ان الغاية من المقال هي تسليط الضوء على ضرورة استغلال الطاقة الشمسية الى أبعد المديات , باعتبارها متوفرة في بلادنا , وغير ملوثة للبيئة , ورخيصة الكلفه , وكونها مصدر لا ينضب حتى نهاية عمر البشريه .
سوف اناقش الموضوع تحت العناوين الرئيسية التاليه :
المدخل .
نموذج مبسط من العراق .
مشروع بيوت ( شارع أبو نؤاس ) .
مركز بحوث النهرين للطاقة المتجددة .
التسلسل العالمي لاستثمار الطاقة الشمسية.
الاستنتاجات والتوصيات .
1.المدخل
تعرف الطاقة بأنها أحدى المقومات الرئيسية لحاجات البشرية , وتحتاج إليها كافة شرائح المجتمع في تسيير الحياة اليومية , إذ يتم استخدامها في تشغيل المصانع , وتحريك وسائل النقل المختلفة , وتشغيل الأدوات المنزلية , وغير ذلك من الأغراض . وكل حركة يقوم بها الإنسان تحتاج إلى استهلاك نوع من أنواع الطاقة ويستمد الإنسان طاقته لإنجاز أعماله اليدوية والذهنية من الغذاء المتنوع الذي يتناوله كل يوم , إذ يتم حرق الغذاء في خلايا الجسم فيتحول إلى طاقة .
أما الطاقة التقليديه فانها على أنواع متعددة وتستخرج من مكامن طبيعية بشكل مباشر, أشهرها المصادر الأحفورية كالنفط والغاز والفحم , و يتم تحويلها بطرق تكنولوجية معروفة الى أشكال أخرى , وهذه المصادر ليست صديقة للبيئة . و إن مستقبل البشريه في حاجة إلى طاقة متجددة ونظيفة صديقة للبيئة ومحفزة للتنمية المستدامة , أما مصادر الطاقة الطبيعية الصديقة للبيئة, فيمكن تلخيصها بما يلي:
ويمكن إيجاز مصادر الطاقة المتجددة في التالي :
أولا: الطاقة الشمسية: الشمس هي المصدر المتجدد للطاقة اللازمة للحياة منذ ملايين السنين , ويعادل مقدار الإشعاعات الشمسية التي تصل إلى الأرض كل 20 دقيقة طاقة الوقود الأحفوري التي تستعملها البلدان الرئيسية المستهلكة للطاقة خلال سنة كاملة .
وتعتبر طاقتا الحرارة والضوء التي توفرها الشمس متجددة ونظيفة .
ثانيا: الطاقة المائية .
ثالثا: طاقة المد والجزر .
رابعا: طاقة الأمواج .
خامسا: الطاقة الحرارية من المحيطات .
سادسا: الطاقة الجيوحرارية .
سابعا: طاقة الرياح .
ثامنا :الغاز الطبيعي .
تاسعا : تحويل النفايات الى طاقه.
عاشرا :الكتل الحيوية (البيوماس) .
:غاز الهيدروجين . ومخلفات استعماله هي الماء , ولا يلوث البيئه. .أحد عشر
ان أهم مصادر الطاقة النظيفه المستخدمة حالياً، وتلك المتوقع أن يكون لها شأن في توفير الحاجات البشرية هي الطاقة الشمسية , حيث يستفاد منها عبر التسخين المباشر في عمليات تسخين المياه والتدفئة والطهي ، كما يمكن تحويلها مباشرة إلى (طاقة كهربائية) بواسطة (الخلايا الشمسية).
ولم يستثمر الانسان نعمة الطاقة الشمسية بشكل مثالي حتى يومنا هذا , وهناك المزيد نحو الاستفادة من هذا المصدر المجاني , الصديق للبيئة .
نموذج مبسط من العراق :2
كان في العراق نموذج مبسط عراقي لاستغلال الطاقة االشمسيه , يشبه النموذج المعروض هنا :
وقد ابتكر المخترع العراقي خالد وليد خليل مشروعا لإنتاج الطاقة الشمسية في المنزل والذي أسماه بـ(الطاقة والبيئة) , بحيث لا يحتاج إلى خدمات ولا يحتاج إلى إسناد خارجي مكلف, ولا يحتاج من الدولة أكثر من 20% من الامدادات .
تعود بداية المشروع كما يقول خالد وليد الى عام 1986 في معهد الاتصالات , وكان يهدف الى خفض استهلاك الطاقة الوطنية باستخدام الطاقة الشمسية , و جعل إمكانية الاستفادة المجزية للطاقة الشمسية ممكنة , و في متناول الجميع و أن تكون أرخص من جميع أنواع الطاقة , والشرط الثاني أن تكون أصغر حجما .
وتحقق تخفيض الكلفة إلى الربع وخفض مشكلة الحجم إلى الثلث , وتم بالتنسيق مع مجلس البحث العلمي , واقترح المجلس عام 1988 استخدام الفكرة في مراكز الاتصال النائية والتي تعاني من مشاكل نقل الطاقة , وتم الاستمرار بالدراسات ثم قدمت في عام 1989 الى لتصنيع العسكري بعد إدخال تعديلات عليها , فصدر التوجيه بدراسة المشروع .
وأعيدت التصاميم لغرض خفض الكلفة , وتصغير المشروع , و إعادة تصميم كافة الأجهزة المنزلية , لتكون رخيصة جدا , وتستهلك نصف الطاقة التي تستهلكها الأجهزة التقليدية . وفي عام 1990 أصبح المنزل جاهزاً للتنفيذ , ثم أعيد تصميم المنزل مرة أخرى للاستفادة من التكنولوجيا العالمية, وفي عام 1996 تم إعادة تصميم المنزل ليتماشى مع التوجه الدولي بإنشاء منازل لا تلوث البيئة , فتم تصميم أنظمة تقوم بمعالجة المياه في المنزل دون الحاجة إلى شبكة مجاري مع معالجات للنفايات , وفي عام 1998 تم إعادة تصميم المنزل بعد وصول كومبيوترات البانتيوم , حيث إن المنزل يعتمد على حواسيب تشابهية في حين يتوفر في الأسواق الأجهزة الرقمية التي لا تستهلك طاقة عالية , وهكذا أصبح المنزل يعمل بالحواسيب الرقمية , ومنظومات سيطرة متطورة.
و لا علم لنا في الوقت الحاضر عن مصير هذا المشروع الحيوي والمهم للغاية لاقتصاد العراق , والسلامة البيئية .
3. مشروع بيوت ( شارع أبو نؤاس)
عرفت المجمعات التي كانت تقع على شاطئ نهر دجلة مقابل القصر الجمهوري , ببيوت الطاقة الشمسية , وكانت تخضع اداريا لمركز بحوث الطاقة الشمسية , الذي كان أحد مراكز مجلس البحث العلمي في العراق . (1)
بشكل عام فان مبدأ الاشتغال في هذه المنظومات , يعتمد على أربعة مكونات رئيسيه هي :
مولد.
مكثف.
مبخر.
ماص.
حيث أن هذه الأجزاء الأربعة تضمن تبريد وتدفئة الماء الذي يندفع الى وحدات المراوح لتوليد التبريد والتكييف المطلوب .
كانت التدفئة المركزيه تعمل باسلوب تسخين الماء عبر مجمعات شمسيه
وليس خلايا شمسيه .
في داخل الشقق بعد تجميع الماء القادم من المجمعات الشمسيه الى خزان للماء الحار ( معزول حراريا مع شبكة الأنابيب لغرض منع الانتقال الحراري من والى الشقق) , واثناء الليل يتم الاستفاده من الماء الحار المخزون والمعزول حراريا , ولكن في ساعات الذروة هناك سخانات كهربائية مساعدة .
أي أن التدفئه ليست معتمدة كليا على المجمعات الشمسيه .
بالنسبة للتبريد فانه يعمل باسلوب الجلرز (المبردات) . لتبريد الماء حتى 7 – 10 درجه مئوية ويتم ذلك بطريقة منظومة التبريد الامتصاصيه .
وهي تحتاج لمحلول خاص يدعى كلايكول وهو يمتص الحراره من الماء الراجع من الشقق ويصبح محلولا غنيا أو مكثفا.
ويتم تسخينه بالماء الحار القادم من المجمعات الشمسيه لغرض تخفيف كثافته من طرد الماء الممتص من قبل الكلايكول .
ان عملية التبريد معقدة نسبيا حيث لا يستعمل فريون تبريد أو غيره من مواد التجميد .
أو غازات التبريد المنتشره في الوقت الحاضر والتي طورت لتصبح صديقة للبيئه عندما تنتشرفي الهواء أثناء التسربات كما حصل سابقا في تضرر طبقة الأوزون من جراء غازات التبريد.
ان التكنولوجيا التي استخدمت في عمارات أبي نؤاس كانت الرائدة في هذا المجال آنذاك , لكن العلم تطور والتكنولوجيا تقدمت بسرعة منذ ذلك الحين , و جميعها تعتمد على نفس مبدأ الاشتغال .
والخزانات والأنابيب تغلف بمادة سوداء فلينية لغرض العزل الحراري . الخلاصه هي ان طريقة التدفئة سهلة للغايه , وهي استقبال حرارة الشمس , واكتسابها من قبل الماء الذي يدور في الانابيب ومن خلال مراوح في الشقة تقوم بدفع الحراره والعملية مستمره في نظام مغلق .
وبالتالي فان بنايات أبي نؤاس صديقة للببئة .
4. مركز بحوث النهرين للطاقة المتجددة النانوية
استحدث مركز بحوث النهرين ( في جامعة النهرين ) للطاقة المتجددة النانوية في 6/6/2013 استنادا الى الامر الجامعي المرقم 3977 في 8/3/2014 , ثم باشر المركز باعماله. لقد كان هذا الاستحداث حاجة ملحة لتطوير ابحاث الطاقة الشمسية بكافة محاورها على صعيد النشاط البحثي للجامعة , وادخال تقنية النانو تكنولوجي على تصاميم الطاقة الشمسية لاول مرة في العراق . تركزت السياسة البحثية للمركز على حافات العلوم في مجال الطاقات المتجدده , وكان السبب في اقحام النانوتكنولوجي في بحوث الطاقات المتجددة , هو مواكبة التطور العالمي الحاصل في التطبيقات الحديثة النانوية في تصاميم الطاقات المتجددة بكافة تفرعاتها. .
ومنذ مرحلة تأسيس مركز بحوث النهرين للطاقة المتجددة النانوية ,كانت الرؤية العلمية هي ان يكون المركز عبارة عن مؤسسة للبحث والتطوير وبیت خبرة تقني , لتوظیف المعرفة العلمیة في مجال الطاقة المتجددة النانوية لخدمة التنمیة المستدامة في العراق ومحیطنا الاقلیمي .
اما الرسالة التي حملها المركز فتتمثل بتخطيط وتنفيذ البحث العلمي الاكادیمي و التطبیقي , في مجال الطاقة المتجددة النانوية للمحافظة على البیئة , من خلال المساھمة في الابتكار و الابداع الفكري في البحوث والدراسات , ونشر المعرفة العلمیة , و الخبرة في المجتمع , و تقدیم الدعم العلمي للمؤسسات التعلیمیة و الصناعیة , والسعي الى توطین و تطویر تقنیات الطاقة الملائمة لطبیعة العراق وموارده , ورفع كفاءة الطاقة وترشید استخدامھا وحسن ادارتھا بما یخدم التنمیة المستدامة في العراق.
و تم هيكلة المركز ليضم مجموعة من الوحدات البحثية وكما يلي :
. قسم بحوث الطاقة الشمسية . أولا
. قسم بحوث طاقة الرياح . ثانيا
. قسم بحوث الكتلة الحيوية . ثالثا
. قسم بحوث ادارة الطاقة . رابعا
. القسم الاداري والمالي . خامسا
وينجز المركز مهامه من خلال ما يأتي :
• تنمیة الابتكارات الوطنیة في مجال الطاقة المتجددة من خلال التوظيف الفعال للطاقات العلمية والتقنية وتوجيهها نحو امتلاك المعرفة وخدمة قضايا التنمية المستدامة.أولا
نشر المعرفة العلمیة في مجال الطاقة المتجددة النانوية ..ثانبا
ثالثا. اعداد جیل من الخبراء و الباحثین المتميزين في مجالات الطاقة المتجددة النانوية .
رابعا. القیام بمھام بیت خبرة تقني وتكوین قاعدة وطنیة كفوءة وخبیرة في مجالات الطاقة المتجددة النانوية .
خامسا. السعي لتطویر ونقل المعرفة العلمیة و التقنیة و توطینھا لدعم البحث العلمي في مجال الطاقة المتجددة النانوية .
السعي لتطویر الخبرات و البحوث في مجال ادارة الطاقة في العراق ..سادسا
سابعا. تبادل الخبرات و المعلومات في مجالات الطاقة المتجددة النانوية مع المؤسسات المحلیة و العربیة و العالمیة .
ثامنا. تقدیم الاستشارات التقنیة و العلمیة و اعداد دراسات الجدوى الفنیة و الاقتصادیة للمشاریع المقترحة الى القطاعات الحكومية و الخاصة المختلفة في مجال الطاقة المتجددة .
تاسعا. تقديم الاستشارات الى المجالس التشريعيه في سن القوانين اللازمة لتشجيع مجال الطاقة المتجدده.
عاشرا . وضع البرامج الإعلامیة الھادفة لتعریف المواطن على أھمیة الطاقة المتجددة وسبل الإفادة منھا على نحو علمي وموضوعي تاسعا .
والسؤال الكبير هنا أن ما تم حتى الآن قليل جدا أمام المهام الكبيرة المذكورة أعلاه , حيث يجري اعداد اتفاقية تعاون مشتركة بين مركز بحوث النهرين للطاقة المتجددة النانوية ومركز الطاقة والبيئة / دائرة البحث والتطوير الصناعي/ وزارة الصناعة , وقد تمت عدة زيارات مشتركة بين الطرفين ودرست البحوث التي قدمت من قبل اساتذة وباحثين من كليتي العلوم والهندسة في الجامعه , والمخطط أن تنجز ضمن الخطة البحثية للمركز في مختبرات مركز الطاقة والبيئة بعد ان حصل اتفاق باستخدام مختبراتهم مجانا ( مسألة غريبة في عراق واحد).
وتم الاتفاق مع مجلس محافظة بغداد بتقديم مشروع ريادي يدعم من قبلهم ,و المركز الان بصدد اعداد الدراسة الشاملة لهذا المشروع.
5.التسلسل العالمي لا ستثمار الطاقة الشمسيه :
ان التسلسل العالمي لاستخدام الطاقة الشمسية كما يلي:
ألمانيا 10000 ميكا واط.
اسبانيا 3500 ميكا واط .
الولايات المتحدة 1800 ميكا واط .
ايطاليا 1300 ميكا واط .
جمهورية التشيك 600 ميكا واط .
بلجيكا 450 ميكا واط .
الصين 400 ميكا واط .
فرنسا 350 ميكا واط .
الهند 200 ميكا واط.
الاستنتاجات والتوصيات :5
أولا .
في الوقت الذي تتصارع فيه الأمم , وتشن الحروب الأقليمية والعالميه , بسبب مادة النفط وتليها مادة الغاز , وهما مادتان ناضبتان ملوثتان للبيئة , تبرز أهمية مصادر الطاقة المستدامه مثل الطاقة الشمسية , وهي هبة ربانية , لتعلم البشرية كيف تتعايش بسلام وأمان , والجميع رابح .
ثانيا .
يظهر من جدول الاستثمار العالمي للطاقة الشمسية أعلاه , أن ألمانيا على الرغم من قلة سطوع الشمس في بلادها الا أنها تستغل الطاقة الشمسية بشكل متميز. وأن استغلال الشمس لا زال عالميا أقل كثيرا من حاجة البشرية لمصادر طاقة صديقة للبيئة .
ثالثا .
لم يكن قرار الغاء مجلس البحث العلمي صحيحا , خصوصا انه كان يضم مراكز بحوث مهمة للغاية مثل مركز بحوث الطاقة االشمسية .
رابعا.
كان مجمع بيوت الطاقة الشمسية الذي يقع في شارع أبي نؤاس , نموذجا مثاليا , وربما استلمه العراق على طريقة تسليم المفتاح , أي أن الجانب العراقي كان يتولى مسؤولية الصيانة والتشغيل فقط .
خامسا .
تهيأت للعراق فرصا كثيرة جدا بداية من خلال مجلس البحث العلمي , ثم من خلال وزارة الصناعة , لكن بعد عام 2003 تدفقت على العراق أموالا خرافيه لم يحسن استثمارها , وكان نصيب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حصة كبيرة , الا أنها تبددت دون نتائج ملموسه وبضمنها الطاقة المتجدده , بينما أهملت الطاقة الشمسية , ولم يتم الانتباه اليها الا في وقت متأخر .
سادسا.
ان المنشور من قبل جامعة النهرين عن استراتيجية الطاقة المتجددة النانوية , جميل جدا , الا ان وضعه على ارض الواقع وتحويله الى خطط وبرامج بحوث قصيرة ومتوسطة وبعيدة الأمد يتطلب ادارة حازمة وجهاز تنفيذي مقتدر. وأن لا يقتصر العمل على اتفاقية مع وزارة الصناعه ومجلس محافظة بغداد , وبكل الأحوال فان الموضوع يتطلب أن يكون ضمن مسؤولية الدولة ومشاريعها الاستراتيجية .
(1) تأسس مجلس البحث العلمي في العراق في 11 / 10/ 1980 , الذي كان يتألف من هيئة المجلس يترأسة رئيس مجلس البحث العلمي بدرجه خاصه , ومن سبعة مراكز بحثية يراسها مدراء عامون, منها مركز بحوث الطاقة الشمسية , لكن تم الغاء المجلس في نهاية عام 1988 وتصفيته دون بيان .
د.هيثم الشيباني
خبير في العلوم البيئيه
أيلول 2015
3097 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع