بخلاف التوقعات جاءت نتائج الانتخابات الامريكية ولكن ماخفى كان اعظم

                                                   

                                فلاح ميرزا

ربما تفاجئ الكثير ممن تابعوا الانتخابات الامريكية التى سبقتها تصورات وتوقعات حول مرشحى الرئاسة وصلت الى الدرجة التى كشفت عن تاريخ كل واحد منهم السلبى والايجابى والى حد السخرية من بعضهما ولم يتمكن احد وبشكل دقيق ان يتنبأ من ستكون له الارجحية بنيل تسمية الرئيس المقبل رغم ان كثير من مصادر المعلومات ومراكز جمع الاحصائيات قد اظهرت عكس ما جاءت بها النتائج , هكذا هى السياسة فى الولايات المتحدة لايتمكن احد معرفة خباياها هى اشبة بافلامها السينمائية والعابها الكروباتيكية والسحرية  فالذى  يكشف للفرد الامريكى هو غير ما يتوقعه العالم وهذا فعلا ماحدث كانت مفاجئة .

احيانا وانت تشاهد الالعاب السحرية التى يمارسها الذين يتعاطون بتلك الالوان, من الفنون وتتفاجئ بما يحدث من مواقف تحتار فى اعطاء تفسيرا لها مابين الحقيقة والخيال رغم انها فى النهاية عبارة عن العاب تتميزبدقة الحركة وسرعة منفذيها, كذلك السياسة كمفهوم عام روج لها ان تكون كذلك  فانها تتعاطى مع من يتعامل بها بنفس المقاييس فهى تحتاج الى مواصفات وشروط واختصاصات تتناسب مع الوانها وخصائصها و لها من يجيد التعامل معها وفق مصالح قد لاتتلائم مع شروطها الموضوعية والحالة هذه  ليست لها حالة ثابتة كونها ليست عملية رياضية تخضع لقوانين ثابتة فهى قبل ان تكون مبادى تحولت فى نظر الاقوياء مصالح هكذا تعاملت الولايات المتحدة مع  احداث المنطقة التى اطلقت عليها بين قوسين الربيع العربي  وبالفعل مايثير الدهشة والعجب هو كون البعض مستمر فى التلفيق والنفاق السياسي والمخابراتي والاعلامى المستمر منذ تسعينيات القرن الماضي فى شن الحروب هنا وهناك بحجج واهية وخداع مثل حقوق الانسان وفرض الديمقراطية فى حين ان الدوافع الحقيقية فى تاريخ الحروب الكبرى تعود اسبابها بالدرجة الاساس الى تلك الحالة  التى تسمى بنقطة اللاعودة فى انهيار النظم المالية  لطبقة النخبة المالية التى تسيطر على النظم السياسية والايدلوجية والاعلامية دوليا وبمجرد تعرضها للضرر حينها تبدأ شرارة الحرب بحادث نوعى ارهابى مصطنع او تلفيق مفرك سياسيا او عسكريا لخلق الصدمة النفسية فى الوقت الذى تكون ماكنة  الاخطبوط السياسى والاعلامى وادواتها فى الحرب النفسية تعمل دون كلل فى تهيئة الارضية الخصبة فى تعبئة وشحن الانفس وغسل الادمغة والترهيب النفسى للشعوب وحكوماتها وصولا الى حالة العمى المنطقى فى الشكوى والتذمر هذا مايحصل دوما عندما يفشل الانسان فى تسنم دوره الحقيقى فى الحياة والوقوف فى وجه الشذوذ الفكرى والايدلوجى الذى يصاحب البشرية , ان مايجرى الان فى المنطقة وفى العراق وسوريا كشفت عن المستور المخابراتي الاستراتجى والازدواجية السياسية الاعلامية وسقوط الاقنعة  حيال حركة الاخوان المسلمين والاسلام السياسى وهو ثمار تسعون عام من التخطيط المتأنى وجهود مضنية تعود الى عشرنيات القرن الماضى وان تاريخ الصراع فى  في المنطقة رغم انه يبدو وكانه صراع حديث الا انه فى واقع الحال يشير ان له امتدادات وجذور تعود الى مابعد الحرب العالمية الاولى  التى اثمرت عن ظهور دول وانظمة وكيانات واحزاب ومناطق نفوذ واطلق عليها منطقة الشرق الاوسط التى وزعت جغرافيا مابين بريطانيا وفرنسا وايطاليا فى حين لم يخطر ببال احد من الحركات السياسية ولا الاحزاب الوطنية بان تلك الكيانات احكمتها اتفاقية سميت باتفاقية سايكس- بيكو التى سيعاد النظر بها بمجرد انتهاء مفعولها , وبانهيار الشيوعية  اصبحت المنطقة امام ايدلوجية تسيل للعاب فى الازمات (الخلافة الاسلامية)ومن هنا فرحتهم الكبرى بولادة عراب الربيع الاخواني ضد الانظمة العلمانية وتقديمة للواجهة العالمية فى دعم تركيا وتونس وليبيا ومصر والمعارضة السورية وتباعا سياتى الدور على البقية ولاشك فان التحذير الذى اطلقه ليندون لاروش فحواه ان الهدف الحقيقى مما يجرى هو( بلقنة ) الشرق الاوسط المقصود بها روسيا والصين كذريعة لشن حرب عالمية كما فعلوا فى ازمة البلقان الاولى قبل الحرب العالمية الاولى لذلك فان النخبة المالية العالمية المتمكزة فى لندن وول ستريت تدرك جيدا بان الظروف قد اينعت وعلى وشك الخروج من نطاق السيطرة وفقدان هيمنتها وسطوتها المالية فى الولايات المتحدة واحتمال تمرير تطبيق قانون نظام فصل المصارف (كلاس ستيكل).


 ولاشك فان ما تشهده المنطقة من تغيرات جيوسياسية والمصالح بين الدول الكبرى قد وضع حدا للمخططات التى ستكون محل للطبيق والعمل بها خلال القرن الحالى والتى توزعت ادوارها مابين الولايات المتحدة وحلفائها وروسيا والصين وحلفائها , ولاشك فان اهمية دول الاتفاقية تأتي في ضوء الموقع والمساحة والثروات التى تحتويها اضافة ديمغرافية سكان كل منها ومنذ ذلك الوقت شكلت كل من ايران والعراق والمملكة العربية السعودية وسوريا محاور تسعى كل امريكا وروسيا للتعامل معها فى ضوء المصالح التى تتحكم فى طريقة العمل مع انظمتها ومع مرور الزمن ورحيل بريطانيا وفرنسا عن المنطقة برزت تناقضات المصالح الجيوسياسية الامريكية والروسية من جهة والامريكية والصينية من جهة أخرى جذرياً، بحيث لا يمكن إزالة هذه الاختلافات في إطار النموذج الحالي للنظام العالمي.فالولايات المتحدة الامريكية تريد تمسك القيادة الشاملة على حساب اقصاء روسيا والصين ولكنها لاتملك القوة اللازمة لذلك وبالطبع فهى تود لو تاجل بداية المواجهة الحادة مع الصين كي تحصل على الوقت لاعاقة روسيا ولذلك تجدها من حيث المبدأ مستعددة حتى لتقديم تنازلات لبكين لكن المشكلة فى ان الصين ليست بحاجة للتنازلات فى مسائل ثانوية  فهى بحاجة الى اشياء مبدئية مهمة مثل التواجدالامريكى فى المنطقة وهنا فان امريكا ليس فقط لاتعتزم التنازل عن أى شئ بل على العكس من ذلك تحاول ان تقوى اكثر خصوم الصين عن طريق تشكيل خط عرقلة مناهض لها من خلال محاولة اعاقة الصين فى منطقة المحيط الهادى وهى لاتريد ان تثقل كاهلها  بمهمة صعبة التنفيذ فحسب , بل انها تسرع ايضا من سقوطها الجيوسياسى  بالنسبة لروسيا فى منطقة اورواسيا  وهذا مايدركة بعض المحللين الامريكيين الذين يدعون واشنطن لاختيار العدو الرئيس على الاقل بالاضافة الى ذلك فان بكين تدرك تماما ان السياسة الامريكية تهدف الى حل المسالة الروسية للالتفاف عليها فيما بعد  ومن الطبيعي ان بكين ليست على استعداد ان تكون هبة للغير   بل انها على العكس سوف تزيد من ضغطها في منطقة المحيط الهادئ لادراكها ان الولايات المتحدة لم تعد تملك القوة للسيطرة على الوضع  في ثلاثة جبهات فى الوقت نفسه الشرق الاوسط  اوروبا التى يتصاعد بها التوتر والمحيط الهادى , فهي تكرر وبصورة جدية الحديث عن ضررورة جذب الصين إلى محيط روسيا، متناسيةً أن الصين ترى بنفسها أن التهديد الأكبر يكمن في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد، وتتهمها بمحاولة ردعها، أما الزيارة التي أجراها الرئيس الامريكي الى  دول منطقة المحيط الهادئ فلم تعمل إلا على تعزيز هذه القناعة لدى بكين. لقد سعت الادارة الامريكية للتاثير على الرئيس باراك اوباما باعادتة ترتيب المنطقة وذلك باعطاء تنازلات فيما يخص الموقف فى الشرق الاوسط والمتعلق بسوريا ومع ذلك فعلى الرغم من استمرار العروض والمبادرات لايزال التعنت الروسي  مستمر وقيل الكثير حول مااذا كان فك ارتباط اوباما بالشرق الاوسط هو انعكاس لمزاجه وافضلياته الشخصيةاو اذا كان ذيك رد فعل مؤقتا على الافراط فى التمدد العسكرى لادارة سلفه جورج بوش لكن كما يبدو من تحليل العناصر الرئيسة لاقتحام المنطقة فان ذلك يعطى دلالة على انه قد يكون اتجاهها  تتطلبطويل الامد للسياسة الخارجية الامريكية فلم يعد الراى العام وجزء كبي من النخب السياسية وصانعي الراى العام فى الولايات المتحدة يرون منطقة الشرق الاوسط كمنطقة استثنائية للمصالح الاقتصادية والسياسية تدخلا امريكا على نطاق واسع ولا يقترح اى من المرشحين للرئاسة الامريكية انقلابا على سياسة الرئيس الحالى اوباما بل يقومون فقط باعادة تقييم طفيف وسيكونون اكثر صرامة فى مواجهة داعش او اكثر صلابة  نحو ايران واكثر قربا لاسرائيل بل ان دونالد ترامب يقترح فكرة فك ارتباط من المنطقة وان تصفية الحروب فى المنطقة القوى الاقليمية قد ادى ادى الى عودة القوى الخارجية الاخرى اليها مثل روسيا وان تناقض المصالح بين الاطراف ووضعها فى اطارها الجدى لايعطينا النموذج الحالى للنظام الدولى لان كل منهما يفكر بالمصالح التى سيجنيها وهذا لايعنى ان موضوع محور ايران يكون غائب عن البال , فالعلاقات السياسية وعلاقات القوة بين روسيا وايران ومع الازمة السورية شهدت حالة من التغيير حيث تجاوزت حالة الابعاد السلبية المرتكزة على الجوانب التاريخية اي انها اليوم تحمل حاليا ملامح المساواة السياسية وتقوم على المصالح الجيوسياسية والاستراتجية المشتركة بين البلدين وان ايران ترى ان العلاقات بين روسيا وسوريا هي علاقات استراتجية وان مستقبل المنطقة بيد هذا المثلث لذلك فان المكونات الجيوسياسية تلعب على الدوامم الدور المؤثر فى مجال السياسة الخارجية ولكن بالرغم من كل هذا التعاون والمحاور والعمل المشترك فى الشرق الاوسط فان هناك هواجز روسية من مواقف ايران تجاه سوريا ولهذا فانها  لاتثق بالجانب الايراني وهو باعث على الاضطراب ويتحرك خارج قواعد النظام الدولى وان الفضاء الحاكم فى المنطقة فرض على روسيا ان تتعامل تكتيكيا مع ايران ويبقى ان نتاول فى المقال القادم محور تركيا وسياسة اوردكان واما موضوع العراق فلا يزال الوقت مبكر لمعرفة ماهو الذى يدور فى ذهن هؤلاء الساسة تجاه مصيره ذلك لان التحاليل التى اعطيت بشان مستقبله تتناقضها بعضها مع بعض ولا يوجد قرار حول مستقبله فالصراع الدولى يخص المنطقة ومحاورها الاقليمية وفلم العراق لم يكتمل بعد

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

802 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تابعونا على الفيس بوك