د.عبد القادر القيسي
صوت مجلس النواب العراقي على قانون العفو العام يوم 25/8/2016، وتم نشره على موقع مجلس النواب والكل بضمنهم كاتب المقال قد سحبه من الموقع، وقد كتبت مقالين على ضوء تلك النسخة؛ وتم نشره أيضا على اكثر من خمسين موقع الكتروني، كون موقع مجلس النواب موقع رسمي ورصين ومعتمد، ومن غير الممكن ان تكون هناك نسخة أخرى هي التي تم التصويت عليها موجودة لدى رئيس اللجنة القانونية ومعتمدة لدى مجلس القضاء الأعلى تختلف عن النسخة المنشورة في موقع مجلس النواب والتي تم نشرها في صحيفة الوقائع العراقية بالعدد 4417 في 26/9/2016..
ان تلك المسالة تشير الى فقر وفوضى تشريعية لا يمكن قبولها في ظل قانون لا يتجاوز 16 مادة، ، ولا نعرف من المسؤول عن ذلك؟، ولو سلمنا بقيام المسؤولين عن موقع مجلس النواب بنشر القانون الغير مصوت عليه عمدا، فان إقالتهم، امرا يكاد يكون وافداً على أدبيات رئاسة البرلمان العراقي، ومجلس النواب الذي يعد معمل السلطات وصانع التشريعات والمشرف على تطبيقها، مطالب منذ فترة لتوضيح هذا الالتباس الحاصل في عرض القانون مما شكل ارباك للمختصين من القانونيين والمحامين، وانصرف اثره للمواطن العادي؛ وأمعانا منا في وضع الأمور في نصابها الصحيح؛ وقد تبين الرشد من الغي، بأن قانون العفو العام فيه أمران أحدهما مادي ملموس والآخر مخفي محسوس، بما احتواها القانون من مغالطات في النسختين؛ وفيما يأتي ادناه ذلك:
الف- المادة(3) التي وردت في نسخة القانون المنشورة على موقع مجلس النواب، اصبح تسلسلها في النسخة المصوت عليها والمنشورة مؤخرا في الوقائع العراقية، مادة رقم(10).
باء- المادة(4) التي وردت في نسخة القانون المنشورة على موقع مجلس النواب، اصبح تسلسلها في النسخة المصوت عليها والمنشورة مؤخرا في الوقائع العراقية، مادة رقم(3).
جيم- المادة(5) التي وردت في نسخة القانون المنشورة على موقع مجلس النواب، اصبح تسلسلها في النسخة المصوت عليها والمنشورة مؤخرا في الوقائع العراقية، مادة رقم(4).
دال- المادة(6) التي وردت في نسخة القانون المنشورة على موقع مجلس النواب، اصبح تسلسلها في النسخة المصوت عليها والمنشورة مؤخرا في الوقائع العراقية، مادة رقم(5).
هاء- المادة(7) التي وردت في نسخة القانون المنشورة على موقع مجلس النواب، اصبح تسلسلها في النسخة المصوت عليها والمنشورة مؤخرا في الوقائع العراقية، مادة رقم(6)، والفقرة(تاسعا) من هذه المادة؛ التي وردت في نسخة موقع مجلس النواب نصت(تسري احكام هذه المادة على المشمولين بالبنود(رابعا، خامسا، ثامنا، تاسعا، ثاني عشر، اربع عشر) أي ان جرائم الاغتصاب والزنا بالمحارم وجرائم الاتجار بالبشر وجرائم غسيل الأموال مشمولة بشراء المحكومية وجريمة تزييف العملة واوراق النقد والسندات المالية وتزوير المحررات الرسمية التي أدت الى حصول المزور على درجة وظيفية دون المدير العام غير مشمولة بشراء المحكومية؛ في حين وردت في نسخة اللجنة القانونية البرلمانية والمصوت عليها والمعتمدة، بان المشمولين فقط(رابعا، سابعا، ثامنا، احد عشر، ثالث عشر)، أي ان الجرائم المشمولة(جريمة الاتجار او جريمة حيازة واستعمال الاسلحة الكاتمة للصوت والمفرقعات والاسلحة ذات التصنيف الخاص، وجريمة تهريب المسجونين او المحبوسين او المقبوض عليهم وجريمة ايواء المحكومين او المتهمين عن الجرائم المستثناة من هذا القانون وجريمة الاتجار بالمخدرات وجريمة تهريب الآثار، جريمة تزييف العملة وجريمة تزوير المحررات الرسمية التي ادت الى حصول المزور على درجة مدير عام فما فوق) أي ان جرائم الاغتصاب والزنا بالمحارم واللواطة وجرائم الاتجار بالبشر وغسيل الأموال غير مشمولة بشراء المحكومية، التي وردت في( خامسا وتاسعا وثاني عشر).
واو-المادة(8) التي وردت في نسخة القانون المنشورة على موقع مجلس النواب، اصبح تسلسلها في النسخة المصوت عليها والمنشورة مؤخرا في الوقائع العراقية، مادة رقم(7)، والمؤسف ان هذه المادة وردت في نسخة موقع مجلس النواب بأربع فقرات، في حين وردت في نسخة اللجنة البرلمانية القانونية المصوت عليها والمعتمدة، بخمس فقرات ونصت الفقرة خامسا( في حالة عدم تقديم المحكوم او من يمثله قانونا، طلب الشمول بأحكام العفو الواردة في هذا القانون، تقوم دائرة الإصلاح العراقية بعرضها على اللجان المشكلة وفق الفقرة ثانيا من المادة 9 من هذا القانون).
زاء- المادة(9) التي وردت في نسخة القانون المنشورة على موقع مجلس النواب، اصبح تسلسلها في النسخة المصوت عليها والمنشورة مؤخرا في الوقائع العراقية، مادة رقم(8)، والمادة(10) أصبحت مادة (9).
حاء- نصت المادة(15) التي وردت في نسخة القانون المنشورة على موقع مجلس النواب( لرئيس مجلس القضاء الأعلى اصدار التعليمات لتسهيل تنفيذ احكام هذا القانون)، في حين وردت في النسخة المصوت عليها والمنشورة مؤخرا في الوقائع العراقية،، (على مجلس القضاء الأعلى .....) .
ولنا عدة ملاحظات جديدة على النسخة التي تم التصويت عليها والمعتمدة؛ متجنبين تكرار ما اوردناه في مقالات سابقة تخص نفس القانون، وفيما يأتي وصفها:
أولا- ان المـادة 2 من القانون ستؤدي الى شمول الأفعال الجرمية التي لم تحرك الشكوى الجزائية بخصوصها او جرائم لم تتصل الى علم السلطات الرسمية، وسيؤدي لشطب أي شكوى جزائية قد يتم تحريكها ضد أي مسؤول وأعوانه بعد إبعاده عن المسؤولية عاجلا أم آجلا(راي بتصرف لموقع العدل نيوز)
ثانيا- عدم شمول المحكومين بقانون مكافحة الارهاب غيابيا بالعفو:
ان قانون العفو العام وبنص المادة (10) قد استثنى المحكومين غيابيا وفق قانون مكافحة الإرهاب المرقم 13لسنة 2005 النافذ، وتعليمات مجلس القضاء الأعلى أيضا اكدت على ذلك، مع العلم ان نص المادة(10) من قانون العفو العام لا توفر أي امتياز للمحكومين غيابيا، لأنهم أصلا إذا سلموا أنفسهم ستعاد محاكمتهم من جديد وفق نص المادة (247/أ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ، لكن الفقرة الوحيدة التي تشملهم هي شمولهم بأسباب اوجدها قانون العفو الجديد لإعادة المحاكمة لم ينص عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ في(م 270)، وهي:
شهادة المخبر السري وشهادة متهم على متهم والاعتراف القسري.
ثالثا- القانون فتح الباب واسعا للإفراج عن المتورطين بجرائم الفساد المالي والإداري شرط تسديد ما بذمتهم للدولة، وعن الانتحاريين أصحاب الاحزمة الناسفة الذين ألقي القبض عليهم قبل تفجيرهم الحزام.
رابعا- موضوع نفاذية القانون: ولا اكرر ما قلته سابقا، فقط نشير الى ان:
أن قانون العفو رقم 27 لسنة 2016 نص على ان ينفذ من تاريخ اقراره من مجلس النواب بتاريخ 25/8/2016، والمادة 129 من الدستور نصت على ان (تنشر القوانين في الجريدة الرسمية ويعمل بها من تاريخ النشر مالم ينص القانون على خلاف ذلك)، وفي 1/ أيلول/2016، صادقت رئاسة الجمهورية على القانون، ولا يمكن الاعتماد على موافقة البرلمان بالتصويت وعلى تصديق رئاسة الجمهورية على ما وافق عليه البرلمان كأساس للشمول بالعفو لأنه لا بد عند الشمول بالعفو ان يحدد رقم القانون العفو وهذا تمنحه وزارة العدل عند نشر العفو في الجريدة الرسمية(الوقائع العراقية)، وهنالك فرق بين النفاذ والتنفيذ وسبب ذلك يكمن انه لا بد من معاقبة على الجرائم التي ترتكب في الفترة المحصورة بين نفاذ القانون اي تصويت البرلمان عليه وبين تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، غير متناسين ان المحاكم والجهات المختصة عندما تقرر شمول دعوى ما بالعفو لا بد ان تذكر رقم قانون العفو، والمثير للاستغراب والدهشة ان القانون قبل ان يتم نشره في الوقائع العراقية؛ كانت هناك احكام قضائية اشارت الى ان رقم القرار 27 لعام 2016؛ فكيف حدث ذلك؟ انها سابقة خطيرة لم تحدث سابقا؟
خامسا- مخالفة قانون العفو العام لقانون اصول المحاكمات الجزائية النافذ؛ الذي ينص على "عدم إطلاق سراح الموقوف من السجن إلا بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية"، اذ لا يمكن إبقاء الموقوف في السجن بعد ان يتم غلق الدعوى الخاصة به من قبل القضاء بموجب قانون العفو العام.
سادسا- قانون العفو العام أسس لسابقة قضائية في العفو عن جريمة التزوير التي اتاحت للمزور للحصول على مناصب اقل من مدير عام.
سابعا- أكثر قوانين العفو العام تستتبع سقوط الحكم والجريمة وكل الآثار المترتبة عليها من المسؤوليات المدنية والانضباطية، بما فيها رد الاعتبار للمحكومين بجرائم المخلة بالشرف، لكن قانون العفو العام المرقم 27 لسنة 2016، استثنى المسؤوليات المدنية والتأديبية والانضباطية بما يخالف ما صدر من قوانين عفو سابقة، وهذا لا يتفق مع أي معيار جزائي عدلي يعفي المحكوم بعقوبة الاعدام ويبقي المسؤولية المدنية أو التأديبية او الانضباطية، ومن الذي سيثير هذه المسؤولية؟ اللجان المركزية من تلقاء نفسها ام المتهم أو المحكوم أو المدعي بالحق الشخصي وغيره؟ وماذا إذا كانت العقوبات التبعية الصادرة حضورية أو غيابية؟ وكيف تعالج هذه العقوبات بالنسبة لطالبي العفو من المتهمين؟ وما هو العمل إذا قام المتضرر بإعفاء المتهم أو المحكوم من تبعات المسؤولية المدنية أو التأديبية أو الانضباطية؟ وماذا لو عجز المتهم أو المحكوم عن تنفيذ مسؤوليته المدنية؟ (رأي لموقع العدل نيوز).
ثامنا- قانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016 في المادة (5)منه استثنى من شمل بقانون العفو السابق رقم 19 لسنة 2008 او بعفو خاص، لكن القانون لم يتطرق الى الموظفين الذين حركت بحقهم قضايا في محكمة النزاهة وتم فرد عدة دعاوى بحقهم بسبب ابرام عقود او ارتكاب مخالفات، وكل دعوى تكون وفق مادة تختلف عن الأخرى، والقضايا المفردة من الدعوى الاصلية؛ معظمها وفق المادة 340 او المادة 341 من قانون العقوبات النافذ، وتذكيرا، ان قسم من هذه الدعاوى تم شمولها بقانون العفو السابق رقم 19 لسنة 2008 وخاصة الدعاوى وفق المادة 341 ق.ع؛ اما الدعاوى الاخرى بخاصة؛ وفق المادة 340 ق0ع لم تشمل بقانون العفو السابق وبقيت قسم من هذه الدعاوى (مدوره) من العفو السابق الى هذا العفو، فالمتهمين بمثل هذه الحالة، لم يرتبكوا فعل او جريمة جديدة بعد شمولهم بالعفو السابق وانما دعاواهم تم تدويرها قبل نفاذ العفو السابق الى هذا العفو، فكيف سيتعامل القضاء العراقي مع هكذا حالات؟ وهل من الانصاف والعدل عدم شمول هؤلاء بقانون العفو الحالي بحجة شمول بعض قضاياهم بالعفو السابق ولم يشمل القضايا الاخرى رغم ان جميعها تم تحريكها بسبب افعال مرتكبة قبل صدور قانون العفو السابق عام 2008؟
بخاصة، ان وصف (العائد) لا ينطبق وهذه الحالات؛ لأنه اساسا لا يوجد عود، كونها نفس الدعاوى استمرت من قبل عام 2008 الى الآن، بسبب عدم شمولها بالعفو السابق رقم 19 لسنة 2008(رأي للمحامي احمد العبادي).
تاسعا- قانون العفو استثنى جرائم الاتجار بالمخدرات من دون تحديد المواد القانونية التي تتعلق بهذه الحالة، وبالتالي هل المقصود هنا المخدرات حصرا ام المؤثرات العقلية الأخرى؟ وهذا يعني ان متعاطي ومهرب المخدرات مشمول بقانون العفو؛ واستثنى القانون أيضا جرائم تهريب الآثار، فهذا يعني شمول الاتجار بالآثار بالعفو ما دام ليس تهريبا؟ ثم ماذا عن اتلاف الآثار أو سرقتها؟ فهي مشمولة بقانون العفو؛ إن افتقار هذه الجرائم من التحديد الدقيق تعكس الرغبة في شمولها بقانون العفو العام.
عاشرا- بعض الجرائم المشمولة بقانون العفو لعام 2016
ان القائمة تشمل، "الجرائم المخلة بالنزاهة اي جرائم الفساد المالي والاداري والجرائم التي تشكل 99% من جرائم الفساد المالي والاداري وهي جرائم قيام الموظف بعمل او الامتناع عن عمل لحساب شخص ضد المصلحة العامة (م 331) وجرائم الاضرار العمدي بالأموال العامة (م 340) وجرائم الاضرار اهمالا بالأموال العامة (م 341)،
وهذا معناه ان كافة القيادات الحكومية والسياسية المتهمة والمحكومة وفق هذه المواد مشمولة بقانون العفو، بخاصة ان اغلبها قد حوكم على جريمة اختلاس واحدة، فبإمكانه إعادة المبلغ المختلس لكنه في الحقيقة قد اختلس اضعاف هذا المبلغ في قضايا اخرى؛ لكن لم تحرك عليه شكوى؛ وكذلك يشمل العفو الجرائم الماسة بالهيئات النظامية والجرائم المخلة بسير العدالة والاخبار الكاذب والشكوى الكيدية وتضليل القضاء وشهادة الزور واليمين الكاذبة وسواها من الجرائم المخلة بالشرف كجريمة انتحال الوظائف والصفات ويشمل العفو جرائم فك الاختام وجرائم اتلاف المحررات وتجاوز الموظفين لحدود وظائفهم وجرائم الاختلاس شريطة ان يعاد المبلغ وجرائم السرقات بشكل عام شريطة موافقة المشتكي وتنازله وجرائم استغلال نفوذ الوظيفة كشراء العقارات والاستيلاء عليها وجرائم كشف الاسرار والجرائم الواردة في قانون الاحزاب وجرائم التهريب الجمركي وجرائم ضريبة الدخل وجرائم قانون تنظيم الادارة اي الجرائم الاقتصادية وجرائم قانون حماية المستهلك وجرائم الخطف التي لم يترتب عليها القتل او العاهة المستديمة، وغيرها.
احدى عشر- ان المادة (3) تشترط لتنفيذ أحكام المادتين (1و2) من القانون تنازل المشتكي أو ذوي المجني عليه وتسديد ما بذمة المشمول بالعفو من التزامات مالية لمصلحة الدولة أو للأشخاص.
ان تنازل المشتكي او ذوي المجني عليها؛ يثير عدة تعقيدات اجتماعية؛ خاصة بضوء غلبة ظاهرة الفصول العشائرية، كيف سيتم التنازل عن قضية لم يتم حسمها امام محكمة؟ بخاصة ان المتهم بريء حتى تثبت براءته، وما هو تعريف الالتزامات المالية؟ هل التي تقررها التشريعات الجزائية او المجني عليه أو عائلته أو عشيرته أو المحاكم أو مؤسسات الدولة؟ وماذا إذا تعذر حضور ممثل المؤسسة أو الشخص المتضرر من طالب العفو؟ ماذا إذا تنازل المتضرر بناء على تعهد وتعسر على المشمول بالعفو دفع التزاماته المالية؟ وماذا إذا تلكئت المحاكم المدنية المختصة بتحديد حجم الالتزام المالي؟ فهل ينتظر طالب العفو سنين أخرى ينتظر تسديد الالتزامات المالية؟ (رأي لموقع العدل نيوز).
ثاني عشر- قانون العفو العام عند صدوره يلغي حكم الادانة اي يجعل المحكوم بجريمة معينة وكأنه لم يرتكبها ولهذا لا يعتد بالقيد الجنائي بالنسبة للذين أفرج عنهم بقرار العفو العام لسنة 2002 او سنة 2008 ولا يجوز رد اي طلب بناء على اي قيد جنائي سبق هذا التاريخ.
1155 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع