نحو إعادة كتابة التاريخ العربي الإسلامي

                                                        

                           علاء الدين الأعرجي
         محام/مفكر عراقي متخصص بأزمة التخلف العربي

لو أنعمنا النظر بما حولنا، بعقول مُشْرَعة، لوجدنا العالم، بل الكون، يتغير في كل لحظة. فوراء هذا السكون الظاهر والنظام الثابت، أكوان من نظام ثورات متفجرة، تتجلى في الصراعات المستمرة أو التفاعلات المتواصلة بين بلايين البلايين من  القوى المتعارضة أو المتعاضدة.

ففي جسم الإنسان، مثلا، كما في جسد كل كائن حي، صراع محتدم ومتواصل، بين قوى الفناء وقوى البقاء. وفي الكون الشاسع بلايين النجوم المشتعلة المشعة وبلايين الكواكب التابعة، التي تظل في حركة دائمة وتغير مستمر. وكلها تتجاذب أو تتباعد عن بعضها  وعن مركز الكون بسرعات هائلة. حتى الحجر الأصم الذي يبدو لنا ساكنا، تحتدم في داخله ثورة عظيمة وتغيّر أخرس، بالنسبة للناظر العادي، وتغير صارخ بالنسبة للباحث المتمعن، سواء بسبب التفاعلات التي تجري بين الذرات المتحركة فيه، أو داخل كل ذرة منها، حيث يبرز في كل واحدة منها كون آخر ينطوي على جسيمات متعددة، تتوالى بينها تجاذبات وتفاعلات متواصلة.  وكل هذه الأحداث، الصغار الكبار، تفضي إلى تطور وتغير مستمر إلى حد يمكن القول فيه: أن اللحظة الراهنة تختلف عن اللحظة السابقة كما أنها تختلف عن الآتية، لأن كل ما في الوجود قد تغير وسيتغير بتوالي اللحظات. وما نقوله ليس فيه أي جديد، فقد أذاعه الفيلسوف اليوناني هيراقليطس قبل 2500 عام، في قولته الشهيرة:"لا أستطيع أن أنزل إلى النهر نفسه مرتين، ذاك أنني حين أستحم للمرة الثانية يكون النهر قد تغير، وأنا أيضا ".  
فإذا كان هذا شأن المادة فما بالك بالمجتمع، الذي تتكون أجزاؤه من تجمع بعض البشر لتشكيل كيان متعاون لتحقيق البقاء؟ أليس حريّ به أن يتطور؟ كما أن التاريخ نفسه يشهد  على هذا التغير والتطور، بل يثبته في كل فترة زمنية؛ تـُرى هل الحياة الاجتماعية والفكرية والمادية اليوم تشبه الحياة  قبل ألف عام،  بل قبل خمسين عاما، مثلا؟ والأكثر من ذلك، لا شك أن الجميع يلاحظون كيف تغير العالم منذ أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 ، أو بعد هذه الثورات والانتفاضات والجياشانات التي حدثت في الوطن العربي في عام 2011!!        
وعندما  يتغير الناس، بمن فيهم نحن أنفسنا طبعاً، وبالتالي المجتمع والمحيط الخاص والعام، تتغير نظرتنا إلى كل شيء، بما في ذلك نظرتنا إلى التاريخ نفسه، ومن هذه الحقيقة البسيطة جداً، والخطيرة إلى أقصى حد، يمكن أن تنطلق أهمية إعادة كتابة التاريخ العربي الإسلامي الذي طرحناه كمشروع على مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، ضمن مشروع أوسع هو مقترح إنشاء مؤسسة التراث العربي الإسلامي، والذي كنّا قد أكدنا على أهميته في إطار البرنامج العلمي للمركز للسنوات2010-2015. ولكن المركز لم يأخذ بهذا المشروع.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2962 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع